بعد دعوته للتظاهرات.. ارتباك في صفوف خصوم مقتدي الصدر
الثلاثاء 12/يوليو/2016 - 01:28 م
طباعة

دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، العراقيين إلى التظاهر ضدّ الحكومة لمحاربة الفساد، كما يسعي الي قطع الطريق علي خصومه من الممسكين بزمام السلطة من استعادة توازنهم بعد أن وضعتهم مجزرتا الكرادة وبلد في مهب الغضب الشعبي العارم، وسط مخاوف من قلق حكومي من تكرار اقتحام المنطقة الخضراء.
تظاهرات الجمعة:

دعا الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر العراقيين الاثنين إلى الخروج "بتظاهرة مهيبة" في ساحة التحرير ببغداد، الجمعة للمطالبة بالقضاء على الفساد وإقالة جميع الفاسدين مشددا على أن تكون التظاهرة دون مسميات أو صور أو هتافات.
وقال مقتدى الصدر في بيان صادر عنه الاثنين، "الارهاب ليس هو عدونا الوحيد"، في إشارة منه إلى الفساد المستشري في أركان الدولة، على حد وصفه.
وتابع "نحن إذ نحمل السلاح في ساحات الجهاد، لا بد علينا أن نحمل الروح الوطنية بأعلى مستوياتها، لنرفع أصواتنا ومطالبنا من خلال التظاهر من أجل الإصلاح الحقيقي والفعلي".
كما دعا العراقيين إلى التظاهر، قائلا "هبوا في جمعتكم هذه، وفي ساحتكم ساحة التحرير، هبة شعب واحد وبدون صور أو هتافات مطالبين بإقالة جميع الفاسدين والمقصرين في كل الملفات والوزارات، وجميع المناصب، ولا تتراجعوا فلن نركع إلا لله"، بحسب ما ورد في نص البيان.
ويريد الصدر بدعوته من سمّاهم “الوطنيين” إلى الخروج في تظاهرة وصفها بـ”المهيبة” في ساحة التحرير ببغداد الجمعة تفويت الفرصة على حكومة حيدر العبادي لاستعادة توازنها بعد الضربة القوية التي تلقتها بفعل هجومي الكرادة وبلد.
وعمل الصدر على توظيف مشاعر العراقيين المستنفرة بعد المجزرتين المذكورتين من خلال الربط بين الفساد الحكومي واستشراء الإرهاب.
وقال، الاثنين، في بيان إن بقاء الفساد والمفسدين يعني بقاء تسلط الإرهاب على العراقيين، داعيا المتظاهرين إلى إقالة جميع الفاسدين.
وأضاف في بيانه أنّ “عراقنا الحبيب يمر بمنعطف خطير يستوجب منا وقفة حقيقية وجادة لإنقاذه من محنته”، مشيرا إلى أنه “أوعز للمجاهدين برص الصفوف ولبس الأكفان من أجل دفع خطر الإرهاب في سوح الجهاد، وهم لم يألوا جهدا ولم يقصروا في إرخاص الدماء من أجل المقدسات ومن أجل الدفاع عن الشعب”.
وشدد الصدر على أن "بقاء الفساد والمفسدين يعني تسلط الارهاب علينا، حيث كان الحاضنة الأولى له وسيكون الحاضنة لاستمراره لا محالة ولذا أجد لزاما على المخلصين والمؤمنين بالقضية العراقية وبالمشروع الإصلاحي الخالص لوجه الله بكل انتماءاتهم المدنية والإسلامية وغيرها التعاون من اجل الخروج بتظاهرة مهيبة لإنقاذ الوطن ولكي لا تذهب دماء العراقيين التي سالت في كل بقاع العراق ولا سيما في الكرادة وبلد هباء وبغير حساب ولكي يزول عنا الم الفساد والظلم".
ومنذ أشهر ينظم العراقيون مظاهرات في العاصمة بغداد ومحافظات جنوبية، مطالبين بـ "تشكيل حكومة تكنوقراط، وإنهاء الخلافات السياسية الدائرة في البرلمان، وتقديم الفاسدين إلى القضاء".
وفي 20 أبريل قرر الصدر تجميد عضوية "كتلة الأحرار" الشيعية، التابعة له في البرلمان العراقي، والتي تمتلك 34 مقعدا من إجمالي مقاعد البرلمان البالغة 328 مقعدا.
وتعهد العبادي بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية بعد احتجاجات ضخمة، الصيف الماضي، لكن سرعان ما واجه تحديات قانونية ومقاومة للتغيير.
قلق حكومي:

ضاعف زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الضغوط المسلطة على حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدعوته العراقيين إلى التظاهر احتجاجا على الفساد وللمطالبة بإقالة المسؤولين المتورّطين فيه.
ومن شأن دعوة الزعيم الشيعي هذه أن تعيد إثارة الشارع العراقي الغاضب أصلا من سوء الأوضاع بوجه الحكومة التي تواجه أزمة سياسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة، جعلت مصير النظام القائم بقيادة الأحزاب الدينية على المحكّ بعد أن بلغ الغضب الشعبي خلال الأشهر الماضية سقوفا غير مسبوقة وصلت حدّ اقتحام متظاهرين للمنطقة الخضراء المحصّنة ودخول مبنى البرلمان، والهجوم على مقرات أكبر الأحزاب الشيعية في عدّة مدن.
ووجدت حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مهربا ظرفيا من الأزمة، في تصعيد الحرب ضدّ تنظيم داعش، ومحاولة صرف الأنظار باتجاه معركة مدينة الفلّوجة ثمّ معركة مدينة الموصل دون فاصل زمني بينهما.
غير أن هجومين داميين استهدفا الأسبوع الماضي حي الكرادة بالعاصمة بغداد وقضاء بلد بمحافظة صلاح الدين مخلّفين المئات من الضحايا بين قتلى وجرحى أعادا تسليط الأنظار على الفشل الحكومي العام في إدارة شؤون الدولة وفي فرض الأمن وحماية الأرواح.
خصوم الصدر:

