"بوكو حرام" تسعى إلى تغيير قائدها.. وتنتهج أساليب حرب جديدة ضد الجيش النيجيري

السبت 30/أبريل/2016 - 02:38 م
طباعة بوكو حرام تسعى إلى
 
دخلت جماعة "بوكو حرام" الإرهابية مرحلة جديدة من الصراع مع الحكومات في غرب إفريقيا، مع وجود تقارير عن توجه داخل الحركة بتغيير قائدها واستراتيجيتها تجاه العمل في  هذه المنطقة بالقارة السمراء.

قائد جديد

قائد جديد
أكدت دراسة صادرة عن مرصد التطرف والنزاعات الدينية في إفريقيا التابع لمعهد تمبكتو الإفريقي لدراسات السلام "أن حركة "بوكو حرام" الإرهابية المتطرفة تعد حالياً لتغيير زعيمها الحالي أبوبكر شيكاو بقائدها العسكري الكاميروني بانا ابلاشرا، مع مخطط لتوسيع عملياتها العسكرية في مناطق نشاطها مع استكمال إجراءات الاندماج الكلي في تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»".
وتؤكد المعلومات التي استقتها الدراسة من مصادر مطلعة "أن الكاميروني بانا ابلاشرا المعد لزعامة حركة "بوكو حرام"، متحمس لإدماج الحركة ضمن تنظيم «داعش» بحيث تشكل نيجيريا والكاميرون وتشاد، ولاية تابعة بشكل كامل لدولة «داعش»". 
يذكر أن الحركة أبرزت في تسجيلاتها الأخيرة القيادي بانا ابلاشرا الذي أصبح يحتل الواجهة بشكل واضح. 
وتؤكد مصادر الدراسة "أن بانا ابلاشرا قد تمكن من فتح خطوط إمداد جديدة بالأسلحة لفائدة حركة "بوكو حرام" بعضها من ليبيا والبعض الآخر من وسط إفريقيا وتشاد والسودان". 
وقد اغتيل زعيم الحركة محمد يوسف في 30 يوليو 2009 بعد ساعات من اعتقاله واحتجازه لدى قوات الأمن وخلفه أبوبكر شيكاو على رأس الحركة. وألقي القبض على يوسف في عملية مطاردة بعد مواجهات مسلحة اندلعت أواخر يوليو 2009 في شمال نيجيريا بين عناصر الحركة وقوات الأمن، وأسفرت حسب تقارير إعلامية عن سقوط مئات القتلى. وقد أعلنت السلطات الأمنية النيجيرية تمكنها من القضاء على الحركة بشكل كامل.

تغيير الاستراتيجية

تغيير الاستراتيجية
وحسبما أكده الباحث «فإن استراتيجية "بوكو حرام" الجديدة تقوم على مضاعفة العمليات الانتحارية داخل نيجيريا والكاميرون، إلى جانب تطوير آليات خطف الأجانب».
وأوضحت  الدراسة «أن العملية العسكرية المشتركة بين نيجيريا وتشاد والكاميرون والتي وجهت قبل سنتين للقضاء على حركة "بوكو حرام" الإرهابية قد باءت بفشل مشهود». 
وأكد صمبا باكاري مدير معهد تمبكتو المذكور «أن فشل الخطة العسكرية المذكورة يعود لأسباب، منها إهمال الخطة للتفاعل مع تغيير حركة "بوكو حرام" لاستراتيجيتها التي تنفذها حالياً، مضافاً انفتاح خطوط جديدة أمام الحركة مكنتها من الحصول على حاجاتها من الأسلحة». وأشار الباحث بكاري صمبا إلى «أن القوة العسكرية المشتركة ركزت عملياتها على مناطق حوض نهر تشاد وعلى الحدود بين نيجيريا والكاميرون، بدون أن تهتم بتوسع انتشار خلايا "بوكو حرام" في عمق هذين البلدين».
وتنشط حركة "بوكو حرام" وهذه التسمية تعني بلهجة قبائل الهوسا «التعليم الغربي حرام»، في شمال نيجيريا وفي تشاد الكاميرون لتطبيق الشريعة الإسلامية وهي حركة محظورة رسمياً.
وتأسست حركة بوكو حرام عام 2002 في ولاية بورنو بشمال نيجيريا، لكن الوجود الفعلي للحركة بدأ خلال عام 2004 بعد أن انتقلت إلى ولاية يوبي على الحدود مع النيجر؛ حيث بدأت عملياتها ضد المؤسسات الأمنية والمدنية النيجيرية.

