مواجهات الحسم بين "القاعدة " في المغرب العربي والدولة الجزائرية

الأربعاء 25/مايو/2016 - 02:46 م
طباعة مواجهات الحسم بين
 
 تشهد منطقة المغرب العربي مواجهات حاسمة بين تنظيم القاعدة في المغرب العربي والجيش الجزائري؛ وذلك بعد تصاعد المخاطر الإرهابية وهو الأمر الذي يحاول الجيش الجزائري تلافي مخاطره من خلال تعقّب التنظيمات الجهادية واجتثاثها، والقضاء على عناصرها المقاتلة ومن آخر هذه المواجهات- وليس بآخرها- ما تلقته كتيبة "الغرباء" المنضوية تحت لواء تنظيم القاعدة من ضربة قاصمة كانت حصيلتها غير نهائية 12 عنصرا من مقاتليها، خلال عملية التمشيط والمحاصرة المستمرة في بلدة عين الترك بمحافظة البويرة التي تقع على بعد 120 كلم شرقي العاصمة الجزائر وكان من ضمن الحصيلة أحد المقربين من الرجل الأول في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبدالمالك درودكال، وهي جزء من عملية يتم تنفيذها بمحافظة البويرة، بإشراف شخصي من قائد الناحية العسكرية الأولى بالجزائر الجنرال سماحة زين الدين، وسخرت لها إمكانيات عسكرية ولوجيستية ضخمة
مواجهات الحسم بين
وكانت تقارير لوزارة الدفاع الجزائرية نشرت خلال الأسابيع الأخيرة، قد تطرقت إلى تخطيط سرايا جهادية من جنسيات مختلفة، تنطلق من ليبيا ومنطقة الساحل الصحراوي، لضرب أهداف استراتيجية في الجزائر، وحصولها على ذخيرة متطورة من الأسلحة، بإمكانها ضرب طائرات واختراق الدبابات، إلى جانب تكنولوجيات متطورة في مجال الاتصالات الأمر الذي يؤكد جدية المخاطر الأمنية المحدقة بالجزائر؛ بسبب هشاشة وانهيار الحكومات الرسمية في كل من مالي وليبيا.
 وجاءت العملية في أعقاب عملية مماثلة نفذت خلال الأسبوع منتصف شهر مايو 2016م ، أسفرت عن مقتل سبعة مسلحين في نفس المحافظة، وهو ما يشكل ضربات قاصمة للتنظيمات الإسلامية المسلحة، في إطار استراتجية تحييد العاصمة والمدن الكبرى عن أي عمل إرهابي استعراضي، يستهدف استقطاب الأضواء الإعلامية وترويع الشارع الجزائري، عشية شهر رمضان ويرى مختصون أمنيون أن تنظيم القاعدة، رغم محاولات التوسع نحو الجنوب وصحراء الساحل، إلا أن قيادته بقيت متمسكة بقواعدها الخلفية في منطقة القبائل (تيزي وزو، البويرة وبجاية)، وأن الخلافات غير المعلنة بين أمير التنظيم عبدالمالك درودكال وقائد فصيل "المرابطون" مختار بلمختار "بلعور"، حول عدد من المسائل الاستراتيجية للتنظيم، قد قلصت من تمدده.
مواجهات الحسم بين
وكان آخر حادث أمني في المنطقة في شهر أكتوبر 2014، عندما قام فصيل أعلن حينها ولاءه لتنظيم داعش، باختطاف الرعية الفرنسية هيرفي غوردال، الذي كان آنذاك برفقة بعض هواة رياضة تسلق الجبال من جنسية جزائرية، وقام بتصفيته ذبحًا بعد ذلك بأيام، إلا أن تصميم الجيش الجزائري على القضاء على الخلية الداعشية في مهدها، مكنه من إسقاط عناصرها تباعا وآخرهم أميرها عبدالمالك قوري بمحافظة بومرداس، وجاء ذلك بعد الوضع الأمني المتدهور على الحدود الجنوبية والشرقية، بعد هيمنة التنظيمات الجهادية على المنطقة، بعد انهيار الدولة في باماكو المالية سنة 2011 وسقوط نظام معمر القذافي في ليبيا، وهو ما صدر قلق حقيقي للقيادات السياسية والعسكرية في الجزائر، بالنظر إلى الكلفة البشرية واللوجيستية التي تتطلبها عملية تأمين الحدود البرية مع دول الجنوب والشرق، إلى جانب الاستعداد لسيناريوهات اشتعال مخاطر الفوضى الأمنية في المنطقة، في حال تنفيذ أي تدخل عسكري غربي في ليبيا لضرب داعش مما دفع قيادة أركان الجيش الجزائري إلى تسخير حوالي 60 ألف عسكري، لتأمين الحدود الجنوبية والشرقية، وقام بدعم الوحدات بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والطيران، من أجل صد المخاطر المحدقة في المنطقة، خاصة أمام عجز حكومات دول الجوار عن دحر التنظيمات الجهادية الناشطة في ليبيا والساحل الصحراوي.
وتعد الحدود البرية للجزائر المقدرة بأكثر من ستة آلاف كلم مع دول الجوار، من أكبر العوائق الأمنية لضمان الأمن الداخلي، ولا سيما بعد سقوط مدن ومناطق جغرافية بكاملها في ليبيا والساحل، في قبضة تنظيم داعش وبدرجة أقل القاعدة، وهو ما دفع الحكومة الجزائرية إلى تسخير إمكانيات ضخمة لقطاعي الجيش والامن ولكن توسع "القاعدة" في الجزائر يتزامن مع النشاطات الجهادية في المنطقة، وسعيا لتنسيق نشاطات الحركات المتشددة.
مواجهات الحسم بين
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن منطقة المغرب العربي حاليًا تشهد مواجهات حاسمة بين تنظيم القاعدة في والجيش الجزائري؛ وذلك بعد تصاعد مخاطر الإرهابية هناك، وأن الجيش الجزائري يحاول تلافي مخاطر التنظيم من خلال تعقّب التنظيمات الجهادية واجتثاثها، والقضاء على عناصرها المقاتلة، ولكن هل ستنجح هذه المساعي في الحسم بين "القاعدة " والدولة الجزائرية أم سيظل الخطر قائما رغم جهود الدولة الجزائرية في مواجهة القاعدة؟ هذا ما ستجيب عليه الشهور القادم. 

شارك