مقتل البغدادي.. تساؤلات حول مستقبل"داعش"؟
الثلاثاء 21/يونيو/2016 - 05:17 م
طباعة

من وقت لأخر تتداول الاخبار حول مقتل زعيم تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" المدعو أبو بكر البغدادي، وهو ما يضع تساؤلات حول مستقبل التنظيم في ظل الحرب التي يخوضها التحالف الدولي ضده في سوريا والعراق، ومواجهات وانتشاره في عدد من الدول الأخري والتي تقوم بمواجهته.
تضارب مقتله:

الأنباء التي تناقلتها عدد من وسائل الإعلام حول مقتل أو إصابة أبو بكر البغدادي المتطرف خلال اليومين الماضيين لا تُعد الأولى من نوعها، حيث سبق وأن تم تناقل هذه الأنباء في عدة أوقات سابقة، فمنذ عام تقريبا تم نشر أنباء تحدثت عن مقتل “البغدادي” 7 مرات، لكنه لم يتم تأكيد هذه الأنباء واتضح فيما بعد أنها مجرد أخبار كاذبة.
وقد ذكر المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص بالتحالف العالمي لمكافحة داعش بريت ماكجورك، قوله: «ليس لدينا سبب للاعتقاد بأن البغدادي ما يزال على قيد الحياة، ولكن لم نسمع عنه منذ نهاية العام الماضي».
ياتي ذلك مع صمت البغدادي أو حتى موته قد يبدو وكأنه خبر ممتاز لمكافحي الجهاديين. فهو من أطلق عليه «أمير المؤمنين» من قبل داعش في عام 2014، وهو لقب لم يتم منحه لأحد منذ سقوط السلطان العثماني.
وقد نشرت صحيفة تليجراف البريطانيّة الهيكل التنظيمي لداعش بما يعرف بـ «مجلس وزراء» داعش، حيث اتبع التنظيم الذي يزعم سعيه إلى إقامة الخلافة الإسلامية النهج الغربي في هيكلة التنظيم وتسمية القيادات.
مرونة التنظيم:

وقال الباحث في منتدى الشرق الأوسط أيمن التميمي إن "الكثير في الدولة الإسلامية مرتبط بشخصية أبو بكر البغدادي. إذا قتل فعلا (جراء ضربات التحالف)، لا أعرف من يمكن أن يحل مكانه".
وأشار هذا الباحث المتابع لشؤون الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط إلى أن "الهيكلية (الإدارية) لتنظيم الدولة الإسلامية، أكان على مستوى الولايات التابعة له أو عبر الحدود، تقدم كل المؤشرات على (تركيبة) دولة".
وقد ذكر تقرير نشره موقع «بلومبرج» أن بعض الخبراء الإستراتيجيين والباحثين العسكري، قالوا إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة سيكون أفضل حالًا إذا بقي البغدادي على قيد الحياة.
فمع الأخذ في الاعتبار الدراسة التي قامت بها جينا جوردان في عام 2014 من معهد جورجيا للتكنولوجيا، والتي تناولت ما يسمى بضربات قطع الرأس ضد الجماعات الإرهابية الكبرى، والتي قالت فيها عندما قتل مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن: «قطع الرأس من غير المرجح أن يقلل من قدرة تنظيم القاعدة، وإنما قد يكون له عواقب عكسية، الأمر الذي شجع أو عزز المنظمة».
جوردان، وفقًا للتقرير، استندت في رأيها على نظرية «المرونة التنظيمية»، والتي قد يدركها خريجو كلية إدارة الأعمال أكثر من عناصر مكافحة الإرهاب. جوردن ترى أن العديد من الجماعات السرية هي بيروقراطية في كثير من الأحيان. هذه المنظمات «لديها تقسيم واضح للمسؤوليات الإدارية والوظيفية، واتباع القواعد والإجراءات، وبالتالي فهي أكثر عرضة لتحمل الزوال المفاجئ للزعيم أو الزعماء». وكل هذه الخصائص من اللامركزية تنطبق بدقة على تنظيم داعش أكثر من تنظيم القاعدة.
قيادة "داعش":

