أنقرة تلوح بالتراجع عن التزاماتها مع أوروبا .. وحلم الـ"شنجن" يقترب

الإثنين 23/مايو/2016 - 08:41 م
طباعة أنقرة تلوح بالتراجع
 
لا يزال التوتر يخيم على العلاقات التركية الأوروبية فى ضوء أزمة اللاجئين، وفى الوقت الذى تلوح فيه أنقرة بين الحين والآخر بتعليق كافة اتفاقاتها مع الاتحاد الأوروبي فى حال عدم الالتزام بتبنى المطالب التركية، تتحفظ اوروبا على القانون التركي لمكافحة الإرهاب، وتصر بروكسل على تعديله بشكل يتناسب مع المعايير الأوروبية.
من جانبه حذر مستشار للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من أن أنقرة قد تعلق تطبيق كافة اتفاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بسبب "المعايير المزدوجة" التي تعتمدها بروكسل لدى التعامل مع تركيا.

أنقرة تلوح بالتراجع
ونقلت وسائل إعلام تركية عن يجيت بولوت المستشار الاقتصادي للرئيس التركي بقوله "إذا بقيت الأمور كما هي الآن، فمن غير المستبعد أن تراجع تركيا علاقاتها مع الاتحاد الاوروبي".، موضحا أنه من بين الاتفاقات التي قد تعلقها أنقرة، الاتفاق الخاص بالاتحاد الجمركي.
وكان تطبيق الاتفاق بين بروكسل وأنقرة لوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا، قد واجه عقبات بسبب خلافات نشبت بين الطرفين حول القانون التركي لمكافحة الإرهاب، الذي تصر بروكسل على تعديله بشكل يتناسب مع المعايير الأوروبية.
وتعد هذه الخلافات العقبة الرئيسية التي تعرقل إعفاء المواطنين الأتراك الراغبين في زيارة الاتحاد الأوروبي، من تأشيرات الدخول.
يذكر أن إلغاء التأشيرات بين تركيا والاتحاد الأوروبي هو جزء من الاتفاق الذي توصلت إليه أنقرة ودول الاتحاد بشأن إيواء اللاجئين، وعلى تركيا تنفيذ 72 شرطا طرحها الاتحاد الأوروبي.
أنقرة تلوح بالتراجع
وفي وقت سابق كشفت مصادر في المفوضية الأوروبية أن السلطات التركية لم تلب حتى الآن 5 من الشروط الـ72، بما في ذلك اتخاذ إجراءات لمحاربة الفساد الإداري، وبدء المفاوضات حول عقد اتفاق عملياتي مع الشرطة الأوروبية، والتوصل إلى اتفاق حول التعاون في مجال القضاء مع جميع الدول الأوروبية، وتعديل القواعد الداخلية التركية الخاصة بحماية البيانات بمراعاة معايير الاتحاد الأوروبي، ومراجعة القوانين الخاصة بمحاربة الإرهاب.
من جانبه انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الموقف الأوروبي بشدة، وأعلن أن أنقرة لا تنوي تعديل قوانينها لمحاربة الإرهاب، لكنه أعرب عن أمله في حل كافة المسائل المتعلقة بإعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي.
على الجانب الاخر كشفت صحيفة "بيلد" الألمانية عن مصادر في الحكومة الألمانية استبعادها إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي في العام الحالي. وأوضحت المصادر أن أنقرة لن تلبي الشروط المتبقية بحلول نهاية العام الجاري.
وذكرت وسائل إعلام، استنادا إلى مكتب إدارة الرئيس التركي أن رجب طيب أردوغان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتفقا على مواصلة المفاوضات حول نظام إلغاء التأشيرات بين أنقرة وبروكسل، وتمت الاشارة إلى أن اللقاء بين الطرفين جرى على هامش القمة العالمية الإنسانية الأولى المنعقدة حاليا في اسطنبول التركية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى اعتبر فيه محللون أن أردوغان وميركل توصلا إلى اتفاق حول إجراء المباحثات بين السلطات التركية وأجهزة الاتحاد الأوروبي لوضع تقييم مفصل لقضية مكافحة الإرهاب في إطار الانتقال إلى نظام إعفاء التأشيرات، آخذين الأولويات بالنسبة إلى تركيا بعين الاعتبار.

