لماذا تريد إيران تحويل "الحشد الشعبي" إلى "الحرس الثوري" في العراق؟
الثلاثاء 07/يونيو/2016 - 01:35 م
طباعة

جدّدت إيران استعدادها لتحويل «الحشد الشعبي» إلى «حرس ثوري». جديد في العراق، وسط انقسام بين جماعات «الحشد الشعبي» والحكومة حول أساليب قتال «داعش».
حرس ثوري

في طهران، قال قائد «الحرس الثوري» السابق محسن رفيق دوست: إن إيران علی استعداد كامل لمساعدة العراق إذا فكر في تأسيس «حرس ثوري». وأوضح أن بلاده تملك «تجارب جيدة» في هذا الشأن، وتستطيع مساعدة بغداد.
ورأی أن نموذج الحرس الثوري «يمكن أن يكون جيداً للاقتداء به، خصوصاً أنه «خاض معارك مهمة علی المستوی الداخلي والخارجي ويستطيع أن يخدم دول المنطقة بخبراته».
وأسهمت إيران في تشكيل «الحشد الشعبي» بعد سيطرة «داعش» علی المحافظات الغربية العراقية، وأرسلت عشرات من المستشارين إلى العراق. ونشرت صور لقائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» قاسم سليماني عند مدخل الفلوجة، فيما أظهرت صور أخری العميد محمد باكبور، وهو قائد القوة البرية في الحرس مع سليماني وهما يتفقّدان المناطق القريبة من المدينة.
ولاء إيراني

جاءت «وحدات الحشد الشعبي»، بقيادة السياسيين الأقوياء ذوي الخلفيات العسكرية والمقربين من إيران مثل أمين عام «منظمة بدر» هادي العامري وأبو مهدي المهندس، الذي يقود قوة تضم 20 ألف جندي إضافي. وكونه إرهابياً مدرجاً على لائحة الولايات المتحدة للإرهاب فإنه يحاول تأمين الموارد اللازمة لتحويل "لجنة" رئيس الوزراء لـ «وحدات الحشد الشعبي» إلى وزارة دائمة، على نحو مشابه لقوات «الباسيج» أو «الحرس الثوري الإسلامي» في إيران.
ورغم أن تشكيل الحشد الشعبي جاء عبر فتوى من المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، إلا أن أغلب قادة وفصائل الحشد الشعبي من الموالين لمرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي، وبوجه عام تشرف لجنة الحشد الشعبي على عشرات الفصائل وتنسق بينها. وتتحدث اللجنة أيضاً عن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي كعامل رئيسي في قرارها بالقتال وما تصفه بالدفاع عن العراق. وقال هادي العامري زعيم منظمة بدر لـ «رويترز»: إن نسبة كبيرة من أعضاء المنظمة تعتقد «أن السيد خامنئي متوافرة فيه شروط القيادة الإسلامية. ولذلك هو قائد ليس للإيرانيين وإنما قائد للأمة الإسلامية. إنني أعتقد وأفتخر بهذا الاعتقاد». وأصرّ على أنه ليس هناك تضارب بين دوره كزعيم سياسي عراقي وقائد عسكري وولائه الديني لخامنئي، قائلاً: إن خامنئي يضع «مصلحة العراق» كأولوية على أي شيء آخر.
الحشد الشعبي

