كريمة: المذهب الشيعي يُدرّس بالأزهر.. والسلفيون وجه "داعش" في مصر
السبت 11/يونيو/2016 - 06:31 م
طباعة

وصف الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، المشهد الديني في مصر بـ"الرديء"، بعد أن تخلت المؤسسة الدينية عن دورها، وتركت الأمور للدعوة السلفية، تعبث بها كيفما تشاء ــ بحسب تعبيره.
وأضاف كريمة، خلال حواره لـ"مصراوي"، أن ملف التقريب بين السنة والشيعة سيُقدم للرئيس السيسي خلال أيام قلائل، مشددًا على أن كل من يعارض التقريب بين المسلمين خائن.

وفي بداية الحوار، وصف المشهد الديني الحالي في مصر قائلا
"المشهد الديني رديء في مجمله، وأتوقع أن تقوده الدعوة السلفية مرة أخرى، نظرًا للانبطاح للفكر الوهابي، وسيعود شيوخ السلفية في التلفزيون الرسمي للدولة، وستنشأ لهم القنوات الفضائية، ولا داعي للحديث عن تجديد الخطاب الديني طالما أن هناك دعوة سلفية."
وأضاف متحدثا عن سبب تردي المشهد الديني "المؤسسات الإسلامية ماهي إلا دواوين حكومية عادية، تعمل بنظام الوظيفة، إذا جاءتها تعليمات وإملاءات وتوجهات، فعلى سبيل المثال، التقيت وزير الأوقاف بمكتبه عدة مرات، بناءً على طلبه، وسألته عن أسباب منح ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، تصريحًا للخطابة، فكان رده "أنا وزير سياسي مش ديني"، وضرب بوعوده عرض الحائط حينما قال: “على جثتي أن يحصل برهامي على التصريح"، وقال الوزير لي إن برهامي معتدل، فعقبت "وهل من يسب المسيحيين معتدل، ومن طالب بغلق الأزهر معتدل؟!".
اما عن أثر تصدر السلفيين للمشهد الديني قال الدكتور كريمة "مصر ستتحول إلى داعش إذا استمر المشهد السلفي في الصدارة، فهو من خرّج أسامه بن لادن والملا عمر وبوكو حرام، ويمكننا القول أن السلفيين هم سُفهاء المسلمين، وتوجد 7 بؤر دواعش فكرية موجود في مصر بين سوهاج والمنصورة، والفكر الداعشي كله من تعاليم محمد بن عبدالوهاب وبن تيمية، وائتلاف الآل والصحب مركز تجسس لخمس دول في مصر، فكيف تسمح الأجهزة السيادية بذلك، وأخشى من أنت تساق البلاد لمساءلة من المجتمعات الدولية بتهمة اضطهاد الأقليات المسيحية والشيعية، فالأمر كله سياسي من الدرجة الأولي، فلو فتحت السعودية حوارًا مع إيران سيختفي الحوار السُني الشيعي."
وعن تجديد الخطاب الديني قال كريمة "لن يكون هناك تجديد للخطاب الديني طالما أن هناك سلفية، والمؤسسات الدينية تركته وذهبت إلى تصحيح صورة الإسلام، وأقول لهم ليس الإسلام بالمتهم الذي ندافع عنه، ولا المُدان الذي نعتذر عما فعله، ويجب على الأزهر إذا أراد التطوير أن يطهر نفسه أولًا."
اما عن ملف التقريب بين السنة والشيعة فقد قال: “عكفت على إعداده منذ فترة طويلة، والهدف منه التقريب بين المذهب السني والشيعي في العالم العربي، لعدم تمدد ما يحدث في العراق واليمن إلى باقي دول المنطقة، وتلقيت منذ عدة أيام -عبر وزارة الخارجية- كتاب "الموسوعة الحديثية للمذاهب الإسلامية" من دار الحديث بطهران، وكان من المفترض على الأزهر أن يقوم بذلك، وانتقدت دار الحديث لعدم الاستدلال بعلماء السنة والاكتفاء بعلمائهم، فأخبروني أنهم أدرجوا في الصفحة 27 مرويات السيدة عائشة رضى الله عنها، وتأكدت حينها أن ملف التقريب يسير في الطريق الصحيح." وأضاف الدكتور كريمة "لا شأن لي بتوقيتات، ولكنني أرى أن هناك "سايكس بيكو" أمريكي إسرائيلي وهابي؛ لتقسيم المنطقة على أسس طائفية، والوقت ملائم الآن للتقريب، فحرب اليمن طائفية حتى النخاع، والمجتمع منقسم، "أننتظر إلى أن يأتي جنود أمريكا لإيقاظنا من أسرتنا؟!".
