تدخل التحالف الدولي في معركة الموصل.. عامل حسم أم مرواغة جديدة؟

الأربعاء 20/يوليو/2016 - 12:56 م
طباعة تدخل التحالف الدولي
 
 شكل التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية منذ الإعلان عنه وتأسيسه في نهاية عام 2014م عقب استيلاء تنظيم داعش الدموي على الموصل العراقية- حالة من الجدل بسبب نتائجه التي ترواحت بين الحسم والمراوغة ضد تنظيم داعش في مناطق محددة بالعراق وسوريا، مقارنة بمناطق أخرى. 
تدخل التحالف الدولي
مؤخرًا بدأ التحالف يعلن عن نفسه بمحاولة حسم جديدة في معركة الموصل من خلال حديث المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، ستيفان لو فول، الذي قال بأن فرنسا والولايات المتحدة تعدان لضربة منسقة ضد تنظيم داعش في مدينة الموصل العراقية، وأنه يعد مع الأمريكيين لهجوم منسق على الموصل، وهو الأمر الذي يطرح التساؤل من جديد حول مدى جدوى وفاعلية التحالف الدولى في مواجهة تنظيم داعش ودوره في معركة الموصل المصيرية. 
 البداية تكون دائمًا مع الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة التحالف الدولي تقود أكبر عملية مرواغة عسكرية في تاريخها، والتي تتمثل في رغبة رئيسها في تحقيق مكسب عسكري قبل رحيله عن البيت الأبيض؛ ولذلك يدرس كل الخيارات العسكرية التي يقدمها البنتاجون له لتنفيذ استراتيجيته، المرواغة التي تعتمد على ضرب وإضعاف، ومن ثم القضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا وهو ما يجعله ، يجد نفسه الآن مضطرًّا وبعد الاستماع إلى نصيحه الجنرالات إلى إرسال 560 جنديًّا إضافيًّا إلى العراق، ليصل عدد الجنود الأمريكيين من مستشارين ومدربين إلى 4647 في الوقت الذي كان يرفض فيه هذا الأمر؛ حيث إن البيت الأبيض طالما تحدث عن الانتصارات المتتالية لـ الجيش العراقي باستعاده مدن كانت تحت سيطرة التنظيم من تكريت إلى جسر الموصل إلى الرمادي والفالوجة أخيرًا، وبالتالي بات يحقق ما أراده الرئيس أوباما وهو تضييق الخناق على داعش جغرافيًّا وهز أعمدة هيكله.
تدخل التحالف الدولي
أيام الرئيس باتت معدودة فعليه أن يسلم مقاليد الحكم للرئيس المقبل بحلول يناير عام 2017 لكن هدفه المنشود هو تمكين القوات العراقية من استعادة ثاني مدينة عراقية، وهي الموصل من أيدي التنظيم الذي استولي عليها بسهولة في صيف عام 2014 م وقرر إرسال القوات الأمريكية من أجل التحضير لبدء ما يسمي بـ"أم المعارك" وهي عملية تحرير الموصل، فطرد داعش منها سيكون بمثابة ضربة عسكرية قاضية له لطرده من العراق بشكل كامل، وما سيتبقى تحت سيطرته هو بعض أطراف المدن والصحراء، وبالتالي يعود التنظيم إلى عاصمته المفترضة وهي مدينة الرقة السورية.
ويرى مراقبون أن استعادة ثاني مدن العراق سيكون من قاعدة القيارة الجوية التي تبعد 40 ميلًا عن مدينة الموصل، وستكون نقطة مهمة للانطلاق بعد الاستيلاء عليها مؤخرًا، وسيقوم الجنود الأمريكيون ببناء الجسور وتصليح هذه القاعدة المهدمة جزئيا لتمكين الطيران من استخدامها واعتبارها نقطة تجمع قبل البدء في هجوم شامل لتحرير الموصل، والذي يتوقع في الخريف أو نهاية العام وسيكون للطيران الأمريكي وطيران التحالف دور محوري في توفير الغطاء الجوي، على أن تقوم الوحدات الأمريكية بتدريب القوات العراقية والإشراف على عملياتها العسكرية عن قرب وفي زيارته المفاجئة للعراق تحدث وزير الدفاع الأمريكي عن أهمية هذه الزيادة بالعدد، وقال: إن هؤلاء الجنود الإضافيين سيعززون من قدرات الجيش العراقي، وتحدث عن هذه الزيادة كاستراتيجية ذات أهمية بالغة. 
تدخل التحالف الدولي
