"النهضة" تناور على الزعامة في البرلمان التونسي.. والغنوشي يتراجع

الإثنين 16/مايو/2016 - 10:21 م
طباعة النهضة تناور على
 
البرلمان التونسي
البرلمان التونسي
فى ضوء الاستقالات الكثيرة التي طالت حزب نداء تونس، وتصدر حركة النهضة للأغلبية فى البرلمان التونسي، جرت محاولات كثيرة للتنسيق بين أطراف عدة للحفاظ على استمرار حكومة الحبيب الصيد، ومواجهة التحديات التى تواجه المجتمع التونسي.
يأتي ذلك في الوقت الذي فشلت فيه تنسيقية الائتلاف الرباعي الحاكم في تونس، في عقد اجتماعها الأسبوعي لتنسيق مواقفها وتوجهاتها السياسية التي عادة ما يستند إليها رئيس الحكومة الحبيب الصيد في معالجة الملفات التي تواجه حكومته، ليتعمق بذلك الشرخ الذي أخل بالتوازنات السياسية، ومكن حركة النهضة الإسلامية من مساحة جديدة للمناورة ضمن حلقات مسلسل عراك سياسي جعل البلاد تدخل في أزمة حكم وصفتها المعارضة بـ"لشاملة".
ويرى محللون أن هذا الفشل كان متوقعًا على ضوء التطورات التي سبقت موعد هذا الاجتماع، وخاصة منها تلك المرتبطة باستقالة رضا بالحاج من رئاسة الهيئة السياسية لحركة نداء تونس، وبتزايد غضب واستياء سليم الرياحي رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، وارتفاع حدة انتقادات حزب آفاق تونس للأداء الحكومي، وهي تطورات ألقت بظلال كثيفة على الوضع العام في البلاد يُرجح أن تكون لها تداعيات أخرى قد تزيد من تأزيم المشهد في قادم الأيام.
نداء تونس يتراجع
نداء تونس يتراجع
ويعتبر مراقبون أن هذا الفشل بقدر ما كشف عن انهيار وشيك لهذا الائتلاف الرباعي الحاكم، فإنه بالقدر نفسه منح حركة النهضة فرصة لتُحكم سيطرتها على الحكومة الحالية برئاسة الحبيب الصيد، وتنتقل إلى ممارسة الحكم بشكل واضح بعد أن كانت تُمارسه من خلف الستار.
من ناحية أخرى أعلن رئيس التأسيسية لحركة نداء تونس رضا بالحاج استقالته من منصبه، ودخل المكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الحر، أحد أحزاب الائتلاف التونسي الحاكم، في حالة انعقاد مستمرة لاتخاذ قرار مناسب، على خلفية انضمام ثلاثة من نوابه المستقيلين من كتلته البرلمانية إلى كتلة النداء، وبينما رجحت مصادر إعلامية انسحابه من الائتلاف، قالت المكلفة بالإعلام بالحزب يسرى ميلي إن الآراء متباينة بين التعليق أو الانسحاب كلياً.
أشارت إلى أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي دخل على الخط، ليقوم بدور الوسيط بين قيادتي الحزبين، بعد أن استفحل الخلاف بينهما، وأن الرئيس الباجي قايد السبسي الذي يرأس شرفياً حركة نداء تونس سيجتمع خلال الأيام المقبلة مع رئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي، للبحث عن حل للأزمة القائمة.
حركة النهضة والمؤتمر
حركة النهضة والمؤتمر القادم
كانت تقارير إعلامية تحدثت عن إمكانية انسحاب حزب الاتحاد الوطني الحر من الائتلاف الرباعي الحاكم الذي يقوده نداء تونس، في حين رجحت مصادر برلمانية أن يرتفع عدد نواب الاتحاد الملتحقين بالنداء خلال الأيام المقبلة، وهو ترجيح يتزامن مع تصريحات من داخل كتلة نداء تونس أشارت إلى أن هناك اتجاهاً إلى التحاق 16 نائباً بالكتلة، مما سيعيدها إلى المرتبة الأولى داخل مجلس نواب الشعب التي كانت خسرتها، بعد أن انشق عنها 27 نائباً، شكلوا الكتلة الحرة الذراع البرلمانية لحركة مشروع تونس التي يتزعمها القيادي السابق في نداء تونس محسن مرزوق، ما جعل كتلة النهضة تتصدر المشهد البرلماني بـ69 نائباً.
