غموض الموقف الأمريكي.. هل يفشل مساعي القضاء على "داعش" ليبيا؟
الأحد 26/يونيو/2016 - 12:07 م
طباعة

يبدو أن موقف الولايات المتحدة من الأزمة الليبية سيظل محيرًا، فما بين التصريحات الرافضة للتدخل في ليبيا واحتمالية التدخل، يظل هناك غموض حول التدخل الأمريكي لمواجهة داعش في ليبيا، وقال بيتر كوك، الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية في تصريحات صحافية أمس السبت 25 يونيو 2015: "إن الولايات المتحدة على استعداد لشن غارات جوية تستهدف مواقع تنظيم داعش في ليبيا خلال الفترة القادمة".

وكانت تناولت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير لها، أن هناك تصريحات من قبل قيادات البنتاجون، كشفت عن غياب الرؤية الأمريكية لمواجهة "داعش" في ليبيا، في ظل الحرب التي يخوضها الجيش الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر، والقوات المحسوبة على حكومة الوفاق الوطني، والتي تمثل الميليشيات الليبية لحكومة طرابلس المقربة من جماعة الإخوان.
ولم يوضح بيتر كوك، مدة الفترة القادمة، واكتفى بالقول: إن "مثل هذا الأمر قد يتم مستقبلًا"، لافتًا إلى أن البنتاجون يُواصل مراقبة الوضع في ليبيا عن كثب، ويُجري مشاورات مستمرة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج، وبقية شركاء أمريكا في المنطقة لتقييم الأوضاع، مشددًا في هذا السياق على أهمية تعزيز ودعم الحكومة الليبية برئاسة السراج حتى تستطيع معالجة القضايا الأمنية التي تواجهها.
وفي المقابل وصف التقدم على الأرض الذي تحرزه القوات التابعة لحكومة الوفاق في معركتها ضد داعش في مدينة سرت (450 كيلومترا شرق طرابلس)، بأنه مشجع.
يأتي ذلك بعد يوم فقط من إقرار توماس والدهوسر الجنرال المرشح لقيادة القوات الأمريكية في إفريقيا أمام الكونجرس بأن إدارة الرئيس باراك أوباما لا تمتلك "استراتيجية شاملة" للتدخل في ليبيا التي تشهد اضطرابات منذ أكثر من خمس سنوات.
وتعمل فرق صغيرة من قوات العمليات الخاصة الأمريكية على الأرض لجمع معلومات، بينما شنت طائرات أمريكية ضربتين جويتين على الأرض. لكن إدارة الرئيس باراك أوباما تفضل أن تقود القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني القتال ضد تنظيم "داعش".
يأتي ذلك رغم نفي حكومة طبرق وجود قوات أمريكية في ليبيا، إلا أن مسئولين أمريكيين كشفوا أن الولايات المتحدة نشرت عناصر من قوات العمليات الخاصة في شرق وغرب ليبيا منذ أواخر العام الماضي، أسند إليها مهمة التحالف مع شركاء محليين قبل هجوم محتمل ضد داعش.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، عن هؤلاء المسئولين، الذين اشترطوا عدم تسميتهم، قولهم: "إن إجمالي عدد هذه العناصر أكثر من 25 عنصراً، وإنهم يعملون حول مدينتي مصراته وبنغازي، سعياً وراء كسب حلفاء محتملين بين الجماعات المسلحة المحلية وجمع معلومات عن التهديدات".
ويعكس الدفع بهذه العناصر في بلد مليء بالتهديدات من جانب الميليشيات قلق إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إزاء قوة فرع داعش في ليبيا والتوقعات واسعة النطاق بشأن شن حملة ممتدة ضد التنظيم.

ورفض المتحدث باسم البنتاجون بيتر كوك تقديم معلومات محددة عن فرق التقييم، ولكنه قال: "إن عسكريين يجتمعون مع العديد من الليبيين من مختلف التوجهات في مسعى لمساعدتهم في تهيئة مناخ آمن، وهذا المسعى جزء من استراتيجية أكبر لإدارة أوباما لحشد الفصائل الليبية المتناحرة خلف حكومة الوفاق الوطني الجديدة التي يعتقد المسئولون الأمريكيون أنها في وضع جيد لمكافحة داعش".
وتشهد ليبيا معارك على جبهات عدة تدور أهمها في سرت وبنغازي وإجدابيا ضد تنظيمات إرهابية وميليشيات مسلحة، أهمها تنظيم داعش والذي تقلص نفوذه بعد عملية البنيان المرصوص.
وتخوض قوات الوفاق الليبية منذ شهر مايو الماضي معركة ضد التنظيم الإرهابي في سرت، أطلقت عليها اسم "البنيان المرصوص"؛ حيث حققت تقدمًا سريعًا خلال الأسابيع الأولى من المعركة، ولكنها بدت بطيئة خلال الأيام الماضية؛ بسبب حقول الألغام التي حالت دون تقدم قوات البنيان المرصوص.
وكان شن سلاح الجو التابع للقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، أول من أمس سلسلة غارات استهدفت مواقع متفرقة لتنظيم داعش وسط مدينة سرت، الذي ما زال يخضع لسيطرة هذا التنظيم الإرهابي.
وقال رضا عيسى العضو في المركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص إنه بالتوازي مع ذلك تقوم فرق الهندسة العسكرية حاليا بالعمل على تفكيك الألغام والمتفجرات التي زرعها أفراد تنظيم داعش لفسح المجال أمام القوات البرية لتواصل تقدمها في محاور مختلفة من مدينة سرت.
ويتحصن مقاتلو داعش حاليًا داخل المنازل وسط سرت التي تخضع لسيطرتهم منذ يونيو 2015، ويستخدمون القناصة والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهجمات الانتحارية لمنع تقدم قوات عملية "البنيان المرصوص".

العميد محمد الغصري، الناطق باسم عملية "البنيان المرصوص"، قال إنه منذ انطلاق هذه العملية العسكرية لتحرير مدينة سرت من قبضة تنظيم داعش، فقدت القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية، 210 عناصر وإصابة 800 آخرين.
وفيما تتواصل هذه المعركة، عاد كوك الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى التذكير بتصريحات سابقة لوزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر، التي أكد فيها استعداد بلاده لمواجهة داعش أينما كان.
وكان أظهر تقرير في صحيفة واشنطن تايمز، مدى الانقسام بين المسئولين في البيت الأبيض والقادة العسكريين في وزارة الدفاع بشأن التدخل العسكري في ليبيا.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى إصرار الجنرال في مشاة البحرية والدهاوسر المرشح لمنصب قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا على زيادة الدور العسكري الأمريكي في ليبيا لوقف خطر تمدد داعش الذي أقلق الليبيين كثيرًا.
وكما لفتت بوابة الحركات الإسلامية من قبل أن غياب الرؤية الأمريكية في مواجهة "داعش" ليبيا، يشير إلى أن الخلافات السياسية في البلد تؤثر على توحيد الجهود الدولية والإقليمية والمحلية في مواجهة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسهم تنظيم "داعش"، مما يعطي فرصة لبقاء التنظيم الإرهابي، ويؤدي إلى سقوط حكومة الوفاق مع فشلها في أهم دور وهو دحر التنظيمات الإرهابية، وإنهاء دور الميليشيات المسلحة، وبالتالي يُبقي ليبيا في دوامة عدم الاستقرار.