معركة حلب.. الأسد حائر بين تراجع حزب الله وتحفظ روسيا

الخميس 30/يونيو/2016 - 05:57 م
طباعة معركة حلب..  الأسد
 
صعوبات كبيرة تواجه الجيش السور يوحلفائه في  معركة السيطرة علي مدينة حلب شمالي سوريا، وسط رفض للمليشيات الموالية له بالاستمرار في هذه المعركة المستحيلة، وفي خضم تراجع روسي، عقب ابتداع "خراطيم متفجرة" وإلقاء قنابل فسفورية، ومحاولات لفرض حصار عليها، باءت جميعها بالإخفاق أمام صمود فصائل المعارضة.

معركة حلب:

معركة حلب:
المشهد القاسي الذي شهدته حلب قبل اربعة اعوام دفع الجيش السوري وحلفاءه الى استعادة زمام المبادرة ، فكان ان فُك الحصار عن حلب وانتظم عمل مطارها الجوي وعادت الحياة الى طريق خناصر البري ، لتنتقل بعدها الوحدات العسكرية من الدفاع الى الهجوم في أرياف حلب الاربع وتمكنت من فك الحصار عن نبل والزهراء، ووصلت الى مشارف ما يُسمى مثلث الموت (مارع – اعزاز – تل رفعت) مهددة أهم معاقل مسلحي الريف الحلبي..
في 2 فبراير، نجح الجيش السوري وحلفاؤه في قطع الطريق الشمالية بين مدينة حلب وتركيا والمعروفة بممر أعزاز. وعلى الرغم من أن المعركة كانت عملية محلية شارك فيها عدد صغير نسبياً من المقاتلين، إلا أنها قد تشكّل نقطة تحول في الحرب السوريةن وسط احتدام الصراع  بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة.
ولا يبلغ عرض الممر الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة  بين حلب وتركيا سوى خمسة إلى خمسة عشر كيلومتراً، وينحصر بين قوات تنطيم «الدولة الإسلامية» شرقاً وإقليم عفرين الكردي غرباً. أمّا الجماعات المتمردة الرئيسية في هذه المنطقة، فهي «جبهة النصرة» و« أحرار الشام » وحركة "نور الدين الزنكي" و"لواء السلطان مراد" (وهي جماعة تركمانية قريبة جداً من تركيا). وتنضوي هذه الجماعات رسمياً تحت منظمة مظلة للثوار هي تنظيم «جيش الفتح» الذي تدعمه المملكة السعودية وتركيا. لكن منذ حملته العسكرية الناجحة في ربيع 2015، عانى التنظيم من انشقاقات داخلية كبيرة. فقد خاض « أحرار الشام» مؤخراً معارك ضد «جبهة النصرة»، بينما انسحبت جماعة "نور الزنكي" من ضواحي حلب، فيما يقاتل "لواء السلطان مراد" قوات تنطيم «الدولة الإسلامية»، وليس قوات الأسد.

حزب الله:

حزب الله:
وتشير تقارير اعلامية الي رفض مليشيات حزب الله اللبناني، والمليشيات الأفغانية والعراقية الداعمة لها، مساندة قوات النظام السوري لمواصلة الهجوم على مدينة حلب شمالي سوريا.
ويشارك «حزب الله» وميليشيتان شيعيتان مدعومتان من إيران - «كتائب بدر» العراقية وميليشيا «الدفاع الوطني» المحلية - كوحدات أساسية في المعركة على الأرض، وتواجه [هذه الوحدات] القوات المتمردة بقيادة «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة»، والتي كانت قد أرسلت في السابق المئات من التعزيزات من منطقة إدلب.
وظهر هذا الرفض وسط خلاف استراتيجي بين النظام الذي يريد السيطرة على حلب بدعم جوي روسي، وبين مليشيات حزب الله التي تؤكد استحالة السيطرة على المدينة، رغم تأكيد زعيم المليشيا حسن نصر الله، قبل أيام، أهمية معركة حلب قائلاً: إن "عددنا في حلب كبير على قدر المعركة، والذين يتحدثون عن أننا تلقينا ضربة في المنطقة يخترعون الكذبة ويسوقون لها".
وذكرت صحيفة "الشرق الاوسط" عن وجود  تضاربت المعلومات حول تخلّي  «حزب الله» عن المضي في معركة حلب وريفها٬ وإبلاغه النظام السوري رفضه المضي فيها لاستحالة سقوط المدينة أو السيطرة عليها. وفي وقت نقلت وكالة أخبار إيطالية عن مصادر مقربة من الحزب رفض الأخير «المضي بمساندة قوات النظام السوري في الهجوم على حلب لاستحالة السيطرة عليها»٬ أكد مصدر في الجيش الحر أن «لا انسحابات حتى الآن لمقاتلي الحزب٬ لا من حلب ولا من ريفها الجنوبي»٬ بينما أعلن مصدر لبناني مقّرب من «حزب الله»٬ أن «معركة حلب طويلة ومكلفة٬ ولا نّية لدى الحزب للانسحاب منها».
 وكشفت الوكالة الإيطالية (آكي)٬، في تقرير لها عن معلومات مفادها أن حزب الله والميليشيات الأفغانية والعراقية المساندة لقوات النظام السوري وميليشياته٬ رفضت مواصلة الهجوم على مدينة حلب شمال سوريا». وتحدثت عن «خلاف استراتيجي ظهر مؤخًرا بين قوات النظام الراغبة بمواصلة محاولة السيطرة على المدينة بدعم جوي روسي٬ وبين ميليشيات ما يسمى (حزب الله) التي تقّر باستحالة السيطرة على المدينة».
وقالت مصادر من الحزب مواكبة للمعارك العسكرية للوكالة: «أيقنا استحالة السيطرة على المدينة٬ وكذلك خطورة التوسع شريطًيا دون تأمين المناطق المجاورة للتوسع٬ فضلاً عن تكّبد الحزب خسائر في قواته وفي قوات موالية لإيران في المعارك التمهيدية». وأوضحت أن «الحزب أّكد للقوات السورية أن مثل هذه المعركة تحتاج لنحو مائة ألف مقاتل على الأرض على الأقل لترجيح كّفة نجاحها».
هذه المعلومات خالفها مصدر في فريق «8 آذار» اللبناني٬ مقّرب من «حزب الله»٬ حيث أكد أن «لا نّية لـ(حزب الله) على الإطلاق للانسحاب من معركة حلب».
وأوضح أن «معركة حلب طويلة٬ وقد أظهرت العمليات العسكرية الأخيرة أن الفريقين أقوياء وقادرون على الاستمرار في الحرب أشهًرا طويلة وربما سنوات».
المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه٬ قال لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن الفريقين يحشدان على الأرض٬ ولديهما قرارات سياسية بالمضي في المعركة٬ وليس خافًيا على أحد أن فصائل المعارضة٬ تتلقى الدعم من تركيا ودول أخرى في المنطقة٬ كما أن النظام السوري و(حزب الله) لديهما دعم مطلق من الروس والإيرانيين»٬ مشيًرا إلى أن «هناك تكافًؤا في القوة العسكرية٬ وهذا يظهر من خلال عمليات الاستنزاف لدى الطرفين».
أضاف المصدر المقرب من الحزب: «صحيح أن النظام وحلفاءه لديهم دعم جوي عبر الطيران الروسي والسوري٬ لكن الفريق الآخر (فصائل المعارضة) لديه غزارة نيران كبيرة٬ واللافت أن المعارضة استخدمت بليلة واحدة قوة نارية لم تستخدم في الحرب اللبنانية على مدى سنتين»٬ لافًتا إلى أن «التوازن القائم على الأرض يفيد بأن المعركة طويلة جًدا ومكلفة جًدا٬ ولا يبدو أن أًيا من الطرفين لديه رغبة بالتراجع٬ إلا إذا صدر قرار سياسي معّين».

موقف روسيا:

موقف روسيا:
وتبقى موسكو الجوكر في لعبة الورق هذه؛ فهي تُظهِر قدرتها على كبح جماح طموحات النظام عند الحاجة. وقال ضاحي: إن "هذا الخلاف بالرؤى والاستراتيجيات دفع الروس للإعلان عن عدم وجود نيّة لدى النظام للسيطرة على حلب، كرسالة غير مباشرة للنظام بأن الدعم الروسي سيكون محدوداً، إن لم يُغيّر النظام خططه".
وكان السفير الروسي في سوريا، ألكسندر كينشتشاك، قد قال، إن سلاح الجو الروسي ساعد القوات النظامية على تجنب الحصار قرب حلب، واستبعد أن يهاجم الجيش النظامي كلاً من حلب والرقة في القريب العاجل، في رسالة غير مباشرة للنظام بأن التغطية الروسية قد لا تكون متوافرة إلا للدفاع عن النفس وليس لدعم الهجوم.
وازدادت حدّة الهجمات الجوية على حلب وريفها خلال الأسابيع الماضية، بعد أن تكبّدت قوات النظام ومليشيات حزب الله خسائر كبيرة غير متوقعة حول المدينة، بعد أن حشد الطرفان بدعم من إيران عشرات الآلاف من المقاتلين استعداداً لمعركة حلب الهادفة للسيطرة عليها، وانتزاعها من يد المعارضة السورية.
لكن كينشتشاك قال: "لست على يقين من شن هجوم على حلب في المستقبل المنظور، وبالنسبة للرقة أود أن أحجم أيضاً عن أي تكهنات محددة بخصوص تحريرها".
واستخدمت روسيا أسلحة فتّاكة في قصفها المُكثّف على ريف حلب والمدينة منذ مطلع يونيو الجاري، أحصت المعارضة منها 300 غارة على الأقل، قالت تقارير غربية متخصصة إنها الأسلحة الأشد عنفاً التي استخدمت في معارك خلال العقود الأخيرة، من بينها أسلحة إشعاعية وفوسفورية.

