غموض في مسار مفاوضات الكويت.. واتصالات بين حزب صالح والاخوان
الأحد 19/يونيو/2016 - 06:41 م
طباعة

دخلت المشاورات، أسبوعها التاسع، لا يزال الغموض يلف مصير مفاوضات الكويت التي ترعاها الأمم المتحدة والمنعقدة بين وفد الحكومة اليمنية ووفد الحوثيين وحزب صالح، إذ دأب الطرفان على تبادل الاتهامات بعرقلة المشاورات والسعي إلى إفشالها على رغم الجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ لتقريب وجهات نظر الفريقين.
المسار التفاوضي:

وعلى صعيد المسار التفاوضى، كشفت مصادر مشاركة في مشاورات السلام اليمنية بالكويت، أن الوفد الحكومي اقترح ضم الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام إلى الحكومة الحالية، لكنهما يرفضان المقترح، ويصران على تشكيل “حكومة توافقية” جديدة.
ويقف تشكيل الحكومة حجر عثرة أمام المشاورات الجارية منذ 21 أبريل الماضي، رغم تحقيق بعض التقدم في ملف الأسرى.
ويصر وفد الحوثيين-صالح، على تشكيل حكومة جديدة، يرجح البعض أن تلقى تجاوبا لدى قوى إقليمية ودولية تريد وضع حد للأزمة اليمنية.
وقال مصدر تفاوضي حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته “اقترحنا أن يتم تعديل الحكومة الحالية وتوسيعها بحيث يتم استيعاب الحوثيين وحزب صالح فيها، لكنهم (الحوثيون) يرفضون، ويطالبون بحكومة جديدة”.
وشدد المصدر على أن الوفد الحكومي متمسك بعودة الحكومة الحالية، التي يرأسها أحمد عبيد بن دغر، إلى العاصمة صنعاء لممارسة مهامها وتوسيعها، ومن ثم يصدر قرار جمهوري بتشكيل اللجنة العسكرية والأمنية التي ستشرف على انسحاب قوات الحوثيين وعلي عبدالله صالح من جميع المدن، بالمناصفة من الجانب الحكومي والمتردين.
وأوضح أن “نقاشات تشكيل اللجان العسكرية لم تنته بعد؛ حيث يطالب الوفد الحكومي أن يكون أعضاؤها من الضباط (الجيش) غير المشاركين في الانقلاب على السلطة”.
في المقابل، قال مصدر مقرب من وفد الحوثيين مشترطا عدم الكشف عن هويته، إن وفده متمسك بمطلب تشكيل حكومة جديدة، وأن النقاشات مع المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، تتمحور حول “السلطة التنفيذية” لمؤسسة الرئاسة والحكومة التوافقية.
ويرفض الحوثيون الاعتراف بالحكومة التي شكلها الرئيس عبدربه منصور هادي، ويرى متابعون أن هذا الموقف المتصلب نابع من وجود أزمة ثقة بين الجانبين، يصعب تجاوزها.
ووفقا لمصادر من الطرفين، يطالب الحوثيون بالاتفاق على المجلس الرئاسي، الذي سيعقب فترة انتقالية يتم منحها للرئيس الحالي عبدربه منصور هادي؛ ويتمسكون بفترة انتقالية من 18 شهرا، فيما يطالب وفد الحكومة وحزب المؤتمر الشعبي العام، أيضا، بفترة انتقالية قصيرة من 6 أشهر، يعقبها الاستفتاء على الدستور، وإجراء انتخابات رئاسية.
ويرى مراقبون أن الأمم المتحدة وصلت إلى قناعة بضرورة رفع المشاورات التي دخلت الأحد يومها الـ59، إلى جولة قادمة، تقام بعد عيد الفطر، لفسح المجال أكثر للمحادثات الجارية بعيدة عن أضواء الكويت، والتي يتوقع أن تكون حاسمة لحل الصراع.
وكشفت تسريبات تناقلتها وسائل إعلام موالية للحكومة، خلال الساعات الماضية، بعض تفاصيل الخارطة الأممية، والتي تتضمن جملة من الإجراءات التمهيدية، أبرزها إلغاء الإعلان الدستوري وما يسمى “اللجنة الثورية”، التي شكلها الحوثيون وحزب المؤتمر لإدارة شؤون البلاد بعد الاستيلاء على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وكل ما ترتب عليهما من تغييرات حوثية في مؤسسات الدولة، وتشكيل لجنة عسكرية تحت إشراف أممي من قادة عسكريين لم يتورطوا في أعمال قتالية، ولم يشاركوا مع قوات الحوثيين في الحرب، للإشراف على انسحابهم من صنعاء.
وقال مصدر مطلع على المشاورات، “لا نعرف ماذا يخطط المبعوث الأممي، ولا نعرف متى سيقوم بإنزال الورقة الأممية، بعد أن كان يفترض أن يتم ذلك الأربعاء، أو الخميس”.
وأضاف “المبعوث الأممي سُيقدّم الثلاثاء القادم، 21 يونيو إحاطة لمجلس الأمن بمناسبة مرور 60 يوما على المشاورات، وربما يأخذ الضوء الأخضر من المجلس لطرحها في رمضان، أو قد يؤجل ذلك إلى ما بعد عيد الفطر إذا تم رفع المشاورات”.
الوضع الميداني:

وعلى الصعيد الميداني، تستمر المعارك في عدة مناطق يمنية، رغم إعلان وقف إطلاق النار منذ 11 أبريل. وذكر سكان في تعز، ثالث المدن اليمنية، أن الحوثيين أطلقوا السبت صواريخ على أحياء سكنية قبل تبادل الأسرى. وتسيطر القوات الحكومية على تعز لكن المتمردين يحاصرونها.
وافادت مصادر الحكومة بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من 40 آخرين معظمهم من المدنيين نتيجة القصف الحوثي المستمر على مواقع الجيش والمقاومة والأحياء السكنية في تعز. وقالت المصادر أن قوات الجيش والمقاومة صدت «هجوماً للمليشيات في مواقع الدفاع الجوي وجبل الزنوج، شمال غربي المدينة، وهجوما آخر على حي «ثعبات».
وفيما كثف الحوثيون وأنصار صالح من هجماتهم الصاروخية وعمليات التقدم والزحف في أرياف تعز باتجاه باب المندب غرباً وقاعدة العند العسكرية شمال محافظة لحج الجنوبية أكدت مصادر المقاومة والجيش بأنهم شنوا هجوماً بصواريخ «كاتويشا» على مأرب انطلاقاً من مواقعهم في منطقة جبال هيلان في مديرية صرواح، كما شنوا هجمات صاروخية أخرى على مواقع الجيش والمقاومة في مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف.
وقالت المصادر إن طيران التحالف استهدف تعزيزات للانقلابيين في مديرية «المطمة» في الجوف ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات، وأن قوات الجيش الوطني والمقاومة «حققت تقدماً كبيراً في جبهة نهم شمال شرقي صنعاء وباتت على مشارف مديرية بني حشيش».
واندلعت معارك عنيفة أيضا في مدينة كرش (جنوب غرب) الواقعة على الطريق بين عدن وتعز، فيما أطلق المتمردون قذائف في مأرب بوسط البلاد، وفق مصادر في القوات الحكومية. وأسفر النزاع في اليمن عن أكثر من 6400 قتيل و30 ألف جريح منذ مارس 2015.
كما تمكنت المقاومة الشعبية من فرض سيطرتها على منطقة "عنبرة"، بين حبيش القفر وحزم العدين بمحافظة إب، وسط اليمن، يوم السبت.
وقالت مصادر محلية لـ"المصدر أونلاين"، إن عناصر المقاومة الشعبية في جبهة الشعارو، سيطروا على منطقة "عنبرة الواقعة بين مديريتي حبيش القفر وحزم العدين، وأجبرت ميليشيا الحوثي وقوات صالح على مغادرتها، بسبب خرقها الدائم للهدنة.
وذكرت المصادر أن عناصر المقاومة أمنوا المنطقة بشكل كامل. وبحسب المصادر فإن الميليشيا لجأت إلى قصف المناطق السكنية والقرى، من منطقة "حليمة"، المجاورة لـ"عنبرة".
وفي محافظة الجوف شمال اليمن، سقط صاروخ أطلقته ميليشيا الحوثي، بالقرب من منازل مدنيين في مدينة الحزم، عاصمة المحافظة. وقال مصدر عسكري لـ"المصدر أونلاين"، إن صاروخ "توشكا"، أطلق من محافظة عمران، سقط في مساحة خالية شمال مدينة الحزم.
وذكر المصدر أن عدد من المنازل تضررت بشكل طفيف جراء سقوط الصاروخ، فيما لم يصب أي من المدنيين.
الوضع الانساني:

في غضون ذلك، كشف تقرير حقوقي أعده المركز الإعلامي للثورة اليمنية، خلال مايو الماضي، تسجيل 749 حالة انتهاك في إقليم تهامة، بينها جريمتا قتل و15 حالة تعذيب بحق سجناء، إضافة إلى 17 عملية اختطاف، و310 عمليات تجنيد أطفال، و112 اقتحاماً لمدارس، وكذلك تم تسجيل 120 حالة تشريد وتهجير، و80 عملية مصادرة رواتب تربويين، و25 حالة اقتحام مساجد.
وكانت الميليشيات فرضت خطباء بالقوة، كما استحدثت ثلاثة معسكرات تدريب، و10 نقاط تفتيش واعتقال. وتم توثيق 174 انتهاكاً بحق المدنيين في محافظة الحديدة وحدها، بينها 50 اعتداء بحق أشخاص، و38 اعتداء على ممتلكات عامة وخاصة، كما دونت 28 عملية اقتحام منازل، وانتهاكات أخرى تم توثيقها خلال شهر أبريل ضمن سجل الميليشيات الحافل بالانتهاكات بحق الإنسان اليمني.
المشهد السياسي:

وعلى صعيد المشهد السياسي، دعا رئيس البرلمان اليمني، القيادي المقرب من المخلوع صالح، يحي الراعي، التصالح مع حزب الإصلاح .
وأكد الراعي أن "الأزمة التي مر بها اليمن منذ العام 2011، كشفت عن مواقف قيادات المؤتمر الشعبي العام"؛ في هجوم على القيادات التي انشقت عن المخلوع صالح وأيدت الشرعية.
وقال الراعي في محاضرة ألقاها في جامعة صنعاء، إن "صالح دعا في أكثر من خطاب إلى أهمية التسامح مع مختلف القوى اليمنية وعلى رأسها حزب الإصلاح لمواجهة من أسماهم بالمعتدين على بلاده".
فيما طالب الوفد الحكومي في جلسة مشاورات مع المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد بحل الميليشيات الحوثية قبل البحث في شراكة سياسية.
وأعلن عبدالملك المخلافي، وزير الخارجية اليمني، ورئيس الوفد الحكومي المفاوض في مشاورات السلام اليمنية المنعقدة في الكويت، أنه تم في جلسة المشاورات مع المبعوث الأممي مناقشة ضرورة ترافق حل ما يسمى باللجنة الثورية العليا واللجان التابعة لها والميليشيات مع عملية الانسحاب وتسليم السلاح وإلغاء الإعلان الدستوري.
وأكد المخلافي في تغريدات له عقب اجتماع الوفد الحكومي مع ولد الشيخ أحمد أن الجانب الحكومي أكد على أن الحل المرتقب يجب أن يقضي بإبعاد المشمولين بالعقوبات الدولية من الحياة السياسية حتى لا يعرقلونه.
وقال: "بحثنا مع المبعوث الخاص التزام الحوثيين حل الميليشيات والتحول إلى حزب سياسي قبل بحث أي شراكة سياسية".
المشهد اليمني:
دخلت مفاوضات الكويت بشأن الأزمة اليمنية مرحلة جديدة في إطار مساعي المبعوث الدولي للتوصل إلى اتفاق سلام شامل يعتمد على مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومن ثم بات التوصل إلى حل للوضع في اليمن أمرًا حيويًّا للحفاظ على كيان الدولة اليمنية ووحدة أراضيها. والسؤال هنا: هل ستكون مفاوضات الكويت آخر الجهود لإحلال السلام ببلاد اليمن السعيد الذي يئن من وطأة الحرب وتداعياته؟