الجيش الجزائري يواجه "إرهاب" داعش والقاعدة بالضربات الاستباقية

الخميس 30/يونيو/2016 - 11:25 ص
طباعة الجيش الجزائري يواجه
 
يحاول الجيش الجزائري دائمًا إحباط أي محاولات إرهابية قد تطال أراضى الجزائر من خلال خطة أمنية وعسكرية تعتمد على الضربات الاستباقية للعمليات الإرهابية، وهو ما جعله يحقق نجاحات عدة كان آخرها اليوم الخميس 30-6-2016م؛ حيث أعلن أحباط هجمات في شهر رمضان خططت لتنفيذها جماعات مرتبطة بتنظيم داعش.
الجيش الجزائري يواجه
عملية القضاء على المجموعة الإرهابية التي تتكون من ثمانية إرهابيين تمت بناء على عمل استخباريّ دام أشهراً، وتم التخطيط له بدقة عالية، وإن العناصر التي تمّ القضاء عليها تضم في صفوفها انتحاريين كانوا بصدد التحضير لجملة من العمليات خلال شهر رمضان، كما اعترض عناصر حرس الحدود، منذ أيام سيارة رباعية الدفع تقل ثلاثة إرهابيين يجري البحث عنهم، بمنطقة المقام الحدودية بولاية إليزي جنوبي الجزائر قرب الحدود بين الجزائر وليبيا خلال كمين بمنطقة المقام الحدودية بولاية إليزي، بالإضافة إلى تمكن وحدة من الجيش الجزائري من كشف مخبأ يحتوي على كمية ضخمة من الأسلحة والذخيرة منها سبع قاذفات من نوع "آر بي جي 7" مع 20 قذيفة، وأربع قاذفات وبنادق، وسبع قطع أسلحة من نوع كلاشينكوف، وقنابل يدوية و25 كغ من المتفجرات تدخل في صناعة القنابل وكمية كبيرة من الذخيرة في منطقة برج باجي مختار بولاية تمنراست قرب الحدود مع مالي خلال دورية استطلاع كانت تقوم بها قرب الحدود الجنوبية للبلاد، وهذه الأسلحة تابعة لإحدى المجموعات المسلحة التي تتبع تنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم "المرابطون" بقيادة الإرهابي الجزائري مختار بلمختار.
 وكانت الجزائر قد بدأت التعامل بقوة مع تهديدات الجماعات الإرهابية وخاصة تنظيم الدولة 'داعش' والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة، أو التي تعتنق أفكار التطرف والتشدد وحمل السلاح ضد الدولة؛ حيث أطلق الجيش الجزائري عملية عسكرية كبيرة سماها 'الربيع'، تتزامن معها عمليات عسكرية محدودة في تونس، وإجراءات عسكرية مشددة على حدود مصر مع ليبيا، بدأت قبل أسبوعين تقريبًا لملاحقة مهربي السلاح على حدود ليبيا.
الجيش الجزائري يواجه
وذكر مصدر أمني: "إن جزءًا من العمليات العسكرية الجارية ضد المهربين في الجنوب تدخل في سياق عملية أمنية أكبر وأوسع لتدمير البنية التحتية لجماعات التهريب، التي تنشط في مناطق صحراوية وترتبط بعلاقات قوية بمهربي السلاح من وإلى ليبيا، وإن الأمر يتعلق بعملية عسكرية كبيرة بدأت في الخامس من أبريل 2016م بمشاركة مئات الجنود سميت بـ'الربيع'، وأطلقت بأمر من نائب وزير الدفاع و أنها حققت نتائج ميدانية مهمة في جبهتين على الأقل على الحدود مع النيجر التي باتت متنفسا لمهربي السلاح إلى ليبيا، وعلى جبهة الحدود المالية والموريتانية التي يتحرك عبرها المهربون المرتبطون بإقليم أزواد.
 وتشمل العملية ثلاث مناطق صحراوية كبرى، تمتد الأولى في المنطقة الغربية في العرق الغربي الكبير وعرق الشباشب، على الشريط الحدودي مع دولة مالي، أما المنطقة الثانية، فهي الشريط الحدودي مع النيجر، أما المنطقة الثالثة، وهي الأكثر نشاطا، فتشمل الشريطين الحدوديين مع النيجر ومع ليبيا وتنفذ العملية، التي أسفرت عن اعتقال عشرات المشتبه بهم بممارسة التهريب، باستعمال طائرات مروحية وطائرات استطلاع حديثة وقوات برية وجوية. كما تشمل مسحًا جويًّا للشريط الصحراوي الحدودي مع دول الجوار، وعمليات تمشيط للمسالك الصحراوية بقوات كبيرة كما حشد الجيش الجزائري تعزيزات إضافية على الحدود الشرقية والغربية، كما أنه يستعمل نظام مراقبة إلكترونيًّا يعمل ليل نهار، لمراقبة أي تحركات مشبوهة بالقرب من الحدود، فضلًا عن الطلعات الجوية التي تقوم بها طائرات الجيش الجزائري؛ من أجل مراقبة الحدود.