أُعلن في يونيو 2014 عن تأسيس «وحدات الحشد الشعبي» كقوات قتالية فعّالة في العراق. وقد برزت هذه «الوحدات» الشيعية في أعقاب فتوى أطلقها آية الله علي السيستاني في يونيو 2014 دعت إلى الجهاد الدفاعي ضد ما يسمّى بـ تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» «داعش».
رئيس الوزراء، حيدر العبادي، جدد حديثه عن شرعية «الحشد الشعبي» خلال الاحتفال بالذكرى السنوية لاستشهاد السيد محمد باقر الحكيم ببغداد؛ حيث أكد أن «السلاح محصور بيد الدولة وأن الحشد الشعبي له غطاء قانوني وارتبط كهيئة بالدولة وبالقائد العام بقرار من مجلس الوزراء ووضع في موازنة عام 2015»، مشدداً على أنه «لا يقبل مساواة الحشد الشعبي بالميليشيات، والتخويف من الحشد فيه ظلم كبير، وأن الحشد يشمل جميع مكونات الشعب العراقي».
بدأ تشكيل «الحشد الشعبي» من 42 فصيلاً مسلحاً مسجلاً لدى مستشارية الأمن الوطني، وهو يضم 118 ألف مقاتل، فيما تبلغ قوة الجيش العراقي 250 ألف جندي. ولكن بعد إعلان الحكومة العراقية عن تخصيص مرتبات مالية لهم بواقع 950 ألف دينار (نحو 800 دولار) لكل متطوع، ارتفع العدد إلى نحو 120 ألف مقاتل يتوزعون على 53 ميليشيا.
وتنقسم الفصائل المسلحة عموماً إلى قسمين: الأول يضم الفصائل المسلحة المعروفة كـ «منظمة بدر» و«كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق»، والقسم الثاني الفصائل الصغيرة التي أُنشئ معظمها بعد فتوى السيستاني. أما الحركات الأبرز من بين تلك المنضوية في إطار «الحشد»، فهي «حركة النجباء» بقيادة الشيخ أكرم الكعبي، و«كتائب سيد الشهداء» بقيادة أبو آلاء، و«كتائب جند الإمام» بقيادة أبو جعفر الأسدي، و«كتائب الإمام علي» بقيادة الحاج شبل، و«حركة طلائع الخراساني» بقيادة علي الياسري، و«سرايا عاشوراء» التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بقيادة عمار الحكيم، كما تنتمي لـ «الحشد» فصائل أصغر حجماً مثل «سرايا الجهاد» و«البناء» و«تشكيل الحسين الثائر» و«قوات الشهيد الصدر» و«كتائب التيار الرسالي» و«فرقة العباس القتالية» و«لواء علي الأكبر» التابعين للعتبتين العباسية والحسينية.
الهدف الإيراني

الحضور الإيراني في تشكيل الحشد الشعبي، يتخوف من أن تتطور الفصائل الشيعية العراقية إلى قوة دائمة تشبه الحرس الثوري الإيراني، وهو ما أدى إلى تكهن "فريد اسارساد" المسئول الكبير بإقليم كردستان العراق، أن تتطور الفصائل الشيعية العراقية إلى قوة دائمة تشبه الحرس الثوري الإيراني، ويعتقد أنها ستعمل في يوم ما في شكل ترادفي مع الجيش النظامي العراقي. وقال إنه سيصبح هناك جيشان في العراق. وقد يكون لذلك آثار كبيرة بالنسبة إلى مستقبل البلاد.
هناك خاوف في مرجعية النجف بقيادة آية الله السيد علي السيستاني، والحكومة العراقية من أن يشكل الحشد الشعبي الذي تهيمن عليه فصائل موالية وتابعة لإيران جيشًا رديفًا يُقاد إيرانياً، ويهمش الجيش العراقي، مما قد يؤدي إلى أن يصبح الحشد الشعبي أداة إيران لحكم العراق.
كما يشكل الحشد الشعبي ورقة كبير لإيران في الساحة العراقية في تنفيذ مخططاتها حيث تعلب فصائل الحشد دورًا كبيرا في عملية التغيير الديموغرافي الذي تسعى اليه إيران في العراق، بما يؤمن لها السيطرة على ثروات البلد العربي الذي يعاني من حرب أهلية منذ سقوط نظام صدام حسين.
إيران لا تأمن للجيش العراقي الوطني؛ لذلك تسعى إلى تشكيل نموذج للحرس الثوري الإيراني، والذي يؤمن بولاية الفقيه ويكون مواليًا وتابعًا للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، وليس تابعًا لدولة الوطنية العراقية، وبذلك تؤمن سيطرتها على العراق في حال وجود أي مخطط لانقلاب على الوضع الحالي في البلاد من قبل أي قوى سواء شيعية أو داخل الجيش العراقي.