صراع الحكومات الليبية.. يفشل محاولات القضاء على الإرهاب

السبت 23/يوليو/2016 - 04:21 م
طباعة صراع الحكومات الليبية..
 
كما توقعت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها، أن اجتماع تونس، الذي انعقد الأسبوع الماضي لحل الأزمة الليبية بين الأطراف المتنازعين، لم يأتِ بجديد، وبالفعل فشل أطراف الحوار في إيجاد حل لهذا الصراع الذي بات مصدر القلق والتوتر في ليبيا.
صراع الحكومات الليبية..
فمن ناحية تتهم الحكومة المعترف بها دوليًّا بقيادة عبدالله الثني ودعم الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر، جماعات ما يسمى بسرايا الدفاع عن بنغازي بتبني الفكر المتطرف وتصنفها ميليشيات إرهابية تقف ضد قيام الدولة المدنية، يعتبرها آخرون ثوارًا هدفهم وضع حد لأعداء الثورة وداعمي الثورة المضادة.
ويخوض الجيش الليبي التابع للحكومة المؤقتة قتالًا ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة في بنغازي منذ منتصف عام 2014. 
ويتصارع كل من الحكومة المؤقتة، التي تتخذ من طبرق مقرًّا لها ، وحكومة الوفاق، التي تتخذ من طرابلس العاصمة مقرًّا لها؛ من أجل إدارة شئون ليبيا.
ووفق متابعين فإن سرايا الدفاع عن بنغازي هي جماعة مسلحة تتخذ من مدينة الجفرة جنوب ليبيا معقلًا لها، تشكلت مطلع يونيو الماضي وقالت حينها إنها لا تتبع أي تنظيم داخل أو خارج البلاد، لكنها أقرت بأن مرجعيتها دار الإفتاء في طرابلس التي يتزعمها مفتي الديار المعزول الصادق الغرياني المعروف بفتاواه المحرضة على الاقتتال وإراقة الدماء.
ووضعت هذه الجماعات، قوات الجيش الليبي بقيادة حفتر، في مواجهة أكثر من ثلاث جبهات في الشرق، الأولى ما تبقى من تنظيم داعش في منطقة الصابري وميناء المريسة، والجبهة الثانية في درنة التي يسيطر عليها مجلس شورى مجاهدي درنة وهو فصيل مسلح يتبنى فكر القاعدة، أما الجبهة الثالثة ففي إجدابيا ضد ما يعرف بسرايا الدفاع عن بنغازي التي كانت سابقًا تحمل اسم مجلس شورى ثوار بنغازي، قبل أن يقوم الجيش بطردهم منها في إطار ما يعرف بعملية الكرامة التي أطلقها حفتر في بنغازي مايو 2014. وجاءت هذه العملية على خلفية حملة من الاغتيالات نفذتها الجماعات الإسلامية المسيطرة حينها على المدينة، واستهدفت عددًا من الضباط والعسكريين ونشطاء من المجتمع المدني.
وكان استأنف الفرقاء الليبيون يوم 16 يوليو الجاري في العاصمة التونسية مسار الحوار السياسي بهدف وضع حلول لما يحدث في البلاد والانشقاق الحاصل منذ الإطاحة بمعمر القذافي في 2011.
وقد ذكرت بوابة الحركات الإسلامية، أن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبى فتحي عبد الكريم المريمي، قال: إن عقيلة صالح رئيس المجلس اجتمع مع النائب البرلماني وعضو لجنة الحوار صالح همة، بشأن اجتماع أطراف الحوار في تونس، والذي حضره أعضاء لجنة الحوار المنبثقة من مجلس النواب الليبي.
 وأضاف "المريمي"، في بيان له أن هذا الاجتماع عقد وفق رؤية جديدة للحوار، والذي كان يأمل أن تؤدي إلى اتفاق ووفاق حقيقي بين الليبيين، بعدما اتضح أن هناك خللًا وعدم اتفاق حول عدد من المواد في الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية.
