الإخوان بين الصراع الداخلي ومحاولات التهدئة مع النظام من أجل المصالحة

الإثنين 27/يونيو/2016 - 06:20 م
طباعة الإخوان بين الصراع
 
مدحت الحداد
مدحت الحداد
لا شك ان ما يحدث داخل الجماعة من صراع داخلي يصل لحد الاحتراب، يعطل أي خطوة حقيقية تجاه العودة للشارع المصري ومن قبلها المصالحة مع النظام الحالي بقيادة عبد الفتاح السيسي، خصوصا بعدما انتقلت حالة الصدام التنظيمي بين الجبهات المتصارعة على قيادة جماعة الإخوان من مصر إلى تركيا، حيث انقسم أفراد الإخوان المتواجدون هناك بشأن نتائج الجمعية العمومية التي أجريت في إسطنبول قبل أيام وأسفرت عن تشكيل هيئات تنفيذية جديدة تتولى مسئولية الجماعة، بينما شكك عدد من نشطاء الإخوان في النتائج واعتبروا أن التشكيل الذى أجرى الانتخابات تسيطر عليه عائلات وأفراد بعينهم. وقال بيان صادر عن الجمعية العمومية للإخوان المصريين في تركيا: "اجتمعت الجمعية العمومية للإخوان المسلمين المصريين في تركيا؛ انتصارا لإرادة الصف، وإعمالا للشورى وإجماعها، وتطبيقا عمليا لمعناها؛ حيث انعقدت بعد أن وجهت دعوتها لعموم الصف دون تمييز بناء على مواقف مسبقة". وأضاف البيان: "انعقدت الجمعية العمومية يوم 14 رمضان 1437هـ الموافق 19 يونيو 2016م بناء على قراراتها السابقة؛ حيث أسفر اجتماعها عن انتخابات لمجلس شورى جديد أخذ فيه الشباب النصيب الأكبر، ثم التقى مجلس الشورى المنتخب في 17 رمضان 1437هـ الموافق 22 يونيو 2016م، وانتخب رئيسا له، ونائبا، وأمينا، ثم انتخب رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي وفقاً للائحة، كما انتخب لجنة تربية لتقوم بمهامها وفقاً للائحة وتم التنبيه بأهمية ترميم ما حدث للصف الإخوانى طيلة الفترة الماضية". وتستضيف تركيا العدد الاكبر من الإخوان المصريين الذين خرجوا من مصر عقب الاطاحة بمحمد مرسى من السلطة ويترأس المكتب التنفيذي للجماعة قبل الاجتماع المشار إليه مدحت الحداد المسئول السابق للمكتب الإداري للإخوان بالإسكندرية وشقيق عصام الحداد مساعد الرئيس المعزول للشئون الخارجية، ومن المرجح أن يكون قد تم الإطاحة به في الاجتماع الأخير. وينتمى أغلب المشاركين في الاجتماع المشار إليه تنظيميا إلى الجبهة المناوئة لمحمود عزت القائم بأعمال المرشد العام للإخوان إلا أن نشطاء إخوان مؤيدون لعزت نشروا قائمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تتضمن أسماء 13 من قيادات الجماعة اتهموهم بإدارة مشهد ما أسموه بـ"شق الصف" وعمل هياكل موازية. وضمت القائمة كلا من رضا فهمى وعادل راشد وعبد الغفار صالحين ووصفى أبو زيد ومحمد عماد صابر وحمزة زوبع وعصام تليمة وحسين القزاز وعلى بطيخ وأحمد عبد الرحمن ويحيى حامد وعمرو دراج وأشرف عبد الغفار. وأشار النشطاء المؤيدون لجبهة عزت مجلس شورى الجماعة الذى أجرى الانتخابات الأخيرة بالمجلس العائلي، إلى أنه يتشكل من مجموعة من الأقارب منهم الدكتور أشرف عبد الغفار وابنه وابنته والدكتور وصفى أبو زيد وحرمه، ورضا فهمى و9 موظفين من عنده، وعادل راشد وابنه وحرمه وآخرين مجمدين وليسوا من الإخوان ليصبح العدد الإجمالي 40. وليست هذه هي المرة الأولى التي تحاول فيها مجموعة الاخوان في تركيا شق الصف الاخواني، وسوف لا تكون الأخيرة، فطموحات مجموعة تركيا في القيادة تفوق أي طموحات رغم انه لا يلاقوا ترحيب بهم من اخوان الداخل او اخوان اوروبا خاصة لندن وهؤلاء المتحكمون في موارد الجماعة المالية، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى، فان مجموعة تركيا انما تحاول جاهدة دفع شباب الاخوان في الداخل الى استخدام العنف تجاه الشعب المصري ونظام الحكم وهذا ما لا يتوافق مع توجهات اخوان لندن بقيادة محمود عزت وابراهيم منير الذين يحاولون جاهدين على اتمام مصالحة مع النظام المصري. فمع اقتراب ذكرى عزل الرئيس المصري محمد مرسي المنتمي إلى تنظيم الإخوان المسلمين في 30 يونيو 2013، لا يبدو أن التنظيم مستعد للتصعيد في مواجهة السلطات المصرية التي تقول مصادر إنها تظهر مرونة غير مسبوقة تجاه التنظيم كمقدمة لـ ”مصالحة وشيكة” ترعاها الولايات المتحدة. وعلى مدار عامين متعاقبين اعتاد الإخوان المسلمون على حشد أنصارهم