تهديدات القاعدة.. محاربة الإرهاب ورقة فرنسا وأمريكا لحصد ثروات إفريقيا

الأحد 10/يوليو/2016 - 12:37 م
طباعة تهديدات القاعدة..
 
على طريقة زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أيمن الظواهري، وجه أمير إمارة الصحراء التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي تهديدًا إلى فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية باستهداف مصالهحم في القارة السمراء، خاصة مناطق نفوذ القاعدة بالمغرب العربي والتي تعتبر إحدى المناطق التي لم يظهر فيها تنظيمه المنافس الدولة الإسلامية "داعش" بقوة كما ظهر في المشرق العربي.

تهديد مصالح فرنسا وأمريكا:

تهديد مصالح فرنسا
وجه أمير إمارة الصحراء التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يحيى أبو الهمام، تهديدًا إلى من وصفهم بـ"عباد الصليب"، خصوصًا الفرنسيين والأمريكيين، قائلًا: "الآن جاء القتال، وبدأ النزال، لن نسكت عن احتلال أرضنا وفرض مناهجكم في مدارسنا وجامعاتنا، ونهب خيراتنا، وتجويع أطفالنا، حتى تخرج جميع جيوشكم من بلادنا، كل بلادنا، بدءا من فلسطين وانتهاء بأزواد".
وجدد أبو الهمام في كلمة صوتية له، بيعته لأمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري ولأمير حركة طالبان الأفغانية الجديد مولوي هبة الله، ووصف الظواهري بأنه "حكيم الأمة".
ووجه أبو الهمام في الكلمة التي جاءت في 8.17 دقيقة، ما وصفتها بـ"تحية حب وولاء لأهل الوفاء في خراسان والقوقاز وشبه القارة الهندية والشام واليمن والصومال وفلسطين وليبيا وتونس والجزائر الباقين على العهد الثابتين على الدرب". حسب نص الكلمة.
وألمح أبو الهمام في كلمته إلى اتهام تنظيم الدولة بالغلو واستباحة دماء المسلمين، وذلك حين حذر من وصفهم بـ"فرسان الإسلام" من "العجب والغرور من أن يجرفكم الغلو.. تستبيحون معه دماء المسلمين فتكونوا وَبَالًا على الإسلام من حيث تظنون نصرة التوحيد وأهله".
وهاجم أبو الهمام فرنسا، ووصفها بـ"المحتل الصليبي، ذي الوجه العقدي المسيحي الحاقد، والوجه العسكري المتوحش، والوجه الاقتصادي الجشع"، كما اتهم جيوش المنطقة بأنها "رضيت أن تكون أداة بيد المحتل.. وتحولت إلى فيالق من الدرجة الثانية في جيش الاحتلال وكاسحات ألغامه".
واعتبر أبو الهمام أن "شر فرنسا الصليبية وفسادها لم يتوقف منذ أن وطأت أقدام أول جندي فرنسي أرض الإسلام في شمال وغرب إفريقيا قبل قرنين كاملين"، مردفًا أنها عرفت كيف تسير "شعوبنا المقهورة تحت الهيمنة والسيطرة ثقافيًّا، وسياسيًّا، واقتصاديًّا، وعسكريًّا، ولا أدل على ذلك من بقاء اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية في أغلب دويلاتنا بعد الاحتلال، وسطوة قصر الإليزي على قرار العواصم المستقلة شكليا، ودوره الحاسم في تعيين الرؤساء وتبعية اقتصاديات هذه البلدان الحديثة لاقتصاد فرنسا، ودورانه في فلكه مع جزية مفروضة على 14 دولة إفريقية، رغم كونها أفقر دول العالم"، بحسب "وكالة الأخبار" الموريتانية.
وتحدث أبو الهمام عن الاحتفاظ "بقواعد عسكرية، وامتيازات سرية، تكذب الاستقلال المزعوم، وتضرب مصداقيته في الصميم، ليظهر لكل عاقل أن صراعنا مع الغرب الصليبي عامة، وفرنسا خاصة لم ينته، وأن حربهم علينا لم تتوقف، ولن تتوقف"، حسب قوله.

