بعد تشكيل ميليشيا تشيكية مسلحة.. المهاجرون المسلمون سُلَّم اليمين المتطرف لحكم أوروبا

الأربعاء 13/يوليو/2016 - 02:15 م
طباعة بعد تشكيل ميليشيا
 
أخذت أزمة اللاجئين في أوروبا، اتجاهًا آخر عبر تشكيل بعض قوى اليمين المتطرف ميليشيات لمنع استقبال حكوماتهم للاجئين على أساس ديني، متوعدين بعمل أي شيء وبكل الوسائل الممكنة لمنع وصول اللاجئين إذا لم تتحرك حكومة بلادهم.

ميليشيا تشيكية:

ميليشيا تشيكية:
شكلت مجموعة من المواطنين التشيك، ميليشيا مسلحة يبلغ عدد أفرادها ألفين و500 شخص، بهدف منع تدفق اللاجئين من المسلمين إلى البلاد، بحسب ما نشرته، اليوم الأربعاء، صحيفة "ليدوف نوفني" المحلية.
وتملك المجموعة 90 فرعًا في عموم البلاد، وألفين و500 عضو مسلح، وتطلق على نفسها اسم "الحرس الوطني"، بحسب المصدر ذاته.
وكتبت المجموعة، على موقعها الإلكتروني عبارة "الحرس الوطني مستعد للدفاع عن الوطن"، وتملك 12 ألف متابع على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك).
وقالت نيلا ليسكوفا، واحدة من ثلاثة قادة للمجموعة، في بيان صحفي الأربعاء: إن "الحكومة إذا لم تتحرك فإن المواطنين سيعملون أي شيء، بالإمكانات المتوفرة لديهم، لمنع تدفق اللاجئين المسلمين".
وفي تعليقه على الأمر، أفاد أندور ساندور رئيس الاستخبارات العسكرية التشيكية سابقًا في تصريح صحفي، أن "هذه المهمة لا يمكن أن يتولاها أناس عاديون ليسوا من الشرطة أو الجيش"، مضيفًا أن المجموعة تشكل "توجهًا خطيرًا".
وتجدر الإشارة أن دولة التشيك لا تعتبر من بين الدول المستهدفة من قبل اللاجئين، وتلقت السنة الماضية حوالي ألف طلب لجوء، فيما وصل العدد في الأشهر الثلاثة الأولى من 2016 إلى 415 طلبًا.

حرب اليمن المتطرف:

حرب اليمن المتطرف:
وقد واجهة المهاجرين الزاحفين إلى أوروبا، حربًا شرسًا من قبل اليمين المتطرف في عدة دول أوروبية، ضد وجودهم في القارة العجوز.
فثقافة اللجوء التي تلقى تعليلها التاريخي في الدروس المستخلصة من حقبة الديكتاتورية النازية والحرب العالمية الثانية تُواجه بالرفض من قبل الذين يرون أن أوروبا تجاوزت الطاقات الذاتية. في هذا السياق لاحظ خبراء تنامي معاداة الأجانب من كافة شرائح اليمين. ووُجهت السهام ضد سياسة الهجرة واللجوء التي تنهجها الحكومة الألمانية. وهذا العداء الموجه ضد الأجانب تغذيه بوجه خاص حركة "بيغيدا" العنصرية وحزب البديل لألمانيا الشعبوي والحزب القومي الألماني اليميني المتطرف.
المتعاطفون مع هذه الحركة يعتبرون أنفسهم ضحايا ويريدون "حماية" أنفسهم من اللاجئين والأجانب، كما يدعون. الخبير ديفيد بيرغيش أكد أن الحركة "ظاهرة محلية تقتصرعلى ولاية سكسونيا"، لكن صداها يدوي في جميع أنحاء شرق ألمانيا. ويشير ديفيد بيرغيش، خبير في الشئون الاجتماعية وفي قضايا اليمين المتطرف أن شرق البلاد يفضل المشاريع السياسية التي تفتح الآفاق أمام العودة إلى نموذج المجتمع المتجانس.
وفي المجر، تعد حركة "يوبيك المتطرفة " الحركة من أجل المجر، أسود التنظيمات التي تنكل باللاجئين، وباتوا يلوحون بخطر استقبال بلادهم للاجئين من خلال سيطرة اليمين المتطرف على وسائل الإعلام، وبدم من تيار تحالف "فيديس" يمين الوسط، أو الاتحاد المدني المجري، الذي يسيطر على مقاليد الحكم في المجر "هنغاريا".
وفي اليونان يعد حزب الفجر الذهبي الذي ينتمي لأقصى اليمينن من أشد القوي المعارضة لوجود واستقبال اليونان للاجئين.
وكان زعيم الحزب، نيكولاوس ميخالولياكوس، وخمسة من كبار النواب والعشرات من أعضاء الحزب قد اعتقلوا يوم 28 سبتمبر، واتهموا بالانتماء لجماعة إجرامية في حملة أعقبت مقتل مغني راب مناهض للعنصرية على يد مؤيد لحزب الفجر الذهبي وسلسلة من الهجمات على المهاجرين.
ففي بريطانيا أطل حزب استقلال بريطانيا "يوكب" اليميني المتطرف بين أنقاض هذه الأزمة، لينتقد خطوة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون استقبال الآلاف من اللاجئين بعد ضغط أوروبي، في حين تقول تقارير: "إن البلاد ستستقبل حوالي 15 ألف مهاجر".