أنقرة تلوح بالتراجع
يذكر أن المفوضية الأوروبية اقترحت، في 7 مايو ، على البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد رفع القيود في نظام التأشيرات العامل بحق مواطني تركيا مقابل استجابة سلطات البلاد لخمسة شروط، وهي: اتخاذ إجراءات ضرورية لمنع الفساد؛ إجراء المحادثات مع الشرطة الأوروبية بشأن إبرام اتفاقية عملية؛ القيام بالتعاون مع جميع دول الاتحاد الأوروبي في مجال القضاء؛ جعل قواعد حماية المعلومات تتوافق مع المقاييس الأوروبية؛ ومراجعة القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب.
وكشفت تقارير اعلامية أن الاتحاد الأوروبي على وشك الموافقة الأربعاء المقبل على السماح لحاملي الجنسية التركية بدخول منطقة "الشنجن" من دون الحاجة إلى تأشيرة دخول، وذلك، إذعاناً لأحد مطالب الرئيس رجب طيب أردوغان للاستمرار في تنفيذ اتفاق "واحد مقابل واحد"، الذي من شأنه وضع حد لتدفق اللاجئين والمهاجرين عبر تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وذكر مصدر أوروبي  أن "المفوضية ستطرح خطة إضافة تركيا إلى قائمة الدول المعفية من التاشيرات"؛ مضيفاً أن "64 فقط من 72 معيارا تنطبق" على أنقرة. ولذلك، فإن الموافقة على الخطة لا تزال مشروطة بالموافقة على بقية المعايير، ومع ذلك، فإن موافقة المفوضية غير كافية؛ لأن تركيا بحاجة إلى مصادقة الدول الاعضاء في الاتحاد والبرلمان الأوروبيين. وهو أمر غير مضمون؛ نظرا لتحفظات العديد من الحكومات والمعارضات الأوروبية بشأن سجل الرئيس أردوغان في حقوق الإنسان.

أنقرة تلوح بالتراجع
غير أن مراقبين للشأنين التركي والأوروبي يعتقدون أن إعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول إلى فضاء "شنغن" مرتبط بشكل أساس باتفاق الهجرة، وليس بالسجل الحقوقي لتركيا. لذلك، فحتى لو لم ينفذ الرئيس أردوغان كل الشروط المفروضة عليه، فإنه لا يزال قادرا على الحصول على الموافقة الأوروبية عبر ابتزازهم بفتح حدود بلاده، وإغراق أوروبا مجدداً بمئات الألوف من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين.
ويشير النقاد إلى القرار الأخير، الذي اتخذته محكمة في اسطنبول ويقضي بالسجن 5 سنوات و10 أشهر على الصحافي التركي الشهير جان دوندار، الذي يعمل في صحيفة "جمهوريت" التركية، بتهمة إفشاء أسرار الدولة، كدليل على عدم جدية أرودغان في تنفيذ الشروط الأوروبية. وقد جاءت هذه الخطوة بعد فشل محاولة اغتيال دوندار إثر خروجه من مبنى المحكمة الأسبوع الماضي. وكان دوندار قد كتب أوائل عام 2014 مقالا تحقيقيا كشف فيه دور الاستخبارات التركية في نقل الأسلحة الى الإرهابيين في سوريا.
وينضم دوندار إلى قائمة طويلة من أبرز كتاب تركيا، الذين إما طردوا من عملهم أو زُج بهم في السجون؛ من بينهم حسن جمال ونوراي ميرت وقدري غورسيل وعشرات آخرون.
ذلك في حين تتراجع مرتبة تركيا مع كل عام في تقرير «مراسلون بلا حدود» حول الحريات الصحافية. وقد صدر قبل أيام تقرير العام 2016، الذي تراجعت فيه مرتبة تركيا درجتين من 149 إلى 151. ويزداد ثقل الرقم إذا عرفنا أن التقرير يشمل الأوضاع في 180 دولة.

شارك