الخسائر:

الخسائر:
وقالت مصادر من حزب الله  مواكبة للمعارك العسكرية: "أيقنا استحالة السيطرة على المدينة، وكذلك خطورة التوسع شريطياً دون تأمين المناطق المجاورة للتوسع، فضلاً عن تكبّد الحزب خسائر في قواته وفي قوات موالية لإيران في المعارك التمهيدية"، وكشفت أن "الحزب أكّد للقوات السورية أن مثل هذه المعركة تحتاج لنحو مئة ألف مقاتل على الأرض على الأقل، لترجيح كفّة نجاحها".
وفي 24 يونيو الجاري، أقر حسن نصر الله، زعيم مليشيات حزب الله اللبناني، بمقتل 26 من عناصره، وأسر آخر في معارك حلب، منذ مطلع الشهر الحالي.
وأظهر مقطع مصور بث قبل أيام، أسرى من مليشيات عراقية في حلب تم أسرهم بريف حلب الجنوبي، اعترفوا بأن قادتهم "ضحكوا عليهم وتركوهم بالصفوف الأمامية".
ويشهد ريف حلب الجنوبي معارك عنيفة بين جيش الفتح والمليشيات الشيعية التابعة لإيران، ومن بينها حزب الله، وسط تقدم "الفتح" وسيطرته على عدة قرى وبلدات فيها.
ومنذ بدء المعركة تقدمت الفصائل في عدة قرى وبلدات؛ أهمها بلدة خان طومان، حيث خسرت المليشيات؛ وبينها حزب الله اللبناني، عدداً كبيراً من مقاتليها من بينهم قياديون كبار.
وأشارت مصادر في المعارضة السورية، إلى أن اشتباكات وقعت قبل ما يقارب 10 أيام، بين عناصر من النظام السوري ومليشيات حزب الله، نتجت عن اتهامات متبادلة بالخذلان وتبادل الشتائم المذهبية، وأدت إلى مقتل ضابط و7 عناصر من قوات  الجيش السوري التي عمدت إلى الردّ بقصف منطقة نبل والزهراء في الريف الشمالي، قبل أن تمتدّ المعارك إلى ريف حلب الجنوبي، لا سيما في منطقة الحاضر ومحيط خان طومان.
ويبالغ حزب الله بالتعتيم الإعلامي حول عدد الخسائر البشرية والمعنوية التي مني بها في الآونة الأخيرة على وقع معركة حلب. كذلك فإن القبعات الخضراء الإيرانية لم تحصد إلا الخيبة في خان طومان على يد المعارضة السورية المسلحة.

انسحاب المليشيات:

انسحاب المليشيات:
وأشار موقع "جنوبية" اللبناني، إلى أن هذه الاشتباكات ليست الأولى من نوعها، ولكن الجديد هو أزمة الثقة بين عناصر الحزب الذين كادوا يجزمون أنّ جيش النظام يسلمهم لقمة سهلة للمعارضة.
وتقول مصادر أخرى إن الاشتباك بين "حزب الله" وقوات تتبع النظام، سببه عمليات الانسحاب السريعة والخاطفة التي يقوم بها النظام من مواقعه في محيط حلب.
فانسحبت مليشيا "صقور الصحراء" قبل أيام من محيط نبل والزهراء، ومن طريق حماة-حلب، نحو مدينة اللاذقية، ومن ثمّ انسحبت مليشيا "قوات العرين حزب الله" التابعة لبشار الأسد، وهي مليشيا دُربت لتكون رديفة لـ"حزب الله" اللبناني أينما قاتل، خاصة في المناطق الشيعية المحاصرة.
وانسحاب تلك القوات أدى إلى غضب إيراني شديد، وغضب مضاعف من عناصر "حزب الله"، ما تطلّب اتصالات مع قيادة الأمن العسكري في دمشق، أحد أكثر الأجهزة الأمنية السورية ولاء لإيران، لإيقاف عمليات الانسحاب.

معركة حلب:

يبدو ان التقارب الروسي التركي سيلقي بظلاله علي الوضع في سوريا ومعركة حلب، في ظل رفض حوزب الله مواصلة الصراع في المدينة التي تسيطر عليها المعارضة السورية وسط توقف روسي عن مواصلة الهجمات في ظل اترباك للجيش السوري وتخبط ايراني من التحولات الميدانية؟

شارك