شيخ الأزهر ونظرية التطور لدارون
السبت 09/يوليو/2016 - 11:07 ص
طباعة

الدكتور الطيب شيخ الجامع الأزهر أكبر وأعرق مؤسسة دينية سنية في العالم، والحاصل على الدكتوراه من السوربون، قال إن نظرية البريطاني تشارلز داروين في التطور "مضطربة"، مضيفاً أنه لم يظهر حتى الآن اكتشاف واحد علمي يقيني يثبت أن نظرية داروين على حق، بعد مرور 150 عاماً. وأضاف، خلال لقائه الأسبوعي على التليفزيون المصري، أمس الجمعة 8 يوليو 2016، يجب نفى تلك النظرية حال الارتكان إلى الدين، منوهاً بأنه سيوضح ضعف المنطقية والفلسفية في تلك النظرية، وأنها ضد المنطق وضد العقل والدين. وأشار شيخ الأزهر إلى أن داروين اعترف في مذكراته بأن هناك خلاقاً خلق الجرثومة الأولى للحياة، لكن أتباعه الملحدين ينكرون وجود خالق، مضيفا، هناك حالة تناقض لدى الملحدين، وموقف محرج لهم، والذين يتمسحون في داروين.

الدكتور خالد منتصر
والسؤال الذي يطرحه العقل البسيط هنا الم يعلم شيخ الازهر انه هناك فارق بين الدين والعلم وان الدين هو الايمان بالمطلق، بينما العلم هو التحرك في النسبي وعدم الاعتراف بالمطلق، هذا أولا وثانيا ان من بديهيات العلم هو القابلية للصواب او الخطأ بما انه يتحرك في النسبي ولا توجد هذه البديهية في الدين لأنه الايمان بالمطلق، ومن هنا قام الكثيرون بالرد على شيخ الأزهر عندما قال مقولته تلك، ومن بين من قاموا بالرد على شيخ الأزهر الدكتور خالد منتصر حيث قال "فإنني أعترض على هذا الكلام جملة وتفصيلاً لأنه للأسف يحتوى على الكثير من المغالطات العلمية التي كنت أربأ بفضيلته أن يقع فيها، وكنت أتمنى أن يتريث ويسأل، خاصة أن موقفه سيُستغل في وزارة التربية والتعليم التي مازال يعشش فيها خفافيش الظلام، ويكفى أن أقول لشيخ الأزهر: ما دمت لا تؤمن بنظرية التطور فيجب ألا تتناول المضاد الحيوي ويجب أيضاً أن تمنع أي فرد من عائلتك من أن يتناول الأنسولين وذلك لسبب بسيط وهو أن هذين الدوائين السحريين نتاج لفهم نظرية التطور التي صارت حقيقة علمية تثبتها الدلائل يوماً بعد يوم، ولولاها ما تقدم الطب ولا علم البيولوجيا وما ظهر فرع فى الطب اسمه الطب التطوري يعتمد على ملاحظات داروين، واسمح لى فضيلتك أن أقدم لك داروين ونظرية التطور من خلال بعض الخواطر التى كتبتها منذ سنوات. نداء إلى أي فرد يعتبر نفسه مثقفاً، إذا كنت قد قرأت جميع مسرحيات شكسبير وروايات ديستوفيسكى ونجيب محفوظ وقصص تشيكوف ويوسف إدريس وحفظت كل أشعار المتنبي وطاغور وإليوت وجوته، فأنت ما زلت، للأسف، نصف مثقف بلغة هذا العصر، لأنك تجاهلت نظرية التطور، وإذا لم تضم مكتبتك كتاب «أصل الأنواع» لداروين، فمكتبتك ما زالت مكتبة فقيرة تعانى من الجفاف والأنيميا حتى ولو اكتظت رفوفها بمئات الآلاف من المجلدات! إنه الكتاب الصدمة، ثورة ما بين غلافين، ثورة كان سلاحها الحبر والورق، والأهم سلاح الفكر المتحرر من البديهيات المسبقة، الإبداع الذى