شيخ الأزهر ومحاربة التطرف من باريس واشتعال الفتنة في مصر

الخميس 26/مايو/2016 - 03:23 م
طباعة شيخ الأزهر ومحاربة
 
لا أحد يستطيع بحال من الأحوال إنكار دور شيخ الأزهر ورحلاته المكوكية إلى الدول الخارجية وتوجيه خطاب إسلامي سمح إلى هذه البلدان، في محاولة منه لتغيير تلك الصورة الذهنية التي اتخذها الغرب خصوصا عن الإسلام والمسلمين في الآونة الأخيرة. من أنه دين عنصري ويدعو إلى التطرف والإرهاب، وأن جل المشكلات العالمية الآن والخاصة بالإرهاب والتطرف وأحداث العنف يقوم بها منتسبون للإسلام السني الذي يمثله الأزهر. 
وفي وقت الزيارة وما يقوم به شيخ الأزهر تحدث حادثة أبو قرقاص وتشعل نار الفتنة الطائفية من جديد، إذ تؤكد تلك الحادثة على أننا لا نملك سوى الكلام والأطروحات والمؤتمرات والزيارات الخارجية، دون اتخاذ موقف حقيقي من التطرف ومحاولة السيطرة على الإرهاب، فإن ما حدث في أبو قرقاص يؤكد على أن الإرهاب ليس قاطنًا في جبل الحلال أو تنظيم الدولة، بل هو قاطن في قرى ونجوع المحروسة. 
رئيس الجمعية الوطنية
رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية كلود بارتولون
وفي إطار زيارة شيخ الأزهر إلى فرنسا أكد رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية كلود بارتولون أهمية لقائه بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب؛ نظرا للحاجة لتبادل الحوار والنقاش بشأن مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأثنى بارتولون- في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط عقب اللقاء اليوم الخميس 26 مايو 2016- على الزيارة التي قام بها فضيلة الإمام الأكبر لمسرح الباتكلان، الذي شهد هجمات إرهابية في نوفمبر الماضي للتعبير عن تضامنه مع ضحايا الاعتداء ومع الشعب الفرنسي. وقال: لقد تلقينا ببالغ التأثر اللفتة التي قام بها شيخ الأزهر بزيارة مسرح الباتكلان للتنديد بالقتلة والإعراب عن تعاطفه مع أسر الضحايا. وأضاف بارتولون أنه تبادل مع فضيلة الإمام الدور الذي يجب أن يضطلع به ممثلو الإسلام في فرنسا لتمكين الفرنسيين المسلمين من ممارسة شعائرهم في ظل قيم الجمهورية الفرنسية، مشيرا إلى أهمية تكثيف الجهود لمواجهة محاولات بعض القتلة في ربط الأعمال التي يقومون بها بالإسلام، وهو برىء منها فضلا عن نشر رسائل كراهية وإثارة الوقيعة بين مختلف فئات المواطنين. واختتم رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية، قائلا: علينا التعاون سويا لمحاربة تلك الأفعال وهذا السلوك. وتعليقا على زيارة شيخ الأزهر لفرنسا داخليًّا أكد مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يقود حملة عالمية من خلال زياراته التاريخية لدول العالم شرقًا وغربًا من أجل خدمة الإسلام والمسلمين في إطار جهود مدروسة ومنظمة لا تقصر غايتها على ما دنت قطافه وسهلت ثماره، من خلال رؤية واضحة ورسالة جليلة يضطلع بها الأزهر وشيخه.
شيخ الأزهر ومحاربة
وأضاف المرصد في تقرير جديد أن زيارة الإمام الأكبر للفاتيكان ولقاءه مع البابا فرنسيس- رأس الكنيسة الكاثوليكية - تمثل زيارة تاريخية تبعث برسالة سلام للعالم أجمع، مشددًا على أن هذه الزيارة تأتي في إطار سلسلة من الزيارات المنظمة بعناية فائقة، شملت ربوع العالم من إندونيسيا شرقًا، إلى نيجيريا في إفريقيا، وألمانيا وفرنسا في أوروبا، بالإضافة إلى زيارات فضيلته لعدد من الدول العربية الشقيقة.
