قمة أبوجا لمواجهة إرهاب "بوكو حرام".. حضور غربي قوي وغياب مصري

الأحد 15/مايو/2016 - 01:31 م
طباعة قمة أبوجا لمواجهة
 
تشكل قمة أبوجا مؤشرًا على تعاون عسكري إقليمي، ودعم دولي متزايد لإنهاء تمرد جماعة "بوكو حرام" الإرهابية، التي بايعت قبل عام تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في القاهرة الإفريقية.

قمة أبوجا

قمة أبوجا
وقد حضر قادة دول الجوار النيجيري تشاد وبنين والكاميرون والنيجر وقادة أفارقة آخرون، فضلا عن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند وأنتوني بلينكن مساعد وزير الخارجية الأمريكي، ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، إلى جانب وفدي الاتحاد الأوروبي والمجموعتين الاقتصاديتين لغرب ووسط إفريقيا.
وقبل عام بايعت الجماعة تنظيم "الدولة الإسلامية"، بينما سجل وجود مقاتلين نيجيريين حتى في ليبيا وكذلك في منطقة الساحل التي تسيطر عليها جماعات قريبة من تنظيم القاعدة. 
وتناولت المباحثات سبل إنهاء تجاوزات مقاتلي "بوكو حرام" الذين قتلوا منذ 2009 أكثر من عشرين ألف شخص، وأجبروا أكثر من 2,6 مليون آخرين على الفرار. 

نتائج القمة

خلص المشاركون في قمة أبوجا أمس السبت إلى أن نفوذ "بوكو حرام" تراجع حول بحيرة تشاد، ولكن على المجتمع الدولي أن يبذل جهدًا أكبر ماليًّا وعسكريًّا للقضاء على الحركة المتطرفة، ومساعدة السكان الذين يعانون وضعًا إنسانيًّا مقلقًا.
طالبت قمة أبوجا التي انعقدت لمواجهة خطر جماعة "بوكو حرام" المجتمع الدولي ببذل جهد أكبر عسكريًّا وماليًّا لمواجهة هذه الجماعة، كما دعا بيان قمة أبوجا إلى العمل على اجتثاث التطرف في البيئات التي تنتشر فيها "بوكو حرام".
ودعا البيان الختامي لقمة أبوجا في نيجيريا إلى مقاربة عالمية لإنهاء خطر جماعة "بوكو حرام"، بحيث تجمع بين وسائل القوة الناعمة والعسكرية، وخلص المشاركون إلى أن نفوذ الجماعة تراجع بمنطقة بحيرة تشاد، ولكن على المجتمع الدولي أن يبذل جهدًا أكبر ماليًّا وعسكريَّا للقضاء على تلك الجماعة، ومساعدة السكان الذين يعانون وضعًا إنسانيًّا مقلقًا.

قوة إقليمية

قوة إقليمية
ومن المقرر أن تنشر نيجيريا وعدد من الدول المجاورة قوة إقليمية قوامها 8500 فرد؛ من أجل محاربة مسلحي "بوكو حرام"؛ حيث تقلصت المساحة التي كانت تسيطر عليها في شمال شرق نيجيريا كثيرًا في الأشهر الـ15 الماضية.
وذكر المشاركون بالقمة أنه على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي تحققت في الحرب ضد "بوكو حرام" منذ آخر قمة أَمنية عقدت في باريس حول هذا الموضوع قبل عامين، فإن المزيد من الجهد مطلوب للقضاء على الجماعة واقتلاع الجذور العميقة للتطرف.
وكانت الولايات المتحدة استبقت القمة- التي شارك فيها قادة دول غرب ووسط إفريقيا وقادة غربيون- بالتحذير من التعاون بين "بوكو حرام"، و"تنظيم الدولة الإسلامية" في ليبيا، غير أن مساعد وزير الخارجية الأمريكي شدد على ضرورة احترام حقوق الإنسان في أعقاب اتهامات متعددة بارتكاب القوات النظامية التي تحارب "بوكو حرام" انتهاكات لحقوق المدنيين والمعتقلين من الجماعة.
وقبل عام بايعت الجماعة تنظيم "الدولة الإسلامية"، بينما سجل وجود مقاتلين نيجيريين حتى في ليبيا وكذلك في منطقة الساحل التي تسيطر عليها جماعات قريبة من تنظيم القاعدة. وقال بلينكن: "نحن نتتبع كل هذه الصلات؛ لأننا نريد القضاء على ذلك".

