"منبج".. المدينة التي ستقضي على نفوذ "داعش" في حلب
الخميس 23/يونيو/2016 - 03:09 م
طباعة
تعد مدينة منبج السورية من المدن المهمة في الشمال السوري؛ وذلك لأنها تعد طريقًا استراتيجيًّا يربط بين معقل تنظيم الدولة "داعش" في الرقة وطريق إمداد رئيس للتنظيم وقاعدة لاستقبال المقاتلين الأجانب للتنظيم وتدريبهم وتصديرهم للخارج، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الحساس القريب من الحدود الشمالية مع تركيا، وهو الأمر الذي يشكل في حال خسارة "داعش" لها أزمة كبيرة للتنظيم الدموي، وينهي نفوذه في الشمال السوري ومنطقة حلب بالكامل.
وتتمثل أهمية مدينة منبج أيضًا في أنها أكبر مدن الريف الحلبي ومركز الريف الشرقي والشمالي الشرقي لحلب، كما أنها تعتبر ثاني أكبر المدن السورية التي ليست مراكز للمحافظات بعد مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة؛ لذلك جعل التنظيم منها مركزاً رئيساً له وأهم معقل له في ريف حلب الشرقي، هذا من جهة ومن جهة أخرى تعتبر المدينة ذات أغلبية عربية مع وجود بعض الأقليات الشركسية والتركمانية والكردية لا تتجاوز نسبتهم جميعاً 10 – 15%.
وقد أعلن التحالف الدولي إحكام القوات المشاركة في عملية منبج الحصار على تنظيم "داعش" في المدينة، وأكد شهود عيان أن قوات سوريا الديمقراطية دخلت مدينة منبج من الجهة الجنوبية الغربية بغطاء جوي كثيف من التحالف الدولي بقيادة أمريكية، وأن اشتباكات عنيفة تدور بين الأبنية وفي الشوارع داخل المدينة ويعد هذا الاقتحام جزءًا من المعارك العنيفة ضد تنظيم "داعش" للسيطرة على مدينة منبج، التي بدأت منذ شهر تمكنت خلالها قوات سوريا الديقراطية من تطويق المدينة وقطع طرق إمداد التنظيم إلى مناطق أخرى تحت سيطرته ونحو الحدود التركية.
لكن اتباع الإرهابيين استراتيجية التفجيرات الانتحارية والمفخخات يعيق تقدم قوات سوريا الديمقراطية بشكل سريع إلى داخل منبج، وإن المواجهات بين الطرفين باتت على تخوم منبج من الجهات الجنوبية والشمالية والغربية، وإن قوات سوريا الديمقراطية تقوم بعملية قضم تدريجي للقرى والمزارع الموجودة في محيط منبج بهدف تضييق الخناق على مقاتلي "داعش" المحاصرين داخل المدينة.
وتقوم الطائرات الحربية الأمريكية بدور كبير في معركة منبج إلى "جانب المستشارين والخبراء العسكريين الأمريكيين على حسب ما أكدت القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسطي، بالإضافة إلى قيامها بشن أكثر من 100 ضربة جوية على أهداف تنظيم الدولة، دعمًا للهجوم على منبج، وأن هذه الجهود العسكرية تندرج في إطار "طرد داعش من الحدود التركية، والحد من تدفق المقاتلين الأجانب، واحتواء تهديد داعش لتركيا وأوروبا والولايات المتحدة"، وفق تعبيرها.
وقال أحمد أبو الطيب الناشط السوري من ريف حلب: "إن سيطرة القوات الكردية على المدينة بمساعدة القوات الجوية الأمريكية، يشكل نقطة تهديد أخرى لتركيا، بهدف الحد من نفوذها في سوريا والمنطقة، من خلال دعمها مثل هذه القوات التي تصنفها تركيا بأنها "إرهابية". وإن سيطرة قوات "قسد" على هذه المدينة "يجهض مساعي الثوار السوريين ويحرمهم من طرق الإمداد، ووصول المساعدات إلى ريف حلب الشمالي".