جرائم في حق المهاجرين:

جرائم في حق المهاجرين:
وخلال عام 2015، لوحظت زيادة كبيرة في الهجمات ضد العرب والمسلمين في فرنسا؛ حيث تم تسجيل 230 اعتداء ما بين قتل وحرق وضرب وطرد، وأصبح مشهد حرق المصاحف والجوامع مشهدًا متكررًا في العديد من الشوارع والمناطق الفرنسية، والتي كان آخرها ما حدث في جزيرة "كورسيكا". 
وفي بريطانيا كشفت الدراسة عن تسجيل 734 جريمة كراهية بين عامي 2013 و2015، منها 23 اعتداء و13 هجومًا عنيفاً و56 هجوماً على مساجد، ومئات الإساءات عبر الانترنت. 
أما في أسكتلندا فقد وقعت 64 جريمة كراهية بعد اعتداءات باريس مباشرة، 3 منها جاءت كرد فعل مباشر على تلك الاعتداءات. ورغم أننا لا نستطيع القول: إن كل هذه الجرائم كانت بسبب أحداث باريس، إلا أن 64 جريمة هو عدد كبير في حد ذاته ولا ينسجم مع حقوق الإنسان ومحاربة العنصرية بأي شكل من الأشكال. 
وفي النمسا ومع زيادة نفوذ الأحزاب اليمينية ذكر التقرير الصادر عن جهاز المخابرات الداخلية في النمسا أن السلطات وجهت اتهامات في نحو 1690 قضية لها علاقة بالتطرف اليميني العام الماضي، وهو أكبر عدد من هذه القضايا حتى الآن خلال عام واحد، ويقارن مع 1200 قضية في العام 2014.
وأضاف التقرير أن عدد «الأعمال المتطرفة» لليمين في 2015 وصل في المجمل إلى 1150 قضية بعدما كان 750 في 2014 وتتراوح بين إطلاق الألعاب النارية على مراكز إيواء المهاجرين والتحريض على العنف عبر الانترنت. وتابع أن النمسا تلقت نحو 90 ألف طلب لجوء في 2015 معظمها في الشهور القليلة الأخيرة من العام بعد أن وصلت أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين الذين فر الكثيرون منهم من الصراعات في سوريا والعراق وأفغانستان إلى النمسا التي يبلغ عدد سكانها 8.5 ملايين نسمة، أغلبهم كاثوليك.
وبالرغم من انخفاض معدل جرائم الكراهية ضد المسلمين في أمريكا مقارنة بجرائم الكراهية ضد الزنوج واليهود والمثليين، إلا أن إحصاءات الـ FBI رصدت زيادة في نسبة الجرائم ضد المسلمين في السنوات الأخيرة، حيث شكلت نسبة الجرائم ضد المسلمين حوالي 13-14% من إجمالي جرائم الكراهية والتي يكون باعثها في الأغلب دافعًا دينيًّا، ويبلغ معدل جرائم الكراهية ضد المسلمين حوالي 100 جريمة أو أكثر قليلًا في السنة، وفقًا لإحصاءات الـ FBI، التي أكدت أن هذا العدد تضاعف أكثر من هذا الرقم في 2015. 
وأوضح تقرير جامعة جورج تاون وقوع 180 حادث عنف ضد المسلمين خلال الفترة من مارس 2015 إلى مارس 2016، منها 12 عملية قتل، و34 اعتداء جسديًّة و56 عملًا تخريبيًّا أو تدمير للممتلكات، وتسع محاولات لإشعال النيران وثمانية عمليات إطلاق نار وتفجيرات.

