مخططات "حزب الله" وإيران لنشر "التشيع" في تونس
الأحد 05/يونيو/2016 - 03:11 م
طباعة

دائمًا ما يحاول حزب الله اللبناني وإيران توسيع مناطق نفوذهما خارج الدولة اللبنانية والإيرانية، فبداية من سوريا ولبنان والعراق وحتى الأردن يحاولان الآن الوصول إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال محاولة التغلل في الشمال الإفريقي، ومن هذه المحاولات ما كشفت عنه صحيفة "الوئام" السعودية عن مخطط إيراني بدعم من ميليشيا "حزب الله اللبناني" للتمدد في تونس، ويقود هذا المخطط مازن الشريف رئيس ومؤسس مركز الشريف للتكوين والدراسات.

وأضافت الصحيفة بأن منشقًّا عن "حزب الله" أكد بأن مازن شريف التونسي لديه مؤسسات في تونس وجمعيات تعمل تحت غطاء الصوفية مدعومة من إيران لنشر التشيع و"التطبيل" لإيران وتلميع حزب الله، كما يتم استضافته دائماً بالإعلام الإيراني وقنوات المرجعيات "للتطبيل" للشيعة والتهجم على الإسلام، وأن هناك ضرورة؛ لكي تعرف المخابرات التونسية ماذا يفعل الأمين العام للصوفي مازن الشريف في الضاحية مع قيادات "حزب الله" وسرايا الحزب حسب تعبيره.
من جهته رد مازن الشريف بأن ما تم تداوله من صور سرية أخذت من صفحته الرسمية على موقع الفايسبوك ومن موقع الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، وأنه دعي من طرف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة ماهر حمود؛ من أجل الحديث عن الثورة التونسية، وعن مواجهة تونس للإرهاب، والتي اعتبرها من قبيل المقاومة وأنه حضر لبنان بصفته أمينًا عامًّا للاتحاد العالمي، وتحدث عن التصوف "المقاوم"، أنه تشرف بلقاء قيادات من ميليشيا "حزب الله البناني" للحديث حول موقف الاتحاد العام التونسي للشغل وبعض الأحزاب الرافض لتصنيف حزب الله كحزب إرهابي.

ولعل ما دعم موقف الشريف موقف النظام التونسي نفسه من "حزب الله" فتونس التي احتضنت الدورة 33 لمجلس وزراء الداخلية العرب والبيان الصادر عن المجلس الذى تضمن تصنيفَ حزب الله تنظيمًا إرهابيًا، اعتبرت أنه "ليس قرارًا ذو صبغة إلزامية"، وأن حزب الله لعب دورًا مهمًّا لصالح لبنان والقضية الفلسطينية، وأن موافقتها على بيان مجلس وزراء الداخلية العرب الذي انعقد في العاصمة التونسية يوم 2 مارس 2016 تندرج في إطار الموقف الجماعي الذي اعتمده المجلس في نهاية أشغاله، لافتة إلى أنها لا تزال وفية لأحد ثوابت سياستها الخارجية بـ"عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى".
وتابعت الخارجية التونسية وقتها أن موافقة تونس على بيان المجلس "لا تحجب الدور الهام الذي لعبه حزب الله في تحرير جزء من الأراضي اللبنانية المحتلة ومواقفه الداعمة لنصرة القضية الفلسطينية"، مستدركة بأن حزب الله عليه "تجنب كل ما من شأنه أن يهدّد استقرار دول المنطقة وأمنها الداخلي" وقال وزير الخارجية التونسية، خميس الجهيناوي، "أن بلاده لم تصنّف حزب الله تنظيما إرهابيًا، بل أدانت فقط ما يقوم به من أعمال إرهابية في بعض الدول، وأن كل الدول العربية، باستثناء لبنان والعراق، وافقت على البيان، بمن فيها الجزائر، وأن علاقة تونس مع لبنان وإيران تبقى علاقة متطورة شأنها شأن علاقتها بالدول الخليجية.
وبالرغم من ذلك لا يستطيع النظام التونسي تجاهل هذه الأسباب التي تساعد على نشر التشيع وما يترتب عليها من نفوذ لحزب الله في تونس، والتي تتمثل فيما يلي:

1- استغلال إيران وحزب الله سحق زين العابدين بن علي للحركة الإسلامية وتصفية التدين في تونس لتحسن علاقاتها معه لتخترق الساحة السنية في البلاد، فوثقت علاقاتها بالنظام التونسي على كل المستويات من تعاون سياسي وثقافي خاصة، ففسح المجال أمام الدعوة الشيعية، ورخص لهم ولأول مرة في تاريخ تونس الحديث بتأسيس أول جمعية شيعية في شهر أكتوبر 2003 وهي "جمعية أهل البيت الثقافية"، وقد طرحت على نفسها "المساهمة في إحياء مدرسة آل البيت ونشر ثقافتهم"، كما أذن الدكتاتور ابن علي بتوزيع الكتاب الشيعي هذا، فضلًا عن الاتصال المفتوح والمكثف بين رموز التشيع وإيران، كما وافق الدكتاتور على التحاق طلبة تونسيين بجامعات ومراكز شيعية في إيران. فالحاصل أن التشيع وجد في تونس في عهد المخلوع مجالًا للنشاط دون أية مضايقة أو اعتراض بل وجد تشجيعًا ودفعًا له.
2- ما قامت وتقوم به البعثات الثّقافيّة الإيرانيّة من خلال سفارتها في تونس من اختراقات لوحدة البناء السّنّي وإرساء فتنة التّفريق بين المُكوّن المذهبي، وذلك عبر نشر لمطبوعات تُشكّك وتنال من عقائد السّنّة وتُؤسّس لعقائدها الفاسدة. مثل الطّعن في الصّحابة
3- الدور الكبير الذي لعبه جماعة "الإسلاميون التقدميون"، ومن أبرزهم إحميدة النيفر وصلاح الدين الجورشي في نشر كتب مرتضى مطهري وعلي شريعتي وباقر الصدر في مجلتهم 15/21 ومكتبتهم المُسماة "الجديد".