الجيش الجزائري يواجه
يذكر أن الجزائر يتواجد بها العديد من التنظيمات الجهادية ياتى على رأسها تنظيم 'القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'، الذي يعد أكبر تنظيم يحمل صفة الإرهاب في الجزائر، فالتنظيم مصنف لدى دول عديدة أنه إرهابي، نشأ عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، التي ولدت بدورها من رحم الجماعة الإسلامية المسلحة وفي 2006 أعلنت الجماعة السلفية انضمامها إلى تنظيم القاعدة الذي كان يقوده أسامة بن لادن، قبل أن تسمى في العام التالي رسميًّا باسم 'تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ويقول التنظيم إنه 'يسعى لتحرير المغرب الإسلامي من الوجود الغربي- الفرنسي والأمريكي تحديدًا- والموالين له من الأنظمة (المرتدة) وحماية المنطقة من الأطماع الخارجية وإقامة دولة كبرى تحكم بالشريعة الإسلامية ويتركز نشاط هذا التنظيم الذي يقوده عبد المالك دروكدال المشهور بـ(أبو مصعب عبد الودود) في محافظات وسط الجزائر، خاصة الواقعة شرق العاصمة التي يقول خبراء أمنيون إنها المعقل الرئيس للتنظيم وتمدد نشاط التنظيم خلال السنوات الماضية نحو الساحل الإفريقي، وكذا تونس وليبيا شرقا؛ حيث تنشط كتائب تابعة له في هذه الدول، ولا توجد أرقام رسمية حول عدد أعضائه.
كما شهدت الجزائر خلال شهر سبتمبر 2014، الإعلان عن ميلاد تنظيم جديد باسم 'جند الخلافة في أرض الجزائر'، وأسسه قياديون منشقون عن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والذي أعلن مبايعته لزعيم الدولة الإسلامية 'داعش' أبو بكر البغدادي؛ حيث أعلنت المجموعة في شريط فيديو بثته مواقع محسوبة على التيار السلفي الجهادي، إعدام الرهينة الفرنسي بعد 3 أيام من اختطافه في محافظة تيزي وزو (شرق)، كاشفة عن ولائها لأمير تنظيم 'داعش' أبو بكر البغدادي ويقول خبراء أمنيون في الجزائر: "إن هذا التنظيم الجديد الذي يتخذ من مناطق شرق العاصمة الجزائر معقلًا لنشاطه، محدود القوة وعدد عناصره لا يتجاوز 20 إرهابيًّا، في وقت تقول السلطات الرسمية إنه لا وجود لتنظيمات موالية لداعش في الجزائر".
الجيش الجزائري يواجه
والتنظيم الثالث، هو جماعة 'حماة الدعوة السلفية'، وهو تنظيم مسلح نسب نفسه إلى التيار الجهادي، ونشاطه قليل ولا يتوفر تقدير واضح لعدد المسلحين التابعين له، وتأسس في 1997، غرب الجزائر، وكانت تسمى 'كتيبة الأهوال'، وهي إحدى المجموعات الرئيسية في الجماعة المسلحة آنذاك ويقود «جماعة حماة الدعوة السلفية» شخص شارك في حرب أفغانستان، يدعى «سليم الأفغاني»، واسمه الحقيقي محمد بن سليم، ترجع أصوله إلى سيدي بلعباس غرب الجزائر، ويرجح أنه قتل خلال مواجهات مع الجيش الجزائري العام الماضي وأظهر في السنوات الأخيرة عبر بياناته رفضا شديدا للعمليات الانتحارية التي تقوم بها «القاعدة» وقدم فيها رؤية شرعية، لكنه زكّى استهداف قوات الجيش والشرطة، كما رفض في المقابل الانخراط في مسعى المصالحة الوطنية الذي أطلقه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفيلقة في عام 2006.
كما وجه التنظيم تعليمات لجميع أتباعه بعدم اللجوء إلى الاختطافات مقابل طلب فدية لتمويل التنظيم الذي يواجه عجزا فادحا في التمويل، خاصة بالمئونة والسلاح، وذلك بناء على فتوى أصدرها الضابط الشرعي للتنظيم 'بليل منصور' وفي عام 2003 فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على الجماعة التي تتهمها بالارتباط بتنظيم القاعدة وزعيمه السابق أسامة بن لادن، قائلة: 'جماعة حماة الدعوة السلفية منظمة بشكل جيد ومزودة بالمعدات العسكرية وتقوم بنشاطات إرهابية في الجزائر وخارجها'، موضحًا أن هذه المنظمة 'مسئولة عن عدد من عمليات القتل في منتصف التسعينيات، وكثفت هجماتها في السنوات الأخيرة الماضية'.