وما زالت قوات الجيش الليبي تحاصر مدينة درنة التي يسيطر عليها ما يعرف بمجلس شورى مجاهدي درنة وهو فصيل مسلح يتبنى فكر القاعدة، بعد أن قامت غرفة عمليات عمر المختار التابعة للجيش بإغلاق الطريق الواصل بين منطقتي مرتوبة والحيلة شرق درنة، إضافة إلى إغلاق طريق منطقة الفتائح المدخل الشرقي للمدينة والطريق الغربي، وحذرت غرفة العمليات أهالي مدينة درنة من استخدام هذه الطرق على اعتبار أنها مناطق اشتباكات عسكرية.
صراع الحكومات الليبية..
وكان أطراف الحوار مجتمعين في تونس بهدف إيجاد حل للأزمات العالقة في البلاد؛ حيث شددت الأطراف الممثلة للسلطات شرقًا على ضرورة تصنيف هذه الجماعات كجماعات إرهابية، فقد تمسكت الأطراف المناصرة لها برفض هذه الدعوات.
وجاء بيان أصدره المجتمعون مخيبًا لآمال الكثير من الليبيين الذين كانوا ينتظرون توصل الفرقاء إلى حل للمسائل الخلافية، وإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف.
ويربط مراقبون بين هذه التطورات العسكرية وهذه الجولة التي يأمل الليبيون أن تكسر حالة الجمود السياسي الذي انعكس بشكل مباشر على المواطن البسيط، وزاد من حدة معاناته في ظل تواصل انعدام السيولة في المصارف وتدهور مقدرته الشرائية جراء ارتفاع الأسعار.
ويرى مراقبون، فشل أعضاء الحوار في إيجاد حل للصراع في الشرق، وكذلك في حلحلة الجمود السياسي الحاصل للإبقاء على نفس أطراف الحوار الذين وقعوا على الاتفاق السياسي في 17 من ديسمبر الماضي، الذي احتوى على مواد ما زالت تثير جدلًا في الأوساط الليبية لعل أبرزها المادة الثامنة التي تنص على انتقال المناصب السيادية والعسكرية لسلطة المجلس الرئاسي، بما فيها منصب القائد العام للجيش الذي يتولاه حاليًا الفريق خليفة حفتر.
وفي سياق مواز فإن الاجتماع الأمني الذي انعقد الاثنين الماضي، وضم عددًا من الضباط الليبيين من الأقاليم الثلاثة لليبيا، لم يناقش مشكلة الصراع في الشرق، خاصة وأن الاجتماع سجل غياب ممثل للجيش الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر.
في سياق آخر، تبنى مجلس الأمن الدولي أمس الجمعة 22 يوليو قرارًا يهدف إلى مساعدة الحكومة الليبية على التخلص من مخزونها من الأسلحة الكيميائية ونقله إلى خارج البلاد.
واقترحت حكومة الوفاق الوطني الليبية برنامجا لتدمير تلك الأسلحة عرضته على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وطلبت من الأمم المتحدة مساعدتها على تطبيقه، خشية وقوع هذه الأسلحة في أيدي مجموعات مسلحة متطرفة تنشط في ليبيا.
وقال دبلوماسيون: إن حكومة الوفاق الوطني الليبية باشرت أيضًا في الآونة الأخيرة جمع المواد السامة في موقع ساحلي يتمتع بحماية أمنية، ما سيسهل نقلها وتدميرها في الخارج أو على متن سفن متخصصة، على غرار ما نفذ بالنسبة إلى الأسلحة التي نقلت من سوريا.
وينص القرار الذي اقترحته بريطانيا وتم تبنيه بالإجماع على أن "تساعد الدول الأعضاء حكومة الوفاق الوطني الليبية على المضي قدمًا في القضاء على الأسلحة الكيميائية في ليبيا بأفضل الظروف الأمنية وفي أقصر وقت ممكن" من خلال توفير الخبراء والمعدات والأموال.
وانضمت ليبيا إلى الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في عام 2004. وكان الزعيم الليبي آنذاك معمر القذافي وعد في حينه بتدمير مخزونات بلاده من غاز الخردل، السلاح الكيميائي الذي تم استخدامه خصوصًا خلال الحرب العالمية الثانية. ولم يتم تنفيذ ذلك.
