التهرب من الخدمة العسكرية بين دار الإفتاء والدعوة السلفية

الأحد 19/يونيو/2016 - 05:31 م
طباعة التهرب من الخدمة
 
التهرب من الخدمة
كنا في وقت سابق نشرنا فتوى للدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية تحرم العمل في الشرطة والمطافي كما تحرم التعامل بالقانون الوضعي، وانتشرت هذه الأيام لجان الدعوة السلفية التي تجمع اموال من أعضائها لتولي عدم الحاقهم بالقوات المسلحة لتأدية الخدمة العسكرية مما اعادنا مرة أخرى لفتوى برهامي، حيث يحرم العمل في الشرطة، في فتوى له على موقع انا سلفي وتم نشرها وتداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي: "إذا كنت تعمل في المطافي مثلاً، والأعمال التي لا تتعلق بالقوانين الوضعية ولا تمنعك بالقيام بالطاعات واجتناب الظلم والمعاصي، فلا حرج في ذلك"، وأضاف: "وأما إذا كان لابد أن تفعل المخالفات الشرعية وأن تنفذ ما تؤمر به مما يخالف شرع الله، قد قال رسول الله: (ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفا ولا شرطيا و لا جابيا ولا خازنا)".  
وتعد الدعوة السلفية الذي يشغل برهامي مركز نائب الرئيس بها والتي تعد هذه الدعوة المرجعية الفقهية والعلمية لحزب النور السلفي والذي يساهم بشكل كبير هذه الايام خاصة بعد 30 يونيو 2013 في المشاركة مع الدولة والنظام الحالي في ادارة شئون البلاد ولو حتى بالمشورة فقد سمحت الدولة لبرهامي وغيره من اعضاء الدعوة السلفية باعتلاء المنابر مرة اخرى لينشروا هذا الفكر التكفيري بعد صراع دار بين وزارة الاوقاف والدعوة السلفية انتهى بتدخل مباشر من شيخ الازهر لعودة الدعوة للمنابر هذا من ناحية ومن ناحية اخرى يقوم حزب النور بمباركة من الازهر ومؤسسة الرئاسة بعمل قوافل دعوية تنتشر في الاماكن الفقيرة والاشد فقرا مصاحبة بمعارض للسلع الغذائية والملابس بأسعار مخفضة لجذب اكبر عدد ممكن من المواطنين لهذا الفكر الذي يعادي الدولة والقانون تحت دعوى كفرية القانون الوضعي كما يؤكد على هذا ياسر برهامي في فتوى له بموقع "صوت السلف"
التهرب من الخدمة
اما عن  حكم العمل في الشرطة أو الجيش في الزمن الذي لا يُطبق فيه أحكام الشرع الحنيف فكان جواب الشيخ محمد ناصر الدين الألباني  : ننصح كل مسلم يخشى الله عز وجل ويتقيه أن لا يوظف نفسه في مثل هذه الوظيفة بخلاف من كان مضطراً كما هو الشأن بالنسبة لبعض الدوائر كالجندية مثلاً، فهذا له حكما آخر، أما أن يختار المسلم أن يكون جندياً أو شرطياً وفيه مخالفات شرعية، فذلك مما لا ينبغ للمسلم أن يوظف نفسه فيه، أولاً: لقوله تبارك الله وتعالى في الآية المعروفة: ((ولا تعاونوا على الإثم والعدوان))، وثانياً: لأنه قد جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تنهى المسلم أن يكون في الزمن الذي لا يُطبق فيه أحكام الشرع الحنيف أن يكون شرطياً أو أن يكون جابياً أو نحو ذلك من الوظائف التي يكون فيها المُوظف محكوماً أن يعمل خلاف ما أمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. هذا جوابي عن هذا السؤال.
ومن المعروف ان معظم مؤسسي الدعوة السلفية هاربون من أداء الخدمة العسكرية أو مطرودون منها، وعلى رأسهم محمد عبد الفتاح أبو إدريس، رئيس الدعوة السلفية، وياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة، ومحمد إسماعيل المقدم، مستشار مجلس إدارة الدعوة ومؤسسها، حيث لا تترك الدعوة مجالًا لحلق اللحية، وتعتبره فعلًا أَشِر لا يمكن لمسلم أن يفعله.