وعن حديثه مع مؤسسة الازهر في شأن التقريب بين السنة والشيعة فقد قال: “ولماذا أتحدث مع الأزهر، فمؤسستي مدنية مشهرة، وإحدى مؤسسات المجتمع المدني بالدولة، ولست في حاجة إلى أحد، ووقع في يدى كتاب أصدرته وزارة الأوقاف عام 1991، واتضح لي أن هناك علماء كثيرون تعرضوا لملف التقريب أبرزهم شيخ الأزهر الراحل محمود شلتوت، والشيخ عبدالمجيد سليم والشيخ المراغي، فأنا لم أخترع شيئ، بل أُحيي ما مات، وما في إحياء الإصلاح من عيب، ولا أدعى زعامة أو بطولة، ولو كان عندي ربع صلاحيات الأوقاف والأزهر، لأسرعت إلى العراق وسوريا واليمن وجمعت الشمل وأوقفت الحرب البغيضة."
وعن تعرضه لهجمة شرسة بعد فتح ملف التقريب بين السنة والشيعة قال كريمة "الدكتور حامد أبوطالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، هاجم التقريب أكثر من مرة، بالرغم من أن له مقالًا في جريدة صوت الأزهر يقول "المؤامرة بين السنة والشيعة استعمارية"، والدكتور عبدالله النجار، عضو المجمع كان ضمن وفد الأزهر في طهران عام 2001، وغيرهم كثيرون، والدكتور محمد الشحات الجند قال في أكثر من موضع أنه لا مانع من السياحة الإيرانية في مصر، ولا أعلم سر الهجوم عليّ.
وعن الشروط التي وضعها الأزهر لعقد حوار مع الشيعة قال كريمة "الموسوعة الحديثة التي وصلتني من إيران، رجعوا فيها إلى مرويات السُنة، وأثبتوا فيها ما يخص السيدة عائشة رضي الله عنها، وهذا تطور كبير منهم، وسب المؤمن جريمة في الأساس، إلا أن الدولة الأموية كانت تسب الإمام على بن أبي طالب، رضي الله عنه، والوهابية يقولون أن والدًي النبي كافرين ومعذبين ومخلدين في النار، على الرغم من أنهما أساس النسب الشريف، والمولى عز وجل قال: “وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا"، والأمة كلها أخطأت في حق السابقين الأولين، والمذهب الإباضي يقولون على الإمام على "الرجل" ولا يذكرون اسمه، لماذا لم يتحدث أحد عن ذلك.
سأقلب موازين الفكر في المؤتمر الأول للتقريب الذي سيعقد بعد شهر رمضان المبارك، خاصة وأننا نُدرس في الدراسات العليا بالكلية مادة الفقه المقارن، والتي تضم في طياتها فقه الشيعة، وتخرج المئات من الدارسين، ولم يتشيعوا، وعلماء الأمة يتحملون وزر عدم التواصل مع الشيعة، ويبدو أنهم في انتظار التعليمات."
اما عن توتر العلاقات بين شيخ الأزهر ووزير الأوقاف فقد قال: “شيخ الأزهر هو من أتى بالدكتور محمد مختار جمعة، وصعده من عميد كلية الدراسات الإسلامية، حتى أصبح وزيرًا للأوقاف، وما يحدث بينهما صراع على المناصب وليس على تطبيق الشريعة، وكل منهما يسير في اتجاه مختلف، فأنا الوحيد الذي انتقدت الإخوان والسلفية وانتقدت دعاوى السلفيين، وأسعى بمفردي للتقريب بين السنة والشيعة، وتستخدم الجامعة سلاحها "الخائب" دائمًا وتحيليني للتحقيق."
وعن امكانية أن يتم إسناد تجديد الخطاب الديني لأي مؤسسة غير الأزهر قال الدكتور كريمة "نعم، من الممكن إسنادها للرئيس عبدالفتاح السيسي. وذلك عن طريق هيئة رئاسية مشكلة، تمارس أعمالها من داخل قصر الاتحادية، بعيدة عن الأزهر والأوقاف، يقوم عليها أناس أكفاء، وأن لا أُنتقص من قيمة أحد، ولا توجد لدي خصومة مع شيخ الأزهر، بل على العكس أجله وأحترمه، وقد تكون عليه ضغوط معينة."
