إغلاق 2341 مؤسسة.. سيف أردوغان لقطع رأس"كولن" في تركيا
السبت 23/يوليو/2016 - 01:00 م
طباعة

واصل الرئيس التركي ورئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان سياسة الانتقام من "فتحي كولن" مؤسس جماعة الخدمة، في تركيا بإغلاق مؤسسات الخدمة وفصل المحسوبين على "كولن" من مؤسسات الدولة.
إغلاق مؤسسات "كولن"

وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرسومًا يقضى بإغلاق 2341 مؤسسة تعليمة وثقافية وصحية واجتماعية وعمالية في تركيا على صلة بالداعية المعارض "فتح الله كولن" زعيم حركة "الخدمة"، بموجب إعلان حالة الطوارئ في البلاد، الخميس الماضي وذلك على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة، وذلك حسبما ذكرت وكالة الأناضول.
شملت عمليات الإغلاق 35 مؤسسة صحية، و1043 مؤسسة تعليمية خاصة وسكنًا طلابيًّا، و1229 وقفًا وجمعية، و19 نقابة واتحاد نقابات، و15 من مؤسسات التعليم العالي الخاصة.
وتنتقل ملكية جميع الأصول المنقولة وغير المنقولة للجمعيات المغلقة، إلى جانب حقوقها، وما لها من ديون، ووثائقها، وأوراقها، إلى المديرية العامة للجمعيات.
فيما ستنتقل ملكية جميع الأصول المنقولة وغير المنقولة للمؤسسات المغلقة الأخرى، إلى جانب حقوقها، وما لها من ديون، ووثائقها، وأوراقها للخزانة العامة للدولة.
كما ارتفعت حصيلة العسكريين المعتقلين من ذوي الرتب الرفيعة على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، حتى اليوم السبت، إلى 133 جنرالًا وأميرالًا، صدر قرار حبس بحق 126 منهم على ذمة التحقيق.
وألقت قوات الأمن التركية القبض على عدد كبير من العسكريين، بينهم جنرالات وأميرالات، في إطار التحقيقات التي بدأت في عموم البلاد، بعد إحباط محاولة انقلاب بتهمنة الانضام لجماعة الخدمة بزعامة "فتح الله كولن".
كما بلغ عدد موظفي القطاع العام التركي، المبعدين مؤقتًا عن عملهم، أكثر من 45 ألفًا، في إطار التحقيقات الجارية من أجل تطهير المؤسسات العامة في تركيا، من العناصر المشتبه بارتباطها بمنظمة فتح الله كولن، عقب قيامها بمحاول انقلابية فاشلة.
وسبق لمجلس الوزراء التركي أن أصدر الأربعاء الماضي، بناء على توصية من مجلس الأمن القومي، قرارًا بإعلان حالة الطوارئ، لمدة 3 أشهر في تركيا، من أجل حماية وتعزيز الديمقراطية، والقانون، والحريات.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، في وقت متأخر، من مساء الجمعة (15 يوليو)، محاولة انقلابية فاشلة، نفذها غالبية عناصر الجيش التركي، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشطرين الأوروبي والآسيوي من مدينة إسطنبول (شمال غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة.
من التحالف للعداء:

