الطيب واليعقوبي.. هل يكون هناك لقاء بين الأزهر والنجف لمواجهة التطرف والإسلام السياسي؟

الأربعاء 15/يونيو/2016 - 04:19 م
طباعة الطيب واليعقوبي..
 
فتحت مبادرة المفكر والمحل السياسي محمود جابر، عن دعوته بلقاء بين الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والمرجع الشيعي محمد اليعقوبي، وما يمثل من مكانة في مرجعية النجف الاشرف بالعراق.
وفي فبراير العام الماضي، وجه ديوان الوقف الشيعي في العراق دعوة رسمية إلى شيخ الأزهر أحمد الطيب، لزيارة العراق ولقاء آية الله السيد علي السيستاني المرجع الديني الشيعي الأعلى بالبلاد.
الدعوة  التي كانت لها مقدمات عديدة، حتى تصل إلى دعوة من الديوان الشيعي، يعتبر ر ئيس ديوان الوقف الشيعي سماحة السيد صالح الحيدري، بدرجة وزير في الحكومة العراقية، وجاءت في توقيت مناسب وقوي في إطار إنهاء لأي صراع مذهبي، وعودة إلى الحوار بين المذاهب الإسلامية، ولتخفيف حدة التشدد الديني والتعبير عن الإسلام الصحيح.

شيخ الأزهر:

شيخ الأزهر:
لدى الأزهر الشريف وعلى رأسه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، مكانة كبيرة  ليس بين المسلمين فقط ولكن بين الأديان والطوائف الأخرى لما يمثله من قيمة كبيرة، بما يمثل الأزهر الشريف من رسم صورة الإسلام الوسطية في العالم أجمع وليس في مصر فقط.
كما يعد الأزهر من المؤسسات الدنية المفتوحة على المذاهب الإسلامية المختلفة، ويدرس فيها المذهب الجعفري الاثني عشري.
واستطاع  الإمام الأكبر منذ توليه مسئولية وقيادة الأزهر الشريف إعادة صياغة الأزهر بجميع الطوائف والمذاهب والأديان، وهذا كان واضحًا في لقائه ببابا الفاتيكان البابا فرانسيس.
موقع الإمام الأكبر على رأس الأزهر الشريف، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، والذي ضم بين أعضائه رموزًا شيعية معتدلة ولها حضورها في العالم الإسلامي- فتح التساؤل متى يحين لقاء الأزهر والمرجعية الشيعية في النجف الأشرف لتأكيد إنقاذ الأمة من أحزاب الإسلام السياسي، التي عصفت ومزقت الدولة الوطنية وأساءت إلى الدين الإسلامي وجعلته مثالًا للقتل والذبح والانتقام بين المذاهب المختلفة، وليس دين رحمة وتسامح.
فإن ما يفرق الأزهر عن أي جامعة أخرى هي الرسالة التي يقوم بها في نشر الوعي الديني والمجتمعي، لافتًا النظر إلى أن الأزهر هو صاحب مبادرة التقريب بين السنة والشيعة، معللًا ضعف الدعوة الإسلامية بضعف التعليم بشكل عام.
وسطية الشيخ ومنهجه المعتدل ورؤاه المستنيرة تجعله دائمًا في مواجهة مع المتشددين والمتطرفين والمغالين، وبعد ثورة 25 يناير 2011م، تبدى للجميع أن الدكتور أحمد الطيب أحد القلاع الحصينة التي واجهت موجة غلو وتشدد غير مسبوقة، خاصة من جانب الإخوان والسلفيين الذين اعتبروه مناوئًا وخصمًا لهم، وما زالوا يسعون بكل جد لإزاحته وإقصائه بكل ما أوتوا من قوة، لكن الشيخ يحظى بمساندة أغلب التيارات الراشدة والمعتدلة في الشارع المصري، ويعتبرون وجوده على رأس المؤسسة الأزهرية درءا لخطر تقويض المؤسسة العريقة، وتفريغها من مضمونها الوسطي المعتدل الذي حافظت عليه طيلة عشرة قرون أو يزيد. 
وكان لشيخ الأزهر الشريف دور كبير في مواجهة الإخوان والسلفيين، في أحلك الظروف التي واجهتها مصر وخلال حكم الإخوان وما بعد 3 يوليو 2013، واستطاع بعقل الأزهر الشريف وثقة المصريين فيه ومع البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أن ينقذا السفينة المصرية من الغرق في دوامة الصراع والقتال، كما حدث في بعض دول المنطقة، من صراع وقتل علي الهوية الدينية والمذهبية وهو ما جعل مصر بأزهرها وكنيستها مثالًا عالميًّا في التوحد لمواجهة التطرف والتشدد الذي يهدد الدولة الوطنية.

