بعد تنامي حالات إضرام اللاجئين النار..الألمان يدرسون الدوافع والحلول
الخميس 09/يونيو/2016 - 09:01 م
طباعة


حرائق مخيمات اللاجئين
بعد احتراق مخيم اللاجئين في المانيا، عاد الجدل مجددا بشان جرائم اللاجئين والمهاجرين، حيث أظهرت آخر تحقيقات النيابة الألمانية أن خلافا حول احترام شهر رمضان هو الذي أدى، على الأرجح، إلى حرق مركز لإيواء اللاجئين بالكامل في دوسلدورف غرب ألمانيا، وأوضحت النيابة أنه "في هذه الفترة من رمضان كانت هناك مجموعة تريد الصيام بشكل صارم بينما رغبت أخرى في الإبقاء على مواعيد وكميات الوجبات بلا تغيير"، ويشتبه المحققون بإثنين من سكان المركز في السادسة والعشرين من العمر وينحدران من شمال إفريقيا. وبغض النظر عن التفاصيل الإضافية التي قد تتوصل إليها التحقيقات لاحقا، فإن هذا الحادث يسلط الضوء من جديد على ظاهرة العنف وسط اللاجئين.
من جانبه قال نبيل يعقوب الذي عمل لمدة عشر سنوات في مركز لإيواء اللاجئين شرق ألمانيا أن "هذا النوع من الحوادث يحدث ضررا إعلاميا هائلا لدى الرأي العام الألماني، لأنه يلقي بظلاله على طبيعة هوية هؤلاء اللاجئين. فإذا جاؤوا لألمانيا طلبا للأمن والأمان فإن الرأي العام لا يفهم كيف تحدث هذه الاعتداءات؟".

اهتمام المانى بمواجهة ظاهرة حريق مخيمات اللاجئين
شدد يعقوب على أن أسباب العنف وسط اللاجئين يمكن إيجادها في تفاصيل الحياة اليومية داخل مراكز الإيواء، التي لا يتناسب حجم بعضها مع الأعداد الهائلة من اللاجئين الذين تأويهم، إضافة إلى تجهيزات المراكز كالغرف والحمامات والمطابخ وبشكل عام المرافق التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية،إضافة إلى أهمية وجود أماكن خاصة للنساء والأطفال، مشيرا إلى انه من الأشياء التي قد تسبب في تصاعد التوتر داخل مراكز الإيواء، هناك ظاهرة الضجيج التي تحرم الكثيرين من الراحة، فهناك مثلا غرفا ملاصقة يقطنها شبان يسهرون طوال الليل، وأخرى تأوي عائلات تريد الراحة والنوم. أضف إلى ذلك اختلاط القوميات والثقافات مع كل ما يعني ذلك من مشاكل في التفاهم، فلا توجد هناك لغة تفاهم مشتركة داخل مراكز الإيواء خصوصا في بداية الإقامة.
ويري محللون أن هذا النوع من الخلافات في الحياة اليومية هي التي كانت وراء حريق دوسلدورف، إذ اندلع خلاف حول وجبات الطعام خلال شهر رمضان، فقام أحد المشتبه بهما، على ما يبدو، بصب سائل قابل للاشتعال على فراشه، ودمر الحريق الصالة التي تبلغ مساحتها ستة آلاف متر مربع بالكامل وأصيب 28 شخصا بحالات اختناق طفيفة بالدخان.
من جانبها أكدت صحيفة "بيلد" الشعبية الواسعة الانتشار أن الشابين اللذين يشتبه في تورطهما في إحراق المركز ينحدران من المغرب وقالا أولا إنهما سوريان، وسلطت وسائل الإعلام الألمانية الضوء بشكل خاص على اللاجئين من شمال إفريقيا بعد الاعتداءات الجنسية على مئات النساء في كولونيا ليلة السنة الميلادية.

وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير
وأرجع محللون ما حدث نتيجة اختلاف المواطنين من شمال إفريقيا يختلفون عن غيرهم من حيث تمسكهم بأداء شعائرهم بطريقة معينة ويختلفون عن مسلمين آخرين. وأضاف يعقوب أن "هناك حالات ضرب حدثت في شرق ألمانيا بين أفغان وألبان رغم انتمائهم لنفس الدين".
مع الوضع في الاعتبار أن غالبية اللاجئين الذين يمارسون العنف، وبغض النظر عن انتماءاتهم، يشتركون في مجموعة من العناصر، فغالبيتهم رجال شبان في حالة أزمة من الناحية النفسية ينتظرون بين يوم وآخر الحسم في مصير بقائهم أو رحيلهم عن ألمانيا، إلى جانب أن المغاربة والتونسيون والجزائريون يعرفون أنهم لن يحصلوا في نهاية المطاف على قبول لطلباتهم عكس السوريين، وهذا يعتبر في حد ذاته سببا للتوتر الشديد، مع الوضع في الاعتبار أن "بعض اللاجئين لهم أنماط سلوك معينة تغيب عنها ثقافة الحوار"، بمعنى لا تعرف تدبير الخلافات بالحوار، إذ هناك من يرد على أي إهانة بالعنف الجسدي.
ويري متابعون أن اندلاع الحرائق في مخيمات اللاجئين أصبحت ظاهرة متكررة في المجتمع الالمانى مؤخرا، حيث سبق وأضرمت النار بإحدى المباني ببلدة فورا قرب نورنبيرج في ديسمبر 2014، ووجهت الشرطة أصابع الاتهام إلى يمينين، يعتقد أنهم فعلوا فعلتهم احتجاجا على تحويل المبنى إلى مركز لإيواء اللاجئين، في عام 2013 أودى حريق بحياة ثمانية أفراد من عائلة تركية بمدينة باكنانج جنوبي ألمانيا، أثار الحادث سخط الأتراك والأجانب، والسياسيين الألمان، وأيضا في أكتوبر من عام 2013 تعرض مركز اللاجئين في مدينة جوستروف لهجوم بألعاب نارية من قبل مجهولين، أدى الهجوم إلى اندلاع النيران فيه.
يأتى ذلك في الوقت الذي أكد فيه وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير القانون الجديد الذي يتم التخطيط له لمكافحة الإرهاب ضروريا للغاية في ظل التهديد الإرهابي الذي يتم مواجهته في ألمانيا حاليا.
قال دي ميزيير خلال أولى المشاورات حول الخطط التشريعية بالبرلمان الألماني (بوندستاج): "إن أوروبا وألمانيا مهددتان بالإرهاب الدولي". وأضاف قائلا: "إن ذلك يعد أمرا خطيرا وليس دافعا للألعاب السياسية الحزبية وليس دافعا للتهويل، وليس دافعا للاستخفاف أيضا".