ظل حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان منذ تأسيسه واستلامه للسلطة بعد أول انتخابات خاضها في 3 نوفمبر2002، متحالفًا مع القوى الليبرالية وجماعة فتح الله كولن ذات النفوذ الواسع.
وهذا التحالف حارب خلال عشر سنوات تسلط القوى العلمانية المتشددة، وشبكة أرغينيكون المعروفة بـ"الدولة العميقة"، وسعى لتعزيز الديمقراطية والحريات، ولكنه انهار بعد تراجع نفوذ العسكر ومحاكمة الانقلابيين، وزوال "العدو المشترك" الذي كان يجمع هذه الأطراف الثلاثة.
استدعاء المدعي العام التركي صدر الدين صاريقايا، في فبراير 2012، رئيس الاستخبارات هاكان فيدان، للإدلاء بأقواله بصفته مشتبها به في قضية اللقاءات مع قادة حزب العمال الكردستاني- أدى لأزمة مفاجئة بين حزب العدالة والتنمية وجماعة كولن؛ حيث رأى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن هذه الخطوة تستهدفه مباشرة، وقامت الحكومة بتمرير قانون من البرلمان يشترط موافقة رئيس الوزراء قبل استدعاء رجال الاستخبارات.
العلاقات بين الحزب الحاكم في تركيا وجماعة كولن لم تعد بعد تلك الأزمة كما كانت قبلها، حيث صعَّد الكتَّاب المنتمون إلى الجماعة لهجتهم في انتقاد الحكومة، متهمين أردوغان بـ"السلطوية" و"الدكتاتورية".
ومع إعلان الحكومة قبل أسابيع خطتها لإغلاق مراكز الدروس الخاصة، ارتفع مستوى التوتر بين الحكومة والجماعة وتفاقمت الأزمة، واندلعت حرب إعلامية غير مسبوقة.
فجناحا هذا النموذج، السياسي ممثلًا بالحزب الحاكم، والديني ممثلًا بجماعة كولن، دخلا في صراع جشع لبسط النفوذ واحتكار السيطرة على أجهزة الدولة من شرطة وقضاء واستخبارات وتعليم، وبدأ أردوغان الانتقام بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ليل الجمعة 15 يوليو.
فتح الله كولن:

يعد محمد فتح الله كولن، أحد أبرز المعارضين للرئيس التركي أردوغان، وأسهم "كولن" في صعود نجم حزب العدالة والتنمية وسيطرته على مقاليد الأمور في تركيا، خاصة عقب الدعم الكبير من قبل جماعة «الخدمة».
ورأس "كولن" جماعة «الخدمة»، وهي جماعة دينية متصوفة تملك قاعدة عريضة من البيروقراطيين الذين نجحوا في اختراق أجهزة الدولة في تركيا (الشرطة والقضاء)، وسهلوا بالتالي من عملية إقصاء المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية عبر قضايا ومحاكمات «إيرغونيكن» و«المطرقة».
كما أنها تملك رءوس الأموال الإسلامية قوامها رجال الأعمال العصاميون ذوو الميول المحافظة الذين يطلق عليهم لقب «نمور الأناضول»، الذين كان لهم دور في نمو الاقتصاد التركي خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية، وكان لهم دور في تحقيق أردوغان وحزبه لانتصارات كبيرة في انتخابات 2007 و2011.
لذلك يخشى أردوغان وحزب العدالة والتنمية من "كولن" وجماعته، في أن تسقطه من على العرش العثماني لنفوذها القوي داخل المؤسسات، بالإضافة إلى نفوذها بين طبقات الشعب التركي.
المشهد التركي

انقلاب 15 يوليو 2016 ، مرحلة جديدة من الصراع بين أردوغان وكولن، وكلاهما ينتميان للتيار الاسلامي، ومعها يسقط ما يُعرف بـ«النموذج التركي» في الشرق الأوسط، ويظهر الجانب المتطرف من حزب العدالة والتنمية المحسوب على جماعة الإخوان.
السياسة التي يتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد فصيل قوي في تركيا وله حضوره في العالم- تؤكد على أن أردوغان وبسلاح الديمقراطية يذبح أهم فصيل سياسي واقتصادي واجتماعي في تركيا خشيةً على نفوذه وحضوره في الشارع التركي.
السياسة الانتقامية لأردوغان سوف تؤدي إلى إسقاطه هو أيضًا، فجزء كبير من الشعب التركي مرتبط ارتباطًا بجماعة كولن، وهو ما يضع حكومة أردوغان في مواجهة مباشرة مع الشعب التركي، وليس مع فتح الله كولن.. صراع "أردوغان- كولن" لن يخرج أحد رابح فيه والخاسر الفريقان في الشارع التركي.