دلالات زيارة شيخ الأزهر للفاتيكان
الأربعاء 25/مايو/2016 - 03:49 م
طباعة

تعد زيارة شيخ الأزهر للفاتيكان حجر الأساس الأول في التقارب بين الأديان وإيجاد وسائل حوار جديدة بين الديانتين المسيحية والإسلامية، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هي محاولة من شيخ الأزهر لرأب الصدع في العلاقة بين الإسلام والآخر بشكل عام، بعدما ساءت تلك العلاقة بسبب ممارسات هؤلاء المتطرفين والداعين إلى العنف، فعلى هامش زيارته إلى الفاتيكان والتي وصفت بالتاريخية، يسعى شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب إلى "تلطيف جراح أزمة ريجيني" بين القاهرة وروما، وإلى عودة العلاقات بشكل أكبر وأوسع مع أكبر مؤسسة دينية مسيحية في العالم في خطوة تعكس تسامح الأزهر بحسب محللين.

والتقى الطيب البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، أول من أمس الاثنين 23 مايو 2016، بناء على دعوة رسمية تلقاها، بعد قطيعة في العلاقات بينهما استمرت قرابة 10 سنوات على خلفية تصريحات بابا الفاتيكان السابق "بينديكيت" والتي ربطت بين العنف والإسلام.
وكان شيخ الأزهر قد وصل صباح أول من أمس الاثنين العاصمة الإيطالية روما على متن طائرة خاصة، يرافقه الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، والدكتور محمود حمدي زقزوق رئيس مركز الحوار بالأزهر، والدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والمستشار محمد عبد السلام مستشار شيخ الأزهر. وكان في استقباله والوفد المرافق له في المطار عدد من القيادات الدينية في الفاتيكان.
واتفق الطرفان في ختام لقائهم الذي استغرق نصف ساعة وتم خلاله التطرق إلى "السلام في العالم ونبذ العنف والإرهاب ووضع المسيحيين في إطار النزاعات والتوترات في الشرق الأوسط"- على عقد مؤتمر عالمي للسلام واستئناف الحوار بين الجانبين.
وقال البابا فرنسيس للصحفيين بعد اللقاء: "إن الرسالة من هذا الاجتماع الذي شهد معانقة بينهما، هي "لقاؤنا" بحد ذاته". وأشاد المسئولان الدينيان "بالدلالات المهمة لهذا اللقاء الجديد في إطار الحوار بين الكنيسة الكاثوليكية والإسلام".
أما الأزهر الشريف فقد أصدر بيانًا في ختام اللقاء أشاد خلاله بالترحيب الذي وصفه بالعالمي الواسع وقال الإمام الأكبر: "إننا نحتاج إلى مواقف مشتركة يدًا بيد من أجل إسعاد البشرية؛ لأن الأديان السماوية لم تنزل إلا لإسعاد الناس لا لإشقائهم". مؤكدًا أن الأزهر يعمل بكافة هيئاته على نشر وسطية الإسلام، ويبذل جهودا حثيثة من خلال علمائه المنتشرين في كل العالم من أجل إشاعة السلام وترسيخ السلام والحوار ومواجهة الفكر المتطرف، ولدينا مع مجلس حكماء المسلمين قوافل سلام تجوب العالم".

الدكتورة سعاد صالح أستاذ العقيدة والفلسفة والأديان بجامعة الأزهر
الدكتورة سعاد صالح أستاذ العقيدة والفلسفة والأديان بجامعة الأزهر، قالت: "إن زيارة الإمام الأكبر لبابا الفاتيكان ستعود بالخير على عموم المسلمين والمسيحيين"، مشيرة إلى أن الإيمان بجميع الأنبياء والرسل جزء من عقيدة المسلم.
مصادر مطلعة بالأزهر الشريف، قالت: "إن الإمام الأكبر بحث مع البابا فرنسيس تعديل اتفاقية الحوار المبرمة بين الطرفين عام 1989، لتلائم المستجدات الحالية، والخروج عنها برسالة قوية لمواجهة التطرف والعنف الذي يشهده العالم كله".
وأضافت المصادر، أن الإمام الأكبر سيوجه الدعوة لبابا الفاتيكان لزيارة مصر قريبا والأزهر الشريف، في تأكيد تام على عودة العلاقات بين الطرفين مرة أخرى- بحسب وصفه.