الجهادي الجزائري
الجهادي الجزائري مختار بلمختار
التنظيم الرابع هو 'الموقعون بالدم' وهي جماعة منشقة عن تنظيم القاعدة، ويقودها الجهادي الجزائري مختار بلمختار، الملقب بالأعور، وهو أحد أبرز قادة تنظيم القاعدة في الصحراء، وأكبر المطلوبين لدى العدالة الجزائرية، وقام بتأسيس التنظيم مطلع ديسمبر 2012، بعد خلافات مع قيادة القاعدة ورغم أن نشاط الجماعة يتركز في شمال مالي وحتى النيجر وصحراء ليبيا، إلا أن التنظيم تبنى في يناير 2013 هجومًا استهدف منشأة الغاز بعين أمناس جنوب شرقي الجزائر، وخلف مقتل 37 رهينة أجنبي والعملية الإرهابية ضد المجمع الغازي تم التحضير لها في مالي، ودخل الإرهابيون إلى الجزائر من الحدود البرية مع ليبيا، وكانوا ينوون أخذ الرهائن الأجانب إلى مالي، وهو ما يعطي صورة عن تداخل وتعقيد المعادلة الأمنية على الحدود الجزائرية.
والتنظيم الخامس، ضمن الحركات الإرهابية التي تواجهها قوات الأمن الجزائرية هو حركة "التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا" ورغم أن التنظيم تأسس في أكتوبر2011 من قبل منشقين عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في شمال مالي، إلا أن نشاطه امتد نحو التراب الجزائري حيث ضبطت مصالح الأمن الجزائرية عددا من خلاياه وقادته على الأراضي الجزائرية وتتبنى الحركة- التي كانت توصف بأنها الأكثر نفوذًا في شمال مالي- التوجه 'السلفي الجهادي'، وتتركز أهدافها في نشر فكر الجهاد في غرب إفريقيا، بدل الاكتفاء بمنطقة الساحل وتبنت عملية اختطاف سبعة دبلوماسيين جزائريين من القنصلية الجزائرية بمدينة غاو شمالي مالي مطلع أبريل 2012. كما أعلنت عن تنفيذ حكم الإعدام بحق دبلوماسي جزائري بعد أن رفضت السلطات الجزائرية إبرام اتفاق معها يقضي بالإفراج عن إسلاميين معتقلين وفدية تقدر بنحو 15 مليون يورو. كما تبنت عملية اختطاف استهدفت ثلاثة أوروبيين في أكتوبر غرب الجزائر.
الجيش الجزائري يواجه
أما التنظيم السادس، فهو حركة 'أبناء الصحراء من أجل العدالة'، والتي تأسست عام 2003 للمطالبة بالتنمية في الجنوب الجزائري، لكنها تبنت عام 2007 العمل المسلح؛ حيث كانت وراء عملية قصف مطار جانت بالجنوب الشرقي للجزائر، غير أن عمليات للجيش الجزائري أسهمت في تفكيك قواعدها في الجنوب؛ حيث قام عام 2008 باعتقال أغلب أعضائها وفي عام 2009 استفاد أعضاء التنظيم من عفو أصدره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لكنهم استأنفوا العمل المسلح عام 2012 بعد سقوط شمال مالي في يد مجموعات متمردة، وأخرى محسوبة على التيار السلفي الجهادي والتحق أعضاء الحركة بتنظيم حركة 'التوحيد والجهاد' في غرب إفريقيا المتمركزة شمال مالي، ومنهم لمين بن شنب، الذي قاد بالتحالف مع مختار بلمختار، مجموعة مسلحة هاجمت منشأة للغاز بعين أمناس جنوب شرقي الجزائر، وقتله الجيش الجزائري هناك مطلع عام 2013.
 مما سبق نستطيع التأكيد على أنه في ظل التهديدات المتصاعدة، تحاول الجزائر التعامل مع الوضع الأمني في الداخل بشك لقوى عبر استهداف الجماعات الإرهابية وقطع طرق التمول والإمداد لها، كما تتعامل مع دول الجزائر بشكل حذر؛ من أجل مواجهة أي انتهاك لأراضيها، ووفق منطق استراتيجي واقعي وهو السبق بالضربات الاستباقية.

شارك