اليمن: بعد بوادر فشل مفاوضات الكويت.. " التحالف" يستعد للخيار العسكري مجددًا
الأربعاء 18/مايو/2016 - 09:10 م
طباعة

تتجه الدول الفاعلة في التحالف العربي إلى إنهاء المهلة التي أُعطيت بمقتضاها الفرصة للمتمردين للمشاركة في مفاوضات الكويت وإظهار حسن نواياهم تجاه الحل السياسي في اليمن، وأن العودة إلى الحل العسكري أصبحت مسألة وقت بعد أن تأكد أن الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح غير جادين، وأنهم ذهبوا إلى الكويت للمناورة وربح الوقت.
المسار التفاوضي:

على صعيد المسار التفاوضي التقى أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي أطلع الأمير على تطورات الموقف في شأن محادثات السلام اليمنية.
وعقب ذلك، استقبل أمير الكويت الوفد الحكومي اليمني الذي يرأسه وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، كما التقى أيضاً وفد الانقلابيين.
مصادر دبلوماسية أكدت أن أمير الكويت طالب مختلف الأطراف بالبقاء في الكويت وضمان الوصول إلى نتائج إيجابية. كما حث الأطراف اليمنية على استكمال المشاورات لتحقيق السلام المنشود الذي يحفظ لليمن أمنه واستقراره وسلامة أبنائه.
وضعت الحكومة اليمنية الشرعية ستة شروط لاستئناف المحادثات مع وفد الحوثيين وصالح في الكويت، أوضحها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية رئيس الوفد الحكومي عبدالملك المخلافي، بعد تعليق الوفد الحكومي مشاركته في المشاورات.
وكشف عبد الملك المخلافي في مؤتمر صحافي في السفارة اليمنية في الكويت اليوم الأربعاء، حسب وكالة الأنباء اليمنية أن الفريق الحكومي لن يعود إلى المشاورات إلاّ بعد تسلمه إقراراً مكتوباً بالتزام الانقلابيين بست نقاط تتمثل في:"المرجعيات الثلاثة، أي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومُخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة منها القرار 2216، والالتزام بأجندة بيل السويسرية، إضافة الى النقاط الخمس التي وضعتها الأمم المتحدة محاور أساسية لمشاورات الكويت.
كما أكدت الولايات المتحدة الأمريكية أنها لن تسمح بالخروج على الثوابت والأسس والمرجعيات التي بنيت عليها مشاورات الكويت، ممثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216 وجميع القرارات ذات الصلة.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أن التأكيد الأمريكي جاء في سياق الاتصال الهاتفي الذي تلقاه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الليلة الماضية من وكيل وزارة الخارجية الأمريكية توماس شانون الذي أكد دعم بلاده للشرعية الدستورية في اليمن ممثلة بالرئيس هادي.
وعبر شانون عن شكره البالغ لهادي وجهوده الحثيثة التي يبذلها من أجل السلام من خلال دعمه للمشاورات السلام في الكويت، رغم تعنت مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
من جانبه ثمن الرئيس اليمني الدور الإيجابي للحكومة الأمريكية ووقوفها إلى جانب أمن واستقرار ووحدة اليمن وشرعيته الدستورية، مؤكداً حرصه الشديد على انجاح مشاورات السلام في الكويت.
وقدر أوساط خليجية مطّلعة على مفاوضات الكويت أن الضغوط الدولية يمكن أن تدفع الحوثيين إلى تقديم تنازلات جدية لإنجاح الحل السياسي.
وتكمن المشكلة في رفض الوفد الممثل لعلي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي الذي لم يحمل معه إلى الكويت أي أجندة تفاوضية، ويحصر دوره في كيفية إفراغ المفاوضات من أي محتوى ومنعها من تحقيق أي تقدم.
ويتخفى وراء رغبة وفد صالح في إفشال المفاوضات إحساس بوجود خطة حوثية لاستعمالهم ورقة في الترتيبات التي تسبق الحل ثم التخلي عنهم لاحقا، وتأخذ هذه المخاوف أبعادا أكبر في ظل رفض السعودية أن يلعب الرئيس السابق أي دور في المرحلة القادمة.
وتشير الأوساط الخليجية إلى أن دول التحالف العربي باتت مقتنعة أن الحوثيين وصالح، ومن ورائهم إيران، سيواصلون المطالبة بحكومة توافق وطني تتولى تنفيذ القرار 2216، وهو ما يعني التخطيط لربح وقت طويل في عملية الحوار ودون أي نتائج فعلية، ولذلك ربما تعود إلى العمليات العسكرية الواسعة وعلى أكثر من جبهة.
المشهد السياسي:

وعلى صعيد المشهد السياسي، قال رئيس الحكومة أحمد بن دغر، اليوم الأربعاء، إن اليمن تواجه خياراً تاريخياً بين استمرار الوحدة أو التشرذم.
وذكر بن دغر خلال مؤتمر صحافي في العاصمة السعودية الرياض، أن حكومته تعمل جاهدة على وقف التدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد، والذي تسببت بها ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
وأضاف "نهب المتمردون المليارات من احتياطي النقد الأجنبي، والبلاد تعيش وضع صعب"، وفقاً لموقع المصدر اليمني.
وفيما يتعلق بالمفاوضات، أكد بن دغر حرص حكومته على إنجاحها، لكنه أردف "لكن لا حل إلا بتسليم مؤسسات الدولة للحكومة الشرعية، وانسحاب الميليشيات من المدن".
وعن زيارته لحضرموت قال بن دغر: "حققت الزيارة الهدف، إذ وجدنا اهتماماً من قوات الجيش والتحالف لتثبيت الأمن والاستقرار في المحافظة".
الوضع الميداني:

