هل ينهار الاتفاق الألماني التركي؟
الإثنين 09/مايو/2016 - 12:33 م
طباعة

تصاعدت داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا وتيرة الانتقادات الموجهة لاتفاق اللجوء بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، إذ عبر مسئولون داخل الائتلاف بتشككهم في تطبيق تركيا للاتفاق بعد استقالة رئيس الوزراء التركي داود أوغلو، واعتبروا أن قراره يمهد الطريق أمام الرئيس رجب طيب أردوغان ليكون الحاكم الأوحد.
حيث تعتبر أوروبا رئيس الوزراء التركي داود أوغلو المتنحي من رئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم والحكومة الوجه الأكثر ليبرالية في الحكومة التركية، في حين يعكف الرئيس طيب رجب أردوغان على إقامة نظام رئاسي بصلاحيات تنفيذية قوية. ويقول منتقدو أردوغان: إن ذلك سيدفع تركيا- المرشحة لدخول الاتحاد الأوروبي- نحو نظام استبدادي.
وقاد داود أوغلو المفاوضات مع بروكسل والتي انتهت باتفاق يهدف للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين على أوروبا. وتأمل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في أن يؤدي الاتفاق إلى زيادة الدعم لحزبها قبيل الانتخابات الاتحادية في العام المقبل.
وقال نيلز أنين مسئول الشئون الخارجية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك الأصغر في الائتلاف الحكومي الذي تتزعمه ميركل لوكالة رويترز "سيتمكن أردوغان الآن من المضي قدما في خططه لتعديل الدستور دون أي معارضة من رجال حزبه." وأضاف "في ظل مناخ القمع السائد والجدل الحالي بشأن رفع الحصانة عن مشرعين من المعارضة فإن هذه أنباء سيئة."
كما عبر يورجن هارت المتحدث باسم الشئون الخارجية بحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل عن قلقه من تنحي داود أوغلو اليوم الخميس. وقال في بيان "تركيا ستقرر بنفسها ما إذا كان مسارها المستقبلي سيقود إلى أوروبا أو إلى مزيد من العزلة."
ويتابع السياسيون الألمان عادة الشئون التركية عن كثب. ويقيم في ألمانيا حوالي ثلاثة ملايين شخص من أصل تركي.
وفي نفس السياق تصاعد الانتقاد الموجه لاتفاق اللجوء بين الاتحاد الأوروبي وتركيا قبل اتخاذ القرار بالإعفاء من تأشيرة الدخول للأتراك. وقال البرلماني الألماني البارز المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك بالائتلاف الحاكم يوهانيس كارس في تصريحات لصحيفة "فيلت أم زونتاج: "إن المستشارة ميركل بحاجة للصفقة نصف الناضجة مع أنقرة". وتابع كارس قائلاً: "إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يمكنه فعل ما يريد، وميركل تساعده للآسف".
ومن جانبه قال نوربرت روتغن المنتمي لحزب ميركل المسيحي الديمقراطي، وهو رئيس لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان الألماني "بوندستاغ": "لم نعد راغبين أن نتحدث عن أن تركيا هي المفتاح لحل أزمة اللجوء. ويمكن للاتفاق الأوروبي التركي الذي صاغه رئيس الحكومة التركية المستقيل أحمد داود أوغلو أن يكون أساساً للتوصل لحل".
ولكنه أكد في الوقت ذاته أن ذلك لا يحدث إلا إذا التزمت تركيا بما هو متفق عليه حتى بعد خروج داود أوغلو من الحكومة. يُذكر أن الرئيس التركي دفع رئيس حكومته داود أوغلو للاستقالة من منصبه. وأعلن أردوغان في خطابه الاخير إدخال نظام رئاسي، ورفض مطالب الاتحاد الأوروبي بصياغة دستورية لقوانين مناهضة للإرهاب، وقال: "إننا نمضي في طريقنا، وامضوا أنتم في طريقكم!"، ووجه خطابه للاتحاد الأوروبي قائلاً: "اتحدوا مع الطرف الذي ترغبونه". وأضعف أردوغان الآمال في تحقيق تقدم مع أوروبا في الاتفاق قائلاً إن أنقرة لن تغير قوانينها المناهضة للإرهاب من أجل أن تفي بحسب بشروط الاتحاد الأوروبي.
