بعد اشتراط خضوعه للمجلس الرئاسي الليبي.. هل يوافق "حفتر" على البقاء؟
السبت 04/يونيو/2016 - 02:47 م
طباعة

في الفترة الأخيرة، حصل القائد العام للجيش الليبي علي دعم غير مسبوق، وبالأخص بعد النجاحات الذي حققها في مواجهة التنظيم الإرهابي "داعش"، ما أدي إلي تغير في الموقف الدولي تجاه مصير حفتر في المشهد السياسي المقبل، الأمر الذي كان له تأثيره على موقف حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج.

وفي ظل التحدي الذي يواجهه حفتر، في محاربة الإرهاب والتصدي لتنظيم داعش الإرهابي المتوغل في جميع أنحاء ليبيا، وعلى رأسهم مدينتا سرت وبنغازي، استطاع أن يثبت للعالم كفاءته بتحرير شبه كامل لمدينة بنغازي، وبالأخص عقب رفض المجتمع الدولي بتسليح الجيش الليبي، في حين وافق على تسليح حكومة السراج.
ودعمت عددًا من الدول العربية والخليجية وعلى رأسهم مصر، الجيش الليبي بقيادة حفتر؛ حيث طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت سابق، برفع الحظر عن السلاح المفروض على ليبيا، ودعم "الجيش الوطني الذي يقوده حفتر، وذلك خلال لقائه، في القاهرة، رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج".
وأكد السيسي خلال لقائه حفتر في القاهرة الأسبوع الماضي، مواصلة مصر دعمها للمجلس الرئاسي، والمؤسسات الليبية، ومن بينها الجيش الوطني الذي يقوده حفتر، مشيرًا إلى "أهمية الحفاظ على تلك المؤسسات، بما يمكّنها من بسط سيطرتها على كامل الأراضي، واستعادة الأمن في البلاد، ومكافحة الإرهاب".
وخلال اللقاء، جدد السيسي مطالبته بضرورة رفع الحظر المفروض على توريد السلاح للجيش الليبي، لـ"يتمكن من أداء مهامه الأمنية على الوجه الأكمل"، معبرًا عن "إيمان مصر بحتمية الحل السياسي للأزمة"، وفق البيان.
وذكر البيان المصري أن "اللقاء تناول آخر التطورات على الساحة الليبية، والجهود المبذولة من أجل استكمال التوافق الليبي، وقد تم التأكيد على أهمية العمل على تحقيق التوافق، عبر قيام مجلس النواب باعتماد الحكومة في أقرب وقت، وذلك حتى يتسنى للشعب البدء في إعادة بناء بلاده وإعمارها، إلى جانب التركيز على محاربة الإرهاب، بما في ذلك تنظيم داعش".
وكانت الخلافات بين حكومتي الوفاق والأخري المعترف بها دوليا بقياد عبدالله الثني، حول المادة الثامنة من الاتفاق السياسي والتي تنص على انتقال كل المناصب السيادية لسلطة المجلس الرئاسي الذي سيتولى في ما بعد إعادة توزيع هذه المناصب بما فيها منصب القائد العام للجيش الليبي الذي يتولاه حاليا الفريق أول ركن خليفة حفتر.
وكانت ترددت تصريحات عديدة حول أن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق يسعي جاهدًا لاستبعاد حفتر من المشهد بضغط من بعض الأطراف الداخلية في المجلس نفسه أو من بعض الدول الرافضة له، فإن تصريحات رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، الجمعة، جاءت لتنذر بوجود تغير في موقفهم.

