الغرب ينتقد تركيا الديكتاتورية.. وأنقرة تعلق العمل بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان
الخميس 21/يوليو/2016 - 07:17 م
طباعة

تتوالى الانتقادات الدولية للرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى ضوء تنامى أعداد المعتقلين على خلفية الانقلاب الفاشل فى 15 يوليو الجاري، وسط اعلان حالة الطواريء وتشديد الاجراءات بالرغم من تحذير المعارضة التركية بأن القرارات الحكومية الأخيرة تتجع نحو القمع والاستبداد.

يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش تعليق تركيا مؤقتا لبعض الضمانات التي تتضمنها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، كما أعلن أن الحكومة التركية تأمل في رفع حالة الطوارئ "في غضون شهر او شهر ونصف إذا ما عادت الأمور إلى طبيعتها"، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
كان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أعلن مساء أمس فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وأقر البرلمان التركي فرض حالة الطوارئ في البلاد،وجاء تصويت البرلمان على فرض حالة الطوارئ بموافقة 346 مقابل رفض 115 عضوا من إجمالي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 461 عضوا.
كان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أجرى يلدريم اتصالين هاتفيين بزعيمي حزبي "الشعب الجمهوري"، كمال قليجدار أوغلو، و"الحركة القومية"، دولت باهجه لي، وأطلع الزعيمين على تفاصيل قرار حالة الطوارئ، وطلب منهما الدعم في التصويت على القرار في الجمعية العامة للبرلمان.
ورغم إعلان حالة الطوارئ وبعد ساعات من إعلانها، وجه الرئيس رجب طيب أردوغان نداء إلى "الشعب" ليظل في حالة تعبئة من اجل الديمقراطية.

ويري محللون انه على الرغم من القيود التي فرضت على حق التظاهر بموجب حالة الطوارئ، تلقى عدد كبير من الأتراك رسالة نصية من أردوغان تدعو أنصاره إلى مواصلة النزول إلى الشارع لمقاومة "الإرهابيين الخونة"، خاصة وانه يشير في هذه العبارة إلى أنصار الداعية المسلم فتح الله جولن الذي يقيم في الولايات المتحدة والمتهم بإقامة "دولة موازية" وبتدبير الانقلاب الذي قتل فيه حوالي 300 شخص.
يذكر أن أنقرة تطلب من القضاء الأميركي تسليمها جولن، مؤكدة أنها سلمت أدلة على تورطه لم تنشر حتى الآن.
فى حين قال وزير العدل التركي بكير بوزداج إن الغرض من فرض حالة الطوارئ منع وقوع انقلاب عسكري ثان، وأن المواطنين لن يشعروا بأي تغير في حياتهم خلال حالة الطوارئ وأنها لن تؤثر سلبا على الاقتصاد أو الاستثمار.
بينما حذر أكبر حزبين معارضين في تركيا من أنه لا يجب اعتبار ترك الحبل على الغارب بالنسبة لإساءة الحكومة لاستغلال السلطة أمرا مسلما به بعد إعلان حالة الطوارئ الليلة الماضية.
وقال أوزغور أوزيل نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري لشبكة "سي.إن.إن. تورك" "هذه خيانة للأمانة ونكران للجميل وانقلاب مدني ضد البرلمان".

وقال حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد"محاولة الانقلاب في 15 يوليو تحولت إلى فرصة وأداة لتصفية أولائك الذين يعارضون الحكومة وزيادة تقييد الحقوق والحريات الديمقراطية".
كما حذر الحزب من حكم "الفرد الواحد" متمثلا في الرئيس رجب طيب أردوغان. وأضاف أن "المجتمع كان مضطرا للاختيار بين انقلاب ونظام حكم غير ديمقراطي، ونحن قطعا نرفض الخيارين".
وحول تعامل الصحف الأجنبية مع هذه التطورات، انتقدت الصحف الأجنبية الميول القمعية للرئيس التركى وتصفية معارضيه، وفى صحيفة "دير شتاندارد" النمساوية ، تساءلت الصحيفة "هل سيؤدي رد فعل أردوغان هذا إلى الحفاظ على الديمقراطية أم يؤدي حتى إلى تقويتها؟ الاعتقاد بذلك ضرب من السذاجة، تركيا تجد نفسها على الطريق صوب الديكتاتورية مستندة في ذلك على الرغبة العارمة لأنصار الرئيس، وسبق ذلك حملة المحاكمات ضد قوى المعارضة البرلمانية قبل الانقلاب، وتغييب الحزب الممثل للأكراد عن المشهد السياسي ليس سوى مسألة وقت".
فى حين أكدت صحيفة "بيرلينجسكي" الدنماركية جانبا آخر من الملف التركي بقولها "منذ أن بدأ أردوغان بتضييق الخناق على المعارضة السياسية في البلاد، بات واضحا أن أمر انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أصبح غير مطروح ولسنوات عديدة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن يتعلق بموقف حلف شمال الأطلسي ـ الناتو ـ وعما إذا كان على الحلف أن يتخذ موقفا متحفظا من الديكتاتورية التي تنشأ للتو في تركيا. فأثناء الحرب الباردة قبل الناتو عضوية تركيا واليونان رغم حكم ديكتاتورية عسكرية فيهما. لكن الحرب الباردة انتهت منذ وقت طويل. وحلف الناتو لا يمكنه على الأمد البعيد تجاهل ما يجري في تركيا".
فى حين ركزت صحيفة "لاكروا" الفرنسية بقولها "إذا تعمقت الهوة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، فسيكون واضحا أن هناك أكثر من خاسر. تركيا لعبت دورا حاسما، أحيانا مزدوجا، في حروب تجري خلف حدودها مع سوريا والعراق. وإذا استمرت مرحلة تراجع الديمقراطية في البلاد وترسخت، فسيكون من الصعب على تركيا لعب دور الجسر بين الشرق والغرب".
أما "دير شبيغل" الألمانية أكت بقلوها " كان الشعب التركي بغالبيته ضد الانقلاب كما أظهر نضجا وتفهما لثقافة الديمقراطية. لكن أردوغان والإسلاميين جيروا هذا التطور لحسابهم، وسط ارتفاع أصوات المؤذنين "ألله أكبر".
اعتبرت الصحيفة أن الإسلام السياسي في تركيا يعمل حاليا على إسقاط النظام العلماني في البلاد الذي فرضه مؤسس الدولة الحديثة كمال أتاتورك، وأمام أنظارنا تموت الديمقراطية أو ما تبقى منها في تركيا".
أما صحيفة "دي تلجراف" الهولندية حذرت من هدم دولة القانون، وأكدت بقولها "المخاوف المتعلقة بدولة القانون الديمقراطية لها ما يبررها، خصوصا أن أردوغان أعلن بشكل عنيف أن الشعب يطالب بعقوبة الإعدام للانقلابيين. إعادة العمل بعقوبة الإعدام بتأثير رجعي تشكل سابقة غير معروفة فيما يخص خرق المفاهيم الأساسية لدولة القانون. وإذا استمر التطور في هذا الاتجاه، فسيكون في المستقبل تسليم تركيا مطلوبين لها في أوروبا أمرا مرفوضا".
أما صحيفة "التايمز" البريطانية فاعتبرت أن هناك حالة من التربص للمعارضين، وأكدت بقولها " إذا تم فعلا في الأسابيع والأشهر القادمة العودة إلى العمل بعقوبة الإعدام والمحاكمات الصورية في ظل انهيار النظام القضائي في تركيا، فستكون الأزمة في البلاد قد ترسخت كليا وسيصبح أردوغان ليس بأفضل من العسكريين الذين أرادوا الإطاحة به".