مع تقدم قوات الوفاق في سرت.. النواب الليبي يفشل في منح الثقة للحكومة
الثلاثاء 14/يونيو/2016 - 03:39 م
طباعة

فيما يبدو أن الأوضاع في ليبيا، لن تشهد استقرارًا في ظل تعنت مجلس النواب الليبي في منح الثقة لحكومة الوفاق التي بدأت مهام عملها من العاصمة طرابلس في مارس الماضي.

وقال عضو مجلس النواب، صالح فحيمة: إن البرلمان لم يتمكن من عقد جلسته العادية لمناقشة تعديل الإعلان الدستوري ومنح الثقة لحكومة الوفاق، أمس الاثنين، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، موضحًا أن رئيس المجلس عقيلة صالح حضر إلى مقر المجلس وبعد التأكد من عدم وجود نصاب كامل غادر المقر.
وأكد النائب حضور نحو 70 عضوًا فقط، مؤكدا أنه ينتظر حضور النائبين الأول امحمد شعيب والثاني احميد حومة لمناقشة إمكانية عقد جلسة الثلاثاء لكسر الجمود السياسي.
وكانت ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها، أن حكومة حكومة فايز السراج تحتاج إلى موافقة 110 أعضاء من مجلس النواب في حالة اكتمال النصاب اللازم 120 عضوًا من إجمالي عدد المقاعد الـ186 لمجلس النواب.
ومنذ تولي الحكومة الجديدة مهام عملها منذ مارس الماضي، أخفق مجلس النواب في عقد جلسة رسمية للتصويت على منح الثقة لهذه الحكومة من عدمه، بسبب تغيّب أعضائه عن الحضور؛ الأمر الذي دعا رئيس المجلس عقيلة صالح، إلى توجيه كلمة متلفزة، طالب من خلالها النواب المتغيبين عن جلسات المجلس بضرورة حضور جلسة أخرى كللت بالفشل أيضًا.
وفي 21 أبريل الماضي، أصدر 102 من النواب بيانًا منحوا به الثقة لتلك التشكيلة، فيما اعتبر نواب معارضون للحكومة الإجراء بأنه غير قانوني؛ لأنه لم يتم خلال جلسة رسمية تحت قبة البرلمان.
ودخلت حكومة الوفاق الوطني طرابلس في 30 مارس الماضي عن طريق البحر، واستقرت في القاعدة البحرية في المدينة، وسرعان ما حظيت بدعم سياسي كبير مع إعلان بلديات مدن في الغرب وفي الجنوب الولاء لها، كما نالت تأييد المؤسسات المالية والاقتصادية الرئيسية، وهي البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار في طرابلس.
وانشقت غالبية الجماعات المسلحة التي كانت داعمة لحكومة طرابلس عنها لتنضم إلى حكومة الوفاق.
من جانب آخر يسعي المجلس الرئاسي الموالي لحكومة الوفاق إلى تحرير المدن الواقعة تحت سيطرة التنظيم الإرهابي "داعش"؛ حيث دعا رئيس الحكومة فايز السراج اليوم الثلاثاء 14 يونيو 2016، الليبيين إلى دعم قوات حكومته في معركتها لاستعادة مدينة سرت من قبضة "داعش"، في وقت ترفض الحكومة المعترف بها دوليا المشاركة في هذه الحملة.
وقال السراج في خطاب متلفز نشرته صفحة حكومته على موقع فيسبوك "نبارك انتصارات ابنائنا في جبهات القتال في معركة تحرير سرت وتطهيرها من تنظيم الدولة" الإسلامية، مضيفًا: "ما يحدث من انجازات على هذه الجبهات يستحق ان يكون نموذجًا لمشروع وطني لمحاربة الإرهاب"، داعيا الليبيين إلى ان "يلتفوا" حول هذا "المشروع الوطني لمحاربة تنظيم الدولة."
ومنذ شهر مضي تشن قوات الوفاق حملة عسكرية لاستعادة مدينة سرت 450 كلم شرق طرابلس من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر عليها قبل عام.
وحققت القوات الحكومية وهي خليط من جماعات مسلحة غير منظمة ووحدات من الجيش تقدمًا سريعًا الأسبوع الماضي وسيطرت على المرافق الرئيسية في المدينة المتوسطية بينها المطار والميناء.
وتحظى عملية "البنيان المرصوص" التي قتل فيها نحو 140 من عناصر قوات حكومة الوفاق منذ انطلاقها بدعم واسع في مدن الغرب الموالية لحكومة الوفاق.

