النهضة تجدد مساعيها للفصل بين السياسي والديني.. وتساؤلات حول أسلمة الديمقراطية
الأحد 22/مايو/2016 - 11:11 م
طباعة

فى ضوء ختام مؤتمر حركة النهضة العاشر وإعلانها الفصل بين العمل الدعوي والسياسي"، أقرت حركة "النهضة" الإسلامية التأقلم مع التطورات الجارية في هذا البلد الذي لا يزال بمنأى عن النزاعات الدامية التي ضربت بقية دول الربيع العربي، وانحازت للفصل بين نشاطاتها الدينية والسياسية.
كان راشد الغنوشي الزعيم التاريخي صرح لصحيفة لوموند الفرنسية بأن حزبه يريد القيام بنشاط سياسي يكون "مستقلا تماما" عن النشاط الديني، وقال "نخرج من الإسلام السياسي لندخل في الديمقراطية المسلمة".
ويرى محللون أن هذا التغيير الذي استغرق الإعداد له سنوات عدة، اعتبره المسؤولون عن الحركة نتيجة لتجربتها في السلطة، ولعبور تونس من الديكتاتورية إلى الديمقراطية.

بعد أن كانت حركة النهضة عرضة لقمع شديد خلال حكم زين العابدين بن علي، خرجت منتصرة من أول انتخابات ديمقراطية جرت بعد ثورة عام 2011، لكنها وبعد أن أمضت سنتين في غاية الصعوبة في الحكم قررت التنحي وسط أزمة سياسية خانقة ضربت البلاد، ونهاية العام 2014 جرت الانتخابات التشريعية وحلت النهضة ثانية بعد حزب نداء تونس بقيادة الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي.
من ناحية أخرى قال الأمين العام لحركة "النّهضة" التونسية، رئيس مؤتمرها العاشر، علي العريض إن النظام التونسي أصبح يعبر عن المجتمع، ولم يعد هناك خشية من أن يستهدف الدين والهوية، مضيفًا " أنه ليس هناك خوف اليوم من إمكانية أن تستهدف الدولةُ الدّين والهوية، أو تدخل في صراع مع المجتمع".
تابع أنّ حركة النهضة ستتخصص وتتفرغ لما درجت عليه الأحزاب السياسيّة في البلدان الدّيمقراطية، وسيكون هناك فصل تنظيمي بين الجانب الدعوي والسياسي، موضحا أن الجزء الدعوي الذّي كانت الحركة مهتمة به، خاصة قبل ثورة عام 2011، وفي بداياتها من تربية، ووعظ، وإرشاد، وإصلاح دّيني سيتغير وفق الدّولة الدّيمقراطية، التي أصبحت تعبر عن المجتمع.
أشار "سيكون في المجتمع جمعيات حقوقية، ودعويّة، وسياسية، وإغاثية، وخيرية، بينما ستبقى مسائل أخرى كالفلاحة، والصناعة، والتجارة، والصحة، والتعليم، والسياسات الدينية والثقافية العامة، من اختصاص الأحزاب".

فى حين قال رفيق عبد السلام وزير الخارجية السابق "إن مصطلح الإسلام السياسي غامض وملتبس، ولا أحد يعطي تعريفًا دقيقًا له، فلم يعد هناك حاجة للإسلام السياسي الاحتجاجي في مواجهة الدولة، نحن الآن في مرحلة البناء والتأسيس، نحن حزب وطني يعتمد المرجعية الإسلامية ويتجه إلى تقديم إجابات أساسية على مشاغل واهتمامات التونسيين في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية".
يأتي ذلك فى الوقت الذى تنظر بقية الأحزاب السياسية في تونس مع وسائل الإعلام باهتمام شديد إلى هذا التحول، وتتساءل عن مداه الفعلي وتأثيره السياسي في البلاد.
وتساءلت صحيفة "لابرس" "هل تريد حركة النهضة دمقرطة الإسلام أو أسلمة الديمقراطية؟". في حين تساءلت صحيفة الشروق ما إذا كانت هذه الوعود "ستبقى كلمات في الهواء".
ويتلاءم هذا التغيير في مسار حركة النهضة مع اقتناعات غالبية الشعب التونسي، إذ أفاد استطلاع أخير للرأي أن 73% منهم يؤيدون "الفصل بين الدين والسياسة".
فى حين أجرت مؤسسة سيجما التونسية هذا الاستطلاع بالتعاون مع المرصد العربي للديانات والحريات ومؤسسة كونراد إديناور.

