بعد أن استحل حرمة الدماء.. المخدرات مال داعش "الحرام" الذي لا ينضب
السبت 30/أبريل/2016 - 12:50 م
طباعة

لا تترك داعش أي مصدر لجني الأرباح المالية خلال فترة دولتها المزعومة إلا واستغلته؛ من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب ويتساوى في ذلك الحلال والحرام، فالتنظيم "حلاله هو شرعه وحرامه هو شريعته" يفسرهما كيفما يشاء.

آخر هذه المصادر ما تم الإعلان عنه مؤخرا من أن التنظيم يجني ملايين الدولارات نظير المساعدة التي يقدمها لعمليات تهريب المخدرات والحشيش إلى أوروبا؛ حيث تبين من تحقيق أمني جديد أجري في إيطاليا أن "داعش" متورط في عمليات مشتركة مع عصابات المافيا لتهريب المخدرات والحشيش إلى دول أوروبا، في الوقت الذي يفرض فيه التنظيم حظراً على التدخين في الرقة والموصل والمناطق الأخرى التي يسيطر عليها.
ونقلت صحيفة "ديالي تلغراف" في تقرير لها عن رئيس وحدة مكافحة الإرهاب والمافيا في إيطاليا، فرانكو روبرتو، قوله: "إن التحقيقات أظهرت وجود دلائل قوية على تعاون وتجارة مشتركة بين "داعش" وعصابات المافيا، وإن قادة التنظيم يجنون ملايين الدولارات نظير المساعدة التي يقدمونها لعمليات تهريب المخدرات والحشيش إلى أوروبا، وإن الشرطة الإيطالية وجدت أدلة على أن مقاتلي "داعش" في ليبيا عملوا مع مهربي مخدرات يستهدفون الوصول إلى أوروبا، وقاموا بتقديم الخدمات اللازمة لهم من أجل المرور في الطرق المؤدية من شمال إفريقيا إلى أوروبا".

ويتبين من التحقيقات أن أحدث الطرق لتهريب المخدرات من شمال إفريقيا إلى دول أوروبا تمر بالدار البيضاء في المغرب، ثم الجزائر ثم تونس وصولاً إلى طبرق في شرق ليبيا. فيما تظهر من تحقيقات أجرتها الشرطة الإيطالية أن عصابات المافيا اضطرت لإبرام اتفاق مع عناصر "داعش"؛ من أجل المرور بمناطق يسيطرون عليها، وتحديداً في مدينة سرت التي يسود الاعتقاد أن التنظيم يسيطر على موانئها وسواحلها وأن الوثائق التي تسربت أخيراً عن "داعش" تكشف أن إيرادات التنظيم عموماً تراجعت بنسبة 30% منذ منتصف العام الماضي 2015 لتصبح عند مستوى 56 مليون دولار شهرياً، وهو ما يبدو أنه دفع "داعش" إلى البحث عن طرق أخرى لتعويض التراجع في الإيرادات وتعزيز وضعه المالي، ومن بين هذه الطرق التعاون مع عصابات المافيا وتقديم الخدمات لهم مقابل الأموال.
هذا التقرير يعززه ما كشف عنه مكتب محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة بوزارة الداخلية المغربية، عن وجود "علاقات بين داعشيين في سوريا والعراق" وبين "شبكة إجرامية متخصصة في التهريب الدولي للمخدرات تنشط في التراب المغربي، وإن تحريات المكتب، تمكنت من تفكيك "شبكة إجرامية"، تنشط جغرافيًّا في شمال المملكة؛ في مدن الناظور والحسيمة وطنجة وهي متخصصة في الاتجار الدولي في المخدرات"، وفي "تبييض الأموال" القادمة من تهريب المخدرات، وتتكون الشبكة الإجرامية الدولية، من "4 أفراد، ويحمل عنصران جنسيات أوروبية".
وأثارت علاقات تربط عناصر من الشبكة الإجرامية، بـ "مقاتلين من داعش" وبـ "عناصر متطرفة في الخارج"، بحسب المراقبين، علامات استفهام حول احتمال "وجود ارتباطات" ما بين الداعشيين وبين تجار المخدرات، وشبكات تبييض الأموال، في سياق معادلة لـ "تبادل المصالح"، ما سيجعل الداعشيين المغاربة أكثر خطورة في المرحلة المقبلة وتواصل الرباط "يقظتها الأمنية" منذ يوليو 2014، في سياق مواجهة مخاطر إرهابية، تحوم حول المغرب، مصدرها الداعشيون، الذين يحاولون حاليا بكل السبل، "استهداف المملكة المغربية".

