هل تتحول "قوات سوريا الديمقراطية" إلى أداة الغرب لتحرير "الرقّة"؟

الثلاثاء 24/مايو/2016 - 02:54 م
طباعة هل تتحول قوات سوريا
 
أثارت قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية منذ تأسيسها العديد من التساءولات حول من يدعمها؟ ومواقع عملياتها الميدانية؟ وهل ستتلقى دعم من الغرب بعد علمه أنها على علاقة بالنظام السوري؟ كل هذه التساؤلات أثيرت حولها من تأسيسها وحتى الآن عقب إعلانها بدء عملية عسكرية في ريف الرقة معقل تنظيم الدولة داعش أن "مقاتليها بدءوا بالتحرك نحو مدينة الرقة، انطلاقاً من الريف الجنوبي لمدينة تل أبيض الحدودية، وريف بلدة عين عيسى الواقعة بالريف الشمالي الغربي للرقة لتحرريها من تنظيم داعش".
هل تتحول قوات سوريا
وقالت مصادر ميدانية: "إن العملية في مرحلتها الأولى من المفترض أنها تهدف إلى السيطرة على مثلث "تل أبيض، الفرقة 17، عين عيسى" بشمال وشمال غرب مدينة الرقة، ولا تهدف حتى الآن التوغل داخل مدينة الرقة، وتأتي هذه العملية بعد وعود تلقتها من قائد القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط جوزيف فوتيل خلال زيارته للمنطقة قبل أيام، ووعود تلقاها سياسيون في حزب الاتحاد الديمقراطي والإدارة الذاتية الديمقراطية خلال زيارة إلى العاصمة الأمريكية واشنطن قبل أيام. 
 ويأتي ذلك بالتوازي مع الاستعدادات الأمريكية التي تتواصل لبدء معركة السيطرة على الرقة، بعد الأخبار التي تواردت عن قيام ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية بحشد قواتها في بلدتي عين عيسى وعين العرب، والزيارات المتواصلة للقادة العسكريين الأمريكيين إلى الشمال السوري، وإن هناك خطة جديدة وضعها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، تعتمد بشكل أساسي على ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية.. إن المعركة "ستنطلق قريبًا جدًّا بهدف الوصول إلى معقل التنظيم في الرقة، وأوضحت مصادر أن الخطة جاءت بديلاً عن خطة سابقة كانت موضوعة للدخول إلى الرقة بعد طرد "داعش" من ريف حلب الشرقي، وتجفيف مصادر إمداداته عبر السيطرة على الخط الممتد من جرابلس الحدودية مع تركيا، وصولاً إلى منبج والباب، لإقفال سبعين كيلومترا ومحاصرة التنظيم".
هل تتحول قوات سوريا
 إن الهجوم البري على الرقة، قد ينطلق من محاور عدة، منها محور تل أبيض وسد تشرين، في وقت تشهد فيه عين العرب عمليات تحشيد عسكري؛ حيث تم استقدام مئات المقاتلين الأكراد من مناطق الإدارة الذاتية في ريف الحسكة. وكانت تقارير سابقة أشارت إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية"، أكبر تشكيل عسكري متحالف مع الأمريكيين، إضافة إلى "جيش الثوار" وبعض الفصائل الأخرى، حصلت خلال الأشهر الأخيرة على كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية.
وقال ناشطون: "إن مطار رميلان العسكري شهد تحركات مستمرة من القوات الأمريكية؛ حيث شوهدت طائرات مروحية تهبط في المطار الواقع بالقرب من بلدة رميلان". ونقل عن مصادر متقاطعة وصول عناصر متدربين من القوات الأمريكية إلى سوريا، مرجحة احتمال بدء عملية عسكرية واسعة بغطاء من قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في أقصى ريف الحسكة الجنوبي وبشمال الرقة.
وكان نحو 250 عسكرياً أمريكياً قد وصلوا إلى مدينة عين العرب، عبر دفعات بدأت في 25 نيسان الماضي، في حين يوجد بضعة مئات من العسكريين الأمريكيين في مدينة القامشلي للغاية عينها؛ حيث تم إنشاء قاعدة عسكرية في مطار المدينة، بحسب ناشطين، وكانت "قوات سوريا الديمقراطية" قد سيطرت السبت الماضي على قرية الهيشة، التي تبعد 40 كيلومتراً شمال الرقة، إثر انسحاب مقاتلي التنظيم منها جراء القصف المكثف لطيران التحالف.
هل تتحول قوات سوريا