حضور فرنسي

حضور فرنسي
ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الرئيس الوحيد غير الإفريقي، الذي حضر القمة، إلى "عدم التراجع" في مواجهة "بوكو حرام"، مطالبًا المجتمع الدولي ببذل "جهد أكبر" على صعيد تنمية الدول المتضررة وتقديم المساعدة الإنسانية إلى سكانها.
 وأقر هولاند بأن "النتائج لافتة" على صعيد التصدي لـ"بوكو حرام" التي "ضعفت وأجبرت على التراجع". لكنه أكد أن "هذه المجموعة الإرهابية لا تزال تشكل خطرًا".
وقال هولاند: "علينا أن ندعم القوات المسلحة لنيجيريا ودول المنطقة، أن نساعدها لتكون أكثر فاعلية". 
وقال هولاند خلال مؤتمر صحفي عقده السبت: "إن بوكو حرام ما زالت تشكل خطرًا رغم الإنجازات التي تحققت في مكافحة الجماعة الإسلامية في نيجيريا"، مضيفًا: "نتائج (مكافحة التمرد) رائعة. تم إضعاف المتمردين وإجبارهم على التراجع".
وأضاف: "لكن هذه المجموعة الإرهابية ما زالت تشكل خطرا"، حسب الرئيس الفرنسي، وأدلى هولاند بتصريحاته بعد محادثات مع نظيره النيجيري محمد بخاري في الفيلا الرئاسية بالعاصمة النيجيرية.
وفي وقت سابق، أكد الرئيس الفرنسي أن بلاده ستواصل "دعم القوة المشتركة المتعددة الجنسية" عبر المساعدة والتدريب والاستخبارات. وأضاف أن قوة برخان المنتشرة في منطقة الساحل يمكنها أيضًا "التدخل في كل مرة يبرز خطر إرهابي أو تنفذ مجموعات عملًا ما. نحن هنا، نحن حاضرون وسنظل حاضرين". ولفت هولاند إلى أنه وقع مع بخاري "مذكرة نوايا" تمهد لتوقيع اتفاق دفاعي بين باريس وأبوجا.
وتعتبر فرنسا التي لها قاعدة عسكرية في تشاد بهدف مكافحة "الإرهاب" في الساحل، شريكًا لا غنى عنه بين نيجيريا وجيرانها، وكلها دول فرنكوفونية ولا تربط بينها علاقات سهلة. وأحجم المجتمع الدولي عن التعاون عسكريًّا مع نيجيريا في ظل الإدارات السابقة، واتهم جيشها على الدوام بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان. 

