هبة الله أخوندزاده زعيم طالبان.. من السقوط إلى الحكم
وُلد هبة الله أخوند زاده في 19 أكتوبر 1967 في منطقة باجواي،
في ولاية قندهار بأفغانستان، قلب منطقة البشتون في جنوب أفغانستان ومهد طالبان، وبالتحديد
هو من قبيلة نورزاي، وهو نجل عالم دين.
هبة الله هو ثالث زعيم لحركة طالبان،
بعد مقتل الملا أختر منصور، الزعيم الثاني للحركة، في غارة أميركية بطائرة بدون طيار
في باكستان 2016، والذي تبوأ منصبه بعد وفاة الملا عمر مؤسس الحركة (توفي 2013).
نشأته وحياته
تبنى الأفكار الجهادية
في فترة مبكرة من حياته في المدارس الدينية التابعة للجماعات الإسلامية في أفغانستان
وشارك في المعارك ضد الغزو السوفيتي عام 1980، من خلال مشاركته في الأنشطة العسكرية
للخطوط الأمامية، وقاد مجموعات من طلاب العلم الديني المسلحين ضد القوات السوفيتية
والجماعات المحلية الموالية للاحتلال في منطقته، وكانت تلك المجموعات ضمن النواة الأساسية
في تكوين حركة “طالبان”.
شارك أخوند زاده في المعارك ضد الحكومة الأفغانية الموالية لروسيا، بزعامة محمد
نور ترقي، التي وصلت إلى الحكم في أبريل 1978، إلا أنه فرَّ من أفغانستان إلى باكستان،
حيث استقر في مخيم جنغل بير أليزاي للاجئين، في مقاطعة بلوشستان الحدودية.
وبحسب السيرة الذاتية لزعيم طالبان، التي نُشرت على الموقع الرسمي لحركة طالبان،
عبر موقع «صوت الجهاد» التابع لحركة طالبان في ديسمبر 2016، فإنه أمضى أواخر الثمانينيات،
في محاربة القوات الروسية وتعليم «المجاهدين» أثناء القتال ضد السوفيت في أفغانستان،
حتى عيَّنه زعيم طالبان السابق الملا محمد عمر عام 1996 رئيسًا لمحكمة عسكرية في كابل…
“ليتمكَّن من استعادة القانون والنظام في البلاد، عبر تطبيق الحدود الشرعية…”.
في سلطة طالبان
وانضم إلى حركة طالبان وأصبح زعيماً
دينياً للحركة وقاضي القضاة ورئيس مجلس العلماء الديني بها وهو المسئول عن معظم فتاوى
طالبان، وتحديداً المؤيدة للهجمات على أمريكا، ثم شغل منصب رئيس المحكمة الإسلامية
ومنصب وزير العدل في كابل تحت حكم مؤسس طالبان وزعيمها الروحي الراحل الملا عمر، حتى
عام 2001.
وعرف عنه أنه المسؤول عن أغلب فتاوى
طالبان، وحله للمشاكل الدينية بين أعضاء الحركة، عكس أسلافه الذين تلقوا تعليمهم في
باكستان.
و “زاده” شخصية تحظى باحترام داخل الحركة، مضيفاً أن سلطته تنبع بشكل أساسي
من سمعته بوصفه مدرّساً دينياً وعالم دين.
عاش معظم حياته داخل أفغانستان؛ ولذلك فهو غير معروف إلى حد كبير خارج الحركة،
إذ لا يوجد أدلة على سفره، ويحتفظ بعلاقات وثيقة مع ما يسمى "مجلس شورى كويتا"،
ومقره مدينة كويتا الباكستانية بالإضافة إلى أن كونه من منطقة بانجواي ومن قبيلة نورزاي
في قندهار أحد أهم معاقل طالبان تمنحه نفوذا على القادة الجنوبيين ويحتمل أن يساعده
ذلك في توحيد الفصائل الساخطة داخل الحركة.
و “مجلس شورى كويتا” -وهو مكتب سياسي يضمّ حوالي (20) رجل دين وقادة ميدانيين.
وفي 2012 نجا أخوند زاده من محاولة اغتيال ، وبعدها اختفى عن الأنظار، حتى تولى
قيادة الحركة، بعد (3) أيام من مقتل سلفه، واتهمت الحركة أجهزة الاستخبارات الأفغانية
بتنفيذها.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الملا إبراهيم، وهو من طلاب أخوند زاده، قوله:
“خلال إحدى محاضراته في كويتا… وقف رجل بين الطلاب وصوّب مسدساً على مولوي هبة الله
من مسافة قريبة، ولكن المسدس لم يعمل. كان يحاول إطلاق النار عليه، لكنه فشل، وهرع
(أعضاء) طالبان للتصدي للرجل”.
