البيعة لزعيم طالبان الجديد.. الظواهري يؤكد ولاءه للخلافة الإسلامية في أفغانستان
السبت 11/يونيو/2016 - 03:01 م
طباعة

بايع زعيم تنظيم القاعدة أيمنُ الظواهري- أميرَ المؤمنين الجديد للإمارة الإسلامية في أفغانستان الملا هيبة الله، في تكرار لمشهد سابق، ليؤكد على متانة العلاقة بين التنظيمين الجهاديين، وكذلك وفاء من أيمن الظواهري لقادة طالبان لاستضافتهم التنظيم طوال العقود الماضية، مع توحد الاثنين في مواجهة خطر تنظيم "داعش" على مكانتهما في الساحة الجهادية.
الظواهري يبايع

أعلن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في تسجيل صوتي مبايعته الزعيم الجديد لحركة طالبان الأفغانية عبر تويتر- الملا هيبة الله أخندزاده، ونعى سلفه الملا أختر منصور الذي قتل في ضربة أمريكية بطائرة من دون طيار الشهر الماضي.
واستهل الفيديو الذي يظهر فيه تسجيل صوتي لأيمن الظواهري مقاطع تصويرية لزعيم القاعدة الأسبق أسامة بن لادن يؤكد فيها على أهمية البيعة.
ووفقاً لما أصدره إعلان الظواهري اليوم فإنه وفقاً لمنهج البيعة الذي يتبعه هذان التنظيمان الإرهابيان، واستمراراً للبيعات السابقة للملا عمر والملا أختر منصور، واستمراراً منهم على طريق ما سماه بالجهاد، فقد أعلن بيعته لزعيم طالبان الجديد هيبة الله أخندزاده.
وقال الظواهري: "استمرارًا على طريق الجهاد وسعيًا في جمع كلمة المجاهدين واقتداءً بقادتنا الشهداء.. فإني بوصفي أميرًا لجماعة قاعدة الجهاد أتقدم إليكم ببيعتنا لكم مجددًا نهج الشيخ أسامة (بن لادن) في دعوة الأمة المسلمة لتأييد الإمارة الإسلامية وبيعتها".
وأضاف في تسجيل صوتي بث عبر الانترنت- مدته 14 دقيقة- لم يتسن التأكد من مصداقيته: "نبايعكم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى سنة الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم، ونبايعكم على إقامة الشريعة حتى تسود بلاد المسلمين حاكمة لا محكومة.. قائدة لا مقودة.. لا تعلوها حاكمية ولا تنازعها مرجعية".
وزاد: "نبايعكم على البراءة من كل حكم أو نظام أو وضع أو عهد أو اتفاق، أو ميثاق يخالف الشريعة سواء كان نظامًا داخل بلاد المسلمين أو خارجها من الأنظمة أو الهيئات أو المنظمات التي تخالف أنظمتها الشريعة كهيئة الأمم المتحدة وغيرها، ونبايعكم على الجهاد لتحرير كل شبر من ديار المسلمين المغتصبة السليبة".
كانت حركة طالبان قد اعترفت منذ أسبوعين بمقتل زعيمها الملا منصور معلنةً أن خلفه سيكون أحد نوابه المدعى بالمولوي هيبة الله أخندزاده.
وكانت حركة طالبان عينت أخندزاده خلفًا للملا أختر منصور الذي أكدت مقتله في غارة جوية أمريكية نفذتها طائرة مسيرة الشهر الماضي.
وقالت يوم 25 مايو الماضي: "إن قرار تعيين أخندزاده جاء بعد اتفاق أعضاء مجلس الشورى التابع لها بالإجماع، في وقت دعت الحكومة الأفغانية زعيم الحركة الجديد لإنهاء الحرب أو مواجهة عواقب وخيمة".
فصيلان ومنهج واحد

