اتهامات لميركل بابتزاز أنقرة.. و93 مليار يورو للإنفاق على اللاجئين حتى 2020

الأحد 15/مايو/2016 - 10:52 م
طباعة اتهامات لميركل بابتزاز
 
ميركل واردوغان
ميركل واردوغان
في ضوء رفض تركيا مطالب الاتحاد الأوروبي بكبح قوانينها الواسعة لمكافحة الإرهاب، وعدم وضوح موقف منح الأتراك حق السفر إلى دول منطقة شنجن بدون تأشيرة في مقابل وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الاتحاد الأوروبي وصل الاتفاق لطريق مسدود وعلى الاتحاد إيجاد "صيغة جديدة" لإنقاذ هذا الاتفاق، اتهم سياسيون ألمان المستشارة أنجيلا ميركل بأنها جعلت أوروبا معتمدة بصورة كبيرة على تركيا في أزمة اللاجئين، ما ترك الاتحاد الأوروبي عرضة لابتزاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويرى محللون أن ميركل التي تراجعت شعبيتها بفعل سياستها الليبرالية تجاه أزمة اللاجئين والتي تسببت في وصول أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا خلال العام الماضي قادت جهود الاتحاد الأوروبي لتأمين الوصول إلى الاتفاق الذي وقع في مارس.
من جانبه قال هورست زيهوفر، زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي وهو الحزب الشقيق للاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل في بافاريا، "أنا لست ضد المحادثات مع تركيا، لكني أرى أنه من الخطورة أن نكون معتمدين إلى هذه الدرجة على أنقرة".
وأضاف زيهوفر أن الاتفاق مع تركيا ساعد في تعزيز التأييد لحزب البديل من أجل ألمانيا بما يصل إلى نحو 15 في المئة.
من جهتها قالت سارا فاغنيكناشت، المنتمية لحزب اليسار إن ميركل تفاوضت بالأساس بشأن هذا الاتفاق بدون مشاركة شركائها الأوروبيين، مؤكدة أن المستشارة تكون بذلك مسؤولة عن تعرض أوروبا لابتزاز النظام السلطوي التركي وعن إحساس أردوغان الواضح بالقوة التي تجعله يسحق حقوق الإنسان تحت قدميه.
فى حين قال جيم أوزديمير الرئيس المشترك لحزب الخضر إن الاتفاق وضع أوروبا أمام خطر التعرض للابتزاز وإن اللوم في ذلك يقع بشكل كبير على ميركل.
ويرى مراقبون أنه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يحتاج بشدة لنجاح الاتفاق، إلا أنه يصر على أن تنفذ تركيا 72 معيارا من بينها قوانين مكافحة الإرهاب التي تقول إن حكومة تركيا تستغلها للتضييق على معارضيها.
مخاوف من استهداف
مخاوف من استهداف اللاجئين
من ناحية أخرى رفض وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الاتهامات الموجهة للحكومة الألمانية بمحاباة الحكومة التركية بشكل كبير في ظل الخلاف القائم حول اتفاق اللجوء الأوروبي- التركي. 
قال شتاينماير "ما زلنا نجرؤ على التحدث عن التصرفات الخاطئة في تركيا وتقييد حرية الرأي والإعلام. ويمكن لأي شخص سماع ذلك إذا رغب في الإنصات"، وأوصى الوزير الألماني بعدم الاستهانة بمصلحة تركيا في إبرام الاتفاق وما يترتب عليه مع الإعفاء من التأشيرة لمواطنيها.
شدد بقوله "إن تركيا تعرف ما يتعين عليها فعله"، وأشار إلى أن شروط الاتحاد الأوروبي لإعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول إليه معروفة وتم التفاوض عليها مع تركيا، وقال: "الكرة الآن في ملعب تركيا، ويتعين على أنقرة أن تقول لنا الطريقة التي تعتزم الرد بها على القضايا المفتوحة".
على الجانب الآخر ذكرت مجلة دير شبيجل الأسبوعية نقلا عن مسودة من وزارة المالية الاتحادية بشأن مفاوضات مع الولايات الست عشرة في البلاد، أن الحكومة الألمانية تتوقع إنفاق نحو 93.6 مليار يورو حتى نهاية 2020 على تكاليف متعلقة بأزمة اللاجئين، ومن المرجح أن يزيد هذا الرقم من المخاوف خاصة في أوساط الحركات المتنامية المناهضة للهجرة - بشأن تأثير وصول المهاجرين على أكبر اقتصاد في أوروبا- في الدولة التي استقبلت أكثر من مليون شخص العام الماضي 2015، الكثير منهم من سوريا ومناطق حرب أخرى.