ومؤيديهم في تظاهرات عنيفة أطلق عليها “حراك عودة الشرعية”، في الذكرى التي شكلت بداية لانهيار أفرع الجماعة تباعا في غالبية الدول العربية. لكن المشهد هذا العام يبدو مختلفا، إذ لم تطلق الجماعة دعوات حقيقية للتظاهر، بل يبدو أنها ستتجاهل الذكرى، وبدلا من ذلك تنشغل القيادات بانتخابات داخلية تشهد زخما لترتيب البيت من الداخل. وفي 16 يونيو أصدر محمد منتصر المتحدث باسم الإخوان بيانا حدد فيه شروط الترشح للمكاتب الإدارية ومجلس شورى الجماعة. وقالت مصادر سياسية إن الجماعة لا تريد تعكير أجواء الهدوء الحالية، واكتفت بإصدار بيان باهت عما يعرف “بتحالف دعم الشرعية” المؤيد لها، دعا إلى استمرار التظاهرات في أسبوع أطلق عليه “مكملين لننقذ مصر”. ولم تعد تظاهرات الإخوان موجودة على أرض الواقع، إذ يخشى أعضاء التنظيم من الاعتقال أو الملاحقات الأمنية، بينما يظل قادته المؤثرون خارج البلاد. ويقول مراقبون إن تعامل الجماعة ببرود مع ذكرى 30 يونيو نابع من رغبة لدى قياداتها، خصوصا داخل جبهة محمود عزت، لتهدئة الأمور ومحاولة تجنب التصعيد لتأكيد أن لديها نية حقيقية لعقد مصالحة مع النظام المصري تسمح بعودة الجماعة إلى المشهد والحفاظ على التنظيم. وقال قيادي سابق في ما يسمى بـ ”تحالف دعم الشرعية” إن هناك رغبة متبادلة بين الدولة والإخوان لتهدئة الأوضاع وفتح الباب أمام المصالحة السياسية. وأوضح القيادي، الذي رفض ذكر اسمه، أن جماعة الإخوان تستعد منذ فترة لتحقيق شروط المصالحة، التي يبدو أن الولايات المتحدة تقوم برعايتها، لافتا إلى أن تبرؤ الإخوان مما أسموه عنف الجماعة الإسلامية، حليفهم الرئيسي أمام مجلس العموم البريطاني، كان جزءا من هذه الشروط. وأكد في تصريحات أن اختفاء أي دعوات إخوانية للحشد يكشف أن اتصالات المصالحة بين الجماعة والدولة المصرية وصلت إلى مراحل متقدمة. وتنكر كل من الجهات الرسمية المصرية وقيادات جماعة الإخوان الاتجاه نحو المصالحة، لكن التحركات والإشارات التي تصدر من كل جانب تصب في صالحها.
خالد الزعفراني
خالد الزعفراني
وكشف خالد الزعفراني، القيادي السابق في جماعة الإخوان، عن وجود “مفاوضات واسعة ومتشعبة بين الإخوان والنظام، قد تسفر عن عودة الجماعة إلى المشهد السياسي قريبا”.
وبدأت بعض المكاتب الإدارية التابعة للإخوان في معاودة نشاطها بالتدريج في عدد من المحافظات المصرية مؤخرا، وهو ما عزز فكرة التفاهم بينها وبين أجهزة الأمن.
وكانت تصريحات لمجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب المصري مؤخرا كشفت عن رغبة الحكومة في إنهاء ملف الإخوان ودمج الجماعة من جديد في المشهد المصري، بعد إصدار قانون يسمح بالعفو عن كل من لم تلوث يداه بدماء الشعب المصري، يستهدف عودة المجتمع المصري نسيجا واحدا.
ولم يكن العجاتي وحده من كشف عن نوايا الحكومة تجاه مستقبل الجماعة في مصر، بل كان للبرلمان رأي مماثل، إذ صرح اللواء سعد الجمال رئيس تحالف “دعم مصر” صاحب الأكثرية البرلمانية، بعدم وجود ممانعة في المصالحة مع جماعة الإخوان وفق شروط محددة أبرزها أن تتم مع من لم تلوث أيديهم بالدماء أو لم يمارسوا عنفا.
عزالدين دويدار
عزالدين دويدار
وألمح عزالدين دويدار أحد رموز تيار الشباب بالجماعة إلى وجود اتجاه لدى جبهة محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، للقبول بالمصالحة مع النظام المصري الحالي، مقابل شروط وصفها بأنها بمثابة “استسلام”. ونشر دويدار على صفحته بموقع فيسبوك وثيقة قال إنها أعدت بعلم جبهة القيادة التاريخية للجماعة بقيادة محمود عزت، لم يتم تداولها في مستويات قيادية عليا تهدف إلى تهيئة الجماعة لقبول مصالحة، وصفها بأنها “وشيكة”.
ابراهيم منير
ابراهيم منير
وقال منير أديب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية إن الإخوان أغلبهم هارب أو كامن أو في السجون والجماعة فقدت قدرتها على الحشد منذ فترة طويلة. وأوضح أن تجاهل الإخوان لذكرى ثورة 30 يونيو ليست له علاقة سوى بتفتت وضعف الجماعة في الداخل. وقال إن استقرار النظام المصري ونجاحه في تحقيق مشروعات اقتصادية واتفاقيات عسكرية ضخمة عزز وجوده وشرعيته وأسقط ما تبقى من وجود الإخوان في الشارع المصري.

شارك