 وتعد قوات سوريا الديمقراطية هي ضالة واشنطن التي لم تجد خلال السنوات الماضية قوات برية على الأرض تسند إليها مهمة القتال ضد تنظيم الدولة دون أن تكون قريبة أو موالية للحكومة السورية، فقد طال بحث واشنطن عن قوات حليفة خارج إطار التطرف الإسلامي الذي يطغى على المشهد الميداني في صفوف الفصائل المقاتلة في سوريا، حتى القوات المنتقاة التي دربتها واشنطن.
 ويضم التشكيل العسكري الجديد الذي أطلق عليه اسم "قوات سوريا الديمقراطية" التحالف العربي السوري وجيش الثوار وغرفة عمليات بركان الفرات وقوات الصناديد وتجمع ألوية الجزيرة، والمجلس العسكري السرياني المسيحي ووحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة وجوهر التشكيل يضم مجموعات عربية وكردية مسيحية رمزية ومسلمة، وبالتالي سيكون هذا الخليط نموذجيًّا للولايات المتحدة التي لا ترغب في دعم كردي صرف أو سني قد يثير الأقليات، أو مسلم قد يأخذ طابعًا دينيًّا، إنما تجمع عسكري علماني يخدم أهداف الولايات المتحدة، ويحقق لها حضورًا ميدانيًّا يوازي الحضور على الأرض للجيش السوري الذي تعتمد عليه موسكو.
وتقول معلومات عسكرية من المناطق الحدودية الشمالية السورية: إن واشنطن أرسلت دعمًا عسكريًّا سريًّا إلى هذه القوات، في حين لا تعلن واشطن حقيقة علاقتها بهذا التشكيل العسكري، إلا أن واقع الميدان يشي بتنسيق بدأ بشكل عال المستوى بين سلاح الجو الأمريكي فوق سوريا وبين قوات سوريا الديمقراطية. قد يكون عدم الإعلان الأمريكي وراءه عدم إثارة تركيا التي تتحسس من أية قوات عسكرية كردية في الشمال السوري؛ حيث تشكل وحدات حماية الشعب الكردية ركنًا أساسًا في هذا التشكيل العسكري.
إلا أن الناطق الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية وعضو قيادتها العامة وقائد جيش الثوار في الجزيرة السورية شمال شرقي البلاد، العقيد طلال علي سلو أعلن عن ذلك التعاون رسميًّا وأن قواتهم تسعى لقتال تنظيم الدولة الإسلامية بدعم وإسناد من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وأن المعارك ضد تنظيم "داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية) تتم بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأن قواتهم تعطي إحداثيات الأهداف لطيران التحالف لاستهدافها جوا وما من خيار بعد الانتهاء من حملة ريف الحسكة، فإما أن نتوجه إلى الرقة أو نتوجه إلى ريف حلب الشمالي، ومع تحريرنا لأي منطقة من تنظيم "داعش" سنقوم بتشكيل إدارات مدنية وعسكرية في تلك المناطق، لافتاً أن أولوية القوات هي محاربة التنظيم لأن كل الجبهات على تماس مباشر معه.
الإعلان الرسمي الواضح لقوات سوريا الديمقراطية عن تنسيقها العسكري مع الولايات المتحدة في سوريا يعني أن هناك تكتيكًا عسكريًّا أمريكيًّا عاجلًا في الميدان السوري، ينسف المشروع الأمريكي السابق بالاعتماد على قوات تقوم بتدريبها إلى قوات موجودة على الأرض ومستعدة لأن تكون الذراع الأمريكي السريع في مقابل المعادلة التي فرضتها روسيا، هي في الجو والجيش السوري وحلفاؤه على الأرض. وهدف العمليتين الروسية والأمريكية القضاء على تنظيم الدولة دون تصادم على ما يبدو حتى الآن، ولكن ماذا بعد ذلك؟
هل تتحول قوات سوريا
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية جزء رئيسي بها سوف تظل تثير العديد من التساولات حول من يدعمها ومواقع عملياتها الميدانية، وهل ستتلقى دعمًا من الغرب، بعد علمه أنها على علاقة بالنظام السوري، وإن كان هذا الأمر أصبح شبه محسوم بعد عملية عسكرية واسعة في ريف الرقة ضد معقل تنظيم الدولة داعش، مما يؤكد على أنها أصبحت بالفعل هي أداة الغرب لتحرير "الرقّة" معقل داعش، ولكن يبقى السؤال: ما مصير هذه الأداة بعد انتهاء الصراع السوري الدامي؟ 

شارك