هدنة مؤقتة في حلب.. وواشنطن تنتقد الأسد
الخميس 05/مايو/2016 - 11:50 م
طباعة

بدت التهدئة التي أعلنتها واشنطن وموسكو وتعهدت دمشق بالالتزام بها، متماسكة في مدينة حلب في شمال سوريا حيث عادت الحركة إلى الشوارع بعد حوالي أسبوعين على تصعيد عسكري عنيف.
يأتى ذلك في الوقت الذى تشهد فيه الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة المعارضة للنظام هدوءًا، ولم تسجل أي غارات جوية، ولم تسمع أصوات تبادل الرصاص والقذائف على الجبهات. وعادت الحركة إلى شوارع المدينة، وقرر الكثيرون فتح محالهم التجارية في الشطر الشرقي بعدما أغلقوها لأيام عدة تحت وطأة القصف، كما فتحت أسواق الخضار التي كانت تعرضت إحداها لغارات جوية أسفرت عن مقتل 12 شخصاً في 24 أبريل الماضي.
ويرى محللون أن الهدوء "شجع السكان على النزول إلى الشوارع والقيام بأعمالهم"، خصوصاً مع إعلان قوات النظام التزامها بالتهدئة.

وقالت تقارير إعلامية إن الهدوء يسيطر على مدينة حلب بالكامل، مشيراً إلى مقتل مدني واحد في قصف للفصائل المعارضة على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام بعد دقائق فقط على دخول التهدئة .
كانت واشنطن سبق أن اعلنت عن اتفاق توصلت إليه مع روسيا لتوسيع اتفاق التهدئة ليشمل مدينة حلب، وأكدت وزارة الدفاع الروسية والجيش السوري أن "نظام التهدئة" سيستمر 48 ساعة.
من جانبه أكد القيادي في فصيل "جيش الإسلام" في مدينة حلب أحمد سندة الالتزام بالتهدئة، مضيفًا بقوله "نحن مع أي مبادرة تخفف من معاناة المدنيين وتحقن دماءهم وسنلتزم بها، والنظام بعد خمس سنوات من الثورة لم يعد بإمكانه الالتزام بأي هدنة أو تهدئة معلنة".
وأجرت واشنطن وموسكو منذ بداية الأسبوع مفاوضات لإحياء اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي بدأ سريانه في سوريا قبل شهرين، لكنه انهار في مدينة حلب التي شهدت تصعيداً عسكرياً منذ 22 أبريل الماضي، أسفر بحسب حصيلة للمرصد السوري، عن مقتل أكثر من 285 مدنياً بينهم نحو 57 طفلاً.

من جانبه قال المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، مارك تونر، إن الولايات المتحدة تعتبر تصريح الرئيس السوري بشار الأسد عن عزمه تحقيق "الانتصار النهائي" في مدينة حلب أمرًا غير مقبول.
وقال تونر تعليقا على تصريح الأسد: "إن هذا التصريح غير مقبول تماما"، مضيفا أن الولايات المتحدة تعتزم مناقشة المسألة مع روسيا لكي تؤثر على سلطات سوريا فيما يتعلق بالتزامها بالتهدئة في البلاد.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قال في نص البرقية التي بعثها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمناسبة عيد النصر في روسيا بين العمل البطولي الذي حققته مدينة ستالينغراد السوفيتية في أيام الحرب الوطنية العظمى وما تواجهه حلب وسوريا في الوقت الحالي.
ووعد بشار الأسد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتحقيق "النصر النهائي" في مدينة حلب بشمال سوريا، وذلك تزامنا مع إعلانه الالتزام بتطبيق “التهدئة” في حلب.
تالينغراد ووفق وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري "سانا"، أعرب الأسد في رسالته عن "أخلص التهاني للرئيس بوتين وللشعب الروسي الصديق بهذا اليوم"، وقال إن "مواقف روسيا النبيلة ومساعدتها المشكورة للشعب السوري" للوقوف في وجه ما سماه الإرهاب "تعتبر استمرارا طبيعيا لما عرف عن الشعب الروسي من الوقوف في وجه الظلم والعدوان والانتصار لقضايا الشعوب العادلة".