لذا إذا لم يكن القضاء على البغدادي ضربة قاصمة لتنظيم داعش، على الأقل هل يمكن اعتباره انتصارًا في الحرب الدائرة، أليس كذلك؟
ونقل التقرير هنا عن هارورو إنجرام من الجامعة الوطنية الأسترالية وكريج وايتسايد، من الكلية البحرية الأمريكية، قولهما إن «القيادة الكاريزمية هي شكل من أشكال القيادة المتقلب بطبيعته». فالخليفة، يمكن الاستعاضة عنه بشخص ذي مهارات عسكرية وتنظيمية أقوى بكثير.
وقال التقرير إن كلًّا من هارورو ووايتسايد سلطا الضوء على الأيام المظلمة في تاريخ داعش بعد وفاة المؤسس أبي مصعب الزرقاوي عام 2006، الزعيم الكاريزمي النمطي.
وفي حين جعلت حرب العصابات التي شنها الزرقاوي على القوات الأمريكية، تنظيم القاعدة في العراق، التنظيم الأكثر رعبًا في التمرد العراقي، فإن حرصه على قتل إخوانه المسلمين صعد، ليس فقط من حفيظة الأغلبية الشيعية في البلاد، ولكن أيضًا المتطرفين السنة الذين ينتمي إليهم، بما في ذلك قيادة تنظيم القاعدة. وخلفه أبو عمر البغدادي الذي كان يفتقر إلى جرأة المعارك، ولكنه أصلح العلاقات مع الجماعات الجهادية الأخرى، وأعاد تنظيم جماعته للاستفادة من الانسحاب النهائي للقوات الأمريكية.
خلافة البغدادي:

من جانبه يقول نبيل نعيم زعيم تنظيم الجهاد السابق، إن الأنباء التى تم نشرها حول مقتل أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم داعش منذ فترة قد تكون بشكل كبير صحيحة، مؤكدًا أن هذا الخبر سيكون له تأثير على التنظيم، ولكن ليس بالكبير لأن التنظيم لديه بدائل يمكن أن يخلفوا “البغدادي” فى حال تعرض قائد التنظيم للقتل، موضحا أن لدى تنظيم داعش مجلس شورى يتم اختيار شخص من داخله لقيادة التنظيم.
وأضاف نعيم أن «مبايعة خليفة جديد لزعيم التنظيم تتم فى حالتين فقط: الأولى عند مقتل الأمير، والثانية عند إصابته بعجز»، مؤكدا أن مقتل البغدادى وغيره من قيادات داعش لن تنه التنظيم، وفى حال نجاح التحالف الدولى فى القضاء على القيادات الحالية للتنظيم سيتشعب لتنظيمات عدة تحمل نفس الاسم، وسيزعم كل أمير منهم قيادته لداعش، وسيظل التنظيم متواجدا ولن يتم القضاء عليه فى الأفق القصير.
وأشار «نعيم» إلى أن هناك خلافات قوية داخل التنظيم حول المناصب القيادية ستتسبب فى التعجيل بتفكيك داعش، لكنها لن تتمكن من إنهاء وجوده، منوها إلى أن داعش تحاول رفع معنويات مؤيديها بنفى خبر مقتل أو إصابة البغدادى، خشية تراجع مؤيديها عن فكرة ما يزعمون بأنه «الخلافة» و«الدولة الإسلامية».
مستقبل "داعش":

فقد اعتبر تقرير نشره موقع «بلومبرج» أن مقتل خليفة (داعش) ابو بكر البغدادي، في حال حدوثه سيكتنفه العديد من المخاطر بخلاف ما يعتقده البعض.
التقرير رجح أن يشكل خليفة البغدادي تهديدًا أكبر، خاصةً إذا اختار عدم إعلان نفسه خليفة للمسلمين. ومن شأن ذلك أن يدع الباب مفتوحًا أمام تنظيم داعش لإصلاح ذات البين مع الجماعات الإرهابية السنية الأخرى، بما في ذلك تنظيم القاعدة، وجبهة النصرة.
كما توقع قال قائد عمليات تحرير مدينة الفلوجة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، ظهور نسخة أكثر تطوراً من التنظيم مستقبلا.