وعن عدم تبني مبادرة مع العلماء لتجديد الخطاب الديني قال كريمة "لو حدث ذلك، سيتم عزلنا وفصلنا نهائيًا من جامعة الأزهر، فكل الإصلاحيون فيها يُحالون للتحقيقات، ويتردد حاليًا أن الذين حضروا مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بأسوان سيتم التحقيق معهم، لأن المؤتمر تابع لوزارة الأوقاف، وتوجد خصومة بين الدكتور محمد مختار جمعة والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.
وعن الحل في مسألة تجديد الخطاب الديني فقد قال كريمة "تطهير الأزهر قبل تطويره، وأن تتم إعادته إلى أبنائه الذين يبلغون رسالات الله، ولا يخشون أحدًا إلا الله، وإبعاد الأجهزة الأمنية عن تعيين قيادات الأزهر، وغل أيديهم عن الاختيارات."
اما عن استراتيجية الأزهر للتطوير والتي أُعلنت الأسبوع الماضي قال الدكتور كريمة "أقول للإمام الأكبر، طهر الأزهر قبل تطويره، أعيده إلى الأزهريين، حتى يثق الناس في مصداقيتهم، فالممارسات والاختيارات الحالية هي ما ستؤدي إلى أن يتولى الشيخ محمد حسان أمر تجديد الخطاب الديني.
وعن نظر البعض للأزهرين على أن تفكيرهم مختلف قال: “لأن قيادات الأزهر لا تتواصل مع الجمهور، فصلة المؤسسة الدينية بالشعب مقطوعة، وتخاطب الناس من علِ، واختفت العمامة الأزهرية تمامًا، فأنا لا أرَ على الساحة غير أربعة مشايخ أزهريين بحق وهم "الدكتور أحمد كريمة والدكتور سعد الهلالي والدكتورة أمنة نصير والدكتورة سعاد صالح".
وعن التعليم الازهري وعدم حصوله على عضوية مجمع البحوث قال
التعليم الأزهري في حالة يرثى لها، والأزهر منذ ثلاث سنوات يريد تطوير التعليم ولا يستطيع ذلك، لا أسعى لعضوية أو أتمناها، فأنا أعمل في مؤسستي الخيرية، بعيدًا عن قيود الوظيفة، وحينما قمت بزيارة إلى إيران، تم تجميد عضويتي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وأبلغت الأمين العام للمجلس حينها، أنني لست في حاجة إليها، ولم أحضر إلا جلسة واحدة بعد ذلك، واجتماعاته تعقد لتناول "الجاتوه والشاي".
واستطرد الدكتور كريمة قائلا "انا في طريقي لاعتزال العمل الدعوي لان الأجواء في مصر غير ملائمة، والدولة غير منضبطة، ومؤسساتها تعيش في جزر منعزلة، وتدار وفقًا للمواءمات السياسية، ونحتاج الفترة الحالية للصرامة التي كان يتمتع بها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وأشفق على رئيس الجمهورية في مسألة تجديد الخطاب الديني فهو لا يقل وطنية عن عبد الناصر."
وعن قانون 103 المنظم للعمل داخل الأزهر قال الدكتور كريمة "هذا القانون هو السبب في انحدار الأزهر، فما علاقة الأزهر بكليات الطب والزراعة والهندسة والصيدلة، فمكانهم جامعتي القاهرة وعين شمس، خاصة وأنها كليات تستنزف، ثلثي ميزانية جامعتنا، في المواد الشرعية في الكليات المدنية الأزهرية، عبارة عن قشور، وتماثل تدريس مادة التربية الدينية في مدارس التربية والتعليم، فهي عبء، وأطالب بإلغاء الكليات العملية بالأزهر نهائيًا مُصدر دائم للمتطرفين، ويجب أن يتفرغ الأزهر للعلوم الشرعية والعربية فقط.
وعن رسالته للرئيس السيسي قال الدكتور كريمة "أقول للرئيس "ماذا تنتظر في أمر تجديد الخطاب الديني، وأنت بيدك الإصلاح، فلن نُحمل المشايخ المسئولية مرة أخرى، وسيتحملها رئيس الجمهورية أمام الله والشعب، انقذ الأزهر والأوقاف والإسلام يرحمك الله".