وفي العراق تم الكشف مبكرًا عن تورط داعش في تجارة المخدرات حيث عثر في 30 أكتوبر 2014م على مخزن مخدرات لدى داعش في ديالى وأفادت قيادة شرطة ديالي، أنها عثرت على مخزن مخدرات مخفي في أحد تلال منطقة حمرين التي حررتها القوات الأمنية وجهات الحشد الشعبي المساندة.
وبحسب بيان صادر عن القيادة فإن "قوة أمنية خاصة تابعة للشرطة مدعومة بالحشد الشعبي نجحت في ضبط مخرن في كهف في عمق تلال حمرين "50 كم شمال شرق بعقوبة" يحوي أنواعا مختلفة من العقاقير والأدوية والحبوب المخدرة، وأن بعضها ذو قدرة عالية في التأثير، ومن مناشئ غير معروفة".
وقال الفريق الركن جميل الشمري، قائد شرطة ديالى، إن "المخزن كان يزود خلايا تنظيم داعش بالعقاقير والحبوب المخدرة وفق وجبات منتظمة من زيادة قدرتهم على تحمل الأوضاع المزرية التي يعانون منها في ظل الحصار المفروض عليهم من أغلب الجهات خاصة في جبهة حمرين"، وأن "80% من عناصر داعش يتعاطون أنواعا مختلفة من المخدرات وفق المعطيات المتوفرة لدينا وتزداد جرعات التعاطي مع انطلاق أي مواجهات عسكرية".

وهو أيضًا ما دعمه إعلان محكمة تحقيق الرصافة الأولى بالعراق عن القبض على مجموعة مسئولة عن خط نقل للمخدرات تابع لتنظيم داعش، وأن التحقيقات أثبتت بأن الكميات المضبوطة تقدر بـ12 مليون حبة هلوسة وتشكل موردا مالياً رئيساً للتنظيم الإرهابي.
وقال قاضي المحكمة عمر خليل في تصريح للمركز الإعلامي للسلطة القضائية: إن "جهوداً قضائية أسفرت عن إلقاء القبض على المسئولين عن خط لتوريد المخدرات إلى مناطق الجنوب والوسط، وهم تابعون لتنظيم داعش، وإن "المجموعة المكونة من 3 إرهابيين تم القبض عليهم من قبل قسم الاستخبارات ومكافحة إرهاب جنوب الرصافة وكانت بحوزتهم 12 مليون حبة مخدرة، وإن عملية الضبط حصلت في منطقة عين تمر التابعة لمحافظة كربلاء، والتحقيقات أثبتت بأن المخدرات تشكل أحد الموارد المالية الرئيسة لتنظيم داعش.
يذكر أن رئيس وكالة مكافحة المخدرات الروسية، فيكتور إيفانوف، قد أكد، أن تنظيم "داعش" يهرب المخدرات بنشاط، وأنه وفقًا لتقديرات وكالة مكافحة المخدرات الروسية- فإن "داعش" يكسب ما بين 200 إلى 500 مليون دولار من تجارة المخدرات سنويًا، وإن شحنات المخدرات تمر عبر بدخشان دوشي باميانهرات، ثم عن طريق إيران ومنها إلى تركيا؛ حيث يحول الأفيون في مختبرات مجهزة إلى هيروين ذو جودة عالية، وإن الشحنات ترسل فيما بعد إلى أوروبا وروسيا، مشيرًا إلى أن وحدات مكافحة المخدرات الخاصة الروسية والأفغانية تمكنت من حجز 600 كلجم من الأفيون عبر عملية مشتركة في مدينة دوشي في مقاطعة "باجلان" في أفغانستان.

وتابع أن العملية حصلت في منتصف ديسمبر 2015م من طرف وحدة مكافحة المخدرات في أفغانستان بدعم من وكالة مكافحة المخدرات الروسية، وأنه عثر على شحنة المخدرات في شاحنة أفغانية في طريقها إلى تركيا عبر إيران، وأن الاتجار بالمخدرات مكن "داعش" من زيادة عدد أفراده أربعة أضعاف منذ 2014، وأن زيادة مقاتلي "داعش" تتماشى مع الزيادة السنوية لتهريب المخدرات في الشرق الأوسط، وهو ما يؤكده تزايد كميات المخدرات المضبوطة في المنطقة.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن التنظيم الدموي داعش لا يترك أي مصدر لجني الأرباح المالية خلال فترة دولتها المزعومة إلا واستغله؛ من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب الحرام، فالتنظيم الذي أحل حرمة الدم من السهل عليه أن بستحل كل حرام.