وأكد الأسد بقوله "مدينة حلب اليوم، كجميع المدن السورية، تعانق ستالينغراد (البطلة وتعاهدها أنها رغم شراسة الأعداء وقساوة العدوان ورغم حجم التضحيات والآلام، فإن مدن وقرى سوريا وشعبها وجيشها الأبي لن يقبلوا بأقل من دحر هذا العدوان وتحقيق الانتصار النهائي عليه لما فيه خير سوريا والمنطقة والعالم"، حسب ما نقلته وكالة سانا الرسمية.
وتتعرض أحياء مدينة حلب منذ 21 أبريل الماضي لقصف عنيف عشوائي من قبل طيران النظام السوري وروسيا لم تسلم منه المستشفيات والمنشآت الصحية، ولا المدنيون، فضلا عن تدهور الأوضاع الإنسانية هناك، وهو ما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاءه، واعتبرت استهداف المستشفيات "انتهاكا واضحا للقانون الدولي".
يأتى ذلك في الوقت الذى قالت فيه مصادر بالمعارضة السورية أن 28 شخصا على الأقل قتلوا في هجمات استهدفت معسكرا تسيطر عليه جبهة النصرة في شمال سوريا، وذكرت المصادر أن المعسكر يقع قرب بلدة سرمدا في محافظة ادلب، دون أن تؤكد هوية الجهة التي نفذت الهجوم.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن "أبو إبراهيم السرمدي"، وهو ناشط من بلدة أطمة المجاورة، قوله "إن غارتين جويتين ضربتا هذا المعسكر المؤقت للنازحين من القتال في حلب وتدمر، وتلقى المعسكر ضربتين مباشرتين، وسمعت أن العديد من الخيام اشتعلت فيها النيران".
في حين قال مصدر في الخارجية الروسية إن تاريخ انعقاد اجتماع مجموعة دعم سوريا على المستوى الوزاري في فيينا سيتم في 17 مايو، مضيفا بقوله "التاريخ يناسبنا، فقد تم التوصل إلى اتفاق مبدئي" مرجحا أن "المباحثات السورية السورية ستنطلق بعد الاجتماع الوزاري المرتقب".
وسبق أن قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إنه لا يستبعد إجراء اجتماع المجموعة "في المستقبل المنظور" لتحفيز العملية السياسية.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري أن الولايات المتحدة تتوقع أن يجري اجتماع البلدان الأعضاء في المجموعة في غضون الأسبوعين المقبلين من أجل تسريع عملية تسوية الصراع السورى.
من ناحية أخرى كشف تقرير لمعهد لندن الدولي للدراسات الإستراتيجية أن 167 ألف إنسان لقوا مصرعهم العام الماضي بسبب صراعات مسلحة، والاشارة إلى أن 80 بالمئة من هؤلاء قتلوا في ستة صراعات مسلحة كبيرة في سوريا والكاريبي والمكسيك وأفغانستان ونيجيريا والعراق.
وأكد التقرير أنه قُتل ثلث هؤلاء في سوريا وحدها حسبما أبرزت الدراسة حيث بلغ عدد قتلى الحرب الأهلية في سوريا العام الماضي نحو 55 ألفا، في حين قتل أكثر من خُمس ضحايا الصراعات المسلحة في العالم العام الماضي في المكسيك أو الكاريبي، وفقد عدد أقل من الناس حياتهم في دول أفريقية واقعة جنوب الصحراء الغربية، بينما ارتفع عدد قتلى الصراعات المسلحة في أفغانستان بشكل مأسوي العام الماضي من 3500 عام 2013 إلى 15 ألفا العام الماضي.
أظهر التقرير أيضاً أن الحكومات في كل من العراق وسوريا والصومال واليمن نجحت عام 2015 في استعادة مناطق كانت تحت سيطرة متمردين "وحدث ذلك غالباً بمساعدة دول حليفة أجنبية".