4- مزايدة الغنوشي على "الإسلاميين التقدميين" الذين بدءوا منذ سنة 1978 يمثلون مشكلة ربما يكونون المزاحم الخطير والمنافس الأبرز الذين سيختطفون الساحة الإسلامية والشباب الهائج الذي تماهى مع "الثورة" الإيرانية وشعاراتها البراقة، فراح الغنوشي يُزايد عليهم في مواقفه خطاباته وكتاباته.
5- الأثر الكبير الذي تمتع به "حزب الله"؛ بسبب ما يُروج ما قام به من عمل "بطولي" ضد المحتل اليهودي.
6- تأثير القنوات الشيعية في التونسيين ومن أبرزها قناة "المنار" الفضائية "حزب الله" اللبناني.
فيما تسأل الكاتب ثائر الزعزوع قائلًا: "ماذا تفعل إيران في تونس؟". وأجاب قائلًا: "عرفت تونس التشيع منذ مئات السنين حتى قبل الدولة الفاطمية وانتشار التشيع الفاطمي من مدينة المهدية التونسية، وقد كان البربر وهم السكان الأصليون لهذه الأرض والمغرب العربي مناصرين لأهل البيت غير أنه لا يمكن اعتبارهم شيعة، وإذا استثنينا هذه الفترة فإن المذهب الجعفري انتشر حديثاً في تونس، ويمكن القول بأن تاريخ دخوله كان في الخمسينيات من القرن الماضي أو سبعيناته واليوم يتواجد الشيعة الإمامية في أغلب المدن والولايات، ومن أهمها ولاية قفصة وولاية قابس وولاية سوسة وولاية المهدية، وكذلك تونس العاصمة.
وتابع: "تتجلى

نشاطاتهم بإحياء المراسم الدينية والمذهبية مع تبادل الكتب والأشرطة الصوتيّة وبعض النشاطات الأخرى، ويوجد من الشيعة التونسيين من يدرس الدراسة المذهبية في إيران وسوريا ولا يوجد إحصاء تقريبي لعدد الشيعة في تونس اليوم، لكن بعض الإحصائيات تقول: اتهم يصلون إلى عدة آلاف، فيما يذهب الدكتور محمد التيجاني السماوي صاحب كتاب "ثم اهتديت" الذي يروي فيه قصة تحوله إلى التشيع، وهو أحد رموز التشيع في تونس للقول: إن عددهم يتجاوز الآلاف، ويقول إنهم منتشرون في أغلب محافظات البلاد، ويمارسون شعائرهم وطقوسهم بحرية دون أن يتعرضوا إلى أي نوع من المضايقات، وفي ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة في تونس، وخاصة بعد سلسلة من العمليات الإرهابية التي استهدفت مواقع سياحية وأخرى عسكرية، واضطرار السلطات التونسية إلى فرض حالة الطوارئ، وتواصل القوات الأمنية ملاحقة العشرات من الإرهابيين المحسوبين على التيارات الجهادية المتشددة في العديد من المناطق، يضاف إلى ذلك أن تونس أصلاً تتخوف من الجوار الليبي المسكوت عنه والذي آلت الأمور في مناطق منه لسيطرة تنظيم داعش ما يعني أن ثمة مشروعاً مستقبلياً يمهد لهذه المنطقة من الجغرافيا العربية، وسيشكل الوجود الإيراني استكمالاً للوحة.
واختتم حديثه بقوله:

كل هذه الاحتمالات واردة، خاصة أن إيران بدأت تواجه صعوبة في محيطها الذي كانت قادرة على التمدد فيه كيفما تشاء، فقد عطلت الثورة السورية وتداعياتها المشروع الناعم الذي كان قد سيطر فعلياً على أجزاء من سوريا، ويبدو أن حزب الله اللبناني لن يلبث أن يجد نفسه وحيداً في الساحة الداخلية، عاجلاً أم آجلاً، حال سقوط حليفه في دمشق، وسيكون مضطراً على أن يرضى بدور يناسب حجمه، وبهذا فإن لبنان مرشح أيضاً للخروج من تحت العباءة الإيرانية، وقد تعثر مشروعها اليمني بشكل كبير وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بفعل الضربات القوية التي تعرضت لها ميليشيات الحوثي التابعة لإيران جراء عمليات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

مما سبق نستطيع التأكيد على أنه دائمًا ما يحاول "حزب الله" اللبناني وإيران توسيع مناطق نفوذهما خارج الدولة اللبنانية والإيرانية، ويحاولان الآن الوصول إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال محاولة التغلغل في الشمال الإفريقي، وهذا الأمر لا تواجهه الحكومة التونسية بحزم مما سيؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.