لا يعترف بصدق الفكرة إلا من خلال عدد الأدلة العقلية التي تؤيدها وتثبتها وليس من خلال عدد البشر الذين يعتنقونها، سلاح الجسارة والجرأة والاقتحام من عبقري اسمه تشارلز داروين. في ٢٤ نوفمبر ١٨٥٩، صدر كتاب «أصل الأنواع»، عنوان الكتاب صعب ومعقد «أصل الأنواع، نشأة الأنواع الحية عن طريق الانتقاء الطبيعي أو الاحتفاظ بالأعراق المفضلة فى أثناء الكفاح من أجل الحياة»!! عنوان طويل اضطر داروين إلى كتابته بالتفصيل وكأنه يعتذر بتوضيح فكرته على الغلاف عما سيُحدثه من صدمة لعقول القراء. حجم الكتاب ضخم ٥١٦ صفحة، ورغم العنوان الطويل والحجم الضخم نفد الكتاب من أول يوم، ١٢٥٠ نسخة تخاطفتها الأيدي فاختفى من المكتبات. الوحيد الذى لم يفرح بهذا الانتشار كان داروين نفسه، فقد ظل أكثر من عشرين سنة يفكر ويتراجع ويتريث ويقدم رجلاً ويؤخر الأخرى ويسأل نفسه: هل أقدم على هذه المغامرة، هل أنشر فكرتي الصادمة وأخرج عن النص وأغرد خارج السرب وأشرد عن القطيع، وأجمع دلائلها وشواهدها في كتاب؟ كان داروين طيلة هذه الأعوام يعانى من الأرق وآلام المعدة والصداع المزمن في بيته الريفي المنعزل في «كنت»، كان يسأل نفسه: «هل تستحق فكرتي كل هذا العناء وهذه المشقة؟».. تركت دراسة الطب، ثم تركت دراسة اللاهوت، ثم ذهبت في مغامرة بحرية وعمرى ٢٢ سنة لمدة خمس سنوات على متن سفينة «البيجل»، يدفعني الفضول وتستهويني الأجنحة والمناقير والقواقع والأصداف. لم يكن داروين يعلم أنه يصنع تاريخاً جديداً من خلال هذه المناقير والأجنحة والحفريات!! علمته دراسة الأحياء والحفريات أنه مهما كانت قوة العواصف والأعاصير فإن الكون لا بد أن يحتفظ بجزء من الحقيقة ولو على سبيل الذكرى ولو بعد ملايين السنين. كان واثقاً، رغم عاصفة الهجوم والسخرية، من أن التاريخ سينصفه، وأن الكنيسة ستعتذر له، وأن علم البيولوجيا الجديد سيقوم على أكتافه وسيولد من جديد من رحم أفكاره الثورية، وأن كل مريض زُرع له كبد أو قلب أو تم إنقاذه بدواء أو جراحة مدين لفكرة التطور العبقرية التي أهداها لكون يحارب الجديد، ويعاند التطور، وينتشى ويستلذ بالاستقرار، والمدهش أنه كتب بجانب شجرة الحياة التي اقترحها ورسمها في كتابه «أنا أعتقد»، وكانت هذه العبارة هى كلمة السر وشفرة الخلود في منهج التفكير العلمي، فهو لم يمارس الكهنوت ويقول أنا متأكد من خلال نصوصي المقدسة، ولكنه مارس الاعتقاد الذى يحتمل الصح والخطأ وليس الحرام والحلال، وكان يردد: «إنني لأرى على وجه اليقين أن كثيراً جداً من كتابي سيسقط، ولكنى آمل أن يظل العمل في مجمله باقياً على مرِّ الزمن»، كان يعرف أن فكرته ما زالت تحتاج إلى كثير من التفاصيل لملء فجواتها.. والمدهش أن العلم ما زال فى كل لحظة يهدى داروين مزيداً من التفاصيل التي تؤيد نظريته وتجعل منها حقيقة علمية فى منزلة كروية الأرض ولها نفس المصداقية. لكن ما الذى جعل نظريته، يا فضيلة الشيخ، ثورة وكتابه صدمة؟!"

