الإخوان ومحاولات إفشال زيارة شيخ الأزهر إلى إفريقيا
الإثنين 16/مايو/2016 - 03:10 م
طباعة

رغم مشكلاتها الداخلية التي تعاني منها منذ عام تقريبًا، والتي كادت أن تحدث انقسامًا داخليًّا، إلا أن جماعة الإخوان تصر على هدم الدولة داخليًّا وخارجيًّا، فبعد فشلهم في عرقلة زيارات شيخ الأزهر لألمانيا وغيرها يريدون اليوم عرقلة زياراته لدول إفريقيا؛ حيث توقعت مصادر بمشيخة الأزهر أن يتم الإعلان رسميًّا عن تأجيل زيارة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لكلٍّ من السنغال ومالي، وقال مصدر مطلع: «إن أعضاء جماعة الإخوان يسعون لتشويه صورة الأزهر وممارسة الدعاية السوداء ضد زيارة شيخه المقررة لدول إفريقية».

ولفت المصدر إلى أن دعوة شيخ الأزهر إلى إلقاء خطاب عالمي بألمانيا، والنجاح الذي يحققه الأزهر خارجيًّا بدعوة علمائه إلى الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن، فضح كذب الإخوان في تراجع دوره، فقرروا أن يستخدموا بعض رجال الدول الإفريقية ويبثوا مقاطع فيديو يروجون لها بأن تلك الدول لا ترحب بوفد الافتاء والأزهر.
وأكد أنه تم التوافق على تنظيم عدة جولات للإمام الأكبر إلى نيجيريا ومالي والسنغال وفرنسا خلال الشهر الجاري، لمقابلة الشخصيات السياسية ورجال الدولة وشباب الجامعات للتأكيد على أن الإسلام بريء من الأعمال الإجرامية والجماعات المتطرفة، ولكن الأحداث الأخيرة تسببت في تعديل موعد الزيارة إلى كل من السنغال ومالي.
وشدد المصدر على أن زيارة تلك الدول كانت ضمن جولة تم الإعداد لها منذ قرابة الشهر؛ من أجل نشر مفاهيم الدين الوسطية وتصحيح المغلوط منها، وتم الإعلان عن ذلك في مؤتمر بمشيخة الأزهر، إلا أن المحاولات المتكررة لإحراج الإمام الأكبر نجحت في تعطيل زيارته مؤقتًا، إلا أنها لن تفلح في إلغائها مهما سعى التنظيم. وأضاف، أن الهدف من الزيارات والقوافل التي ينظمها الأزهر بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، هو نشر ثقافة التعايش السلمي، والقضاء على النزاعات التي تعاني منها الإنسانية في مناطق مختلفة من العالم، وتحذير الشباب من الوقوع في براثن الجماعات المتطرفة؛ ولهذا فإن البعض لا يريد لها أن تنجح، ويقودون حملات لتشويه صورة الأزهر وإحراجه عالميًّا.
كان بعض المنتمين إلى الجماعة الإرهابية، نشروا فيديوهات على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، زعموا فيها أن الأزهر فشل في نشر الدين الوسطي لدعمه السلطة الحالية، قائلين: «السنغال التي كانت ترفع علماء الأزهر فوق الأعناق.. اليوم علماء الأزهر خرجوا من السنغال قفاهم يقمر عيش». من جانبه، قال الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية: إن السياق الذي تحاول جماعة الإخوان ترويجه ما هو إلا إعادة لنشر القديم، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها من الإرهابيين يسعون إلى استخدام الكذب والتضليل لتظل متواجدة على الساحة. ونفى عاشور، أن تكون هناك بعثات أزهرية زارت السنغال خلال الفترة الماضية، لافتًا إلى أن الفيديو قد يكون منذ سنتين أو ثلاث على الأقل، موضحًا أن الجماعات الإرهابية تريد الترويج لحالات قديمة وتعيش على القديم لتقنع نفسها وأتباعها بأنهم موجودون.
في إشارة منه إلى الفيديو الذي تروجه جماعة الإخوان عبر مواقع التواصل الاجتماعي والذي نشر على موقع اليوتيوب في 19 سبتمبر 2014.

