وثيقة "قرطاج"..هل تفلح في إنقاذ تونس من أزمتها السياسية؟
الخميس 14/يوليو/2016 - 07:35 م
طباعة


الاحزاب التونسية تبحث عن مخرج للأزمة السياسية
انشغلت الأحزاب التونسية بالحديث عن وثيقة تحدد أولويات عمل حكومة وحدة وطنية اقترحها الرئيس الباجي قائد السبسي، بهدف إخراج البلاد من "أزمة حقيقية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية"، بحسب ما أعلنت الرئاسة التونسية في بيان لها، وجرى توقيع الوثيقة بقصر الرئاسة في غياب رئيس الحكومة الحبيب الصيد الذي رفض ، دعوات إلى تقديم استقالة حكومته.
حملت الوثيقة عنوان "اتفاق قرطاج" ووقعتها 9 أحزاب بينها 4 تشكّل الائتلاف الحكومي الحالي وهي "نداء تونس" الفائز بالانتخابات التشريعة عام 2014، و"حركة النهضة" الإسلامية التي حلت ثانية، والاتحاد الوطني الحر" و"آفاق تونس".، وكذلك الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
وعقب توقيع "اتفاق قرطاج"، أعلن الرئيس الباجي قائد السبسي في خطاب أن الحبيب الصيد "يفضل أن يذهب إلى مجلس نواب الشعب ليسحب منه الثقة، ويكلف شخصية أخرى بتشكيل حكومة جديدة كما يقتضيه الدستور.
يأتى ذلك فى الوقت الذى دعا قياديون في أحزاب الائتلاف الحكومي حبيب الصيد إلى الاستقالة لـ"فسح المجال" أمام حكومة الوحدة الوطنية، لكنه رفض.

السبسي
وأثنى قائد السبسي على الحبيب الصيد ووصفه بأنه "رجل نظيف"، قائلاً إن حكومته "قامت بواجبها" لكن "لم يكن بإمكانها عمل كل شيء".، موضحا أن رئيس الحكومة القادم "يجب أن يلتزم بأن يطبق" الأولويات التي حددها "اتفاق قرطاج" ومنها "مقاومة الفساد وإرساء مقومات الحوكمة الرشيدة" و"تسريع نسق النمو لتحقيق أهداف التّنميّة والتشغيل" و"كسب الحرب على الإرهاب".
كانت حكومة الصيد باشرت عملها في السادس من فبراير 2015، وأُدخل عليها تعديل وزاري كبير في السادس من يناير 2016.
وتواجه هذه الحكومة انتقادات متزايدة تتعلق خصوصاً بعدم التمكن من إنعاش اقتصاد البلاد ومكافحة الفساد الذي تؤكد منظمات محلية ودولية أنه "تفاقم" منذ ثورة 2011 رغم أنه كان أحد الأسباب الرئيسية للإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

محاولات لانقاذ تونس
وفي الثاني من يونيو 2016، دعا الرئيس التونسي خلال مقابلة مع المحطة الأولى للتلفزيون الرسمي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لإخراج البلاد من وضع اقتصادي واجتماعي صعب، مشترطاً أن يشارك فيها اتحاد الشغل ومنظمة أرباب العمل الرئيسية اللذان رفضا المشاركة.
وحصلت هاتان المنظمتان على جائزة نوبل للسلام لسنة 2015، مع منظمتين أخريين، بعدما لعب الرباعي دوراً حاسماً في إخراج تونس من أزمة سياسية حادة اندلعت في 2013 إثر اغتيال اثنين من أبرز معارضي حركة النهضة الإسلامية التي كانت آنذاك على رأس حكومة "الترويكا".
وأكدت الرئاسة التونسية أن تونس تعيش اليوم "أزمة حقيقية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وفي ظلّ تواصل التحديات المرتبطة بمكافحة الإرهاب"، وأن الوضع يستوجب حكومة "وحدة وطنية" تتولى "تحقيق الأهداف الوطنية بفاعلية".
ويتعين أن تتوافق الأحزاب والمنظمات الموقعة على "اتفاق قرطاج" على رئيس حكومة الوحدة الوطنية، ما قد يستغرق أسابيع.
نصت وثيقة اتفاق قرطاج على أولويات حكومة الوحدة في تونس خلال المرحلة المقبلة بهدف كسب التحديات الوطنية الكبرى، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وإنعاش الاقتصاد.
وتم التأكيد على إيلاء ملف مكافحة الإرهاب وإحلال الأمن والاستقرار في تونس الأولوية القصوى للعمل الحكومي خلال الفترة المقبلة, وذلك بضبط استراتيجية وطنية للتصدي للظاهرة ودعم مجهودات القوات العسكرية والأمنية في هذا الخصوص، كما نصت الوثيقة على ضرورة التسريع في نسق التنمية والتشغيل، لا سيما في المناطق الداخلية المهمشة، وترسيخ الإنتقال الديموقراطي عبر فرض هيبة الدولة والقانون، إلى جانب النهوض بالإقتصاد وتفعيل الإستثمارات المحلية والأجنبية وهيكلة المشاريع الإقتصادية شكلت بدورها أهم بنود خارطة الطريق التي ستعتمدها الحكومة التونسية خلال المرحلة المقبلة.
كما نصت الوثيقة على دعم نجاعة العمل الحكومي واستكمال تركيز المؤسسات بالإضافة إلى مكافحة ظاهرة الفساد وتكريس الشفافية إلى جانب إرساء مقومات الحوكمة الرشيدة والتحكم في التوازنات المالية وتفعيل سياسات خاصة بالمدن والجماعات المحلية.
وتعليقا على هذه الوثيقة قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أن المطلوب الآن من حكومة الحبيب الصيد أن تتفاعل ايجابيا مع الوثيقة وتفسح الطريق أمام تحقيق بنودها.

محمد عبو
بينما دعا المنسق العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق إلى استغلال الكفاءات التي عملت خلال النظام السابق عند تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المقبلة ، وأنه على رئيس الحكومة المقبل أن يتحلى بقدرة اتصالية وتبليغية عالية.
وفى سياق متصل دعا رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي حكومة الحبيب الصيد إلى الاستقالة خلال اليومين المقبلين، وانه من المهم هو تعيين رئيس الحكومة بتوافق جميع الأحزاب التي أمضت عل اتفاق قرطاج.
فى حين اعتبر عتبر مؤسس حزب التيار الديمقراطي محمد عبو أنها وثيقة عادية جدّا ومثل البرامج الانتخابية لمختلف الأحزاب السياسية، مضيفا بقوله " نشك في قدرة الأحزاب الحاكمة على تنفيذ البرامج الواردة في "اتفاق قرطاج" لوجود صعوبة في التعامل مع مختلف الأطراف ولارتباط الأحزاب الفاعلة بمصالح مجموعات تمنع القيام بإصلاحات جدية في تونس".