وجاءت هذه الأرقام لتوضح تناقص أعداد الوافدين هذا العام بعد إبرام اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا يشمل منح الأتراك حق السفر إلى أوروبا دون الحصول على تأشيرة للدخول مقابل كبح تدفق المهاجرين.
 وقالت دير شبيغل إن حسابات وزارة المالية شملت نفقات الإقامة ودمج اللاجئين في المجتمع إضافة إلى معالجة الأسباب الأصلية لفرار الناس من مناطق الصراع.
أضاف التقرير أن المسؤولين اعتمدوا في تقديراتهم لتلك النفقات على توقع أن 600 ألف مهاجر سيصلون هذا العام 2016، فضلًا عن وصول 400 ألف العام القادم 2017، وَ300 ألف في كل عام يليه. وتوقّع التقرير أن 55 في المئة من اللاجئين المسجلين سيكون لديهم وظائف بعد خمس سنوات.
بينما رفض متحدث باسم وزارة المالية التعليق على الأرقام لكنه أشار إلى أن هناك محادثات جارية بين الحكومة الاتحادية والولايات في البلاد، وقال إنهم سيجتمعون مجددا في 31 مايو لمناقشة سبل تقسيم النفقات بين الولايات.
قال التقرير إن 25.7 مليار يورو ستكون مطلوبة لدفع إعانات بطالة ودعم قيمة تأجير أماكن للإقامة وفوائد أخرى لطالبي اللجوء المسجلين حتى نهاية 2020، موضحا أن 5.7 مليار يورو أخرى ستكون مطلوبة للإنفاق على دورات تدريبية لتعليم اللغة الألمانية و4.6 مليار يورو كنفقات على إجراءات لمساعدة المهاجرين على الحصول على وظائف،  وذكر التقرير أن التكلفة السنوية لمواجهة أزمة اللاجئين ستصل إلى 20.4 مليار يورو في 2020، وذلك ارتفاعاً من نحو 16.1 مليار يورو هذا العام.
وهذه الأرقام تأتي لتوضح أن هناك خلافات بين الحكومة الاتحادية والولايات بشأن تكاليف أزمة اللاجئين والمبالغ التي على برلين دفعها، وشَكَت الولايات الألمانية منذ وقت طويل من أنها لا يمكنها استيعاب تدفق اللاجئين والنفقات المتعلقة به. 
تدفق اللاجئين يؤرق
تدفق اللاجئين يؤرق المانيا
وقال تقرير دير شبيغل إن من المتوقع أن تصل التكلفة التي على الولايات دفعها هذا العام إلى 21 مليار يورو، على أن ترتفع إلى 30 مليار يورو سنويا بحلول 2020، مع الإشارة إلى أن الولايات تتوقع من الحكومة الاتحادية تحمُّل نصف التكاليف المتعلقة باللاجئين، لكنها أضافت أن وزارة المالية الاتحادية تعتقد أن برلين تتحمل بالفعل أكثر من ذلك ولا تعتقد أن حسابات الولايات مبررة.
وفى سياق متصل حذر رئيس المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة بألمانيا، هولجر مونش، من نوع جديد من العنف ضد طالبي اللجوء، مبديا ـ في مقابلة مع مجموعة صحف فونك قلق السلطات بالدرجة الأولى من نوعية العنف المتزايد.
وحسب المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة فإن غالبية الجناة من الرجال وينحدرون بنسبة 80 بالمائة من نفس المنطقة التي ارتكبت فيها الجرائم،. وحسب مونش ليس لدى المكتب حاليًا أية معلومات عن وجود هياكل إقليمية لليمين المتطرف عابرة للمناطق تنظم هجمات تستهدف اللاجئين، مؤكدًا أن ذلك يتم في إطار محلي، "لكن في كل الأحوال نرى ـ ولا يجب أن نستبعد ـ خطر تشكل هياكل إجرامية أو حتى إرهابية. إننا نأخذ الأمر على محمل الجد"، يقول مونش.
كما أعرب رئيس مكتب مكافحة الجريمة عن الشعور بالقلق إزاء ارتفاع وتيرة العنف اللفظي من خلال جرائم الكراهية في شبكة الإنترنت، "ونحن نفترض أن العنف اللفظي يكون مقدمة لهجمات على اللاجئين ـ فاللغة تسبق الجريمة غالبا". وكشف مونش أن تم في عام 2015 رصد ارتفاع عدد الجرائم على الشبكة العنكبوتية إلى ثلاثة إضعاف بحيث بلغ 3000 حالة. وكشف مونش أن عدد الحرائق لنزل لاجئين بلغ منذ بداية العام الجاري 45 حريقًا.
من ناحية أخرى طالب رئيس المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة بمضاعفة الاستعانة بالأئمة في مواجهة الإسلاميين. ويرى مونش خطر استغلال السلفيين الراديكاليين لأوضاع اللاجئين في ألمانيا، مشيرًا إلى أن الشباب الذكور يبحثون عن ما يربطهم بدينهم فيتجهون إلى المساجد لممارسة شعائرهم الدينية، ما يجعلهم عرضة للوقوع في براثن التطرف، و"الأنشطة المتطرفة في المساجد تبعث على القلق لدينا".

شارك