الخبير والباحث الفرنسي رينيه نابا
ومن الجدير بالذكر هنا أن الخبير والباحث الفرنسي رينيه نابا أكد أكثر من مرة وفي أكثر من لقاء أن الإخوان يسعون في الوقت الحالي لبسط نفوذهم في السنغال، رغبةً منهم في اتخاذ هذه الدولة قاعدة خلفية لهم، في ظل تصاعد الكراهية ضد الإسلام في أوروبا "الإسلاموفوبيا"، وكذلك الانتكاسات التي تعرضت لها الجماعة في مصر والسعودية وتونس.
ويوضح الباحث في تقرير له على موقع "Madaniya" الفرنسي المختص بالشرق الأوسط وإفريقيا والمنشور في أول مايو الجاري، أن تأثير الإخوان في السنغال يرجع إلى سبعينيات القرن الماضي، حينما استفادت من الطفرة النفطية اللاحقة التي استخدمها العرب ضد إسرائيل في حرب أكتوبر 1973، مشيرًا إلى أن عاملين أسهما في سرعة انتشار الجماعة في إفريقيا، أولها الرعاية السعودية السابقة للإخوان، وكذلك قطع جميع الدول الإفريقية لعلاقتها مع إسرائيل، إضافة إلى استخدام الإسلام كوسيلة لمحاربة الاتحاد السوفيتي وحلفائه في إفريقيا.
وبحسب الباحث فإن قطر تعمل جاهدة على تعميق دور الإخوان في السنغال من خلال البنوك الإسلامية في هذا المجتمع الذي يعاني من الفقر المدقع والجفاف وقضايا الفساد، وقال: "قطر الراعي البديل للإخوان، تمثل وسيلة قوية لانتشار الجماعة لا سيما في التمويل الإسلامي وقناة الجزيرة التي تعتبر واحدة من أدواتها للاختراق الاقتصادي والأيدويلوجي".
ويشير نابا إلى أن قطر كانت ترغب في إنشاء قناة تليفزيونية باللغة الفرنسية في داكار، لكن الرئيس السنغالي عارض الفكرة مفضلًا القناة الفرنسية "فرانس 24".
ويلفت نابا إلى أن اهتمام الإخوان الحديث بالسنغال ورغبتهم في استخدامها كقاعدة لهم يرجع إلى فبراير من العام الماضي، حينما قام وفد من الجماعة بزيارة رسمية إلى داكار، واعتبرت تلك الزيارة الأولى على أنها محاولة للحصول على الشرعية لهذه الجماعة، خاصة في ظل انقطاع العلاقات وانقلاب السعودية عليها.
وتعتبر السنغال دولة استراتيجية في غرب إفريقيا باعتبارها نقطة عبور إلى أمريكا اللاتينية، وكذلك لديها علاقات وثيقة مع منظمة التعاون الإسلامية وقطر والسعودية.
وتلقى استراتيجية الإخوان في السنغال جدلًا كبير في الأوساط الثقافية، فخلال الندوة الدولية للمسلمين في الدول الفرنكوفونية، التي عقدت في السنغال في أغسطس 2013، حذر الباحث السنغالي في جامعة سان لويس الفرنسية، بكاري سامبا، من محاولات أسلمة المجتمع السنغالي،

طارق رمضان حفيد حسن البنا مؤسس الجماعة
كما اتهم طارق رمضان- حفيد حسن البنا مؤسس الجماعة- "برغبته في جعل إفريقيا منطقة نفوذ من أجل تسوية الحسابات مع الغرب". اتهم بكاري سامبا طارق رمضان بمحاولة زراعة الإخوان في السنغال، ويشير الباحث الفرنسي إلى أن هذه الجهود الإخوانية للسيطرة على الخارطة السياسية للسنغال يقابلها جهود أخرى من إسرائيل التي تتبع خطة "الإغراء" للنخبة السياسية والدينية في السنغال من أجل أن تصبح القارة الإفريقية مكانًا استهلاكيًّا للسوق الإسرائيلية، عقب تنحي الاتحاد الأوروبي عن كثير من المنتجات الإسرائيلية، ويبدو أن المنافسة تزداد شراسة بين الطرفين، وكل منهما له دوافعه وطموحاته.
وفي مايو الماضي 2016، نشر موقع "داكار انفو" تحقيقًا مطولًا تحت عنوان "الإخوان المسلمين يتسللون إلى السنغال" رصد فيه المحاولات التي يبذلها الإخوان عبر ذراعهم هناك جمعية "عباد الرحمن" للتقرب من السلطة السنغالية واختراق المجتمع.