الدكتور عبدالفتاح العواري عميد كلية أصول الدين
بينما الدكتور عبدالفتاح العواري عميد كلية أصول الدين، قال: "إن الأزهر لا يعادي أحدًا، ولا توجد عداوة بينه وبين الديانات الأخرى، ودائمًا ما يفتح بابه للجميع". مضيفًا أن جولات شيخ الأزهر الخارجية تؤكد على أن العالم كله في حاجة إلى أن يتكاتف، لمواجهة العنف والإرهاب والتطرف، الذي أصبح يؤرق الجميع.
وأوضح عميد كلية أصول الدين، أن الخلاف بين الأزهر والفاتيكان كان بسبب تصريحات البابا "بينديكيت" بابا الفاتيكان السابق، ولم تكن أبدا مع المؤسسة الدينية.
وكانت العلاقات بين المؤسستين الدينيتين الأكبر في العالم قد وصلت إلى أسوأ حالاتها عام 2011، بعد مطالبة بابا الفاتيكان السابق بنديكيت المجتمع الدولي بالتدخل لـ"حماية أقباط مصر الذين يتعرضون للاضطهاد"ـ - على حد زعمه - عقب حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية الذي وقع ليلة الاحتفال بأعياد الميلاد عام 2011، وكانت تلك التصريحات بمثابة القشة التي قضت على العلاقات تماما مع الأزهر الشريف، بل ووصل الأمر إلى أن أعلن الإمام الأكبر قطع العلاقات تماما مع الفاتيكان.
واستمرت العلاقات بين الأزهر والفاتيكان، لا تشهد أي تطورات في الفترة من 2011 وحتى 2014، ولم يسعَ أيا منهما إلى عودة الحوار مع الآخر، إلا في عام 2015، إذ قدم الفاتيكان طلبا إلى الأزهر يطلب من خلاله إرسال ممثلا له للحصول على دبلومة في العلوم المسيحية، وهو ما استجابت له المشيخة.
الدكتورة سعاد صالح قالت: إن "علاقة الأزهر بالفاتيكان قديمة، وقطعها جاء نتيجة التصريحات غير المسئولة من البابا السابق بينديكيت، ورحبت المشيخة بعودتها مرة أخرى، فور تلقيها دعوة رسمية للزيارة".

الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر الشريف
وفي سياق موازٍ، توقع الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر الشريف، أن تكون زيارة الطيب إلى الفاتيكان "ستلطف" جراح أزمة جوليو ريجيني، التي أثيرت عقب مقتل الطالب الإيطالي بمصر.
وقال مهنا في مقابلة تلفزيونية على قناة "العاصمة": "إن زيارة قامة كبيرة مثل شيخ الأزهر إلى روما والفاتيكان بالتأكيد ستكون تلطيف لجراح الأزمة بين مصر وإيطاليا". وأشار إلى أن الحكومة المصرية تسعى إلى حل هذه الأزمة.
واختفى الطالب الإيطالي جوليو ريجيني (28 عاما)، وهو في طريقه لمقابلة أحد أصدقائه يوم 25 يناير الماضي، وعُثر على جثته مشوهة وعليها آثار تعذيب في منطقة صحراوية قرب طريق القاهرة الإسكندرية في الثالث من فبراير.
وقالت وزارة الداخلية إنها عثرت متعلقات رجيني بحوزة شقيقة أحد أفراد "عصابة تخصصت في خطف وقتل الأجانب" قتلوا في تبادل لإطلاق النار بالقاهرة الجديدة، إلا أن روما رفضت هذه الرواية وطالبت القاهرة بالتحقيق الجدي في القضية.
وقبل أيام زار "وفد دبلوماسية شعبية" يضم عددًا من أعضاء البرلمان وشخصيات عامة، العاصمة الإيطالية روما في محاولة لإعادة العلاقات بين القاهرة وروما إلى مسارها الصحيح، وإزالة الشوائب - بحسب البيان الصادر عن تيار الاستقلال والذي دعا إلى هذه الزيارة.

الدكتور محيي عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية
فيما قال الدكتور محيي عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: "إن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، التقى بالأمس مجموعة من الكرادلة عقب اللقاء التاريخي بالبابا فرنسيس بابا الفاتيكان في العاصمة الإيطالية روما".
وأضاف عفيفي والمتواجد حاليًا مع شيخ الأزهر في العاصمة الفرنسية باريس عقب ختام زيارة روما في تصريح لمصراوي، أن "شيخ الأزهر لم يلتقِ أيا من أقارب الطالب الإيطالي جوليو ريجينى"، مشيرا إلى "تلك اللقاءات ليست مدرجة ضمن برنامج زيارة الإمام الأكبر للفاتيكان".