ويعد أيمن الظواهري والملا هيبة الله أخندزاده من مدرسة واحدة في القتال وإقامة الدولة الإسلامية، وفقا لرؤيتهم، فقد ذكر مراقبون أن زعيم طالبان الجديد يفضل على ما يبدو العودة للحكم الإسلامي "المتشدد" لأفغانستان، قبل أن تطيح الولايات المتحدة بـ"طالبان" في 2001م، لكن المسئولين يؤكدون أن هذا أمر لن تقبل به الحكومة الأفغانية أو حلفاؤها الغربيون.
أمر البيعة بين طالبان والقاعدة ـ صحيح ليس جديدًا؛ لأنه كان معمولًا به منذ عهد الزعيمين الراحلين الملا محمد عمر، وأسامة بن لادن، وما حصل ليس إلا استمرارًا لهذا النهج، وهو ما فعله الظواهري مع الزعيم السابق لطالبان الملا أختر منصور، ويأتي تكرار الإعلان بالبيعة ليعطيه زخمًا وأهمية في مدى علاقة التنظيمين ومواجهة لأخطار الصراع في أفغانستان وخارجها.
وبقبول البيعة من قبل زعيم طالبان الجديد، رسميًّا تؤكد الحركة الأفغانية أن تنظيم "القاعدة" العابر للحدود الذي له أفرع منتشرة في عدد من البلدان العربية والإسلامية هو بمثابة الذراع العسكرية الخارجية لها، وهو تأكيد تم بشكل رسمي.
مواجهة "داعش"

كما تأتي بيعة أيمن الظواهري للملا هيبة الله أخندزاده، باعتبار أن أفغانستان وخاصة جنوب البلاد هي مقر وموطن تنظيم القاعدة، والذي يواجه حرب نفوذ من قبل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أبو بكر البغدادي، كما تواجه طالبان حرب نفوذ أيضًا في أفغانستان من قبل تنظيم "داعش".
وفي سبتمبر 2015 أعلن زعيم تنظيم "القاعدة" في تسجيل صوتي، بأنه لا يعترف "بشرعية" تنظيم "داعش"، وأنه لا يرى زعيمه "أبو بكر البغدادي أهلاً للخلافة".
لإعلان مبايعة الملا هيبة الله أخندزاده، يؤكد الظواهري وبصورة علنية للمرة الثانية أن تنظيم "القاعدة" يتبع "الإمارة الإسلامية في أفغانستان"، وأن البيعة التي في عنقه هي "بيعة إمامة كبرى"، وكان من الواضح من صياغة إعلان البيعة، أن الظواهري كان يضع نصب عينيه خليفة تنظيم الدولة أبوبكر البغدادي؛ لذلك عمد في تسجيله التفصيل في بنود البيعة والتركيز على شمولها الأمة، بقوله: "بوصفي أميراً لجماعة قاعدة الجهاد أتقدم إليكم ببيعتنا، ونبايعكم على إقامة الخلافة الإسلامية، التي تقوم على اختيار المسلمين ورضاهم، وتنشر العدل وتبسط الشورى، وتحقق الأمن وترفع الظلم وتعيد الحقوق، وترفع راية الجهاد"، تلميحاً إلى أن "إمارة طالبان" إن لم تكن خلافة، فهي الطريق الوحيد إلى تحقيقها.
في مبايعة زعيم القاعدة للملا أختر منصور، ثم الملا هيبة الله أخندزاده يرى الظواهري أن "الإمارة الإسلامية" التي أقامتها "طالبان" في أفغانستان كانت "أول إمارة شرعية بعد سقوط الخلافة العثمانية، وأن كل من بايعوا "بن لادن" والقاعدة دخلوا في البيعة"، وهو ما يعني شمول جميع فروع "القاعدة" بهذه البيعة، وهو ما يخالف أجندة طالبان بأن مشروعها يقتصر على الأراضي الأفغانية، وهو ما يشير إلى وجود اختلافات جوهرية بين بيعة الظواهري من جهة وبين أدبيات "طالبان" من جهة أخرى.
وسعى الظواهري من هذه البيعة وبهذه العبارات إلى تثبيت وجود تنظيم القاعدة، في ظل خلافات حادة لا تزال على زعامة طالبان؛ إذ حذر أخيراً شقيق الملا عمر بقرب اندلاع حرب داخلية في طالبان إذا لم يستجب الملا أختر منصور لمخالفيه.
وأخيرًا يبدو أن زعيم تنظيم القاعدة لم يجد أمامه سوى البيعة لزعيم طالبان الجديد لبقاء التنظيم قويًّا في مواجهة "داعش"، والذي أخذ كثيرًا من نفوذ التنظيم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، مما أدى إلى تراجع دور القاعدة كتنظيم قوي، وله وجود على ساحة التنظيمات الجهادية، وهو ما يفسر استمرار علاقة طالبان والقاعدة طوال السنوات الماضية.