بعد انتهاء اعتكافه.. مقتدى الصدر يقود مظاهرات إسقاط النظام العراقي
السبت 02/يوليو/2016 - 04:53 م
طباعة

عودة زعيم التيار الصدري إلى العراق بعد اعتكافه شهرين في قم بإيران، تؤذن بانطلاق جولة جديدة من الصراع مع القوي السياسية الحاكمة في العراق وخاصة حزب الدعوة العراقي والمليشيات الموالية للحرس الثوري الإيراني.
انتهاء اعتكافه:

وذكرت تقارير اعلامية عراقية أن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أنهى فترة اعتكافه بعد أمضى قرابة شهرين في إيران، أجرى خلالهما مراجعات فقهية وعقائدية مع المرجع الديني الإيراني آية الله كاظم الحائري الذي يقلده الصدريون في العراق ويعلنون الولاء لحوزته النشطة في مدينة قم. وعاد إلى منزله في منطقة الحنانة بمدينة النجف.
وعقب وصوله الي منزله بدأ وريث أل الصدر، استقبال قيادات التيار الصدري وأعضاء كتلته النيابية “كتلة الأحرار” في البرلمان العراقي للتباحث معهم في القضايا السياسية الراهنة.
وأعلن الأسبوع الماضي من إيران أن الصدريين سينضمون إلى المطالبين بإقالة الرئاسات الثلاث، في تحد وصفه مراقبون سياسيون في حديث لوكالة العباسية نيوز بأنه سقف عال من المطالب سيثير متاعب جديدة ليس لرئيس الحكومة القلق على مستقبل منصبه فحسب، وإنما لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري، الذي أسعفه قرار المحكمة الاتحادية بالاستمرار بموقعه المهتز أصلا.
وكان الصدر قد قرّر في أبريل الماضي تجميد عضوية كتلة الأحرار في مجلس النواب والتي تمتلك 34 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها الإجمالي 328 مقعدا.
وتسبب قراره في عدم تمكن جبهة الإصلاح التي تضم نحو 100 نائب من المعارضين للحكومة، من حشد عدد أصوات النواب اللازم للتصويت على إقالة الرئاسات الثلاث.
الصراع مع المالكي:

الصراع بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ونوري المالكي (رئيس ائتلاف دولة القانون) ليس وليد اللحظة، ودائما ما يتبادل يتبادل فيها الصدر والمالكي الاتهامات الصاخبة، والتي لتعكس الإرث الشيعي من الخلافات منذ حقبة ما قبل 2003 والتي تنامت بعدها ليتحول الصراع إلى نفوذ سياسي داخل أروقة السلطتين التشريعية والتنفيذية.
انتقد مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري في العراق، تصريحات هادي العامري المسؤول في منظمة بدر وما وصف بـ"محاولات تلميع" صورة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي.
جاء ذلك في بيان نشر على الموقع الرسمي للصدر، حيث قال: "أبدى سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد القائد مقتدى الصدر استغرابه من أن يصدر كلام من قبل مسؤول منظمة بدر هادي العامري يقوم من خلاله بتلميع صورة الحالم بالولاية الثالثة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وجاء فيه أن للمالكي الفخر والشكر على تأسيس الحشد الشعبي في الوقت الذي سقطت بزمن رئاسته للحكومة العديد من المحافظات والمدن العراقية بيد تنظيم داعش الارهابي."
وأضاف البيان: "جاء ذلك من خلال جواب لسماحته على سؤال بهذا الخصوص مضاف له نكران دور المرجعية في تأسيس الحشد الشعبي وفتوى الجهاد الكفائي بعد انهيار الاوضاع في العراق مما دعاها لتأسيس الحشد الشعبي، كما أكد سماحة السيد القائد أن مثله لا يرضى أن يكون مثل المالكي مسؤولا عن الجهاد والمجاهدين وأن هذا الحشد المزعوم بانه هو من قام بتأسيسه إن وجد لا يمثله ولا يمثل العراق."
ولفت الصدر في رده إلى أن "ديكتاتورية المالكي هي من ضيعت العراق والعراقيين مذكراً بما جرى في سبايكر والصقلاوية والموصل والانبار وغيرها من الانتهاكات التي قام بها بحق المواطنين تحت عنوان ارهاب الحكومة وحكومة الارهاب، قائلاً سماحته لا يفلح الدكتاتور حيث أتى."
ورأي مراقبون أن عودة زعيم التيار الصدري إلى النجف، خلفت أصداء غير مريحة لدى قيادات حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، كما أحدثت ردود فعل ساخطة في أوساط رئيس الحكومة حيدر العبادي الذي ينتمي لذات الحزب، لخشية الطرفين من تحركات سياسية، واحتجاجات بالشارع، وعد الصدر بإطلاقها عقب عيد الفطر، ودعوته إلى تظاهرة مليونية في بغداد تضغط على الحكومة والكتل السياسية لتسريع إعلان كابينة وزارية جديدة كثر الحديث عنها وعجز رئيس الوزراء عن تشكيلها بفعل الضغوط المسلّطة عليه من قبل الكتل السياسية وعلى رأسها الكتل الشيعية المتوجّسة أكثر من غيرها من التغيير والإصلاح كونها الأكثر استفادة من الوضع القائم.
ومثل العام 2008، أحد المحطات الفارقة في تاريخ العلاقات الشيعية الشيعية المستعرة، حيث قاد المالكي حملة عسكرية ضد “جيش المهدي” (وهو قوة عسكرية أنشأها مقتدى الصدر)، وكان جيش المهدي يسيطر على البصرة في حينها، وقد استطاع المالكي أن يجبر الصدر على سحب ميليشياته، وأعلن تجميد النشاط العسكري لـ “جيش المهدي”، ليعود إلى الساحة بعد دخول “تنظيم الدولة الإسلامية” وتمدده في العراق.
ونقل عن القيادي في حزب الدعوة حسن السنيد، تعليق مقتضب قال فيه لصحافي محلي كان أبلغه بنبأ عودة زعيم التيار الصدري ووصوله إلى النجف “يستر الله.. رجع البلاء”، في إشارة واضحة تعكس حجم الخوف في أوساط الحزب وقياداته من استئناف التظاهرات الصدرية التي اقتحمت المنطقة الخضراء مرتين ووصلت إلى مقري مجلس النواب والحكومة وأشاعت جوا من الفزع في صفوف النواب والوزراء وقادة الكتل الذين تتوزع مكاتبهم ومنازلهم في المنطقة المذكورة.
وكان اقتحام المنطقة الخضراء والوصول إلى مبنى البرلمان، في نهاية ابريل الماضي، رسالة لردع نوري المالكي ولحماية حيدر العبادي، بهذا الشكل قد فهم المالكي المخطط الذي تم تنفيذه بعناية من قبل أنصار الصدر والذي نجح إلى حد ما في خلق الفوضى وإرباك العملية السياسية وصولاً إلى التهجم على النفوذ الإيراني في البلاد ما استدعى طهران لطلب الصدر على الفور.
مخاوف حكومية:

ويخشى رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، بدوره من عودة الصدر إلى العراق في هذا الوقت بالذات، بعد أن فشل في تنفيذ حزمة من الإصلاحات كان قد وعد بتحقيقها قبل ثمانية أشهر من ضمنها تشكيل حكومة تكنوقراط غير مسيسة.
ومما فاقم مخاوف العبادي من عودة الصدر أنها جاءت متزامنة مع قرار المحكمة الاتحادية الذي ألغى تعيين خمسة وزراء من ضمنهم وزير الكهرباء علاء دشر الذي كان التيار الصدري قد رشحه في وقت سابق.
ورغم أن العبادي يسعى إلى تسويق الانتصارات العسكرية على تنظيم داعش في الفلوجة باعتبارها أولوية تتقدم على تشكيل كابينة وزارية جديدة، إلا أن مقتدى الصدر بدا غير مستعد للاستسلام لمناورات العبادي السياسية الهادفة إلى كسب الوقت والاحتفاظ بوزراء لا يرغب في استبعادهم.
وردّا على مطالبة الصدر باستقالة الحكومة اعتبر عبود العيساوي القيادي في ائتلاف دولة القانون الحاكم الذي ينتمي إليه حيدر العبادي، توقيت تلك المطالبة “غير مناسب، في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد”، قائلا إنّ “الوقت لا يسمح بالمزيد من التأجيج والإحراجات للوضع السياسي، فالبلاد تمر بظروف أمنية تتعلق بمعركة متواصلة ضدّ تنظيم داعش، ويفترض أن تنصبّ جميع جهود القوى السياسية في حشد الجهود الأمنية لمعركة نينوى القادمة”.
المشهد العراقي:

تنذ الأيام المثقبلة بإشتعال الصراع السياسي، وعودة مقتدي الصدر الي الواجهة وربما الي تحرك الجماهير مرة اخري لاحتلال البرلمان واقتحام المنطقة الخضراء(بيت الحكم في العراق).
كما تمثل مرحلة جديدة من الصراع بين الصدر والمالكي والذي يواجه الاخير صعوبة في اسقاط الصدر، بعدما اطاحه بخصومه السياسسين واحداً تلو الأخر، كما حصل مع طارق الهاشمي ورافع العيساوي.
الصراع بين الصدروالمالكي، يمثل حلقة من حلقات الصراع الشيعي الشيعي في العراق، ويعد امتداد لصراع له جذوره، فهو صراع بين الشيعة من اتباع الحوزة العلمية في النجف وبين نظرائهم من اتباع الحوزة العلمية في قم.
فيما يبدو أن حلقة جديدة من حلقات الصراع في العراق بدات، فيكيف سيواجه المالكي نفوذ وقوة الصدر، وهل ستمد إيران اليد لإعانة المالكي ضد الصدر؟ فقوة الصدر في 2016 تختلف تمام عن قوتها في 2008 الي اين سصل الصراع بين الصدر والمالكي في العراق؟