مشروع اتفاق وشيك بتدخل دولي لحل الأزمة اليمنية

الأربعاء 08/يونيو/2016 - 04:18 م
طباعة مشروع اتفاق وشيك
 
تزال المفاوضات اليمنية الجارية في الكويت مستمرة، وقد بحث الوفد الحكومي اليمني، أمس الثلاثاء، مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الترتيبات العسكرية والأمنية، وتأمين العاصمة صنعاء خلال انسحاب الميليشيات منها، إضافة إلى الانسحاب من المدن والإطار الزمني للانسحابات والمرحلة الأولى من عودة الحكومة، فيما يواصل الحوثيينخرقهم للهدنة، مع إشادة سعودية برفع اسم التحالف من القائمة السوداء للأمم المتحدة.

المسار التفاوضي

المسار التفاوضي
وعلى صعيد المسار التفاوضي، كشف مصدر حكومي مشارك في محادثات السلام اليمنية في الكويت عن تقدم كبير في مناقشة الترتيبات العسكرية والأمنية، وتأمين العاصمة مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ووجود تفاهمات على بحث تفاصيل تشكيل حكومة إلى بعد الانتهاء من وضع ترتيبات الملف العسكري والأمني والانسحابات.
وأوضح المصدر أن مناقشات الوفد الحكومي مع المبعوث الأممي تناولت إلغاء الإعلان الدستوري للانقلابيين وما ترتب عنه من تغييرات إدارية واستعادة مؤسسات الدولة، وإزالة كافة العراقيل أمام عمل الحكومة، وذلك بعد تنفيذ الانسحابات من المدن وفق خطة تقدم بها المبعوث الأممي، وحددت مناطق الانسحاب بالمنطقة (أ) ونطاقها الجغرافي العاصمة صنعاء ومحافظتي عمران والحديدة، ويجري بحث ترتيبات انسحاب الميليشيات من منطقتين أخريين افتراضيتين هما (ب، ج) لم يحدد نطاقاهما الجغرافي ولا الإطار الزمني، بحسب العربية نت.
وتوقعت مصادر دبلوماسية أن يعرض المبعوث الأممي خلال الأيام المقبلة مشروع اتفاق متكامل على أطراف الأزمة اليمنية جرت بلورته بالتنسيق مع سفراء عدد من الدول الخمس في مجلس الأمن، وبعد مناقشات مكثفة أجراها السفراء مع المبعوث الأممي ووفدي الحكومة والانقلابيين، ويشتمل مشروع الاتفاق على بنود لمعالجة الوضع الأمني والعسكري والسياسي والإنساني والاقتصادي بشكل متزامن ومتكامل من خلال إجراءات متزامنة أيضا، بحيث تتولى لجنة عسكرية مشتركة الإشراف على انسحاب الميليشيات وتسليم السلاح واستعادة مؤسسات الدولة بالتزامن مع تشكيل مناطق أمنية وتشكيل حكومة شراكة وطنية، وإلغاء ما يسمى الإعلان الدستوري والقرارات الإدارية المترتبة عليه.
ويؤكد طرفا النزاع التزامهما استئناف العملية السياسية من حيث توقفت قبل الانقلاب لاستكمال المرحلة الانتقالية والمسار السياسي بحسب المرجعيات، ودور المؤسسات الدستورية كمجلسي النواب والشورى خلال الفترة القادمة.
ويبحث الطرفان عن ضمانات من الوسطاء الأممين والدوليين لضمان تنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه دون حدوث أي انقلاب عليه أو إخلال بتنفيذ بنوده.
ورحب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد أمس الثلاثاء بإفراج قوات التحالف العربي عن 52 طفلاً يمنياً تمهيداً لتسليمهم إلى ذويهم، معتبراً عملية الإفراج "خطوة إيجابية" في ملف السجناء.
وأشاد المبعوث الأممي في بيان صادر عقب جلسة مع وفد الحكومة ولقاءات ثنائية مع بعض رؤساء الوفود بجهود التحالف والحكومة اليمنية في دعم هذا الملف في شهر رمضان المبارك، داعياً جميع الفرقاء إلى تنفيذ التزاماتهم والمضي قدماً بهذا الملف الانساني والإفراج الكامل عن جميع الأسرى والمعتقلين بأقرب وقت ممكن.
وقال "إنه عقد جلسة مع وفد الحكومة اليمنية ضمن مشاورات السلام اليمنية المنعقدة حالياً في الكويت جرى خلالها بحث خطوات عملية لتسهيل عمل المنظمات الانسانية وفتح الممرات لتقديم الخدمات الأساسية لليمنيين". 
وأضاف أن "المباحثات تطرقت كذلك إلى وضع آليات ومبادئ لتفعيل التنسيق بين الحكومة والمنظمات الانسانية من أجل تحسين الوضع العام في المحافظات الأكثر تضررا في النزاع". 
وذكر أنه أجرى كذلك لقاءات ثنائية مع بعض رؤساء الوفود تطرقت إلى آلية التصور العام للمرحلة المقبلة، فيما أبلغه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي بافراج التحالف العربي عن 52 طفلاً يمنياً تمهيداً لتسليمهم إلى ذويهم.