ومن المنتظر أن يعلن، غداً الثلاثاء، عن ارتفاع عدد نواب كتلة نداء تونس إلى 60 نائباً، بعد التحاق النائب علي بالأخوة الذي انسحب من كتلة الاتحاد الوطني الحر، وطلب الالتحاق بكتلة النداء، سيراً على خطى زملائه يوسف الجويني ورضا الزغندي ونور الدين بن عاشور.
وفي هذا الإطار قدم رضا بالحاج استقالته الرسمية من رئاسة الهيئة السياسية، وقال إن التوجه الجديد لعدد من أعضاء الكتلة البرلمانية للحزب يهدد التوازن السياسي، مشيرًا إلى أن مخاطر حقيقية تهدد المشهد الحزبي، ومنها محاولة الكتلة تجاوز القيادة الحزبية عن طريق بعض النواب، إضافة إلى تجاوزها موقف وفد الحزب المشارك في اجتماع تنسيقية الائتلاف الحاكم المتمثل في رفض انتقال نواب حزبين متحالفين من كتلة إلى كتلة.
وعلى صعيد آخر يرى متابعون أن المؤتمر العام العاشر، لحزب "حركة النهضة" الإسلامية، الذي سينطلق خلال  الفترة من 20 و21 و 22 مايو الجاري يرتقي لمقام الحدث السياسي البارز، في مسار الانتقال الديمقراطي، حيث ينظر له على أنه يتجاوز من حيث الأهمية وكذلك الانتصارات والتوقعات، جغرافية تونس، ليرمي بظلاله على مستقبل حركات الإسلام السياسي ككل، خاصة في علاقته بمرحلة ما بعد "الإخوان".
الغنوشي
الغنوشي
ومع استعداد النهضة لهذا المؤتمر تداولت أنباء على مواقع إلكترونية تشير إلى خروج الغنوشي من جلباب الإخوان، وقوله في رسالة وجهها لهم إن الجماعة أخطأت، إلا أن الغنوشي عاد بعد ساعات ونفى صحة الخبر، علماً بأن العديد من قادة "النهضة" ومنهم المرشد راشد الغنوشي، أكدوا في أكثر من مناسبة على أن حركتهم فكت الارتباط الفكري والتنظيمي مع "الإخوان".
وأصدر الغنوشي بيانا  لتكذيب ما صدر  عنه توجيهه رسالة للإخوان، فقد نفى ما تناقلته بعض وسائل الإعلام التونسية والعربية نقلاً عن جريدة "الحياة الجديدة" الفلسطينية حول رسالة مزعومة صادرة عنه موجهة للإخوان. وأكد الغنوشي أن الخبر عار من الصحة.
يذكر أن "الحياة الفلسطينية" كانت قد نشرت رسالة للغنوشي وجهها للإخوان وأكد فيها أن لحظة الفراق اقتربت، ووفق الرسالة المنسوبة لراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الذي نُسب له أنه وجهها للاجتماع الخاص بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الذي عقد في اسطنبول تحت شعار "شكرا تركيا" في أبريل الماضي، فإن أهم ما ورد فيها نص الرسالة: "لا أسباب صحية ولا غيرها حالت دون حضوري ولكنني أرى يوما بعد يوم أن لحظة الافتراق بيني وبينكم قد اقتربت، أنا مسلم تونسي، تونس هي وطني، وأنا مؤمن بأن الوطنية مهمة وأساسية ومفصلية فلن أسمح لأي كان أن يجردني من تونسيتي، لن أقبل أي عدوان على تونس حتى لو كان من أصحاب الرسالة الواحدة".
وتابع الغنوشي مخاطبًا الإخوان: "لقد تعاميتم عن الواقع وبنيتم الأحلام والأوهام وأسقطتم من حساباتكم الشعوب وقدراتها، لقد حذرتكم في مصر وسوريا واليمن ولكن لا حياة لمن تنادي، أنا الآن جندي للدفاع عن أراضي تونس ولن أسمح للإرهاب مهما كان عنوانه أن يستهدف وطني، لأن سقوط الوطن يعني سقوطي".

شارك