استراتيجية المغرب في محاربة الإرهاب.. هل تنجح في المواجهة؟

الأحد 15/مايو/2016 - 12:08 م
طباعة استراتيجية المغرب
 
في ظل التحديات التي تواجهها معظم الدول العربية، وبالأخص بلاد المغرب الإسلامي في القضاء على التنظيمات الإرهابية التي طالتها في المرحلة الأخيرة، مع توغل تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا وليبيا، وضعت بعض الدول استراتيجية جديدة لمواجهة تلك التنظيم الإرهابي المتنامي في المنطقة بأكملها؛ حيث تحتضن المملكة المغربية أول أكاديمية للتدريب الديني، تسعى لمحاربة التطرف والغلو، وفق استراتيجية اعتمدها المغرب لمكافحة الإرهاب.
استراتيجية المغرب
وتعتبر المغرب ضمن صفوف الدول الأولى في مواجهة الإرهاب على المستوى الدولي، من خلال سياسته الاستباقية، ومن خلال إعطاء معلومات استخباراتية جنبت العديد من الدول الأوروبية ضربات إرهابية.
وكانت أعلنت المغرب في 10 من مايو الجاري، عن تبني استراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد لمكافحة الإرهاب، تقوم على الجوانب الأمنية والدينية ومحاربة الفقر والهشاشة؛ وذلك في إطار المقاربة الأمنية الشاملة والمندمجة القائمة على الاستباقية التي تبنتها المملكة منذ سنة 2002.
وذكر تقرير في مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية عن استراتيجية المملكة ووسائلها في مواجهة الأفكار المتطرفة، وركزت على الدور الذي يقوم به معهد الملك محمد السادس لتدريب الأئمة الكائن بمدينة العرفان لمحاربة الأفكار المتطرفة.
وقال التقرير إنه للوهلة الأولى، تبدو مدينة العرفان وكأنها مكان غريب يتم الانطلاق منه لشن حرب أفكار عالمية ضد التطرف، مشيرًا إلى أن هذه الضاحية الراقية الواقعة في الرباط بما فيها من بنايات مكاتب ومجمعات سكنية تم بناؤها مؤخراً، تمثل علامات واضحة على نمو وازدهار العاصمة المغربية.
ورأت المجلة الأمريكية أن هذا المعهد الذي بدأ في أواخر العام 2015 يعتبر المدرسة الاحترافية الأساسية للتعليم الديني في البلاد؛ حيث أدرجت برامج التدريب الرسمية الأخرى التي تم تنفيذها في السابق في أماكن أخرى، ولكنه أيضًا أكثر من ذلك بكثير، فهذا المرفق، والأفكار التي يروجها، يقع في قلب الجهود المعقدة الرامية إلى مكافحة الإرهاب، التي بذلها المغرب خلال الـ 15 عاماً الماضية، ويضع الدولة الواقعة في شمال إفريقيا على الخطوط الأمامية للنضال الفكري ضد الإسلام الراديكالي.
استراتيجية المغرب
كذلك ذكر التقرير أن استراتيجية المغرب المعاصرة لمكافحة الإرهاب ترجع بداياتها إلى ربيع العام 2003 وتحديدًا في شهر مايو من ذلك العام حين نفذ 14 انتحاريًّا سلسلة من الهجمات المتزامنة في جميع أنحاء مدينة الدار البيضاء، والتي أسفرت عن مقتل 45 شخصاً وإصابة عشرات آخرين.
وفيما كشف التقرير أن المغرب على مدى سنوات عديدة اعتبرت نفسها بمنأى عن المشاكل السياسية الراديكالية في الشرق الأوسط، ولكن يبدو أن المغرب انتقل لممارسة دور النموذج الفكري الجاهز والقادر في نفس الوقت على اتخاذ موقف ضد الأفكار السلفية والجهادية.
التقرير اختتم  بأن هذا الطرح ينبغي أن يكون مقبولاً لدى واشنطن التي استثمرت بقوة في مواجهة التطرف العنيف بأشكاله المختلفة، وأن تحيط نفسها علماً بابتكارات القوة الناعمة في المغرب وتعمل بشكل أفضل للاستفادة منها في الحرب العالمية ضد التطرف في العالم.