المصالح الفرنسية:

المصالح الفرنسية:
تعتبر فرنسا إحدى الدول الأوروبية التي احتفظت بعلاقات مستمرة ووطيدة بمستعمراتها الإفريقية السابقة، بل ربما كانت من أولى الدول في هذا المجال ، إذا ما قورنت بالدول الكبرى الاستعمارية الأخرى، فقد اتخذت فرنسا سياسة تعاونية محكمة ودقيقة معًا للدول الإفريقية في المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية؛ بهدف الإبقاء على الدورالفرنسي المؤثرفي السياسة العالمية.
وكانت فرنسا تملك في سنة 1960 حوالي مائة قاعدة عسكرية في القارة الإفريقية، غير أن ارتفاع التكلفة والتطور التكنولوجي في الوسائل العسكرية وتطور الأنظمة الإفريقية ذاتها، دفع فرنسا إلى تصفية هذه القواعد، حتى وصلت اليوم إلى ست فقط.
وفي ظل النظام العالمي الجديد، اضطرت فرنسا إلى تطوير سياستها في التعاون العسكري مع إفريقيا، فاعتمدت في سنة 1993 خطة حديثة تقوم على فكرة إنشاء قوة للتدخل السريع (FAR) في جنوب غرب فرنسا، في عدة مناطق مثل تولوز ونانت ورين، وتستطيع هذه القوات أن تتدخل في وقت قصير في كل أنحاء القارة الإفريقية وتساعدها القوات الفرنسية الموجودة في القواعد المتبقية في إفريقيا.
بالاضافة إلى الوجود العسكري، هناك المصالح الاقتصادية المتمثلة في البحث عن أسواق لتصريف السلع الفرنسية المصنعة وموارد أولية لتنمية الصناعاتا لفرنسية المدنية.
والمصالح السياسية المتمثلة في الحفاظ على استقرارالأنظمة السياسية الإفريقية وتعدد العلاقاتا لدبلوماسية مع أكبرعدد من الدول الإفريقية.
والمصالح الاستراتيجية التي تمثلت في الوصول للموارد الطبيعية الاستراتيجية التي تملكها القارة والسيطرة على المواقع الاستراتيجية في بعض الدول الإفريقية كقاعدة جيبوتي، وما لها من ميزة مهمة في مراقبة المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
كما ظلت منطقة الساحل الغربي الإفريقي- الممتدة من تشاد شرقًا إلى موريتانيا غربًا- تشكل أهمية استراتيجية كبيرة لفرنسا، وغيرها من الدول الكبرى؛ ويرجع ذلك إلى ظهورحركات الإسلام السياسي بمختلف درجاتها،المعتدلة والمتشددة في تلك المنطقة، بداية من دول المغرب العربي في الشمال، مرورًابالجنوب؛ حيث النيجر، ومالي، وأخيرًا إفريقي االوسطى، وجنوب ليبيا، وهوما تسعى الدول الكبرى إلى تحجيمه ومحاربته، في إطار منظومة أمنية، ترفع شعار "مكافحة الإرهاب".