محمد زكريا توفيق
وكذلك جاء رد محمد زكريا توفيق على ما قاله شيخ الأزهر "ليسمح لي فضيلة الأستاذ الدكتور شيخ الأزهر في توضيح بعض هذه النقاط التي وردت في حديثه، مع احترامي الشديد له، وتقديري لعلمه وأدبه. لكنها الأمانة العلمية تحتم شرح أماكن اللبس في فهم هذه النظرية العلمية العظيمة. والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
مقولة إن نظرية التطور لداروين لم يثبت صحتها، تبين عدم فهم عميق لطبيعة العلوم. حقيقة، نظرية التطور لداروين، لم يثبت برهانها بما لا يقبل الشك، الآن أو في المستقبل، لكن هذا هو الحال بالنسبة للنظرية الذرية، ولنظرية النسبية الخاصة والعامة، ونظرية الكم، وأي نظرية علمية أخرى. السبب هو أن العلوم التجريبية لا تتعامل مع البراهين المطلقة، بل تتعامل فقط مع الشواهد والدلائل.
عندما يواجه العلماء بظاهرة جديدة، ويبحثون عن سببها، يبدأون بالفروض، وهي مجرد تخمينات. هذه الفروض نعتبرها صحيحة وتسمى نظرية، طالما لا تتعارض مع النتائج، وطالما تعطينا تنبؤات صحيحة. إذا أعطتنا النظرية نتائج أو تنبؤات خاطئة، تصبح الفروض والنظرية خاطئة وتحتاج إلى تعديل أو إلغاء.
لكن كيف نتأكد من صحة الفروض أو النظرية؟ وماذا لوكانت الفروض خاطئة، لكن تعطينا نتائج سليمة بالصدفة؟ كيف نصبح متأكدين بدون شك؟ الإجابة، لا يمكن التأكد من أي شئ. هذا هو السبب في أنه لا توجد نظريات علمية مؤكدة، بما في ذلك نظرية التطور لداروين.
لكن كلما توالت الشواهد والدلائل التي تؤيد النظرية، كلما زادت ثقتنا فيها. إذا كانت الشواهد والدلائل كثيرة ومهولة ولا يمكن حصرها، يكون من السخف رفضها وتكذيبها. هذا هو شأن نظرية التطور، وشأن النظرية الذرية، وباقي النظريات.
ليس لدينا برهان مطلق لأي شيء، بما في ذلك النظريات الرياضية. الفيلسوف بيرتلاند راسل والفيلسوف وايتهيد، بعد جهد رهيب استمر لمدة 20 سنة، توصلا إلى النتيجة المرة التي لا مفر منها، وهي إن النظريات الرياضية بها تعارض ولا يمكن أن تكون أساسا صلبا لحقائق لا تقبل الشك.
لا يعني هذا أن نظرية التطور لداروين شئ مؤقت وغير مؤكد. على العكس، هي نظرية قوية جدا، مدعمة بأبحاث وتجارب العلماء في مختلف الجامعات، لأكثر من 150 سنة. خلال هذه المدة، لا يوجد دليل واحد أو شاهد واحد، يثبت فشلها أو عدم صحتها. كوجود عظمة فيل مثلا، مدفونة في أعماق الأرض مع الحفريات البدائية، بدلا من وجودها قريبة من السطح.
في المحافل العلمية، لم تعد نظرية التطور لداروين موضوع جدال أو شك، وأصبحت حقيقة من حقائق الحياة، مثل نظرية الجاذبية وكروية الأرض ودورانها حول الشمس.
حقيقة لم يمكن برهان صحتها بدون شك، لكنها أقرب ما يكون لذلك. مهاجمتها بحجة أنها لا تزال فروض لم يثبت صحتها، هو عدم فهم لنظرية التطور لداروين كلية. لقد اصطلح العلماء على أن يكون البرهان للنظريات الرياضية، والفروض والمشاهدة للعلوم التجريبية.
فهل يتراجع شيخ الأزهر عن مقولته تلك حول نظرية التطور أم انه سوف يرد على من قاموا بنقده ام انه سوف يواصل تعاليه ولم يعر تلك الردود الاهتمام اللازم؟