وعلى صعيد الوضع الميداني، نفذت مقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية سلسلة غارات جوية اليوم الأربعاء استهدفت آليات وتجمعات لمليشيا الحوثي وصالح بمحافظة الجوف شمال اليمن .
وقالت مصادر ميدانية لـ " المشهد اليمني " أن غارات جوية نفذتها مقاتلات التحالف العربي استهدفت آليات عسكرية لمليشيا الحوثي وصالح بمنطقة العقبة شمال محافظة الجوف .
وأكدت المصادر أن الغارات جاءت رداً على هجومين منفصلين نفذتهما مليشيا الحوثي وصالح بمديريتي المصلوب والمتون بالجوف اليوم الأربعاء ما أسفر عن استشهاد عقيد بالجيش الوطني ومقتل 6 حوثيين بينهم قياديون .
فبما أكد العميد أحمد العسيري المتحدث باسم التحالف في تصريحات له منذ أيام بواشنطن أنه في حال فشلت المفاوضات فإن "صنعاء ستكون حرة قريبا".
وقال مراقبون إن ملف الحسم في اليمن قد حاز على توافق أمريكي مع السعودية خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى الرياض رغم الخلاف الواضح بخصوص أفق الحل في سوريا.
ولوح مسؤولون آخرون في التحالف باقتحام معاقل المتمردين الحوثيين في صعدة في حال فشلت جولة الكويت.
وأكد اللواء ناصر الطاهري، نائب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الوطني اليمني الموالي للرئيس عبدربه منصور هادي أن الحل في اليمن لا يتحقق إلا بإنهاء الانقلاب بالكامل ودخول معقل الحوثيين في صعدة.
وأشار الطاهري إلى أن الخيار العسكري واستخدام القوة في إخضاع الميليشيا وانتزاع السلاح منها هو الأجدى لحسم الوضع معها، كاشفا أن هذا الأمر تم طرحه لقيادات التحالف العربي ومناقشتهم في ذلك.
الوضع الإنساني:

وعلى صعيد الوضع الإنساني، قال نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة جيمس لينش إن "قوات الحوثيين أشرفت على حملة وحشية ومتعمدة تستهدف معارضيهم السياسيين ومنتقدين آخرين منذ ديسمبر 2014".
وتابع "المئات من الاشخاص اعتقلوا واحتجزوا دون اتهام أو محاكمة، وفي بعض الحالات أخفوا قسرياً في انتهاك صارخ للقانون الدولي". وأشار التقرير إلى ان بعض هذه الحالات استمرت 17 شهراً.
كما حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء من أن الوضع الإنساني في اليمن يتدهور في ظل الاهتمام الضعيف بالأزمة اليمنية من جانب المجتمع الدولي، حيث لم يتم تقديم سوى 16 % من قيمة المساعدات المطلوبة التي يحتاجها اليمن والتي تبلغ 8ر1 مليار دولار.
وقال مدير العمليات في مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جون غينغ "إنه في ظل وجود أكثر من 7.6 مليون شخص مصنفين على أنهم يعانون بشدة من انعدام الأمن الغذائي، فإن اليمن تكون على مقربة خطوة واحدة من الوصول إلى مستوى المجاعة، وإن اليمن بحاجة ماسة للمساعدة من المانحين الدوليين.
كما اتهمت منظمة العفو الدولية الأربعاء، المتمردين الحوثيين وحلفاءهم في اليمن، بتنفيذ حملة اعتقالات "وحشية" بحق المعارضين لهم في المناطق التي يسيطرون عليها، وإخضاع موقوفين لعمليات تعذيب وإخفاء قسري.
وأصدرت المنظمة تقريراً يستند إلى 60 حالة احتجاز قام بها الحوثيون وحلفاؤهم الموالون للرئيس السابق علي عبدالله صالح، بين ديسمبر 2014، ومارس 2016، في شمال البلاد وغربها، خصوصاً في محافظات صنعاء وإب وتعز والحديدة.
وقالت المنظمة إن الاعتقالات استهدفت "شخصيات سياسية معارضة، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وصحافيين، وأكاديميين وغيرهم"، وأن العديد من هؤلاء احتجزوا بشكل سري "فترات طويلة، وعانوا من التعذيب وأشكال أخرى من المعاملة السيئة، ومنعوا من التواصل مع محام أو عائلاتهم". وأضافت أن العديد من المعارضين "أوقفوا بشكل اعتباطي منتقدين لهم تحت تهديد السلاح، وأخضعوهم لإخفاء قسري".
المشهد اليمني:
استمرار التخبط في سير المفاوضات، واستمرار العمليات العسكرية، سيؤدي بالمحافظات الجنوبية إلى الاستمرار في بناء كيانها السياسي باتجاه الدولة المستقلة، وانفصال اليمن ربما لأكثر من دولتين.