وشدد عضو الهيئة المركزية لحزب العمال الكوردستاني، مراد قره يلان، على أهمية تحرير مدينة منبج الواقعة في شمال شرقي حلب السورية، وأن تركيا تحاول دعم تنظيم "داعش في المناطق الحدودية، وأن الحكومة التركية تخوض حرباً متواصلة ضد ثورة روج آفا؛ لأنها تدرك أن الطريق نحو كردستان الكبرى يمر عبر روج آفا. وهي تخشى من أن أي كيان كردي هناك قد يمهد لكردستان الكبرى، وأن حملة تحرير منبج مهمة جداً بالنسبة لشمال سوريا، وأن الدولة التركية تسعى إلى إفشال هذه الحملة من خلال دعم داعش عبر جرابلس، وأن قوات سوريا الديمقراطية تشارك في الحملة، وتشهد مناطق إعزاز، جرابلس، وعفرين، والشهباء تطورت مهمة، وأنه بحسب المعلومات التي وصلتنا فإن داعش تصر على البقاء في منبج.
ومع تقدُّم قوات "سوريا الديمقراطية" التي تشكل "قواتُ حماية الشعب الكردية" عمودها الفقري باتجاه المدينة، تتزايد المخاوف والشكوك من تغيير ديموغرافي قد يطرأ على المدينة وحملات تهجير على أساس عرقي، كما حصل في كلٍّ من تل أبيض وبعض مناطق محافظة الحسكة، كما أن قوات "سوريا الديمقراطية" تدرك تماماً أن سيطرتهم على مدينة منبج تعني سيطرتهم العملية على كل المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" بما فيها مناطق جرابلس والباب وناحية الراعي وصولاً إلى مدينة مارع في الريف الشمالي؛ وذلك لأن السيطرة على مدينة منبج تعني عمليًّا قطع كل خطوط الإمداد للتنظيم في ريف حلب، خاصة مع تقدم قوات النظام باتجاه مدينة الباب بعد فكِّ الحصار عن مطار كويرس العسكري، وسيطرته على مناطق واسعة في محيط المطار وصولًا إلى مشارف بلدة تادف القريبة من مدينة الباب.
أبو أسامة المنبجي أحد ناشطي المدينة أكد أن التنظيم يدرك تماماً معنى خسارته لمدينة منبج، والتي تعني بشكل عملي خسارته لكل مواقعه في ريف حلب؛ لذلك يحاول بكل قوته أن يوقف تقدم قوات سوريا الديمقراطية، وذلك باستهداف مواقع جيش سوريا الديمقراطي على طول ضفاف نهر الفرات من ناحية الشيوخ شمالاً وحتى منطقة جسر قره قوزاق جنوباً، لكن كل محاولاته لاستعادة سد تشرين باءت بالفشل حتى الآن.
تشهد المدينة حالة من عدم الاستقرار ليس لها مثيلاً منذ انطلاق الثورة السورية، خاصة أن المدينة لم تشهد معارك إبان سيطرة الجيش الحر عليها في صيف 2012، بل انسحب النظام منها بعدما خسر أغلب معاقله في ريف حلب، كما أن المدينة لم تشهد قتالاً حقيقيًّا أثناء سيطرة التنظيم على المدينة؛ كون التنظيم كان قد أحكم سيطرته على أغلب المناطق المحيطة بمدينة منبج قبل اقتحامها.
أبو علاء أحد أبناء المدينة يقول: «إن هنالك حالة من الترقب في أوساط المدنيين، فمن جهة هناك احتقان كبير من قبل الأهالي تجاه تنظيم داعش الذي ارتكب عدداً من المجازر بحقِّ أبناء المدينة، وخاصة بحق عناصر الجيش الحر، لكن الأهالي يتمنون خروج التنظيم من المدينة دون قتال لتجنيبها الدمار الذي قد يلحق بها في حال قرر التنظيم القتال، وبنفس الوقت هناك تخوف بالمقابل من حملات تهجير على أساس عرقي من قبل قوات سوريا الديمقراطية، خاصة أن التنظيم كان قد ارتكب العديد من المجازر بحقِّ الأكراد في المنطقة، وهناك تخوف من تحميل أبناء المدينة تبعات ممارسات داعش بحق الأكراد.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن خسارة تنظيم داعش لمدينة منبج السورية ستقضي على نفوذه في حلب، بل والشمال السوري بالكامل؛ لأنها تعد طريقًا استراتيجيًّا يربط بين معقل تنظيم "داعش" في الرقة وطريق إمداد رئيس للتنظيم وقاعدة لاستقبال المقاتلين الأجانب للتنظيم وتدريبهم وتصديرهم للخارج، وهو الأمر الذي يشكل في حال خسارة داعش أزمة كبيرة للتنظيم الدموي.