قائد طالبان
ولشعبيته الكبسة بين انصار طالبان، تم اختياره نائباً للملا أختر منصور بعد
تعيينه رئيساً للحركة بعد وفاة الملا عمر وعقب إعلان حركة طالبان الأفغانية مقتل قائدها
الملا أختر منصور، في غارة لطائرة أمريكية دون طيار تم إعلان تعيين الملا هبة الله
أخوندزاده، زعيماً لها يوم الأربعاء 25-5-2016م خلال اجتماع سري جنوب غرب باكستان وتم
اختيار مساعدين أكثر شهرة منه، هما سراج الدين حقاني، والملا يعقوب، ابن مؤسس الحركة
الملا عمر.
وقالت الاستخبارات الباكستانية ومصادر بطالبان: إن المجلس اختار اخوندزاده من
بين 6 أسماء على الأقل كانت مرشحة لهذا المنصب وتم اختياره بشكل سريع بعد سلسلة من
الاجتماعات في محاولة لمنع مزيد من الانشقاقات في صفوف الحركة وكان الاختيار بالإجماع
في مجلس الشورى (المجلس الأعلى) للحركة ، وتعهد جميع أعضاء مجلس الشورى الولاء له.
وشدد “مجلس شورى كويتا” ، لدى إعلانهم اختيار أخوند زاده زعيماً لها، على أن
الولاء له هو “واجب ديني”. كما بايعه على الفور أيمن الظواهري زعيم تنظيم “القاعدة”.
و عمل اخوندزاد على توحيد طالبان من جديد بعد تزعمه الحركة،
فتمكن من تحقيق وحدة الجماعة التي مزقتها صراعات عنيفة على السلطة بعد وفاة الملا منصور،
ووفق بين المتخاصمين من أبناء الحركة، حتى بينه وبين مناوئيه في خضم ذلك الصراع .
من المفاوضات للحكم
يوصف بـالـ"المتشددة"؛ نظرًا لمعارضته الشديدة لأي تفاوض مع الولايات
المتحدة ورفضه لمحادثات السلام بين الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة الأمريكية
وتشابه مع الملا محمد عمر في سياساته المتشددة التي لا تقبل المساومة ومسئوليته عن
إصدار الفتاوى الدينية، التي تبرر العمليات العسكرية والإرهابية ضد الحكومة الأفغانية
والباكستانية والولايات المتحدة الأمريكية.
اعلن زعيم حركة طالبان، هبة الله أخوند زاده، الأحد، 18 يوليو 2020، تأييده
“بشدة لتسوية سياسية” للنزاع في أفغانستان “على الرغم من التقدم والانتصارات العسكرية”
التي سجلتها الحركة.
وقال أخوند زاده في رسالة نشرها قبل عطلة عيد الأضحى بأسبوع: “على الرغم من
المكاسب والتقدم العسكري، تفضل الإمارة الإسلامية بشدة تسوية سياسية في البلاد”، مؤكداً
أن “طالبان”، “ستستغل كل فرصة تسنح لإرساء نظام إسلامي وسلام وأمن”. وأضاف، “بدلاً
من الاعتماد على الأجانب، دعونا نحل مشاكلنا في ما بيننا وننقذ وطننا من الأزمة”.
وأضاف: “نحن من جهتنا مصممون على التوصل
إلى حل من خلال المفاوضات، لكن الطرف الآخر يواصل إهدار الوقت”.
وقال أخوند زاده: “نريد علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية جيدة ووثيقة… مع
جميع دول العالم بما فيها الولايات المتحدة”.
وأضاف، “نؤكد لدول الجوار والمنطقة والعالم أن أفغانستان لن تسمح لأي كان بتهديد
أمن أي دولة أخرى انطلاقاً من أراضيها”.
وشدد زعيم “طالبان” على محو الأمية، مؤكداً أن “الإمارة الإسلامية ستحرص خصوصاً،
وستبذل جهوداً من أجل خلق بيئة مناسبة لتعليم الفتيات في إطار الشريعة الإسلامية العظيمة”،
فيما كانت الفتيات تحت حكمهم ممنوعات من الذهاب إلى المدرسة، والنساء ممنوعات من العمل.
وأكد أخوند زاده “التزامه حيال حرية التعبير ضمن حدود الشريعة والمصالح الوطنية”، معرباً
عن رغبته في العمل مع منظمات غير حكومية دولية في مجال الصحة. وكرر أيضاً وعده بضمان
سلامة الدبلوماسيين والسفارات والقنصليات والمنظمات الإنسانية والمستثمرين الأجانب.
وفي 28 يوليو 2020، أصدر هبة الله بيانًا
بمناسبة عيد الأضحى، قال فيه: إن الجماعة على وشك “إقامة حكومة إسلامية نقية”.
وتمكنت الحركة في 15 أغسطس 2021، من فرض السيطرة الكاملة على العاصمة كابل بعد
سيطرة “طالبان” وعودتها لتتربع على الحكم من جديد بعد نحو (20) عامًا .