حادث حلوان والحرب الإعلامية بين الجماعات حول إعلان المسئولية

الثلاثاء 10/مايو/2016 - 05:54 م
طباعة حادث حلوان والحرب
 
كثيرة هي الخلافات بين الجماعات الإسلامية رغم ما يدعونه بأنهم يدافعون عن الحق، ويريدون أن يتوحدوا لإقامة دولة الإسلام، ولكنهم لا يستمعون لقول الله تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} ،لكنهم يعشقون صوت الرصاص ولون الدماء، ويعتصمون بالفرقة والتشتت والمسابقة في تبني القتل والأحداث الإجرامية، ففي العمليات الإرهابية الأخيرة انتشرت ظاهرة تبني أكثر من جماعة للحوادث الإرهابية، بعضها يكون متورطًا فيها بالفعل، والبعض الآخر يكون من أجل الظهور الإعلامي أو ربما أسماء وهمية لإفزاع المصريين أن الجماعات كثيرة وتستطيع الوصول إلى مكان.

حادث حلوان والحرب
وكان آخر ظهور لهذا التسارع في حادثة حلوان التي راح ضحيتها ضابط و8 أمناء شرطة بعد أن تبنى تنظيم «داعش» الإرهابي العملية، ونشر صورًا على صفحات منسوبة له على مواقع التواصل الاجتماعي، لتخرج بعدها بساعات إحدى الصفحات المنسوبة لجماعة الإخوان لتعلن أن من قامت بتلك العملية حركة إرهابية تُسمى «المقاومة الشعبية»؛ مما أدى إلى خلاف بين أنصار الاثنين، مَن منهما نفذ!
 الأمر ذاته وقع في أغسطس الماضي بعد تفجير المبنى الأمني الوطني بمنطقة شبرا الخيمة بواسطة سيارة مفخخة تركها مجهولون أمام المبنى وسارعوا بالهرب بواسطة دراجة نارية.
وخلال الساعات الأولى من الحادث أعلنت مجموعة «الكتلة السوداء» مسئوليتها عن تفجير مبنى الأمن الوطني، زاعمة أن هناك عمليات أخرى تستهدف عددًا من المنشآت في مصر.
 لم تمضِ ساعات على إعلان الكتلة السواء حتى أصدر تنظيم «داعش» الإرهابي يعلن فيه مسئوليته  عن التفجير، زاعمًا أن التنفيذ تم بسيارة مفخخة متروكة أمام المبنى، وتم تفجيرها انتقامًا لإعدام متهمي «عرب شركس»، متوعدة وزارة الداخلية بمزيد من العمليات.
حادث حلوان والحرب
وعن تلك الظاهرة يقول كمال حبيب، الباحث في الحركات الإسلامية: "إن فكرة صراع الجماعات الإرهابية مستندة إلى قاعدة تؤكد أن الجماعة التي تنفذ أكبر عدد من العمليات، يكون ذلك مصلحة لها بين الجماعات المتطرفة الأخرى، أو فيما يسمى إثبات شرعيتها وجلب الأنظار إليها".
وأضاف أن حادثة حلوان تحتوي على قدر كبير من الغموض، خاصة أن بها بُعدًا جنائيًا، ونظرًا لضخامة العملية تتصارع التنظيمات لإثبات أنها من قام بها، ولكن ليس أي من التنظيمين من قام بتلك العملية؛ لأنها بداخل العاصمة وليست قريبة من سيناء، ويجب على الجهات الأمنية أن يتسع نظرها بعيدًا عن تلك البيانات لأن جماعتها تحاول اصطناع شرعية خاصة بها.