قصة هروب «فريد»

قصة هروب «فريد»
ويروي الشيخ أحمد فريد، أحد مؤسسي الدعوة السلفية في مذكراته، موقفه من حلق لحيته لأداء فترة التجنيد، قائلًا: "في هذه الأثناء دخلت الجيش ولي فيه قصة قد يطول شرحها، ولكن أرجو أن يكون في ذلك عبرة وعظة، وأسأل الله أن يرزقني حسن النية في عرضها، وأن يكون ذلك بقصد الفائدة لا فخرًا ورياء، ذهبت إلى القاهرة بحلمية الزيتون لتقديم أوراقي للجيش، وكنت أظن أنني سوف أقدم أوراقي وأعود، ولكن الحال كان على عكس ذلك، حيث قُسم الحاضرون إلى من سيُجند عسكريًا ومن يرشح لضباط الاحتياط، وكنت قد قلت في نفسي إن رُشحت لضباط الاحتياط فلن أحلق لحيتي قولًا واحدًا، وإن رُشحت جنديًا كان في المسألة قولان، وأستخير الله عز وجل أحلق أو لا أحلق".
وتابع: "قدر الله عز وجل أنني رُشحت لضباط الاحتياط لأن الكليات العملية خاصة طب وهندسة يرشحون للاحتياط، فقلت لمسجل الكلية أنا لن أحلق لحيتي، فرفض أن يحولني إلى جندي، وقال أنتم تُحبون السجن، وكانت سيارات الكلية واقفة، فتم نقلنا إلى كلية الاحتياط بفايد دون أن نخبر أهلنا أننا ذاهبون إلى الكلية، وذهبت إلى كلية الاحتياط بالزي الرسمي للجماعة الإسلامية، أقصد القميص والغطرة، وبت ليلة واحدة بعنبر الطلبة، وأحسست بالاختناق في هذا الجو الذي لم أتعود عليه، حتى إنني كنت أعيش بالمسجد وأخالط إخواني وأستمع للقرآن وأشتغل بطلب العلم والحرص على سلامة قلبي، ولكن بحمد الله لم تكرر هذه الليلة التي بتها في عنبر الطلبة بكلية الاحتياط".
ويقول مصدر بالدعوة السلفية، إن الخطوات التي اتبعها "فريد" للتخلص من الخدمة العسكرية، تسببت في نهاية المطاف في طرده من الجيش، وهو ما جعل الدعوة السلفية تعتبره منهاجًا للهروب من حلق اللحية وأداء الخدمة العسكرية، إذ توصي الدعوة أبناءها بعدم الانصياع للأوامر الخاصة بحلق اللحية إلا في حالة أن كان مجندًا وليس ضابطًا احتياطيًا، وذلك لصغر فترة الخدمة، بجانب دعم كونه قيادة داخل الجيش، وكذلك محاولة منهم لعدم تفريغ الجيش من وجود السلفيين داخله ووجودهم داخله أضعف الإيمان ويسمح بانتشارهم وتحركهم في أوساط مختلفة من جميع محافظات الجمهورية. 
 وأوضح المصدر أن الدعوة سلكت عددًا من الخطوات يتم تمريرها داخليًا على شباب الجماعة في مرحلة الجامعة وقبل استعدادهم لتقديم أوراقهم للالتحاق بالجيش، حيث تتصدر أولى الخطوات التعمد في الرسوب في الجامعة لحين الوصول للسن الذي يسمح بدفع مبلغ مالي بدلًا من أداء الخدمة العسكرية، كما يتبنى عدد من شيوخ الدعوة السلفية دفع المبالغ المالية مقابل عدم تجنيد شبابها ودفعهم لحلق اللحية، وعلى رأسهم الشيخ شعبان درويش والشيخ أحمد حطيبة. 
 وأوضح المصدر أنه تم تخصيص مجموعة داخل الدعوة السلفية يتم تقديم الطلبات إليها من أبناء الدعوة الراغبين في التهرب من التجنيد، ويتم تخصيص مبلغ شهري يتم دفعه بشكل دوري، ويتم دفعه عقب الوصول إلى السن غير المقبول للالتحاق للجيش، وهو ما اتخذ من بعد سبيلًا للتهرب من أداء الخدمة العسكرية، وعلى رأسها رفض حلق اللحية، مؤكدًا أن أغلب شباب الدعوة لم يؤدوا الخدمة العسكرية، حيث كانوا يتعمدون الرسوب بالجامعة حتى يكملوا الثلاثين عامًا، ثم تدفع الدعوة غرامة التهرب من الخدمة من مال «التخلُّص»، فهذا المال يأتي من حرام، ويريد صاحبه التخلص منه، فيقدمه للدعوة السلفية لتخدم به المسلمين، وكانت الدعوة ترصده لغرامات التجنيد.
أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية تجيب عن سؤال التهرب من الخدمة العسكرية الذي يقوم به أعضاء الدعوة السلفية:
التهرب مِن تأدية الخدمة العسكرية هو حرام لا يجوز شرعًا؛ فإن الأمنَ مِن أهمِّ أركان المجتمع المسلم، ومِن واجب الحاكم حِراسة الأمة مِن عدوٍّ أو باغٍ على نفسٍ أو مالٍ أو عِرضٍ، وهذا يقتضي تكوين جيشٍ قويٍّ لهذه المُهِمّة.
التهرب من الخدمة
وقد أقر الشرع فريضة الجهاد وحث عليها رغم ما فيها من إمكانية فقد النفس أو ما هو أقل منها؛ وما ذلك إلَّا لوجود مصلحةٍ أعظم تترتب عليه وهي صد العدوان وعدم تمكين العدو مِن الأرض والعِرض.
قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهوا شَيْئًا وهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.. [البقرة : 216]، وقال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ الله}.. [التوبة: 41]. 
كما حذَّر تعالى مِن التقاعس عن الجهاد فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيل اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضَرُّوهُ شَيْئًا}.. [التوبة: 38 - 39].
والأصل أن الجهادَ فرضُ كفايةٍ؛ إذا قام به البعض سقط عن الباقين، إلَّا أن فرض الكفاية يتحول إلى فرضِ عينٍ في أحوال منها: هجوم العدو علينا، ومنها تعيين الإمام شخصًا بعينه فيتحول فرض الكفاية في حقه إلى فرض عين، والانتداب إلى الخدمة العسكرية مِن هذا القبيل؛ فيكون واجبًا على المُنتَدَب أن يؤدي الخدمة، ويحرم عليه التهرب منها، وهو بتهربه قد جمع بين مخالفة الواجب الشرعي، والفرار من الواجب الوطني.
والخدمة العسكرية وإن لم يكن فيها قتالٌ مباشرٌ للعدو بأن كانت الدولة في حال السِّلم إلَّا أن فيها إظهارًا للقوة، ورباطًا واستعدادًا دائمًا لمواجهة العدو، وهو أمرٌ واجبٌ لذاته؛ قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ اللهُ يَعْلَمُهُمْ}.. [الأنفال: 60].
كما أن فيها حراسةً لحدود الدولة مِن تسلل ما يضر الدولة مِن عدوٍّ وغيره، وكلها أمورٌ واجبةٌ تأخذ حكم مواجهة العدو في ساحة القتال، فأخرج الترمذي في "سننه" عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ».
وقد جَرَّم القانون المصري التهرب مِن الخدمة العسكرية؛ فنص في المادة 49 مِن قانون الخدمة العسكرية والوطنية رقم 127 لسنة 1980م على أنه: [مع عدم الإخلال بحكم المادة (36) يعاقَبُ كُلُّ متخلِّفٍ عن مرحلة الفحص أو التجنيد جاوَزَت سِنُّهُ الثلاثين أو الحادية والثلاثين؛ حسب الأحوال، بالحبس مدةً لا تقل عن ستين يومًا وغرامةٍ لا تقل عن ألفي جنيهٍ ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيهٍ أو بإحدى هاتين العقوبتين].
وبناء على ذلك: فإن التهرب من الخدمة العسكرية أمر محرم، وصاحبه آثم شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم
رابط فتوى برهامي

شارك