ويرى مراقبون أن توفير الغطاء الجوي للقوات العراقية لعب دورًا مصيريًّا في كل المعارك الأخيرة، والتي أدت إلى استعادة المدن العراقية، وبالتالي سيكون هناك دور مكثف له في عملية تحرير الموصل ويتعين على الرئيس أن يقدم ميزانية لتغطية تكلفة هذه الزيادة في العراق إلى مجلس النواب، لكن من المتوقع أن يقوم المجلس بتوفيرها نظرا لسيطرة الجمهوريين عليه والذين يتهمون أوباما في العادة بالتقصير في محاربة التنظيم، وتقول مصادر في الإدارة: إن النصر العسكري وكسب أراضٍ من تنظيم داعش ليس كافيا طالما غاب الحل السياسي والاستمرار بإشعار السنة المهمشين في العراق بأنهم ليسوا جزءا من تركيبة البلد الوطنية وتغييبهم عن لعب أي دور سياسي مؤثر.
 ولعل الأسباب التالية بالاضافة إلى المرواغة الأمريكية هي ما تدفع إلى محدودية فعالية التحالف العسكرية في معركة الموصل، والتي تتمثل فيما يلي:
1- محدودية الضربات العسكرية للتحالف، وعدم فاعليتها وإصابتها أهداف أخرى غير المحددة لها، وعلى الرغم من ذلك فقد تنجح القوة العسكرية في القضاء على جزء كبير من قوة وإمكانات تنظيم «داعش» على الأرض، ولكن القوة العسكرية ستخفق في مواجهة الإطار الأيديولوجي والعقائدي، الذي مكن التنظيم من تجنيد آلاف المؤيدين له، من كافة الدول بما فيها الدول الغربية؛ الأمر الذي يُشير إلى أن نجاح التحالف في القضاء على «داعش» سيكون وقتيًا، مما يفرض ألا تقتصر جهود التحالف على الضربات العسكرية للتنظيم، ولكن صياغة استراتيجية متكاملة تمكن من القضاء على أسباب تنامي ظاهرة الإرهاب في المنطقة، التي لن تقتصر تبعاتها على المنطقة، ولكن على الدول الغربية ذاتها.
تدخل التحالف الدولي
2- غياب قوة عسكرية برية وهو الأمر الذي يستلزم دعم القوات الجوية، بقوات برية على الأرض، كما أنه يمكن تدعيم قوات الجيش السوري الحر الذي يحتاج إلى تسليح لكي يتمكن من تحقيق مكاسب على الأرض، ومن ثم تزويد مقاتلي هذا الجيش بالأسلحة النوعية.
3- التخبط والارتباك في السياسة الأمريكية، بشأن كيفية مواجهة قوات «داعش»؛ إذ أن سياستها تجاه منطقة الشرق الأوسط القائمة على تقليل الانخراط الأمريكي في أزمات المنطقة، وعدم سيطرتها على أولويات إدارة الرئيس باراك أوباما كالإدارات السابقة، والذي انعكس في قرارها بسحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وعدم التدخل العسكري مجددًا في المنطقة، ونقل مركز القوة والتأثير الأمريكي من منطقة الشرق الأوسط إلى آسيا باعتبارها المنافس والمهدد المستقبلي للولايات المتحدة، عادت إدارة الرئيس الأمريكي إلى الاهتمام مرة أخرى بالمنطقة، وإعطاء قضاياها أهمية على أجندتها بتشكيل تحالف دولي بمشاركة قوى إقليمية ودولية لمواجهة الدولة الإسلامية في العراق والشام، بعد سيطرتها على أراضٍ في سوريا والعراق لتكون نقطة الانطلاق إلى تأسيس الدولة الإسلامية.
4- شكوك العراقيين حول جدوى الضربات الجوية الدولية ضد داعش وخاصة لدى الأوساط السنية العراقية، بشأن جدوى الضربات الجوية الدولية ضد «داعش»، ووقوع بعض أخطاء من قوات التحالف الدولي ، إذ يعود ذلك لتداخل المناطق والقوات مع مقاتلي داعش، فمع التسليم بأهمية الدعم الذي تقدمه قوات التحالف الدولي للقوات العراقية، ولفك الحصار عن بعض المدن، لكن هناك أهدافًا تتداخل، وليس من السهل الفصل بين وجود قوات «داعش» أو المدنيين أو مقاتلين محليين ضد داعش فضلاً عن أن الإدارة الأمريكية لم تسلح سوى ما نسبته 1% من الأسلحة الثقيلة لمسرح العمليات القتالية للقوات العراقية. 
تدخل التحالف الدولي
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية منذ الإعلان عنه وتأسيسه في نهاية عام 2014م عقب استيلاء تنظيم داعش الدموي على الموصل العراقية- لا زال يشكل حالة من الجدل؛ بسبب نتائجه التي ترواحت بين الحسم والمراوغة ضد التنظيم وهو ما يطرح التساؤلات حول جدوى التحالف في حسم معركة الموصل من عدمها . 

شارك