مفتي مصر: "غياب التجديد والاجتهاد هو السبب في انتشار الجماعات المتطرفة"

الأربعاء 18/مايو/2016 - 01:49 م
طباعة مفتي مصر: غياب التجديد
 
كثيرة هي تلك المؤتمرات التي تقام في أرجاء الوطن العربي لمناهضة العنف والإرهاب والتطرف، بعد انتهاء مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بأسوان يوم الأحد الماضي 15 مايو 2016، والذي اجتمعت فيه كوكبة من علماء الأمة ومفكريها تحت عنوان: "دور المؤسسات الدينية في مواجهة التحديات: الواقع والمأمول نقد ذاتي ورؤية موضوعية"، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وبرئاسة د.محمد مختار جمعة وزير الأوقاف رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
وبما أن التطور العلمي للمخاطر الناتجة عن الجرائم الإرهابية قد كشف أن الأساليب التقليدية في معالجة هذه الجرائم لم تَعُد كافية، بل إن بعضها لم يَعُد مناسبًا لمواجهة الفكر المتطرف ، فإن هذا التطور يستوجب ضرورة انتهاج أساليب جديدة تقوم على إصلاح المناهج التعليمية، واستخدام وسائل التواصل العصرية، بما يستحث العقل على التدبر، وعدم الركون إلى مجرد التلقين الذي يجمد العقل ويعطله عن التأمل والتفكير.
استضافت، صباح أمس الثلاثاء 17 مايو 2016، العاصمة الأردنية "عمان" فعاليات المؤتمر الدولي حول "نقض شبهات التطرف والتكفير" الذي تنظمه دائرة الإفتاء العام الأردنية.
وافتتح المؤتمر بكلمات لكبار العلماء والمفتين بالعالم حيث شارك في الموتمر أكثر من 100 شخصية علمية من كبار علماء الدين الإسلامي والخبراء والباحثين من دول عربية وإسلامية وأجنبية، منها السعودية، ومصر، وفلسطين، واليمن، ولبنان، وتايلندا، والنمسا، وداغستان، وفرنسا، وأوكرانيا، والسويد، وباكستان، ونيجيريا، والنيجر، والمغرب، وماليزيا، والكويت، والعراق، إضافة إلى الأردن.
الدكتور عبدالكريم
الدكتور عبدالكريم الخصاونة المفتي العام الأردني
وجاءت كلمة الافتتاح للدكتور عبدالكريم الخصاونة المفتي العام الأردني والذي أكد على سماحة الإسلام في مواجهة تيارات الغلو والتكفير وأن رسالة دائرة الافتاء في "عمان" هي مرجعية المواجهة لتيارات التكفير.
الدكتور شوقي علام
الدكتور شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية
تلاها كلمة الدكتور شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية؛ حيث كشف سبب انتشار الإرهاب والتطرف في العالم. وأضاف أن غياب التجديد والاجتهاد هو أحد الأسباب أو لعله أعظم الأسباب التي سمحت للجماعات الإرهابية أن تنشر أفكارها وتضلل بعض الشباب المتعطش إلى أَن يلتزم بدينه كما أنهم ينزعون نصوصاً من سياقها فيحملوها على أضرِ المعاني والمحامل، ويخلعون عليها ما وقر في نفوسهم من غلظة وعنف وشراسة وانفعال، مع جهل كبير بأدوات الفهم ومقاصد الشرع وأخلاقه التي اعتمدها وتوارثها علماء الأمة جيلا بعد جيل عقيدة وشريعة وأخلاقًا.
وأكد المفتي أن أهل التطرف يلجئون لروايات وآثار باطلة ليبرروا بها أعمالهم الإجرامية كروايات إهانة الإنسان أو حرق جثته، وأخرى صحيحة فهموها على غير وجهها وفسروها بغير سياقها مثل ما فعلوا مع آيات الجهاد في سبيل الله تعالى وأحاديثه التي قصروها- في جهل واجتزاء- على معاني القتل والتنكيل بكل من يخالفهم من دون تفريق بين مستأمن معاهد وبين معتد محارب.
وأشار إلى أن أصحاب الفكر المعوج والمتطرف- ممن تسببوا في إفساد كثير من العقول- جمعوا بين الجهل بأمور دينهم والجهل بما يناسب عصرهم وواقعهم فتراهم ينزعون نصوصًا من سياقها فيحملونها على أضر المعاني والمحامل.
وأكد أن الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ارتأيا أن دور الدولة في التصدي للجمعات المتطرفة عسكريّا لن يؤتي ثماره ما لم يقترن به مواجهة الفكرية، أو قل معالجة فكرية في خطوط متوازية.. مضيفا أن المؤسسة الدينية رسمت منذ البداية ما يمكن أن نسميه استراتيجية علاجية لظاهرة التطرف والعنف والإرهاب التي انتهجته جماعات العنف الممنهج.