اليمني يسيطر على أوروبا:

اليمني يسيطر على
وفي تقرير نشر على الموقع للمحلل السياسي « جاك تابري» أشار فيه إلى أن « تقدم اليمين المتطرف في العديد من البلدان الأوروبية يشكل قلقاً بالنسبة للكثيرين سواء داخل أوروبا أو خارجها؛ إذ ما تزال أوروبا تعيش تحت وقع المفاجأة بصعود الأحزاب اليمينية في الانتخابات المحلية لعدد من دول الاتحاد الأوروبي، والتي جاءت نتيجة عدة عوامل أبرزها تزايد الهجمات الإرهابية واستغلال المرشحين لعواطف الجماهير من خلال اللعب على وتر توفير الامن المفقود منذ هجمات باريس وما بعدها.»
ويشكل حزب الحرية النمساوي المتطرف أصواتًا عالية في البرلمان؛ حيث حصد خلال الانتخابات الماضية 38 مقعدًا من أصل 183؛ ليحقق بذلك أفضل نتيجة للحزب منذ الحرب العالمية الثانية في انتخابات وطنية في النمسا، على وفق النتائج الرسمية.
أما في هولندا فأوضح تابري أن "استطلاعات رأي أخيرة أكدت أن حزب الحرية بزعامة فون غيرت فيلدرز سيحرز 30 في المائة من مجموع الأصوات الشيء الذي يعني تحسين نتائجها لعام 2012 بثلاث مرات. ويُعد فيلدرز منذ مدة أحد قياديي اليمين الشعبوي في أوروبا، وموضوعاتها الأساسية هي انسحاب هولندا من الاتحاد الأوروبي والتحريض الممنهج ضد المسلمين. وعقب الاعتداءات الإرهابية في باريس طالب فيلدرز بترحيل جميع من هم غير هولنديين.»
أما في الدانمارك فيرى تابري أن "حزب الشعب الدانماركي هو ثالث أقوى كتلة سياسية داخل البرلمان؛ حيث يهيمن على 37 مقعدًا من أصل 179 من مجمل مقاعد البرلمان. وبطلبه فرض إلغاء لحق اللجوء انتزع هذا الحزب في الانتخابات البرلمانية في يونيو 2015 نسبة 21.1 في المائة من مجموع الأصوات متقدماً على الحزب اليميني الليبرالي اللذين شكلا في النهاية حكومة أقلية".
وفي فرنسا باتت أرصدة حزب الجبهة القومية المتطرف الذي تتزعمه مارين لوبان في صعود، في ظل المكاسب التي حققها في البرلمان الأوروبي بحصوله على 23 مقعدًا من أصل 74 مقعدًا مخصصًا لفرنسا، في المقابل فاز حزب استقلال بريطانيا اليميني أيضًا بـ22 مقعدًا من أصل المقاعد الـ73 المخصصة لها في البرلمان الأوروبي.
كما أن حزب غيرت فيلدرز "من أجل الحرية" والذي يركز على خطاب الكراهية ضد الأجانب، خاصة ضد المسلمين، بدأ بتحقيق المكاسب في الشارع الهولندي، وسحب البساط من تحت أقدام الأحزاب المعتدلة الأخرى.

المشهد الأوروبي

المشهد الأوروبي
ويرى البعض أن شبح القوى المتطرفة والنازية الجديدة بدأ يغزو دول العالم المتقدم، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية، التي أعادت إذكاءها أزمة اللاجئين، مما سيؤدي إلى نهاية دول ما يسمى بالرفاه الاجتماعي.
فباتت القوى تستغل قضية اللاجئين لتضفي على نفسها المصداقية لدى الأوروبيين من خلال تكرار الخطابات المتطرفة التي غذت الكراهية للآخر، فتذكي التخوفات في السرائر من مسح الهوية الثقافية لأوروبا المستقبل.

شارك