"حزب الله" وشبكتة الأخطبوطية لغسيل الأموال الممتدة من أوروبا إلى أمريكا اللاتينية
الأحد 01/مايو/2016 - 04:27 م
طباعة

لا يزال "حزب الله" يمارس أنشطته المالية خارج حدود الدولة اللبنانية، فبعد الكشف عن شبكة تمويل واسعة في إفريقيا وأمريكا اللاتينة ذكر تقرير لمجلة "دير شبيجل" الألمانية أن تحقيقات شرطة مدينة إيسن كشفت عن عملية غسيل أموال محتلمة لصالح ميليشيا "حزب الله" اللبناني في أوروبا، وأن سلطات الجمارك في مدينة إيسن غربي البلاد اكتشفت عملية غسل أموال محتملة لصالح حزب الله اللبناني، وأن الأمر يتعلق بمجموعة من اللبنانيين يُعْتَقَد أنها قامت خلال العامين الماضيين في أوروبا بغسل ما لا يقل عن 75 مليون يورو من تجارة المخدرات.

وتابعت أن هذه المجموعة كانت تجمع نحو مليون يورو أسبوعيًّا، وتشتري بهذا المبلغ سلعًا فاخرة كسيارات أو ساعات أو حلي، وأن عائدات نشاط هذه المجموعة كان يتم توجيهها إلى عصابة مخدرات من أمريكا الجنوبية، وأن أرباح هذا النشاط كان يجري استخدامها في تمويل "حزب الله" وأن المحققين اقتفوا أثر المجموعة في أعقاب العثور على حقيبتي سفر تحويان نحو 500 ألف يورو سائلة بحوزة لبنانيين اثنين على الحدود الألمانية البلجيكية، وأن الرجلين قالا إنهما كانا في رحلة تسوق في بلجيكا، وأن أمتعتهما لا تحوي سوى تصميمين لملابس داخلية، وأن عشرة مشتبه بهم تم القبض عليهم في أوروبا.
وكانت وزارة الخزينة الأمريكية قد أدرجت اللبنانيين محمد نورالدين مصطفى، وحمدي زهرالدين، على قائمتها السوداء ضد المتورطين في دعم حزب الله اللبناني، بتبييض الأموال وإقامة شبكات تمويل سرية لفائدة الحزب، بالإضافة إلى شركة نقطة التجارة الدولية المملوكة لنورالدين، الواقعة في منطقة بئر حسن في العاصمة بيروت، كما قامت السلطات الفرنسية بالقبض على 4 لبنانيين، في باريس، من بينهم محمد نورالدين، وثلاثة آخرون، هم مازن العطاط، وعلي زبيب، وأسامة فحص، بعد صدور القرار الأمريكي؛ بسبب "دورهم في تقديم خدمات مالية لمصلحة حزب الله، عبر شبكة تجارية عاملة في الشرق الأوسط، وأوروبا وفي آسيا، وتقوم على تبييض أموال لفائدة حزب الله، وتهريب وشحن أموال بطريقة غير قانونية، وصرف أموال ضخمة في السوق السوداء، وتقديم خدمات مالية مختلفة وغير شرعية خاصة لأعضاء من "حزب الله"، الذي لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر التعامل المالي غير قانوني.