وقال: "إن أمتنا العربية والإسلامية تشهد الكثير من الأحداث العضال ونزاعات خطيرة، وبالأخص هذا الصعود والظهور للعنف وجماعاته بأشكاله المختلفة الفكرية والسلوكية واللفظية والحركية، بما يتطلب أَنْ نكون جميعًا على مستوى هذا التحدي الكبير، وأَن نواجه التوتر والعنف بطريقة علمية استراتيجية استباقية من خلال عمل منهجي متواصل لنزع فتيل الصراع والصدام حتى يحل الاستقرار محل الاضطراب، والود محل العداء، والحب محل الكراهية والبغضاء".
وأضاف علام أن الوقت قد حان لنتبوأ مقاعدنا العلمية قَبلَ العسكرية، والفكرية قبل الحربية في حربنا ضد الإرهاب الذي أساء لصورة الدين أمام العالمين، ونحن نحتاج إلى جهد فكري يتعاون فيه العلماء مع وسائل الإعلام الدولية وكذلك الأوساط الأكاديمية في مجال النشر والبحث، من أجل تفنيد تلك الشبهات وفضح تلك الأفكار الضالة.
ودعا مفتي مصر إلى صياغة خطاب دعوي عصري واقعي مقاصدي يكون قادرًا على صياغة وتكوين فكر المسلم المعاصر، بما يجعله قادرًا على أن يكون مواطنًا إيجابيًا يعتز بدينه ولغته وهويته، وينتمي لوطنه، ويشارك الإنسانية جميعها في بناء حضارتها في ضوء نصوص الشرع الشريف وأحكامه.
الدكتور مطر الكعبي
الدكتور مطر الكعبي وزير الأوقاف الإماراتي
وأشار الدكتور مطر الكعبي وزير الأوقاف الإماراتي في كلمته بالدور الريادي لتجمع مثل هؤلاء العلماء في المؤتمرات الدولية لمواجهة خطر التكفير واختطاف الدين من طرف جماعات القتال وضرورة الاصطفاف في خندق واحد لمواجهة تلك الجماعات الإجرامية.
مشيرًا بأن تلك الجماعات الإرهابية كفروا الحكام والشعوب بل والعلماء وكل من لا يبايع زعيمه من أفراد وجماعات واستحلوا المحارم، وابتدعوا أحكامًا غريبةً كالخروج على ولاة الأمور.
أما الشيخ محمد حسين مفتي فلسطين بدأ كلمته بتحية المرابطين من أجل تحرير القدس وإلى كل المشاركين بالمؤتمر ودعوتهم إلى زيارتها والوقوف مع الحق الإسلامي ضد الإرهاب الصهيوني الذي يتطابق مع تطرف جماعات الموت وأوجه التشابه هو القتل والإبادة وترعيب الآمنين.
ونوه بأن قضية فلسطين قضية المسلمين جميعا ولن تضيع ما دام هناك شعوب مؤمنة بعدالة قضيتهم وصامدة في وجه المغتصب الصهيوني، برغم المحاولات اليومية لطمس إسلامية هوية القدس.
الدكتور محمد البشاري
الدكتور محمد البشاري الأمين العام للموتمر الإسلامي الأوروبي
بينما جاءت كلمة الدكتور محمد البشاري الأمين العام للموتمر الإسلامي الأوروبي حول "مفهوم التكفير وأثره على واقع الأقليات المسلمة".
حيث شرح "الدكتور البشاري" أن ظاهرة التكفير من الظواهر الخطيرة التي انتشرت بين أبناء الأمة الإسلامية بل هي ظاهرة غير مسبوقة لأنواع البدع التي زُرعت بين صفوف الأمة الإسلامية وأخطرها، فكانت عاملاً مؤثرًا في تأكيد الفرقة والاختلاف والتوتر والاضطراب بين المجتمعات المسلمة فأنتجت -على حسب تحليل الدكتور البشاري- حركات متطرفة تعتمد الإرهاب والتطرف أداة لتنفيذ مآربها وعرضت المجتمعات الآمنة إلى الاعتداء على كرامتهم الإنسانية وعلى حقوقهم الوطنية وعلى مقدساتهم الدينية وكل ذلك باسم الدين ومن منطلق الفهم الخاطئ له والتمسك بظواهر تفسير النصوص والالتفاف على التفسير الصحيح بثني الآيات والأحاديث النبوية لتتواءم مع مآربهم بتكفير من لم يكن معهم وكذلك اجتزاء أقوال الفقهاء بأخذ أجزاء من آرائهم الفقهية وترك الباقي ليستقيم المعنى طبقا لما يريدون.
مشيرًا الى، التكفيريين أعطوا أنفسهم الحق بتنصيب من يشاءون ليكون ولي أمر المسلمين وإمامهم حتى يفتي بأمر الأمة بما يواكب بدعهم ويتماشى مع أفعالهم.
وفى نهاية كلمته دعا أمين عام الموتمر الإسلامي الأوروبي المشاركين إلى مساعدة الأقليات المسلمة في المجتمعات الغربية في مواجهة تيارات التأجيج الطائفي والمذهبي، وتثبيتهم لنشر الفكر الوسطي للإسلام وتسهيل أمر الفتوى لهم بما يتلاءم مع إسقاط الحكم الشرعي على الواقع والواقعة ومراعاة ظروف البيئة وإنشاء مركز للفتوى في أماكن تواجدهم.
جدير بالذكر أن المؤتمر يعقد على مدار يومين ويتوزع على أربع جلسات حوارية يناقش من خلالها المشاركون 16 بحثًا مقدمة من العلماء والباحثين في مجال مواجهة التطرف والتكفير بهدف التوافق على عدد من التوصيات، والمقترحات التي تؤكد ضرورة كشف شبهات الفكر المتطرف من خلال توحيد الجهود والتنسيق بين الدول لمواجهة هذا الوباء الخطير.

شارك