ورغبة الدول الكبرى في الاستئثار بالثروات الطبيعية في تلك المنطقة، بما في ذلك اليورانيوم، الذي يستخدم في إنتاج القنبلة النووية، فضلًا عن الماس والذهب
ومنذ اندلاع ثورات الربيع العربي في بعض دول شمال إفريقيا، وانفلات الأوضاع الأمنية التي خلفتها المرحلة الانتقالية، أدى ذلك إلى حضور قوي لفرنسا في الدول الإفريقية وخاصة منطقة الساحل والصحراء، وهو ما كشفت عنه الهجمات المختلفة للقاعدة في المغرب العربي على القوات الأممية والفرنسية في مالي.
فالانفلات الأمني أدى إلى نشوء خلايا متشددة تنشط عبرالحدود المشتركة في الصحراء، وهددت بالفعل المصالح الفرنسية؛ مما أدى إلى تنسيق باريس مع الخلايا الأخرى في دول الساحل الإفريقي (الجماعات الإرهابية).
وقيام أنصارالشريعة وجماعة بوكوحرام ومختلف الجماعات المتشددةالأخرى، بالقيام بالعديد من الهجمات ضد السفارات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية والمصالح التجارية في الفترةالأخيرة، مما أدى ذلك لقيام فرنسا بالتدخل العسكري لحماية مصالحها في القارة.
وانطلاقًا من ذلك، حرصت فرنسا على إعادة تواجدها العسكري في المنطقة، وعدم الاكتفاء بتقديم تدريبات أودعم لوجيستي لجيوش الدول الحليفة في المنطقة، وهو ما ظهر بوضوح في خطاب وزيرالدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، أثناء زيارته للعاصمة الأمريكية واشنطن، وإعلانه عن نشر 3000 جندي فرنسي، بصورة دائمة في الإقليم الإفريقي من خلال التمركز في 3 قواعد رئيسية، هي مالي والنيجر وتشاد.
ويعتبر الإرهاب الدولى من أهم هذه التهديدات، خاصة بعد ظهورما يعرف "بتنظيم القاعدة في المغربالعربي"، وما زاد ذلك خطورة هو إمكانية امتلاك تلك الجماعات الإرهابية لأسلحة الدمارالشامل، في منطقة متوسطية لا تبعد إلامئات الكيلومترات عن فرنسا، فهم يعتقدون أنه من الضروري، تجنب الوصول إلى لحظة يكون فيها بإمكان المغاربة تهديد الأراضي الفرنسية، وذلك بالحيلولة دون وصولهم إلى أوضاع تقنية وتقدم في ميدان تكنولوجيا السلاح والتقنية العسكرية عمومًا، تسمح لهم بإنتاج صواريخ باليستية أو قارية.
وعلى المستوى السياسي، فإن فرنسا تعمل على إقناع النخب الحاكمة في المغرب العربي بتبني قيمها ومؤسساتها وقوانينها، بالإضافة إلى استخدام أصواتها في المحافل الدولية لمساندة مكانة ومطالب فرنسا عالميًا؛ لأن هذا الهدف يبقى أحد المحددات الأساسية للأمن القومي الفرنسي.

