بعد دعم روسيا لحكومة الثني.. تضارب مصالح دولي يهدد وحدة ليبيا

الأربعاء 15/يونيو/2016 - 04:22 م
طباعة بعد دعم روسيا لحكومة
 
رغم ابتعادها طوال الفترة الماضية، عن الأزمة الليبية وعدم إظهار موقفها علنًا، ظهرت روسيا لتعارض كافة الجهود التي تبذلها حكومات الغرب منذ أن تشكلت حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج دون منحها الثقة من مجلس النواب المعترف به دوليا والموالي لحكومة الشرق بقيادة عبدالله الثني، حيث سحب المجتمع الدولي من الأخيرة الاعتراف بها والشرعية، في حين اعترفت حكومات الغرب بحكومة السراج، بينما أعلنت روسيا بصورة مفاجأة إصرارها علي منح النواب الليبي الثقة لحكومة الوفاق حتي تعترف بها، في تضارب دولي واضح، تدفع ليبيا ثمنه من وحدة وسلامة أراضيها.

بعد دعم روسيا لحكومة
يأتي ذلك في وقت عجز فيه الفرقاء الليبيون عن إيجاد صيغة توافقية تنهي حالة الانقسام الجارية بين فريقي النزاع، وكذلك يأتي مع إصرار الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا على تمرير الاتفاق السياسي وما انبثق عنه من هياكل سياسية دون أن تنال الثقة من مجلس النواب.
في نفس الوقت، كشفت الحكومة الايطالية على لسان وزير خارجيتها، باولو جينتيلوني عن جهود تبذلها للتوصل لإعتراف من طرف الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الليبي الموالي لحكومة الشرق، والقوات التابعة له بحكومة الوفاق الوطني، بقيادة رئيس الوزراء فائز السراج.
وقال رئيس الدبلوماسية الإيطالية أمس الثلاثاء 14 يونيو 2016 خلال ندوة عن ليبيا استضافتها العاصمة روما الثلاثاء، "نحن نعمل خارج دائرة الضوء ومنذ بضعة أسابيع للحصول على نتيجة ربما تكون أكثر دلالة، ألا وهي حث القوات الليبية الموالية للجنرال حفتر على الاعتراف بحكومة السراج".
وأشار جينتيلوني إلى أنه على قناعة بأنه "على المدى البعيد، وما لم يكن هناك قدر أكبر من التضمين مقارنة بالوضع الآن، فإنه من الصعب أن تنعم ليبيا باستقرار حقيقي، ما تم إنجازه حتى الآن مهم جدا، ولكن لا يزال المسار طويلا" لتحقيق استقرار ليبيا. 
وأضاف "حتى هذه اللحظة، الجنرال حفتر يرفض الاعتراف بالسلطة السياسية لحكومة الوفاق، كما أن هناك قوى عسكرية على الجانب الآخر تجد صعوبة في تصور التعايش مع قوات الجنرال حفتر" تحت قيادة موحدة".
وحذر جينتيلوني من أن "بديل تحقيق الاستقرار في ليبيا هو تقسيم ليبيا"، وقال "هذا أمر سيئ، بالنسبة لإيطاليا في المقام الأول. وحدة ليبيا أمر نضعه في قلوبنا نحن الايطاليون، ونعلم أنه الوقت المناسب لمحاولة بذل جهود دبلوماسية للتوصل إلى اتفاق مع قوات حفتر، مع إعترافها بالطبع بسلطة حكومة السراج".
والجدير بالذكر أن الجلسة الذي انعقدت أول أمس من قبل مجلس النواب الليبي، للاعتراف لمنح الثقة لحكومة السراج، فشلت للمرة العاشرة، وذلك بسبب انقسام النواب بين مؤيد ورافض للاتفاق السياسي على شكله الحالي.