وقال المركز الإعلامي لعملية "البنيان المرصوص"، إن مقاتليها أحكموا السيطرة على مدينة سرت، وهم يحاصرون مقاتلي التنظيم داخل هذه المدينة في دائرة لا يزيد قطرها على خمسة كيلومترات، وأوضحت أن مسلحي التنظيم يحصنون مواقعهم في المباني العالية بالمنطقة التي يسيطرون عليها.
يذكر أن قوات حكومة الوفاق الليبية، كانت أعلنت السبت، أنها سيطرت بالكامل على ميناء سرت وأحياء سكنية تقع في شرق المدينة بعد اشتباكات مع تنظيم "داعش" قتل فيها 11 من عناصرها.
وكانت ذكرت بوابة الحركات الإسلامية أن العمليات العسكرية لاستعادة مدينة سرت، والتي بدأت منذ نحو شهر من الآن، تسير بوتيرة سريعة؛ حيث تقول الحكومة في طرابلس إنها أحكمت الحصار على التنظيم الإرهابي في مربع لا يتجاوز خمسة كيلومترات داخل سرت.
ويرى مراقبون أن سرعة سقوط المدينة ومحيطها في أيدي القوات الحكومية، وراءها دعم عسكري سري، تقدمه الدول الغربية للقوات الحكومية.
وكانت قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية: "إن وجود قوات خاصة من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا ساعد كثيرًا في التقدم نحو سرت وذلك، في إشارة إلى الدعم الذي يقدمه خبراء عسكريون من هذه الدول للقوات الحكومية التي تحارب داعش".
وأعرب المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر عن دهشته لسرعة تقدم الكتائب التابعة لحكومة الوفاق نحو آخر وأبرز معاقل التنظيم في سرت.
وبعد شهر من بدء العملية العسكرية الهادفة إلى استعادة سرت، أصبح تنظيم داعش محاصرا في منطقة تمتد بين وسط المدينة الساحلية وشمالها، بحسب ما أكدته القوات الحكومية التي أحكمت سيطرتها على المرافق الرئيسية بعدما نجحت في استعادة ميناء المدينة، الجمعة. ويأتي دخول قوات حكومة الوفاق إلى الميناء استكمالًا للتقدم الذي أحرزته هذه القوات خلال الأيام الماضية وتمكنت خلاله من السيطرة على القاعدة الجوية الرئيسية في سرت ومعسكرات فيها.
وقتل في عملية البنيان المرصوص منذ انطلاقها قبل نحو شهر 140 من عناصر قوات حكومة الوفاق الوطني وأصيب حوالي 500 عنصر بجروح، وفقًا لمصادر طبية في مدينة مصراتة، مركز قيادة العملية العسكرية.
وتستخدم القوات الحكومية في معاركها مع التنظيم المتطرف الدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، بينما تخوض مجموعات منها مواجهات مباشرة مع عناصر التنظيم بين المنازل.
وتتشكل القوات التي تقاتل التنظيم الإرهابي في سرت من جماعات مسلحة تنتمي إلى مدن عدة في غرب ليبيا، أبرزها مصراتة التي تضم المجموعات الأكثر تسليحا في البلاد؛ إذ تملك طائرات حربية من نوع "ميج" ومروحيات قتالية.

ونشأت هذه الجماعات المسلحة في عام 2011 عقب الإطاحة بنظام معمر القذافي، لكن هذه الجماعات احتفظت بأسلحتها وأصبحت اللاعب العسكري الأبرز في ليبيا والأكثر تأثيرا في أمنها.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها: "إن القوات التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج "تخوض معركة أساسية" ضد الجهاديين".
ووفق قوات الحكومة المعترف بها دوليًّا والتي ترفض منح الثقة لحكومة الوفاق حتى الآن فإن الجماعات التي تقاتل الإرهابيين في سرت "ميليشيات خارجة عن القانون".
وتخوض هذه القوات التي يقودها الفريق خليفة حفتر معارك منذ عامين مع تنظيمات معارضة بينها جماعات متطرفة تضم داعش، تهدف إلى السيطرة بشكل كامل على مدينة بنغازي الف كلم شرق طرابلس، دون أن تنجح في ذلك.
ويرى مراقبون أن حفتر أراد عبر المبادرة بإعلان الحرب على "داعش" جر القوات الحكومية في طرابلس وكتائب مصراتة إلى مستنقع سرت، لاستنزاف قواتها وتكبيدها خسائر فادحة؛ ما قد يسهل مهمة جيشه في حال تحركه بالفعل نحو سرت.
ووفق بعض التحليلات، فإن خليفة حفتر كان يريد نصب فخ لكتائب ثوار مصراتة والميليشيات المتحالفة وإدخالها في أتون حرب أهلية، خاصة أن القبيلتين الرئيستين في منطقة سرت هما: قبيلة الفرجان التي يتحدر منها حفتر نفسه، وقبيلة القذاذفة التي يتحدر منها الزعيم الراحل معمر القذافي.
ويري مراقبون أن الخلافات داخل التحالف الداعم لحكومة الوفاق ستبدأ بعد حسم معركة سرت، خاصة أن كل طرف سيعتبر نفسه صاحب الدور الأكبر في طرد داعش ومن حقه الحصول على امتيازات أفضل داخل الحكومة وفي مؤسسة الجيش.