وفي مقال سابق أورده  موقع "هسبرس" المغربي تحت عنوان "قلب الإرهاب العالمي يدق في شمال المغرب"، وضع الموقع الفرنسي جهة الريف المغربي في قفص الاتهام، مشيرًا إلى كونها "مصدرا لتجار ومهربي المخدرات، ومشتلًا للمتمردين ضد سلطات الاستعمار"، في إشارة إلى المقاومة الريفية الشرسة ضد الاستعمار الإسباني بزعامة عبد الكريم الخطابي.
واعتبر الموقع أن "المهاجرين المغاربة ذوي الأصول الريفية أكثر عرضة من سواهم لإغراء الإرهاب، خاصة في ظل التهميش الذي يلاقونه في بلدان الاستقبال بأوروبا".
العلاقة بين الريف والإرهاب المتمركز في أوروبا تشكلت حسب الموقع ذاته في 2004، بعد هجمات مدريد، إذ أثبتت التحقيقات أن "معظم المتآمرين في الهجوم على صلة بمدينة تطوان"، مستدلًّا بتحقيق سابق لصحيفة أمريكية، كشف سعي الشباب في منطقة الريف إلى تقليد منفذي هجمات العاصمة الإسبانية، ورغبة العديد منهم في الانضمام إلى صفوف تنظيمات مثل القاعدة وداعش لضرب أهداف أمريكية.
استراتيجية المغرب
وكانت ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها أن المغرب واجه الإرهاب في الفترة الماضية بصورة لافتة؛ حيث أعلنت وزارة الداخلية المغربية في الشهر الماضي، عن تفكيك خلية مسلّحة من عشرة عناصر يشتبه في انتمائها إلى تنظيم "داعش"، قال بيان للداخلية آنذاك، إنها كانت "تعدّ لشنّ هجمات في المملكة، وضرب مؤسسات حيوية وحساسة وفق مخطط إرهابي خطير، وإن واحدًا من أفرادها يحمل الجنسية الفرنسية."
ووفق المعلومات الرسمية، فإن أفراد هذه الخلية "جندوا أحد القاصرين للقيام بعملية انتحارية باستخدام سيارة ملغومة"، وإن السلطات الأمنية عبر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، تمكّنت من مصادرة أسلحة رشاشة ومواد كيميائية قد تستعمل في صناعة المتفجرات وقنابل مسيلة للدموع وأصفاد بلاستيكية وأسلحة بيضاء وعلمين لتنظيم "داعش، مؤكدًا أن هذه الخلية كانت تنشط في مدينة الصويرة "جنوب المغرب"، ومكناس وسيدي قاسم "وسط المغرب"، بينما تم اعتقال العقل المدبر في مدينة الجديدة القريبة من الدار البيضاء، وأن الخلية كانت تحاول "استقطاب المزيد من العناصر المتطرفة للانضمام لهذا المخطط التخريبي"، وإنها كانت توجه من طرف "قياديين اثنين داعشيين، أحدهما يوجد في تركيا".
وحسب الأرقام الرسمية المغربية، فإن السلطات تمكنت منذ عام 2002 من تفكيك 152 خلية إرهابية، وإن الرقم تضاعف خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ كثفت الوحدات الأمنية من اعتقالها لأفراد تقول، إنهم يرتبطون بتنظيمات إرهابية، لا سيما بعد أحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وتأكيد تقارير رسمية سفر المئات من المغاربة للقتال في سوريا والعراق.
وكانت خريطة وزارة الخارجية البريطانية، التي أعلنتها الشهر الماضي، وضعت المغرب في قائمة البلدان التي تواجه تهديدات إرهابية مرتفعة، على الرغم من أنها تبقى أقل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعرضًا للتهديدات الإرهابية، بحسب معطيات الخريطة.
وكشفت هذه الخريطة أن الخطر الإرهابي يهدد أزيد من 30 دولة أوربية، معروفة بكونها وجهات سياحية، كفرنسا، وإسبانيا، بلجيكا، ألمانيا، إلى جانب باكستان، الصومال، روسيا، مصر، تونس، مينمار، كينيا، الفلبين، كولومبيا، تركيا، التايلاند، أستراليا، العراق، المملكة العربية السعودية، اليمن، سوريا، لبنان، إسرائيل وأفغانستان.

شارك