بعد دعم روسيا لحكومة
ويعترض بعض النواب علي بقاء المادة الثامنة من الاتفاق السياسي التي تنص على انتقال جميع المناصب السيادية في البلاد إلى المجلس الرئاسي الذي سيقوم في ما بعد بإعادة تسمية شخصيات تتولى هذه المناصب، بما فيها منصب القائد العام للجيش الليبي الذي يتولاه الفريق أول خليفة حفتر، الذي يرى مؤيدوه أن هذه المادة تهدف بالأساس إلى استبعاده من المشهد.
الموقف الروسي ظهر بعد عامين من مراقبة المشهد عن بعد لم تبدي روسيا خلالهما أى موقف عن حالة الانقسام التي تشهدها ليبيا، وظهر المندوب الروسي في مجلس الأمن معارضًا مشروعي قرارين يحظيان بدعم الغرب يتمثل الأول في تخفيف حظر السلاح المفروض على الجيش الليبي منذ 2011 لصالح قوات حكومة الوفاق، أما مشروع القرار الثاني فتقدمت به كل من بريطانيا وفرنسا ويهدف إلى توسيع مهمة عملية صوفيا التي أطلقت السنة الماضية بهدف التصدي وتقليص الهجرة غير الشرعية قبالة السواحل الليبية، لتشمل تفتيش السفن بحثا عن الأسلحة المهربة.
ويرى مراقبون أن هذا القرار يأتي في إطار السعي الدولي لقطع الإمدادات على قوات الجيش الليبي الذي يحارب الإرهاب شرق البلاد، لكنهم في المقابل يرجحون وبقوة فرضية وقوف روسيا في وجه هذين القرارين اللذين من المنتظر أن تتم مناقشة أحدهما الاثنين القادم خلال جلسة لمجلس الأمن.
ويرى متابعون أن روسيا لن تسمح بأي شكل من الأشكال بوصول الأسلحة إلى ميليشيات فجر ليبيا، التي أعلنت ولاءها لحكومة الوفاق بمجرد دخول المجلس الرئاسي للعاصمة طرابلس أواخر مارس الماضي عبر هذا التخفيف، كون ذلك سيسهم في إشعال نار الحرب مع القوات المسلحة الشرعية في شرق البلاد.
وتخشي روسيا من أن تصل هذه الأسلحة لتنظيم داعش الإرهابي المنتشر في كافة المدن الليبية، على غرار ما حدث بعد أحداث الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي بدعم من حلف شمال الأطلسي، حيث تمكنت مجموعات مسلحة متطرفة من السطو على الأسلحة وعلى مخزون من اليورانيوم كان موجودا بمخازن الأسلحة في الجنوب الليبي.

بعد دعم روسيا لحكومة
مراقبون يرون أن التدخل الروسي سيحل الأزمة الجارية في البلاد، وبالأخص عقب تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي أبدى استعداد بلاده للقيام بدور فعال في تسوية الأزمة الليبية، اعتمادا على أسس الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات.
وكانت روسيا قامت بطباعة وتوريد شحنات من العملة الليبية بمطابعها وتوريدها لصالح الحكومة المؤقتة لإنهاء أزمة شح في السيولة النقدية، ما يعني دعمها واعترافها بحكومة الشرق دون غيرها، حيث يفرض المجتمع الدولي منذ مارس الماضي حصارا على السلطات في المنطقة الشرقية بعد أن منع عليها تصدير النفط ورفع عنها الاعتراف الدولي، بغية إضعافها اقتصاديا في خطوة للضغط عليها حتى تسلم السلطة لحكومة الوفاق قبل تصويت مجلس النواب عليها.
ويري مراقبون أن روسيا ستلعب دور قوي في انهاء النزاع بليبيا، وبالاخص علي غرار ما حصل في سوريا وتدخلها عسكريًا للقضاء علي التنظيم الإرهابي داعش، حيث اختلفت آراء المحللين والخبراء بشأن ما إذا كانت العمليات الروسية في سوريا هي محطة ضمن محطات متعددة لدور عسكري روسي جديد في الشرق الأوسط، واتسعت دائرة التحليلات لتطرح سيناريوهات محتملة لتدخل عسكري روسي في ليبيا. 
وكانت ارتفعت وتيرة الدعوات الشعبية داخل ليبيا وخاصة في المنطقة الشرقية المطالبة بتدخل عسكري روسي لإنقاذ البلاد على غرار التدخل الروسي في سوريا، إلا أن السلطات الروسية لم تبد أي استعداد لذلك وتؤكد في كل مرة على ضرورة التوصل إلى حل سياسي.
وتعتبر إمكانية التدخل العسكري الروسي في ليبيا ضعيفة للغاية، وبالأخص لعدم توحد الجيوش الليبية، فالجيش الليبي بقيادة حفتر غارق في صراعاته، كذلك قوات حكومة الوفاق تسعي لاثبات نفسها لإرضاء الغرب وكسب ثقة المجتمع الدولي، ما يؤدي إلي عدم مساندة روسيا عسكريا حال تفكيرها في التدخل، وفي كل الأحوال إحتمالية التدخل الروسي واردة كما حصل في سوريا.

شارك