ولهذا السبب حذرت رئيسة المجموعة البرلمانية للحزب المسيحي الاجتماعي بولاية بافاريا الألمانية غيرده هاسلفيلت قائلة: "التطورات الحاصلة في تركيا لا تسهم في تعزيز الثقة". وأكدت السياسية الألمانية البارزة أن معايير الإعفاء من التأشيرة "ليست قابلة للتفاوض أو للتأويل. ويتعين على المفوضية الأوروبية عدم التسرع".
وشددت هاسلفيلت على ضرورة إيفاء تركيا بجميع الشروط التي لا تزال ناقصة حتى الآن لأسباب تتعلق بالأمن والسلامة. جدير بالذكر أن حزب ميركل المسيحي والحزب المسيحي البافاري يكونان الاتحاد المسيحي بزعامة ميركل الذي يشكل الائتلاف الحاكم في ألمانيا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ومن أجل دخول الأتراك أوروبا بدون تأشيرة ما زال أمام تركيا ضرورة الوفاء بخمسة معايير متبقية من جملة 72 معياراً يفرضها الاتحاد على الدول المعفاة من تأشيرات الدخول ومنها تضييق التعريف القانوني للإرهاب. وتقول جماعات حقوقية إن تركيا استخدمت سلطات واسعة في مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضين ومنها اعتقال صحفيين وأكاديميين ينتقدون الحكومة. وتقول أنقرة إن القوانين ضرورية نظراً لحربها ضد المسلحين الأكراد في الداخل والتهديد الذي يشكله تنظيم "داعش" في سوريا والعراق المجاورين.
قلق ألماني من رغبة "أردوغان" في احتكار السلطة
ويرى بعض الخبراء أن إقامة نظام رئاسي بصلاحيات تنفيذية في تركيا سيركز مزيدا من السلطات في يدي زعيم سلطوي وهو الرأي الذي يشاركهم فيه بعض القادة الأوروبيين الذين يخشون من أن تصعيده سيزيد من تعقيد العلاقات مع تركيا في السنوات القادمة.
وفي ألمانيا أعرب سياسيون عن أنه يمكن لاستقالة داود أوغلو أن تؤدي إلى تواصل سوء العلاقات مع تركيا. ونقل موقع "شبيغل أونلاين" عن كاترين غوررينغ- إيكارت رئيسة الكلتة البرلمانية لحزب الخضر قولها: "على كل حال كان السيد داوود أوغلو محادثا يوثق به بالنسبة للأوروبيين وكان من الذين يريدون انفتاح تركيا نحو أوروبا." وتابعت غورينغ- إيكارت: "من الواضح أنه لا يمكن للمرء أن يقول ذلك عن السيد أردوغان".
ومن جانبه صرح نوربرت روتغن مسئول السياسة الخارجية بحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، حزب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بأن خبر اعتزام رئيس الوزراء التركي تقديم استقالته يعد خبرا سيئًا لأوروبا. وقال روتغن الذي يشغل أيضا منصب رئيس لجنة البرلمان الألماني "بوندستاغ" للشئون الخارجية اليوم الجمعة في لقاء مع إذاعة ألمانيا: "كان داود أوغلو يرغب في تقريب تركيا من الاتحاد الأوروبي، أما أردوغان فلا يفضل ذلك قطعًا".
"ميركل" ما زالت تراهن على احترام أردوغان لاتفاق الهجرة رغم مغادرة داود أوغلو
فقد صرح متحدث باسم المستشارة ميركل أن ألمانيا تعتمد على التزام تركيا بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول قضية اللاجئين، حتى بعد تنحي رئيس الوزراء التركي داود أوغلو عن منصبه.
وقال يورغ شترايتر: إن "الاتحاد الأوروبي وألمانيا سيطبقان مستقبلًا جميع التزاماتهما ونتوقع المثل من الطرف التركي". واعتبرت المفاوضات على اتفاق الهجرة إحدى نقاط الخلاف الأساسية بين داود اوغلو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.