تجنيد الأطفال

تجنيد الأطفال
وقد ازدادت الاعتداءات الانتحارية التي نفذتها حركة "بوكو حرام" في العام المنصرم  وتضاعف استخدام الأولاد فيها إلى 11 مرة.
وتفيد المعطيات المتوفرة لدى يونسيف إلى أن قرابة 20 % من العمليات الانتحارية لحركة "بوكو حرام" من يناير 2014 م تم تنفيذها من الأولاد؛ حيث ثلاثة أرباع منها من البنات.
وترسل "بوكو حرام" مراهقين إلى تنفيذ عمليات انتحارية في الأماكن العامة وخاصة في كاميرون التي تعرضت لـ (39) عمليات انتحارية في عام 2015 م؛ حيث تم تسجيل العدد الأكبر من استخدام الأولاد في تلك العمليات، ومن الصعوبة بمكان ضبط تحركات السكان في تلك المنطقة السهلة الاختراق، ويتركز الجيش على الأماكن التي تصنع فيها العبوات الناسفة المستخدمة في العمليات الانتحارية.
وحسب قول ديفيلي: فإن "الأولاد ليسوا مدبرين ولا مخططين للعمليات الانتحارية إنما هم ضحايا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".
كما نزح ما يقارب  1,3 مليون طفل نتيجة الحرب بين "بوكو حرام" وبين الحكومة النيجيرية، وهؤلاء يصبحون لقمة سائغة للتجنيد في صفوف الجماعة المسلحة نتيجة لابتعادهم عن ذويهم وبيئتهم الأصلية.
ويضيف لوران ديفلي: "يتيح استغلال الأولاد الفرصة لـ"بوكو حرام" لتعزيز ضرباتها من خلال التمويه، فمن الذي يتوخى الحذر عن الأطفال والفتيات الصغيرات؟".
ويتابع الناطق الرسمي ليونسيف: إنه استغلال أنقى صور الطفولة للاقتراب من المجتمع ثم إلحاقه بضربة قاسية في صميم فؤاده وذلك لإصابة أكبر قدر ممكن من الضحايا.. إنه أسوأ استخدام لبراءة الطفولة!

ارتفاع القتلى

ارتفاع القتلى
وفي سياق آخر رصد تقارير ارتفع عدد المدنيين ضحايا الاعتداءات الانتحارية المنسوبة إلى جماعة "بوكو حرام" المتطرفة بشكل كبير خلال سنة 2015، وفق تقرير نشرته جمعية «العمل ضد العنف المسلح» الخيرية.
وقالت المنظمة إن عدد القتلى والجرحى ارتفع بمعدل 190 % في 2015 مقارنة مع السنة التي سبقتها، في حين ارتفعت التفجيرات الانتحارية بنسبة 167 % خلال الفترة نفسها.
وقالت الجمعية الخيرية، ومقرها لندن: إن ازدياد الضحايا المدنيين في نيجيريا يوازي ارتفاع أعداد الضحايا على المستوى العالمي بسبب «الأسلحة المتفجرة» للسنة الرابعة على التوالي. وتشمل «الأسلحة المتفجرة» القذائف المدفعية، والألغام، والغارات الجوية، والقنابل المصنعة يدويا، والسيارات المفخخة والاعتداءات الانتحارية، وفق الجمعية. وتضاف هذه الحصيلة إلى تحذير الجيش النيجيري من قيام "بوكو حرام" بتخريب الحقول، عبر زرعها بالألغام في المناطق الريفية في شمال شرقي البلاد.
وقالت الجمعية في تقرير بعنوان «رصد العنف المتفجر في 2015 - ضرر غير مقبول»، إنه من أصل 3048 قتيلًا سقطوا في 84 حادثًا في نيجيريا في 2015، هناك 2920 مدنيًّا أو 96 في المائة في الإجمال، وهذا يجعل نيجيريا الدولة الرابعة من حيث ضحايا النزاعات بعد سوريا واليمن والعراق، فيما حلت أفغانستان في المرتبة الخامسة. ونادرًا ما تعلن جماعة "بوكو حرام" مسئوليتها عن الهجمات، لكنها الوحيدة التي تلجأ إلى الاعتداءات الانتحارية في نيجيريا.
وقالت الجمعية إنه إذا اعتبرت "بوكو حرام" وراء الهجمات، فهذا يعني أنها «الأكثر استخدامًا للاعتداءات الانتحارية التي سجلتها جمعية العمل ضد العنف المسلح في 2015»، وفق التقرير. وكثفت "بوكو حرام" التفجيرات الانتحارية في حربها التي بدأتها في 2009 ضد السلطات، وأسفرت الهجمات التي نفذتها والحملات التي شنها الجيش عليها عن مقتل نحو 20 ألف شخص إجمالًا.
وتستخدم الجماعة الفتيات والنساء لتنفيذ تفجيرات انتحارية في شمال شرقي نيجيريا والدول المجاورة. وقالت جمعية العمل ضد العنف المسلح: "إن 923 مدنيًّا قتلوا أو أصيبوا في الكاميرون وتشاد في 18 هجومًا وتفجيرًا انتحاريًّا في 2015".
وتصعب مواجهة "بوكو حرام" بسبب استخدامها تكتيك «حرب العصابات»، رغم إعلان الرئيس النيجيري محمد بخاري القضاء عليها «عمليًّا». 
وحذر الجيش في بيان من «ألغام زرعها الإرهابيون أثناء فرارهم في الحقول». وقال: إن هذا التكتيك «هدفه بث الرعب والهلع بين المزارعين والسكان»، مضيفًا أن العمل جار لإزالة الألغام، ونصح السكان بعدم لمس «أي جسم مشبوه».
ويخشى أن يؤدي هذا التحذير إلى عرقلة عودة أعداد كبيرة من أكثر من 2. 6 مليون شخص اضطروا للهرب من قراهم بسبب العنف، مع أزمة نقص في الغذاء والتكلفة الكبيرة لإعادة أعمال القرى المنكوبة.

"بوكو حرام"

يبدو أن سياسة جديدة يضعها قادة "بوكو حرام" في مواجهة التحالفات المحلية والإقليمية التي تواجهها، مع ارتفاع خسائر الحركة في الأشهر الأخيرة، وفي ظل فشل القائد الحالي في أبوبكر شيكاو لتجديد الدماء والاستراتيجيات لمواجهة التحديات الجديد، فهل يستطيع الجيش النيجيري وحلفاؤه الإقليميون والدوليون النجاح في مواجهة أساليب حرب العصابات الجديدة التي قد تتبعها "بوكو حرام"؟

شارك