حادث حلوان والحرب
بينما رأى الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، أن جميع البيانات التي تصدر خلال الأحداث الكبرى بالعاصمة تمثل بيانات وهمية كي تبعد الشبهات عن الفاعل الحقيقي؛ لذا فعلى الجهات الأمنية ألا تنساق خلف هذه البيانات، وإنما تقوم بتحليلها وأخذ أفكار منها، بجانب أن جماعة الإخوان لن تعترف على نفسها بسهولة أنها من تدبر للحادث.
وهناك عمليات إرهابية مختلفة، وقعت طيلة الأشهر الخمسة الأخيرة، بضواحي القاهرة والجيزة، سواءً بالهجوم على كمائن الشرطة في منطقتي فيصل والهرم، أو بتنفيذ عمليات نوعية، تبنتها حركات خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية، ظهرت بعد فض اعتصامي «رابعة والنهضة»، وكان آخرها الهجوم على دورية الأمن، فجر الأحد الماضي، بمنطقة حلوان، واستشهد فيها ٨ من عناصر الشرطة.
والملاحظ يجد أن تلك العمليات الإرهابية، اتخذت طريقة أو استراتيجية إرهابية واحدة، انتهجتها «كتائب حلوان»، وسار على نهجها مختلف الحركات الإرهابية الأخرى، والتي أعلنت عن نفسها بعد ذلك، وعلى رأسها «المقاومة الشعبية»، و«حازمون»، وحتى ما يعرف بـ«تنظيم الدولة الإسلامية في أرض الكنانة»، والذي يطرح نفسه بديلًا لما تعرف بـ«ولاية سيناء»، المبايعة لـتنظيم «داعش» الإرهابى، والمتعاطف مع أيديولوجية التنظيم، بخلاف عدم ارتباط عناصره به بصورة رسمية.
«كتائب حلوان» التي تكونت من ٤٥ شخصًا، من المنتمين لجماعة الإخوان، في محافظات القاهرة والجيزة، ونجحوا بعد ذلك في إمداد فروعهم، لتشكيل خلايا لهم في الإسكندرية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ، وتمكنوا من تصنيع المفرقعات، وحيازة سلاح ومواد، تستخدم في تصنيع القنابل، وتنفيذ عمليات مختلفة، ضد كمائن الشرطة، وتفجير أبراج الكهرباء، والاعتداء على الشركات، بهدف ضرب الاقتصاد، هي أول نواة للعمل الإرهابى بشكل منظم في حلوان، بتشكيل عدة خلايا منظمة داخل القاهرة والجيزة وأحيائها، بعدما عزل الشعب الإخوان عن الحكم في البلاد.
كانت أقرب خلايا «كتائب حلوان»، هي تلك التي تأسست بمنطقة الوراق بالجيزة، وتشكلت من ١٧ شخصًا، تم القبض على معظمهم، وشكلوا خلايا متفرعة من أعضاء الإخوان المنتهجين للفكر التكفيرى، وتحولوا بعد ذلك لعناصر إرهابية شديدة الخطورة، على علاقة بجماعة الإخوان، وهو ما أكدته تحقيقات النيابة، من وجود علاقة قوية بينهم، بجانب التكليفات التي أصدرها لهم تحالف الإخوان، المعروف بـ«تحالف دعم الشرعية»، والمكتب الإداري للإرهابية.
تلك الاعترافات التي جاءت على لسان أحد أبرز قيادات الخلية، محمود عبدالمجيد محمود محمد، آنذاك في القضية، والذي تربطه علاقة قوية بأحد أساتذة كلية العلوم بجامعة القاهرة، ورمضان صالح أحد أعضاء الخلية بمنطقة «أوسيم» بمحافظة الجيزة.

حادث حلوان والحرب
العمليات الإرهابية التي وقعت في الجيزة والقاهرة، وآخرها حادث هجوم «حلوان» الأخير، يؤكد تورط فلول «كتائب حلوان»، واستمرار العناصر التي ارتبطت فكريًا بالمؤسسين الأوائل لتلك البؤرة الإجرامية، في تنفيذ الخطة التي أعدت مسبقًا لشن الهجوم، بصفة مستمرة ومتتالية، على قوات الأمن، بصورة دموية، خاصة مع التضييق عليهم.
وتشير المعلومات الأولية للتحريات، في تورط فلول التنظيم الإرهابى، الذي تأسس في حلوان بعد فض «رابعة»، ووقوفه خلف الحادث، وبقاء عناصر له في المنطقة، بفكرهم المتشدد، والذي يتربص لقتل رجال الأمن الأبرياء، وتربطهم صلة كبيرة بتنظيم «داعش» فكريًا.

شارك