ويتواصل النقاش حول النظام الداخلي للحزب "لإعادة توزيع توازن السلطة بين قيادات النهضة اليوم"، بحسب ما قالت النائبة سيدة الونيسي، كما تم نقاش اقتراح يقضي بفرض حصة إلزامية للنساء داخل مجلس الشورى تكون بنسبة 10%. ويعتبر البعض هذه النسبة قليلة جدا.
كان مؤتمر الحركة بحضور آلاف الأشخاص وبينهم رئيس البلاد القائد السيسي، مع العلم بأن الأخير وحزبه نداء تونس كانا قد شنا حملة شعواء على الحركة الإسلامية التي كانا يصفانها بالظلامية ويتهمانها بالتعاطف مع الإسلام الجهادي عندما كانت في السلطة.
ويتعمد الغنوشي وقائد السبسي إظهار تقاربهما، ما يثير حساسية قسم من جمهوريهما، وقال رئيس البلاد في كلمته "نأمل بأن تتوصلوا خلال أعمالكم إلى التأكيد أن النهضة باتت حزبًا مدنيًا تونسيا شكلا ومضمونا".
من جانبه قال القيادي بحركة النهضة التونسية العجمي الوريمي، أن مجلس شورى الحركة صوت خلال مؤتمر الحركة العاشر المنعقد بمدينة الحمامات منذ الجمعة الماضية، لصالح اختيار أعضاء المكتب التنفيذي بالتعيين من قبل الرئيس، والتزكية من مجلس الشورى.
أضاف الوريمي"ذهبنا إلى المؤتمر بورقة واحدة، وكان بالإمكان تقديم ورقتين، واحدة تدافع عن الانتخاب وورقة تدافع عن التزكية، لكن مجلس الشورى اختار بالتصويت أن يكون اختيار المكتب التنفيذي من الرئيس، وعرض الأعضاء على التزكية من مجلس الشورى".
تابع الوريمي، "الرأي الآخر المخالف كان حاضرًا بقوة في المؤتمر، ودافعوا عن رأيهم وأخذوا ما يكفي من وقت لتوضيح موقفهم ثم تم التصويت".
من جانبه، أعلن أسامة الصغير المتحدث باسم المؤتمر العاشر لحركة النهضة أن المؤتمر صادق على كل اللوائح المقدمة للتصويت.
قال الصغير "تم الانتهاء من المصادقة على اللوائح، مضيفا بقوله " اللوائح تضم تقييم مسار الحركة منذ النشأة إلى اليوم، ولائحة الفكر، وإدارة مشروع النهضة، واللائحة السياسية، والاقتصادية، والسياسات الأمنية والهيكلية والتنظيمية.
ووفقًا للقانون الداخلي للحزب فإن المؤتمر العام هو أعلى سلطة في الحركة، وقد عقدت النهضة 9 مؤتمرات "منها 8 قبل 2011 في تونس وفي الخارج"، ومؤتمرها التاسع في 2012 علنًا.
وبدأت النواة الأولى للحركة تتشكل عام 1969 ليتم في 1972 تأسيسها "سرّا'' بقيادة مواطنين تونسيين، في مقدمتهم: "راشد الغنوشي" و"عبد الفتاح مورون، واتخذ المؤسسون من أطروحات قريبة من أفكار "جماعة الإخوان المسلمين" في مصر مرجعا للحركة.
وفي 6 يونيه 1981، ظهرت الحركة إلى العلن بشكل رسمي، حيث عقدت مؤتمرًا صحفيا في العاصمة تونس، واختارت لنفسها اسم "الاتجاه الإسلامي".