صراع الحكومات الليبية..
وفي سياق مواز دعا مجلس شورى ثوار بنغازي الجماعة المسلحة الرئيسية التي تقاتل القوات الموالية للبرلمان الليبي المعترف به في مدينة بنغازي، الليبيين إلى "النفير العام" من اجل مقاتلة القوات الفرنسية والأجنبية الأخرى المتواجدة في ليبيا وطردها منها.
وقال المجلس الذي يضم خليطًا من المجموعات الاسلامية في بيان: "ندعو جموع الليبيين إلى النفير العام نصرة للدين وطردًا لأذناب فرنسا وباقي الصليبيين وكل الدول التي تشارك في حربها على أبناء ليبيا".
واعتبر مجلس شورى ثوار بنغازي في بيانه الذي حمل تاريخ أمس الجمعة أن التواجد الفرنسي في ليبيا "عدوان سافر" و"غزو صليبي"، متعهدًا بالعمل على "صد هذا العدوان وكل عدوان".
وأكدت باريس الأربعاء مقتل ثلاثة جنود فرنسيين في تحطم مروحية في الشرق الليبي، في أول إعلان فرنسي عن تواجد عسكري في ليبيا.
من جهته أعلن قائد سلاح الجو في القوات الليبية الموالية للبرلمان المعترف به العميد صقر الجروشي أن مجموعات صغيرة من العسكريين الفرنسيين والأمريكيين والبريطانيين تعمل في عدة مقرات عسكرية في ليبيا على مراقبة تحركات تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف.
وتسبب الإعلان الفرنسي عن التواجد العسكري في ليبيا بموجة تظاهرات في عدة مدن في غرب ليبيا، بينها العاصمة طرابلس ومصراتة 200 كلم شرق طرابلس.
وأحرق المتظاهرون العلم الفرنسي خلال التظاهرات وآخرها وقفة احتجاجية نظمت مساء الجمعة أمام قاعدة طرابلس البحرية، المقر السابق لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي؛ حيث طالب عشرات المشاركين بوقف التعامل مع الشركات الفرنسية.
وتعترف فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا بشرعية حكومة الوفاق الوطني في طرابلس ولا تعترف بالحكومة الموازية في مدينة البيضاء المنبثقة عن البرلمان المعترف به، رغم أنها تساند القوات الموالية للبرلمان وحكومته والتي يقودها الفريق أول خليفة حفتر.
وتشهد بنغازي منذ أكثر من عامين معارك يومية بين قوات حفتر وجماعات مسلحة معارضة، أبرزها مجلس شورى ثوار بنغازي. كما يتواجد في بنغازي تنظيم الدولة الجهادي المتطرف.
وفي جانب آخر، استنكر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية جريمة "القتل الجماعي" ببنغازي التي ذهب ضحيّتها 14 شخصًا وجدت جثثهم مقيّدي الأيدي ومصابون بإطلاقة على الرأس، الخميس بمكب للقمامة جوار مقر صندوق الضمان الاجتماعي بمدينة ببنغازي شرق البلاد.
وحمل المجلس في بيان أصدره، المسئولية الكاملة لمن يرفضون التعامل مع الأجهزة الأمنية التابعة للمجلس الرئاسي "دون أن يسميهم" لكشف الحقيقة وتقديم النتائج للرأي العام والقبض على الجناة فوراً، مطالباً كل الجهات الأمنية بالعمل الجاد والتعاون والانضمام تحت شرعية وزارة الداخلية بحكومة الوفاق باعتبارها الجهة الشرعية الوحيدة في البلاد.
وعلى الرغم من المساعي للقضاء على الإرهاب، إلا أن أطراف النزاع لا زالوا يضعون ليبيا تحت وطأة الجماعات الإرهابية المسلحة؛ نظرًا لحالة الارتباك التي تشهدها البلاد من قبل المتنازعين على إدراة شئون البلاد.

شارك