التحالف والأمم المتحدة

التحالف والأمم المتحدة
من جانبه أشاد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بقرار الأمم المتحدة بحذف اسم دول تحالف دعم الشرعية في اليمن من القائمة المرفقة بتقرير الأمم المتحدة بشأن الأطفال والنزاعات العسكرية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأربعاء عنه القول، إنه يأمل مستقبلاً "في التحقق من دقة المعلومات قبل نشرها"، مؤكداً في الوقت ذاته على حرص التحالف على إحلال الأمن والاستقرار في اليمن، ومحاربة التنظيمات الإرهابية بما فيها تنظيم القاعدة، مع حرصه على سلامة المدنيين بمن فيهم الأطفال.
وأوضح أن دول التحالف في مقدمة الدول المساهمة في أعمال الإغاثة الإنسانية داخل اليمن للتخفيف من معاناة الشعب اليمني.
وأكدت مصادر دبلوماسية أممية، أن الجهات التي زجت بالتحالف في التقرير المسيء، في اللحظات الأخيرة قبل صدوره، قامت بذلك بدفع من لوبيات غير راضية على أداء السعودية الناجح، لا سيما تمكنها من تشكيل تحالفين أحدهما عربي لإعادة الشرعية في اليمن والثاني "إسلامي عسكري" لمحاربة الإرهاب، وكذلك بسبب التزامها الثابت بالمبادرة العربية لحل القضية الفلسطينية، حيث طلب في اجتماع باريس الأخير إجراء تعديلات على المبادرة العربية، ووفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط".
وأفادت المصادر بأن الأمين العام للأمم المتحدة لا يقرأ دائماً التقارير التي تكتب باسمه، وأن مهمته هي التوقيع.   
وأضافت المصادر أن بان كي مون لم يعد قادراً على التحكم في الأمور، ومع قرب انتهاء فترته وتنقلاته المتكررة خارج المقر، تمكنت اللوبيات من الإمساك بزمام الأمور

الوضع الميداني

الوضع الميداني
وعلى صعيد الوضع الميداني،أكدت مصادر ميدانية يمنية مقتل 44 من عناصر الميليشيات الانقلابية، بينهم قياديان حوثيان وذلك نتيجة غارات ومواجهات ميدانية.
ففي محافظة البيضاء وسط اليمن، أكدت مصادر في المقاومة الشعبية أن 18 قتيلا وعشرات الجرحى من الحوثيين سقطوا في اشتباكات عنيفة اندلعت مع المقاومة في مديرية الزاهر. وأشارت المصادر إلى سقوط 8 قتلى من المقاومة، وأكثر من عشرة جرحى في حصيلة أولية لهذه الاشتباكات.
وفي محافظة تعز جنوب غربي البلاد، استعادت المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني مواقع في منطقة الوازعية بعد معارك عنيفة مع ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبدالله صالح.
وبحسب المصادر، فقد أسفرت المعارك عن مقتل 20 من الحوثيين وقوات صالح، فيما قتل 5 من عناصر الجيش الوطني والمقاومة.
وفي سياق متصل، قُتل 4 مدنيين من أسرة واحدة، وأُصيب عدد آخر في قصف للميليشيات استهدف أحياء سكنية في مدينة تعز.
وفي حجة شمال غربي البلاد قالت المصادر إن القيادي الحوثي البارز طه المحطوري والذي يشغل منصب المشرف الأمني للحوثيين بمحافظة حجة، لقي مصرعه ظهر الثلاثاء، بغارة جوية استهدفت إحدى المزارع التي تتمركز فيها الميليشيات، وتستخدم لإطلاق الصواريخ والقذائف على مواقع الجيش الوطني والمقاومة، وكذا على المدن السعودية الحدودية.
وبحسب المصادر، فإن المحطوري قتل مع 4 من مرافقيه في الغارة التي استهدفتهم داخل المزرعة، إضافة إلى إصابة آخرين.
وفي الضالع، قالت مصادر ميدانية إن القيادي الحوثي محمد درعان السقاف لقي مصرعه عقب قيادته هجوما على مواقع الجيش الوطني والمقاومة بجبهة مريس.