حضور بريطاني

حضور بريطاني
قال وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أمس السبت: "إن من المحتمل أن يزيد متشددو بوكو حرام من تعاونهم مع تنظيم "داعش" إذا عزز التنظيم تواجده في ليبيا".
وبايعت بوكو حرام، التي تشن تمردًا منذ 7 سنوات في شمال نيجيريا، تنظيم داعش العام الماضي، ولا يعرف شيء يذكر عن حجم هذا التعاون.
لكن المسئولين الغربيين يشعرون بقلق من احتمال أن يؤدي تزايد تواجد تنظيم داعش في ليبيا والعلاقات مع "بوكو حرام" إلى توغل صوب الجنوب في منطقة الساحل، وإنشاء نقطة انطلاق لشن هجمات أوسع.
وقال هاموند، خلال مؤتمر أمني في نيجيريا: "لو رأينا داعش تؤسس وجودًا أقوى لها في ليبيا فهذا سيبدو لأشخاص كثيرين على أنه طريق اتصال مباشر، ومن المرجح أن يصعد ذلك التعاون العملي بين الجماعتين".
وأوضح مسئول أمريكي كبير أن هناك علامات على أن مقاتلي "بوكو حرام" يذهبون من نيجيريا إلى ليبيا عبر الحدود المليئة بالثغرات للدول الواقعة جنوب الصحراء.
وأشار وزير الخارجية البريطاني بشأن التعاون بين الجماعتين إلى أن "النية موجودة بشكل واضح، وما زالت الأدلة على وجود تعاون فعلي قليلة إلى حد ما".
ونبه عدة زعماء أفارقة في المؤتمر، الذي حضره جيران نيجيريا ودول غربية، إلى أن الاستقرار في ليبيا أمر أساسي لمحاربة "بوكو حرام" وتحسين الأمن في المنطقة.

دور أمريكي

دور أمريكي
وذكر مسئولون أمريكيون، في وقت سابق من الشهر الجاري، أن واشنطن ترغب في بيع نيجيريا 12 طائرة هجومية خفيفة من طراز ("إيه-29" سوبر توكانو)، اعترافًا بالإصلاحات التي أجراها الرئيس محمد بخاري في الجيش النيجري. ولكن يُستلزم الحصول على موافقة الكونجرس الأمريكي لإتمام مثل هذه الصفقة.
بدوره، أكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن أن "النصر في ساحة المعركة لا يكفي"، مطالبًا بـ"مقاربة دائمة وشاملة" لعدم تكرار الأخطاء وللحئول دون نشوء بوكو حرام مجددًا. ودعا أيضًا إلى تعامل لائق مع المقاتلين السابقين في حركة التمرد، في إشارة إلى الاتهامات المتكررة بارتكاب انتهاكات بحق مشتبه بهم.
وأضاف أن هناك "تقارير عن أن مقاتلين من بوكو حرام يذهبون إلى ليبيا التي يتمتع فيها داعش بوجود قوي، خاصة في سرت، مستغلًّا الفراغ الأمني الذي تسبب فيه صراع السياسيين والجماعات المسلحة على السلطة".
وقال: "هذه كلها عناصر تشير إلى أن هناك المزيد من الاتصالات والتعاون بين الاثنين، وهذا أمر ننظر إليه بمنتهى الدقة؛ لأننا نريد منعه ووقف تطوره".

المشهد الإفريقي

المشهد الإفريقي
قرار قمة أبوجا لم تأتِ بجديد؛ حيث إن هناك قرارًا بتشكيل قوة عسكرية لدول وسط وغرب إفريقيا لمواجهة جماعة بوكو حرام، وكان الحضور الغربي لافتًا في قمة مواجهة الإرهاب الأسود بالقارة الإفريقية، وهو يكشف عن مساعي هذه الدول للحافظ على مصالحها والبحث عن أسواق جديدة لبيع السلاح لإفريقيا والحفاظ على المصالح الاقتصادية بالقارة، فكان الحضور الفرنسي البريطاني الأمريكي الأوروبي.
ومَثَّل غياب مصر تساؤلًا كبيرًا في ظل اجتماع سابق في شرم الشيخ لقادة 27 دولة من قمة الساحل والصحراء، والذي وضع 17 بندًا لمحاربة الإرهاب.
القرارات التي وضعت لمحاربة "بوكو حرام" هي مواجهة أمنية بالدرجة الأولى فيما لم يذكر شيئًا عن المواجهة الفكرية والاقتصادية بتحسين المستوى الاقتصادي لبعض المدن في هذه الدول التي ينمو فيها نفوذ "بوكو حرام".. فهل ستنجح القمة في مواجهة الإرهاب الأسود بالقارة الإفريقية؟

شارك