وأوضح أن تاريخية الزيارة تأتي من أنها أول زيارة لشيخ الأزهر للفاتيكان عبر التاريخ، كما أنها أول لقاء بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان منذ 16 عامًا حين التقى شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي- رحمه الله- وبابا الفاتيكان الأسبق يوحنا بولس الثاني عام 2000 حين زار البابا القاهرة.
كما تأتي الزيارة في ظل احتدام الأعمال الإرهابية التي وقعت في أوروبا على يد من ينتسبون للإسلام زورًا، وكذلك في ظل حروب عديدة في المنطقة العربية في العراق وسوريا وليبيا، وتدفق غير مسبوق للاجئين من هذه المناطق لأوروبا مع تزايد حدة ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا.
وأضاف المرصد أن لقاء فضيلة الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان- وهما الرمزان الدينيان لما يقارب نصف سكان الأرض- وتأكيدهما المشترك على معاني السلام والتسامح والمحبة، ومواجهة الإرهاب والتطرف وكل ما يهدد البشرية من أخطار، هو رسالة سلام للعالم بأسره.
وأوضح المرصد أن سلسلة الزيارات التاريخية لشيخ الأزهر قد أسهمت بالفعل في توضيح سماحة الدين الإسلامي وتخفيف حدة الإسلاموفوبيا في بؤر التوتر حول العالم.
أشاد المرصد بصفة خاصة بزيارة الإمام الأكبر إلى نيجيريا في قلب إفريقيا وخطابه التاريخي فيها، والذي تُرجم لعدة لغات، وزيارته مخيم اللاجئين بالعاصمة النيجيرية أبوجا، مؤكًدا على تضامن الأزهر الشريف مع النازحين جراء الأعمال الإرهابية التي تقوم بها بعض الجماعات المتطرفة البعيدة كل البعد عن الإسلام. وقال فضيلته لمئات اللاجئين الذين اصطفوا لاستقباله: "نحن معكم ولن نترككم، متضامنون مع قضيتكم، وسنقدم الدعم والمساعدات لكم حتى تستطيعوا العيش في سلام وأمان"، كما أعلن الإمام الأكبر، عن إرسال الأزهر الشريف لقافلة مساعدات طبية وغذائية عاجلة خلال أسبوعين على الأكثر لتخفيف معاناة هؤلاء اللاجئين، وخصص 10 منح دراسية مجانية لأبناء هذا المخيم للدراسة في الأزهر الشريف تكون مناصفة بين البنين والبنات، مؤكدًا أن الدعم لا يكون طبيًّا وغذائيًّا فقط ولكن معنويًّا وفكريًّا أيضًا.
وفي القارة الأوروبية سبقت زيارة الفاتيكان زيارته لألمانيا وإلقائه كلمة أمام برلمانها وإجابته الواضحة الشجاعة على أسئلة أعضائه، وتلاها مباشرة زيارته لفرنسا ولقائه الرئيس الفرنسي ومشاركته في المؤتمر الإسلامي- الكاثوليكي عن العلاقات بين الشرق والغرب.
وأضاف المرصد أن زيارات شيخ الأزهر الخارجية غايتها خدمة الإسلام والمسلمين، ومصالح مصر من خلال تعزيز القوة الناعمة لمصر، فزيارة الإمام الأكبر إلى ألمانيا وفرنسا كانت لازمة في ظل زمن الفتن وتزايد الالتحاق بالجماعات الإرهابية، وهو ما يقتضي وجود مرجعية دينية إسلامية كشيخ الأزهر بما يمثله من قلعة الاعتدال والوسطية في العالم أجمع.
الإمام الأكبر الدكتور
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب
وتابع المرصد أن كلمة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في المؤتمر الإسلامي- الكاثوليكي عن العلاقات بين الشرق والغرب في فرنسا أكدت على ضرورة تعاون السياسيين في مواجهة ظاهرة الإرهاب.
واختتم مرصد الإسلاموفوبيا تقريره بالتأكد على أن هذه الزيارات ستخفف من حدة الخطابات المعادية للوجود الإسلامي في العالم، وسوف تنعكس إيجابيًّا على المسلمين في الدول شرقًا وغربًا، وستؤكد كذلك على محورية الدور المصري على الصعيد العالمي دينيًّا من خلال الأزهر الشريف؛ الذي يمثل القلب الصلب لقوة مصر الناعمة وستصب كذلك في خدمة مصالح الوطن وأبنائه في ظل ظروف صعبة تستلزم تضافر الجهود من كافة مؤسسات الدولة.

شارك