يأتي هذا بالتوازي مع تقارير صحافية عالمية عن نشاط غير قانوني في عدة مناطق من العالم، من بينها أمريكا اللاتينية وإفريقيا، وعلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية لحزب الله، في مجال غسيل الأموال؛ ففي ديسمبر 2011، تقدّم مدّعون أمريكيون بدعوى قضائية ضد مؤسسات أمريكية ولبنانية، تتهمهم بالتورط في غسيل أموال شبكة دولية يديرها حزب الله لتجارة المخدّرات ، تتركز غالبًا في أمريكا اللاتينية التي تحتضن أعدادًا كبيرة من المُهاجرين اللبنانيين.
وفي الحقيقة فإنّ الاتهامات الموجهة لحزب الله في هذا الصدد تسبق الدعوى الأمريكية المرفوعة ضد الشركات اللبنانية بتهمة تورطها مع حزب الله في نشاط غير مشروع (2011)، وبدأت تلك الاتهامات تطفو على السطح منذ 2005، وما أعطاها بعض المصادقية لاحقًا وكثّف من زخمها، النشاط الإيراني الرسمي وغير الرسمي في دول بأمريكا الجنوبية.
وفي 2014 كشفت صحيفة برازيلية عن علاقات وثيقة تربط بين حزب الله وعصابة "بريميرو كوماندو كابيتال (PCC)" اعتمدت في تقريرها على مستندات لتحقيقات الشرطة، فإنّ العلاقات بدأت منذ 2006، على هيئة تعاون متبادل في أنشطة تجارية غير مشروعة، من بينها تجارة المخدّرات ففي يونيو 2005 ألقت الشرطة الإكوادورية القبض على شبكة تهريب مخدرات، على رأسها لبناني يُسمّى راضي زعيتر، كان يدير مطعمًا في العاصمة كويتّو وبحسب تحقيقات السلطات الإكوادورية، فإن عصابة زعيتر كانت تموّل حزب الله بـ70% من أرباحها من تجارة المُخدّرات. بدوره نفى حزب الله أي علاقة تربطه براضي زعيتر. وأعرب في بيان له عن استيائه من الربط الذي حدث بين الحزب وبين المقبوض عليه.

وفي نهايات 2006، أدرجت السلطات الأمريكية، صبحي فيّاض على قوائم الإرهاب، باعتباره أحد أهم الناشطين التابعين لحزب الله في منطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين والبرازيل وباراجواي. واتّهمت السلطات الأمريكية فيّاض بتورطه في تجارة المخدّرات مع آخرين لصالح حزب الله منذ 1995.
وفي 2008 ألقت السلطات الأمريكية القبض على فايد بيضون الشهير بـ"ميجال جارسيا" في مطار ميامي الدولي. ووفقًا للسلطات الأمريكية، فإن بيضون قد ألقي القبض عليه لاتهامه بالضلوع في تجارة الكوكايين أيضًا لصالح حزب الله.
على هذا المنوال تعددت القضايا التي ذكر فيها اسم حزب الله، وارتبطت بتجارة المخدرات في مناطق بأمريكا اللاتينية، التي بها أيضًا شركات مسئولة عن غسيل أموال تجارة المُخدّرات ثمّ في وقت لاحق توسّعت شبكة حزب الله وصولًا إلى أوروبا و أولى القضايا في هذا الشأن كانت في أبريل 2009، عندما أعلنت السلطات الهولندية إلقاء القبض على خليّة مكونة من 17 فردًا ينتمون لشبكة دولية لتجارة المخدرات على صلة بحزب الله، وأعلنت السلطات اشتباهها في أنّ هذه الخلية متورطة في الاتجار بنحو 2000 كيلوجرام من الكوكايين خلال عام واحد.

في نفس العام، في شهر أكتوبر، تكرر الأمر في ألمانيا التي ألقت السلطات فيها القبض على لبنانيّيْن متهمين بتهريب أموال إلى لبنان ناتجة عن تجارة المخدرات وبالتحقيقات تبيّن تعرّض الشخصين إلى تدريبات خاصة في قواعد عسكرية تابعة لحزب الله في لبنان.
ساعد حزب الله أن يكون له تواجد ونفوذ قوّي في دولٍ إفريقية؛ الجاليات اللبنانية بأعداد كبيرة هُناك، مع تحركات إيران لتوسيع نفوذها بآليات مجتمعية في تلك المناطق، وغبر إفريقيا منها خاصةً؛ حيث يوجد نحو 30 ألف لبناني في السينغال غربي إفريقيا هذا العدد يُسيطر على نحو 70% من الاقتصاد الصناعي في البلاد، ونحو 90% من هؤلاء اللبنانيين ينتمون إلى المذهب الشيعي، ومتعاطفون مع حزب الله بطبيعة الحال.

مما سبق نستطيع التأكيد على أن حزب الله يتجه إلى تعزيز قوّة وضخامة شبكته التجارية العالمية، باعتبارها بديلًا فعّالًا عن دعم إيران المهدد بالتناقص، وفي أسوأ الأحوال الانقطاع مع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها؛ لذا فإن لحزب الله نشاطًا متصاعدًا في دول غرب إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية يحقق بها مليارات الدولارات سنويًّا.