وكان السراج قد صرح، أن الليبيين هم الذين سيقضون على تنظيم داعش في بلدهم، لكن ليبيا تستفيد بالفعل من التعاون الدولي في مجال تبادل معلومات المخابرات.
وأكد السراج أنه لن يتم استبعاد أي شخص من الجيش الوطني بما في ذلك القائد العسكري خليفة حفتر المتمركز في شرق ليبيا، لكنه اشترط في المقابل ضرورة الخضوع للسلطة السياسية المركزية في إشارة إلى المجلس الرئاسي.
وفي أعقاب تصريحات السراج، تغير موقف المجلس الرئاسي المنبثق عن اتفاقية الصخيرات المغربية، من القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر الذي أعلنوا عليه حربا كلامية منذ دخولهم العاصمة طرابلس أواخر مارس الماضي، كان أبرزها اتهامه بالسعي للسيطرة على المنشآت النفطية وتصوير جيشه على أنه مجموعة من "الأزلام" أي أنصار النظام السابق الأمر الذي أثار حفيظة المؤسسة العسكرية وسكان المنطقة الشرقية الذين اعتبروا ذلك استنقاصا من قيمة الجيش الذي يحارب الإرهاب منفردا منذ أكثر من سنتين في مناطق مختلفة من البلاد لعل أبرزها مدينة بنغازي.
واعتبر مراقبون، في هذا الوقت، أن هذه الحرب الكلامية تعكس توجها للمجلس الرئاسي الذي بات يتكون من أطراف أغلبها ضد المؤسسة العسكرية خاصة مع انسحاب علي القطراني وعمر الأسود، في استبعاد حفتر من المشهد.
أحمد معيتيق النائب الأول لرئيس المجلس الرئاسي، سبق أن أعلن رفضه الضمني للفريق خليفة حفتر حيث قال إنه على المجلس الرئاسي اتخاذ قرارات مصيرية وحاسمة، في إشارة إلى استبعاد حفتر من المشهد السياسي.
وفي هذا الصدد، قال صالح افحيمة عضو مجلس النواب عن لجنة 6+6 (المتكونة من نواب مؤيدين ورافضين للاتفاق السياسي) إن تغير موقف المجلس الرئاسي يعود لاصطدامه بالواقع الذي كان مغايرا تماما لما رسمته له بعض الدول وسوقته له البعثة الأممية.
ويري مراقبون أن تغير موقف المجلس الرئاسي بتغير الموقف الدولي الذي بات يؤيد بقاء حفتر على رأس المؤسسة العسكرية.
ويري محللون أنه اقترب توصل الفرقاء الليبيين لحل ينهي حالة الانقسام العاصفة بالبلاد بناء على تغير الموقف الإيطالي المدعوم أمريكيا والذي بات يؤيد بقاء حفتر في المشهد المقبل .
وكانت تغيرت نظرة الغرب تجاه واقع الجيش الليبي الذي يقوده حفتر، وبالأخص بعد السيطرة شبه الكاملة على بنغازي، واستعداداته الكبيرة لخوض المعركة التي قد تكون فاصلة في حربه على الإرهاب، وهي معركة سرت الكُبرى، حسب ما يطلق عليها الجيش الليبي.

وفي تقرير لصحيفة "فورميشي" الإيطالية، للكاتب والباحث الاستراتيجيو الجيوسياسي الإيطالي "كارلو جين"، قال: إن فرنسا تقف بقوة بجانب الفريق حفتر، ومجلس النواب المعترف به دوليًّا، والحكومة المؤقتة التابعة له في البيضاء، شرق ليبيا. مضيفًا أن الفريق حفتر والحكومة المؤقتة يتمتعان بدعم قوي من مصر، ودول الخليج العربي، باستثناء قطر، مؤكداً أن واشنطن تعتبر داعمة أيضًا؛ لأنه يعنيها أن يتم تدمير "داعش" بليبيا.
ويرى خبراء أن قوة الفريق حفتر والجيش الذي يقوده تنامت بشكل كبير بعد تلقيه الأموال والأسلحة، وتحقيقه لنجاحات عسكرية ضد الإرهاب في "برقة"، وتزامن كل ذلك مع قرب خوضه لمعركة حاسمة ضد "داعش" في سرت، وحسب التقرير فإن دعماً غربياً أكبر سيصل في حال تحقيق انتصارات في هذه المعركة الكُبرى.
وشهدت ليبيا جدلا سياسيا حادا عقب دخول المجلس الرئاسي للعاصمة طرابلس وإعلان المجتمع الدولي اعترافه بحكومة الوفاق قبل أن تحظى بثقة البرلمان ما ولد مخاوف من إمكانية تواصل حالة الانقسام والتشظي حيث أصبح لليبيا ثلاث حكومات تتصارع على الحكم.
وتشير المعطيات إلي أنه في ظل تغير موقف المجلس الرئاسي الموالي لحكومة الوفاق الليبية من الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر والاعتراف به وإعلان بقاءه، سيكون هناك انفراجة قادمة وبالأخص بعد الاعتراف بالجيش الليبي وقد تدفع مجلس النواب في طبرق بمنح الثقة لحكومة السراج، وقد تكون أيضا بداية للنزاعات القوية بين الطرفين وبالاخص عقب اشتراط المجلس الرئاسي بأن يتبع له الجيش الليبي.