الطيب والعراق :

الطيب والعراق :
فى فبراير من العام الماضي ولدي استقباله فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الطيب وفدا رفيع المستوى من المجمع الفقهي العراقي، برئاسة الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه، وذلك لإطلاعه على الأوضاع الجارية في العراق.
دعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب المرجعيات الدينية العراقية جميعها لزيارة مشيخة الأزهر؛ من أجل توحيد كلمة الأمة الإسلامية بوجه المنظمات الإرهابية، التي اعتبرها "عصابات إجراميةً بعيدة عن الدين الإسلامي الحنيف".
وقال ورئيس مجلس حكماء المسلمين، إن "الأزهر الشريف يتألم كثيرا من معاناة الشعب العراقي، وما يمر به حاليا"، مضيفا أن الأزهر الشريف والشعب المصري مع وحدة العراق وترابه، معتبرا ما يحدث بين المسلمين ليس إلا طمعا من أعداء الإسلام ولا بد من التصدي له، مؤكدا بالقول: "نحن دين وأمة وكعبة ورسول واحد ولا خلافات في أصول العقيدة وفروعها"..
وشدد شيخ الأزهر، على أن "الشعب العراقي بمختلف مكوناته وطوائفه في حاجة ملحة إلى تضافر كل القوى، والفصائل لوقف نزيف الدم العراقي، ونبذ الفرقة والشقاق، والارتفاع على النزاعات الطائفية والمذهبية، وعدم الانسياق إلى كل ما من شأنه تفتيت العراق والإضرار بمصالحه العليا، على حد قوله.
وقد استنكر فضيلته سلوك التكفير فى حق الشيعة وأضاف: "هذا غير مقبول ولا نجد له مبرراً لا من كتاب ولا سنة ولا إسلام". وتابع بالقول "نحن نصلي وراء الشيعة فلا يوجد عند الشيعة قرآن آخر كما تطلق الشائعات وإلا ما ترك المستشرقون هذا الأمر فهذا بالنسبة لهم صيد ثمين، ورأى الشيخ الأزهر انه "لا يوجد خلاف بين السني والشيعي يخرجه من الإسلام إنما هي عملية استغلال سياسي لهذه الخلافات"، معلنا انه "سيزور النجف إذا ذهب إلى العراق". وقال "الأزهر واجبه الأول العمل على وحدة الأمة الإسلامية وكذلك توحيد المسلمين على رؤية مع اختلاف الاجتهاد"، مبديا استعداده "لزيارة أي مكان اجمع فيه المسلمين مع بعضهم والنجف بصفة خاصة". ولفت إلى أنه قال للوفد العراقي الذي زاره مؤخراً "سآتيكم وأنا أب للسنة والشيعة. بحسب موقع أخبار مصر يوليو 2015.

اليعقوبي صوت العقل:

اليعقوبي صوت العقل:
في النجف الاشرف والتي ياتي علي راسها ايه الله علي السيستاني، تمثل الكثير من صوت العقل في مواجهة التطرف والارهاب، مرجعية النجف هي إحدى ركائز الفكر الشيعي الرئيسية ومحوره العام ،ويكن لها الشيعة احتراما وافرا ويضعونها في مقام سامٍ باعتبارها رواة الحديث وحملة العلم .
من اهم مدارس النجف الاشرف هي مدرسة الصدر والتي يمثلها السيد الشهيد محمد باقر الصدر، والسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر، ويعد المرجع الدينى محمد اليعقوبي امتدادا لجيل لشهدين وما يمثلانه  من قيمة قوية في الإصلاح والنهضة, وامتداداً لجهود هذين المرجعين العملاقين واستثماراً لفكرهما وبالاستفادة من تجارب حركتيهما نهضت حركة فكرية ضخمة أخرى تستند إلى القواعد الشعبية الوطنية الراقية والمثقفة وتدرك دور النخبة والقيادة الفكرية الشاملة المتمثلة فى المرجع محمد اليعقوبي .
اليعقوبي يمثل قيمة ومكانة كبيرة ليس داخل الحوزة العلمية فقط ولكن من خلال علاقته بالشارع العراقي علي مختلف طوائفه وميوله السياسية، وهو ما يضعه ليكون المجدد والمصلح والمواجه لتيارت التشدد داخل البيت العراقي بشكل عام والبيت الشيعي بشكل خاص.
فقد تبنى المرجع اليعقوبي فكرة عملاقة أطلق عليه البعض بتيار ( صناعة النخبة ) وذلك بالعمل على رفع مستوى القواعد العامة إلى مستوى النخبة ليكون الجميع قائدا في موقعه وهي فكرة تهيئة الكفاءات القادرة على إدارة الدولة العادلة .
وعمل المرجع اليعقوبي على تثبيت فكرة المرجعية المؤسساتية والتي تعتمد التنظيم والفكرة الإستراتيجية وتبتعد كلياً عن الفردية والعبثية في إدارة مقدرات الأمة .
ولأول مرة في تاريخ المرجعية المعاصر في العراق يتم توجيه الحقوق الشرعية باتجاه المنفعة العامة للمجتمع بصورة منظمة ويتم صرف الأموال على يد مؤسسات لا أفراد مما مَكَنَ من إيصال النفع إلى خطوط بعيدة عن واقع الوكلاء وبصورة أكثر فائدة .
ودعوة المرجع اليعقوبي إلى إنشاء مؤسسات اقتصادية إسلامية يُعد خطوة عملية متقدمة بتنظيرات السيد محمد باقر الصدر، وكذلك فكرة بيت الزكاة المصري الذى أسسه فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب. وتُعد المؤسسات الهندسية التي أنشأت تحت رعاية المرجع اليعقوبي مثالا بسيطاً على ذلك بالإضافة إلى دعوته إلى إنشاء مصارف إسلامية لترعى شركات تعتمد الاقتصاد الإسلامي وقد تم إنشاء البعض من تلك الشركات من قبل مهندسين استلهموا فكر المرجعية ولكن على واقع محدود.
اليعقوبي يمثل الصوت العاقل واللمتزن في مواجهة الجماعات والاحزاب التي تتاخذ من الاسلام والتشيع سيلما تحقيق اهدافها واطماعها في السلطة والحكم، علي حساب الوطن العراقي الجامع وايضا لحساب قوي اخري غير عراقية وعربية تنهك الجسد العراقي وتقضي علي مقومات الوحدة والتواصل وتتركه رهينة  للضعف والتشرمذ باسم التشيع، وهو ما وقف ضده المرجع اليعقوبي، مؤكدا علي اهمية حرمة الدماء والحفاظ علي الاوطان.
ويُعد كتاب المرجع اليعقوبي ( دور الأئمة في الحياة الإسلامية ) سبيل ارتقاء بالأمة من خلال التعايش والقبول والاندماج والوحدة, وكذلك كانت مرجعية اليعقوبي مرحلة الالتقاء بين الأفكار الإسلامية بعيداً عن الخطوط الحمراء والأسوار الحجرية التي وضعها من يخافون المواجهة من الطرفين .

هل يتلقي الطيب واليعقوبي؟

كان للازهر الشريف دعوة من قبل مرجعية النجفق لزيارة العراق ولقاء المرجعيات الشيعية فيها، بما تمثل هذه المرجعية من مكانة كبيرة بين الشيعة في العالم، فهل سيكون هناك لقاء قريب بين الدكتور الطيب واكرجع اليعقوبي تعيد تحريك المياه الراقدة في الحوار "الاسلامي- الاسلامي"، كما كانت زيارة شيخ الأزهر، الي  الفاتيكان في اعادة الحديث عن الحوار "الاسلامي المسيحي"، او حوار ااديان بما يساهم في مواجهة التشدد والارهاب.
لقاء الطيب اليعقوبي، اذا تم  التحضير جيدا، سيكون بداية لحوار" اسلامي- اسلامي" لمواجهة التطرف والتشدد وجماعات وأحزاب الاسلامي السياسي بشقيها السني والشيعي، واعادة البوصلةمرة اخري الي التعايش بين الشيعة والسنة والمسلمين والطوائف الاخري، ومواجهة نبرة التكفير والتقسيم وان يكون الشيعة بشكل عام والشيعة العرب وخاصة شيعة العراق ادوات لدول تستخدمهم  لتحقيق اهدافها اطماعها في المنطقة.. فهل سينجح الأزهر ومرجعية النجف في مواجهة التطرف والاسلام السياسي؟

شارك