ويجد زعيم التيار الصدري في الأزمة أفضل مناسبة لمقارعة خصومه من كبار قادة الأحزاب الشيعية والميليشيات المسلّحة الممسكين بزمام السلطة، بعد أن كانوا نجحوا طيلة السنوات الماضية في إبعاده عن دوائر القرار وحرمانه من موقع قيادي في النظام يرى نفسه جديرا به نظرا إلى المكانة الدينية لعائلته
واشارت مصادر عراقية لـ" بوابة الحركات الاسلامية، إلي أن تظاهرا ت الجمعة ستكون لبداية لمعركة "كسر عظم" بين زعيم التيار الصدري، ضد عدد من خصومه السياسيين وخاصة رئيس حزب الدعوة ورئيس ائتلاف القانون نوري المالكي.
واوضحت المصادر انه بالإضافة الي المالكي هناك بعض القوى الشيعية الأخرى المناوئة لمقتدي الصدر كالمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة السيد عمار الحكيم ، وهناك أيضاً تنظيم بدر السياسي والعسكري بقيادة هادي العامري، الذي لا ينظر بعين الرضى للتيار الصدري المنافس له على زعامة الشارع الشيعي لذلك أبرم تحالفاً تكتيكياً مع نوري المالكي وحزب الدعوة، والاثنان يشاركان اليوم في التخطيط لهزيمة الصدر في الشارع العراقي.
واشارت المصادر الي ان المنزعجين من تحركا الصدر ايضا، بعض المليشيات المدعومة من ايران والمقربة من نوري المالكي وفي مقدمتها قيس هادي الخزعلي الامين العام لـ عصائب اهل الحق ومؤسس كتلة الصادقون، وايضا الامين العام لـ حركة النجباء أكرم الكعبي، وغيرهم من المليشيات التي يمتلكها قلق كبير من تحركات الصدر في الشارع العراقي وخاصة في مناطق النفوذ الشيعي.
وأصبح عدم مشاركة الصدر في الحكم بشكل مباشر ورقة قوّة بيده، حيث نجح في أن ينحت لنفسه صورة المحارب للفساد والمدافع عن مصالح الشعب، بينما تلبّست بغالبية أعضاء الطبقة الحاكمة صورة المفسدين والفاشلين، وأصبحوا موضع نقمة الشعب العراقي. وعلى هذه الخلفية كثيرا ما لقيت دعوات الصدر إلى التظاهر والاعتصام استجابة شعبية واضحة.
ويحصل التيار السياسي للصدر على ثقة عالية بأن أنصاره في الشارع العراقي هم جمهور خاص يجعلهم متميزين على بقية الكتل السياسية، فطبيعة التيار المرتبط أساساً بنهج عقائدي شيعي أسسه رجل الدين الراحل محمد صادق الصدر واللغة السياسية في مواجهة الفساد والارهاب تجد جاذبية عالية لدى قطاعات واسعة تضمن في أقل التقديرات السياسية ثباتاً نسبياً في الشعبية التي يحصل عليها التيار.
لذلك يطمح الصدر في أنّ يجنّد أقصى ما يمكن من القوى، إسلامية ومدنية، بوجه حكومة حيدر العبادي لضمان إسقاطها.
المشهد العراقي:

وبدعوة الصدر إلى تصعيد نوعي ضدّ حكومة حيدر العبادي والأحزاب الممثلة فيها، يبدو الصراع على السلطة في العراق، وإنّ اتخذ عنوان الدعوة للإصلاح، بصدد الاقتراب من منعرج جديد، قد يكون خطيرا.
ولن يكون خصوم الصدر من كبار الرموز والقادة من داخل العائلة السياسية الشيعية، في وارد الاستسلام لها وهو يسحب البساط من تحت أقدامهم، والمرجّح أن يستخدموا ضدّه مختلف ما يمتلكونه من وسائل ومقدّرات، دون استثناء خيار القوّة.
إذ أفضت العملية السياسية في العراق منذ عام 2003م وإلى يومنا هذا، إلى صراع على النفوذ والمصالح بين الكتل والأحزاب السياسية في العراق، فما عاد هذا الصراع بين السنة من جانب والشيعة من جانب آخر، بل تطور الصراع في العراق ليصبح داخل البيت الشيعي .
ولذلك يبدو أن العراق مقبل على صيف شديد الحرارة بدأت درجاته السياسية والعسكرية والاقتصادية ترتفع، فعلى المستوى السياسي مرّ -ولايزال- يمر مجلس النواب العراقي أيام عصيبة ، عقب اقتحام أنصار التيار الصدري مجلس النواب العراقي، وعسكرياّ اذ تشهد جبهات القتال صراعا مستمرا ضد تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام ”داعش” أما اقتصاديا فالعراق يعاني من أزمة اقتصادية خانقة. ويمكن للعراق أن يتجاوز شدة هذا الصيف إذا اعتمد مقاربة لحل أزماته لا تقوم على البعد الطائفي أو القومي وإنما الاعتماد على البعد الوطني، وإلا ستتحول هذه الأزمات إلى طوفان لن يسلم منه أحد. فهل الطوفان ينتظر العراق؟!