الوضع الإنساني

الوضع الإنساني
وعلى صعيد الوضع الإنساني، أفادت مصادر صحافية في صنعاء أن كبرى المؤسسات الصحافية في البلاد تقدمت بطلب للخدمة المدنية بفصل 170 صحافيا من العاملين فيها.
وأكدت المصادر أن مؤسسة الثورة للصحافة التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون نشرت اليوم كشوفات بأسماء 170 صحافيا قالت إنهم منقطعون عن العمل وأنه تم إيقاف مستحقاتهم.
وتتهم مراكز حقوقية ميليشيات الحوثي بارتكاب انتهاكات خطيرة بحق الصحافيين، ومنها إخفاء 14 صحافيا مضربين عن الطعام، وفصل 30 صحافيا من وكالة سبأ للأنباء، وحجب عشرات المواقع وإيقاف الصحف المعارضة لهم.
وفي سياق متصل، تواصل ميليشيات الحوثي عبر قيادات المؤسسات الحكومية "الخاضعة لسيطرتها" بالتلاعب بالوظائف العامة وإحلال عناصر محسوبة عليها في مقاعد حكومية بطريقة عنصرية دون الالتفات إلى شروط ومعايير المؤهلات التعليمية للموظفين، وهو ما بات يعرف بـ"حوثنة الدولة" .
ونقلت صحيفة "يمن مونيتور" الإلكترونية عن مصدر إداري في مؤسسة الثورة للصحافة قوله "إنه تم توظيف ما يزيد على 140 عنصرا حوثيا خلال الأسبوعين الماضيين دون وثائق علمية تضاف إلى ملفهم الوظيفي.
ووفقا للمصدر فإن القيادة الحوثية التي تسيطر على المؤسسة تمارس فسادا كبيرا وتنهب حقوق الموظفين، كما تقوم بإرهاق المؤسسة بموظفين جدد لا يقدمون لها أي فائدة مرجوه منهم، خاصة أن بعضهم يمتلك شهادة الإعدادية والثانوية إن وجدت.

الشمهد السياسي

وعلى صعيد المشهد الإنساني
أكد رئيس الحكومة اليمنية الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أن الحكومة مصممة على تخفيف معاناة الناس وحل مشكلة الخدمات في المدن المحررة، وذلك خلال اجتماع عقده أمس الثلاثاء مع أعضاء حكومته في قصر معاشيق بالعاصمة عدن.
وقال بن دغر: إن "تحقيق الأمن والاستقرار هو المدخل لحل كل القضايا فلا قيمة لأي شيء في ظل الفوضى والعنف"، مؤكداً دعمه الكامل للإجراءات التي قامت بها السلطات المحلية في المحافظات المحررة بهدف تثبيت الأمن، واحترام حقوق المواطنين.
وعن عودة حكومته إلى عدن قال بن دغر: "اتخذنا قرار العودة إلى عدن ونحن ندرك الحال التي عليها المحافظات من اضطراب أمني وانهيار في الخدمات كالكهرباء والماء والمشتقات النفطية، كما إننا ندرك أن السلطة الشرعية لا تملك السيطرة على موارد البلاد التي ما تزال تحت سلطة البنك المركزي في صنعاء، والذي لا يتم التصرف بها بمسؤولية، حيث يتم تحويل موارد الدولة لصالح ما يسمى بالمجهود الحربي لمليشيات الحوثي".
وأشار رئيس الوزراء اليمني، إلى أن حكومته "عازمة ومصممة على مواصلة دورها الوطني والتاريخي في هذه المرحلة الاستثنائية من العاصمة المؤقتة عدن، والمتابعة المباشرة لترسيخ الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة، وإطلاق عجلة بدء إعادة الإعمار والنهوض والتعامل مع المشكلات التي يواجهها السكان المحليون في المجالات المعيشية والخدمية"، مؤكداً قدرة الحكومة الشرعية على "دحر ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية من غالبية المحافظات والمناطق التي كانت تسيطر عليها".

المشهد اليمني

دخلت مفاوضات الكويت بشأن الأزمة اليمنية مرحلة جديدة في إطار مساعي المبعوث الدولي للتوصل إلى اتفاق سلام شامل يعتمد على مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومن ثم بات التوصل إلى حل للوضع في اليمن أمرًا حيويًّا للحفاظ على كيان الدولة اليمنية ووحدة أراضيها. والسؤال هنا: هل ستكون مفاوضات الكويت آخر الجهود لإحلال السلام ببلاد اليمن السعيد الذي يئن من وطأة الحرب وتداعياته؟

شارك