غموض يحيط بمفاوضات الكويت... واستمرار خرق الحوثيين للهدنة
الأحد 12/يونيو/2016 - 06:40 م
طباعة

مع المصاعب التي تواجها المفاوضات السياسية التي تحتضنها الكويت برعاية أممية في التقريب بين وجهات نظر وفد حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، ووفد صنعاء المشترك بين الحوثيين وحزب الرئيس السابق على عبدالله صالح، إلاّ أنّ المزاج الإقليمي والدولي الدافعين باتجاه إخراج اليمن من واقع الحرب، منعا من قطع المفاوضات والعدول عن المسار السلمي.
المسار التفاوضي:

وعلى صعيد المسار التفاوضي، كشف عسكر زعيل، العضو الاستشاري في الوفد الحكومي اليمني إلى مشاورات الكويت، أن الانقلابيين الحوثيين أعلنوا الجمعة أمام المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد أنهم لن يسلموا أسلحتهم ولن ينسحبوا من مؤسسات الدولة والمدن، وهو قرارهم الأخير.
وقال زعيل مساء السبت إنه خلال المرحلة المنصرمة استطاع الوفد الحكومي تعرية الانقلابيين أمام العالم في الجلسات الخاصة والعامة، مؤكداً أن المشكلة مع الحوثيين هي نتاج للتدخلات الإيرانية أولاً والحوثييين قرارهم ليس بأيديهم.
إلى ذلك أفاد مراسل العربية فجر اليوم الأحد بأن وفد الانقلابيين الحوثيين وأنصار المخلوع صالح أعلنوا رفضهم لأي حل لا يشمل التوافق على المؤسسة الرئاسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية ولجنة أمنية وعسكرية ووقف شامل للاقتتال. وأوضح وفد الانقلابيين في بيان أصدره في وقت متأخر السبت:" أنه شدد في جلسات المشاورات وفي مناقشات اللجان وفي الاجتماعات مع السفراء على ما اسماها بالحلول الموضوعية المستندة إلى المرجعيات الأساسية الناظمة للمرحلة الانتقالية، وفي المقدمة التوافق على المؤسسة الرئاسية وتشكيل حكومة توافقية"
وكان رئيس وفد الانقلابيين الحوثيين محمد عبدالسلام نفى السبت تصريحات المبعوث الأممي المتفائلة، وقال إنه لا صحة لما تناولته بعض وسائل الإعلام عن وجود توافقات متقدمة يمكن أن تمثل أرضية مشتركة لصياغة أي خطة حل خلال الأيام المقبلة.
هذا النفي الحوثي جاء عقب تصريحات ولد الشيخ التي قال فيها إن الأرضية المشتركة بين الأطراف اليمنية واسعة وأن الأمم المتحدة تعمل على البناء عليها.
وأشار المبعوث الأممي إلى أن هناك اجتماعاً بين الأطراف اليمنية على مواضيع محورية، رغم وجود بعض التباينات في وجهات النظر، منوها إلى أن تزمين الخطوات العملية وتراتبيتها لا يزال قيد التفاوض.
فيبدو أن المشاورات اليمنية في الكويت التي أمضت نحو خمسين يوماً تخضع لبورصة التفاؤل والتشاؤم، وفي حقيقة الأمر ما زالت تدور في حلقة مفرغة كما يقول المراقبون، بسبب تصلب الانقلابيين، ورفضهم الانصياع لقرارات الشرعية الدولية.
هذه التطورات جاءت عقب جلسة مشتركة مباشرة لوفدي الحكومة والانقلابيين شهدت مناقشات ساخنة وخلافات، ولم تفض إلى أي نتائج.
من جانبه 4 - واس:
أعرب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن تطلعه إلى سلام حقيقي يؤسس لمستقبل أمن للأجيال القادمة لبناء اليمن الاتحادي الجديد. جاء ذلك خلال ترؤسه أمس السبت، بالرياض اجتماعاً لمستشاريه بحضور نائبه الفريق الركن على محسن الأحمر.
وفي الاجتماع قدم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية رئيس وفد مشاورات السلام في الكويت عبد الملك المخلافي تقريراً شاملاً عن سير مشاورات السلام الجارية في دولة الكويت، ومختلف الخطوات والحيثيات التي رافقت سير المشاورات منذ بدايتها حتى اليوم.
وقال إن رؤية الوفد الحكومي تمثلت في مراحل متعددة فمن تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والانسحاب من المدن واستعادة مؤسسات الدولة وإزالة آثار الانقلاب وما ترتب عليه من حوثنة الدولة ومؤسساتها، إلى استئناف العملية السياسية من حيث توقفت بمناقشة مسودة الدستور. وأكد الاجتماع الدعم الكامل للفريق الحكومي للمشاورات ومواقفه الثابتة تجاه قضايا الوطن.
الوضع الميداني:

وعلى صعيد الوضع الميداني، تواصل خروقات الانقلابيين لوقف إطلاق النار في مناطق متفرقة من اليمن، خاصةً في تعز من خلال قصف عشوائي للأحياء السكنية، مما أوقع قتلى وجرحى.
كما تصرّ الميليشيات على مواصلة حصار تعز، بالإضافة لقصف مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبعض أحياء المدينة السكنية بعنف.
وفي مديرية حرض بمحافظة حجة، تجددت الاشتباكات بين الميليشيات وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، عندما استهدفت الميليشيات مواقع تابعة للواء "25 ميكا".
في سياق متصل، استهدف طيران تحالف دعم الشرعية تجمعا لعناصر الميليشيات في منطقة المزرق في مديرية حرض، كما استهدف مواقعها في مديرية المتون غرب محافظة الجوف، حيث تمكنت قوات الجيش الوطني من استعادة السيطرة على مواقع في مناطق الهيجه والغرفه.
وفي محافظة مأرب، ذكرت مصادر في المقاومة الشعبية، أن مقاتلات التحالف استهدفت مواقع الميليشيات في جبل هيلان ومناطق أخرى في صرواح غرب المحافظة.
وفي محافظة صنعاء، استهدف طيران التحالف تجمعاً للميليشيات عند مشارف مديرية بني حشيش، كما استهدف آلية متحركة في معسكر القوات الخاصة بمنطقة الصباحه غرب العاصمة.
وقتل اثنان من مسلحي ميليشيا الحوثي، اليوم السبت، في هجوم شنه مسلحون يتبعون المقاومة الشعبية الموالية للحكومة في محافظة البيضاء شرق صنعاء.
وقالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الحوثيين قتلا في هجوم مسلح شنه مسلحو المقاومة الشعبية على موقع لهم في مديرية البيضاء التي تحمل اسم المحافظة.
وأضافت المصادر أن الهجوم تزامن مع شن مسلحي الحوثي قصفاً بالقذائف المدفعية على عدة مواقع للمقاومة في مديرية الزاهر بالمحافظة نفسها، دون أن يعلن حتى الآن عن سقوط ضحايا جراء هذا القصف.
كما أكد مصدر ميداني، أن اثنين ميليشيا الحوثي وصالح قتلا، وأصيب آخرون، أمس السبت، في اشتباكات مع عناصر من المقاومة الشعبية والجيش، في مديرية المصلوب بمحافظة الجوف.
وقال المصدر، بحسب "المصدر أونلاين" إن مسلحي الجماعة والقوات الموالية للرئيس السابق حاولوا التسلل، السبت، إلى مواقع المقاومة في منطقة الهيجة. وتابع أن "قوات المقاومة والجيش رصدوا تحركاتهم، وهاجموا المسلحين وأدى ذلك لمقتل 2 وإصابة آخرين".
وأوضح أن "المتسللين كان بحوزتهم ذخيرة سلاح وأدوات لبناء متارس، مما يعزز من فرضية أن مسلحي الجماعة كانوا ينوون الهجوم على المقاومة والسيطرة على المنطقة".
فيما نجا مدير أمن محافظة إب وسط اليمن، من محاولة اغتيال فيما قتل سائقه مساء أمس السبت، بانفجار عبوة ناسفة في عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته.
وقال مصدر أمني طلب عدم الكشف عن هويته، إن "مدير أمن محافظة إب العقيد عبده فرحان نجا من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة انفجرت بسيارته أثناء مروره في حي الدائرية بمدينة إب عاصمة المحافظة"، مشيراً إلى أنه تعرض لإصابات خفيفة نقل على إثرها إلى مستشفى المنار في المدينة.
وأضاف أن سائقه قتل في العملية فيما جرح اثنان آخران من مرافقيه، ولم تعلن حتى الآن أي جهة مسئوليتها عن هذه العملية.
الوضع الانساني:

وعلى صعيد الوضع الانساني، أدانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان سلسلة الهجمات الصاروخية وقذائف الهاون التي نفذتها ميليشيات الحوثي وصالح على العديد من المناطق السكنية والأسواق في مدينة تعز، والتي وقعت بين الثالث والثامن من يونيو الجاري، وأسفرت عن مقتل 18 مدنياً، من بينهم سبعة أطفال، وجرح 68 آخرين.
ففي بيان صحافي وُزع على وسائل الإعلام، قالت رافينا شمداساني، المتحدثة باسم المفوضية في جنيف: "تعرض العديد من الأسواق للقصف فيما كانت مكتظة بالناس الذين كانوا يتسوقون قبل شهر رمضان."
وأضافت: "وفقاً لعدة ضحايا أصيبوا خلال هجوم وقع بالقرب من سوق ديلوكس في الثالث من يونيو الجاري، انطلق القصف من تلة في الجزء الشرقي من مدينة تعز، والذي تسيطر عليه حالياً اللجان التابعة للحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق على عبدالله صالح".
وأشارت المتحدثة باسم المفوضية إلى حادث آخر بالغ الخطورة وقع في ساعة مبكرة في الثامن من يونيو عندما أصيبت مدرسة قريبة من "مستشفى الثورة" جراء القصف، مما أسفر عن مقتل 5 أشخاص، من بينهم 3 أطفال.
وكان السفير البريطاني في اليمن أدموند فيتون براون قد عبر عن استيائه الشديد من الانتهاكات ضد المدنيين في تعز، في إشارة إلى القصف من ميليشيات الحوثي وصالح.
وقال السفير البريطاني في مقابلة بمناسبة رمضان وزعتها السفارة على وسائل الإعلام اليمنية:" إن القوات على الأرض يجب أن تلتزم باستمرار وقف القتال". وأضاف: "أنا مستاء جداً من قصف المدنيين في أحد اسواق تعز الأسبوع الماضي، وهذا الهجوم المروع هو انتهاك لوقف الأعمال العدائية وعلى الأرجح محاولة لزعزعة استقرار المحادثات. هذه الهجمات لا يمكن أن تستمر. وسوف نحدد الجناة وسنحاسبهم".
المشهد السياسي:

وعلي صعيد المشهد السياسي، أفادت مصادر محلية، بمحافظة صعدة الواقعة أقصى شمال اليمن، أن ميليشيا الحوثي تقوم منذ أكثر من أسبوع بحملة لترقيم عناصرها، وإدراجهم ضمن قوات الجيش والأمن.
وقالت المصادر إن الجماعة شكلت لجنة عسكرية تابعة حيث اتخذت من المستشفى الجمهوري بمدينة صعدة مقراً لها، لاستقبال أنصار وأفراد الجماعة بهدف منحهم أرقاماً عسكرية ضمن وحدات الجيش والأجهزة الأمنية.
كما أشارت المصادر إلى أن الجماعة قامت بتكليف عدد من عناصرها بمهام وأعمال أمنية، ضمن وزارة الداخلية، فضلاً عن منحهم رُتبا عسكرية عليا.
وتأتي تحركات الحوثيين هذه في سياق مساعي الجماعة، لزرع عناصرها في الجيش والأمن.
ويقول المحلل الأمني محمد سلطان: "هذه الخطوة تحاكي تماماً ما قامت به الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران حين ضمت عشرات الآلاف من عناصرها إلى قوائم الجيش والأمن العراقي وعملت على إفراغ القوات النظامية من الكوادر الوطنية المؤهلة لتحل محلها ميليشيات ولاء ليس للدولة وإنما للفصائل المذهبية العميلة لطهران".
وتابع بالقول: "الانقلابيون الحوثيون يسابقون الزمن ويستبقون أي تسوية سياسية بنهب كل شيء سواء بضم عناصرهم للجيش والأمن أو بتوظيف عشرات الآلاف من أتباعهم في مؤسسات الدولة أو بقرارات التعيين غير المسبوقة لقياداتهم في مناصب حكومية عليا أو من خلال نهب أموال وأراضي وعقارات الدولة".
المشهد السياسي:
التعثّر المتكرّر للمحادثات السياسية اليمنية في الكويت، والذي حال دون تحقيق السلام قبل حلول شهر رمضان الحالي، لا يمنع وجود آمال في تدارك ما فات قبل عيد الفطر، في ظل أنباء عن ملامح حل يقوم على تقديم الترتيبات الأمنية والعسكرية على التفاصيل السياسية الشائكة والمعقّدة.
ورغم المصاعب التي واجهتها المفاوضات السياسية التي تحتضنها الكويت برعاية أممية في التقريب بين وجهات نظر وفد حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، ووفد صنعاء المشترك بين الحوثيين وحزب الرئيس السابق على عبدالله صالح، إلاّ أنّ المزاج الإقليمي والدولي الدافعين باتجاه إخراج اليمن من واقع الحرب، منعا من قطع المفاوضات والعدول عن المسار السلمي.