المصالح الأمريكية:

المصالح الأمريكية:
مع أول أكتوبر 2008 انطلق النشاط الفعلي لـ القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (USAFRICOM-أفريكوم) التي أحدثتها الولايات المتحدة لكي تكون القارة الإفريقية دائرة حركتها التدريبية واللوجستية والهجومية. وأتت الخطوة تنفيذاً لآخر قرار اتخذه وزير الدفاع الأسبق دونالد رامسفيلد قبل مغادرة الوزارة، وهو قرار كان موضع جدل حاد مع قيادات عسكرية تحفظت على الخطوة. وتشمل دائرة تدخل  أفريكوم  أو أفريك كوماندمينت، المؤلفة من ألف عنصر موزعين على ثلاث قيادات فرعية، كامل القارة الإفريقية  عدا مصر التي تتبع للقيادة المركزية في ميامي، إلى جانب جزر في المحيط الهندي مثل سيشيل ومدغشقر وأرخبيل القمر. وتتولى  أفريكوم متابعة تنفيذ البرامج المتعلقة بالأمن والاستقرار في القارة الإفريقية التي كانت وزارة الخارجية تشرف على تنفيذها.
ومنذ أيام صدّق البرلمان السنغالي على مشروع قانون يسمح بوجود قوات أمريكية على الأراضي السنغالية بشكل دائم لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة.
وتم التصويت على مشروع القانون الذي يجيز للرئيس ماكي صال التصديق على اتفاق مبرم عقد بين الطرفين في شهر مايو الماضي يسمح بوجود قوات أمريكية في السنغال بشكل دائم لمواجهة "المخاطر الأمنية في المنطقة".
وتسعى واشنطن منذ فترة إلى نقل القيادة العسكرية الأمريكية "أفريكوم" من شتوتغارت بألمانيا إلى القاره السمراء، لتسهيل مهمتها في محاربة الإرهاب بعد تنامي التهديدات الإرهابية في الساحل وشمال إفريقيا.
فالبحث عن قاعدة جديدة في إفريقيا يحيل على أن الولايات المتحدة بدأت أخيرًا تفكر بشكل جدي في التعامل مع تنظيم «داعش» في ليبيا بالرغم من أن الأصوات المنادية بذلك قد تعالت منذ وقت طويل تطالب بتوضيح الموقف الأمريكي من التطورات الحاصلة في البلاد.
الطريف في الأمر أن الولايات المتحدة تتحدث عن أن واشنطن تستخدم القاعدة
الأمريكية «سيغونيلا» في «سيسيليا» الإيطالية في عملية إرسال طائرات مقاتلة لمراقبة الوضع في ليبيا ولكن المهام التي تتكفل بها عادة ما يتم إلغاؤها بسبب الأحوال الجوية وكثافة الغيوم فوق منطقة البحر الأبيض المتوسط. أما القواعد الأخرى في إفريقيا وأهمها القاعدة العسكرية الأمريكية في نيجيريا فإن المسئولين الأمريكيين يقولون إنها بعيدة جدًّا..
وبالفعل وبهدف تنفيذ هذا السناريو بدأ على الفور إرسال الجنود الأمريكيين إلى القارة الإفريقية؛ حيث تجاوز عددهم 5000 جندي أمريكي. وبدأت تعمل بشكل مؤثر القاعدة العسكرية في جيبوتي.
إضافة لذلك فمن المعلوم أن في مالي يتواجد مجموعات ضخمة من القوات العسكرية الفرنسية ،مجهزة بأحدث أنواع الأسلحة والمعدات.. علمًا أن طول مدة الإقامة ومجالات العمل لهذه القوات العسكرية غير محددة.. وبالتالي فقد أصبحت الدول الغربية وأمريكا تبسط سيطرتها على أكبر مناجم اليورانيوم في النيجر، وكذلك احتياطات النفط الضخمة في نيجيريا..
وبالنتيجة فإنه من المتوقع أن تكون الجزائر والسودان هما الدولتان المرشحتان في قائمة تجارة الحرب ضد الإرهاب لدى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين..
الوجود العسكري الأمريكي يهدف إلى حماية مصالهحا الاقتصادية التي في القارة الإفريقية، والتي تمتلك احتياطيًّا نفطيًّا هائلًا، إلى جانب امتلاكها كميات وفيرة من المعادن المهمة التي تدخل في الصناعات الاستراتيجية، بالإضافة لاستشراف القارة الإفريقية على المعابر والموانئ الاستراتيجية في المحيط الهندي والأطلسي والبحر الأحمر، كما تشكل القارة الإفريقية سوقًا لا يستهان به للمنتجات الأمريكية، بالإضافة لتنامي دور الصين في إفريقيا باعتبارها قوة اقتصادية منافسة للولايات المتحدة الأمريكية، فضلًا عن وجود الجماعات الإسلامية المتشددة التي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمات ارهابية.

المشهد الإفريقي:

تأتي تهديدات القاعدة في المغرب العربي عقب نجاح القوات الفرنسية والأمريكية في مواجهة الإرهاب بالقارة السمراء عبر دعم دول القارة، خاصة منطقة الساحل والصحراء وغرب إفريقيا في الجماعات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم بوكوحرام الإرهابي، وفروع تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، وهو ما يشير إلى حضور فرنسي أمريكي يستثمر في الإرهاب على حساب الشعوب الإفريقية، وسط تهديدات إعلامية من قبل تنظيمات إرهابية تتراجع حاضنتها الشعبية.

شارك