رضوخ جزئي للحوثيين في مفاوضات الكويت.. واشتعال الصراع في اليمن
الثلاثاء 26/يوليو/2016 - 04:50 م
طباعة

تشهد الحدود اليمينة السعودية صراعًا شرسًا، وسط استمرار المعارك بين الجيش اليمني والمتمردين الحوثيين، فيما يبدأ غداً الأربعاء في الكويت الجولة الثانية من مشاورات السلام اليمنية، بعد تعليقها نظرًا لإقامة القمة العربية في نواكشوط.
الوضع الميداني:

وعلى صعيد الوضع الميداني، واصلت المدفعية السعودية صباح اليوم الثلاثاء 26 يوليو 2016م، قصف بعض المواقع العسكرية التابعة للحوثيين والرئيس اليمني السابق علي صالح، بضراوة، وذلك بعد مقتل خمسة من الجنود، أمس الاثنين، في منطقة نجران جنوبي السعودية.
ووفقًا لما نقلته قناة "العربية"، فقد شاركت المدفعية الإماراتية المتمركزة في نجران في القصف على بعض المخابئ والتحركات الحوثية بالقرب من حَرَم الحدود، إلى جانب غارات مكثفة لطائرات الأباتشي على مواقع للميليشيات قرب منطقة الربوعة في ظهران الجنوب.
كما استهدفت طائرات التحالف العربي، عناصر حوثية في منطقتي الحصامة وسحار الحدوديتين مع منطقة نجران، وسط أنباء عن سقوط عشرات القتلى من عناصر الميليشيات في الاشتباكات مع القوات السعودية المشتركة بالقرب من الحدود في نجران .
واعلنت أمس قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، مقتل طيارين سعوديين، إثر سقوط مروحيتهما بسبب سوء الأحوال الجوية.
وأكدت القيادة، في بيان، مقتل "النقيب طيار أيمن الفيفي، والملازم أول طيار محمد الحسن، من طيران القوات البرية الملكية السعودية، إثر سقوط طائرة عمودية من نوع أباتشي؛ بسبب سوء الأحوال الجوية، أثناء أدائهما مهمة عملياتية داخل الأراضي اليمنية في مأرب"، بحسب وكالة الأنباء السعودية (واس).
وكان مصدر عسكري تابع لميليشيا الحوثي، زعم أن عناصر الأخيرة، "تمكنوا من إسقاط مروحية أباتشي للتحالف العربي في منطقة بين محافظتي مأرب والجوف".
وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان السعودية عن مقتل خمسة من قوات حرس الحدود، وإصابة ثلاثة آخرين، بهجوم شنته ميليشيا الحوثي على قطاع "خباش" في نجران جنوب المملكة.
فيما سيطرت المقاومة الشعبية الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وقوات الجيش الحكومي، على مواقع لمسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، في منطقة الصراري جنوب مدينة تعز، (وسط)، عقب معارك عنيفة، بحسب مصدر ميداني بالمقاومة.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر في المقاومة الشعبية، الثلاثاء، قولها: إن المقاومة الشعبية استعادت سيطرتها على منطقة الصراري، جنوب المدينة، و"طهّرت" جميع المؤسسات والمرافق الحكومية بداخلها، بعد مواجهات عنيفة مع الحوثيين وقوات صالح.
وأكدت المصادر سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الحوثيين وقوات صالح، إلى جانب أسر 25 آخرين.
وتكمن أهمية منطقة "الصراري" في كونها تطل على جنوب المدينة، وبعض التلال والمواقع الخاضعة لسيطرة المقاومة، وكانت تستخدم في السابق من قبل الحوثيين لقصف تلك المواقع.
فيما سلّم قيادي حوثي نفسه، اليوم الثلاثاء، إلى الجيش الوطني و"المقاومة الشعبية" المواليين للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في محافظة الجوف شمالي البلاد، بحسب متحدث في المقاومة.
وقال عبد الله الأشرف، الناطق باسم "المقاومة الشعبية" في محافظة الجوف: إن "القيادي الحوثي، مبخوت الحصان، سلم نفسه، اليوم، للجيش والمقاومة في المحافظة".
وأضاف أن "الحصان أبدى استعداده للقتال في صفوف القوات الموالية للحكومة ضد المسلحين الحوثيين، وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في الجوف".
واعتبر الأشرف تسليم القيادي الحوثي نفسه بأنه "مؤشر على تخلي قبائل الجوف عن الحوثيين، الذين يواجهون مقاومة كبيرة في المحافظة"، خصوصًا أن ذلك جاء بعد أيام قليلة من تسليم قيادي حوثي آخر نفسه للقوات الحكومية بالمحافظة نفسها.
وينتمي الحصان إلى قبائل "بني نوف" التي تعتبر من القبائل المساندة للحوثيين في المنطقة.
ومساء السبت الماضي، سلّم القيادي الحوثي، حمد جريم، نفسه وجماعته، لقيادة الجيش والمقاومة في الجوف، التي أعطتهم الأمان للعيش في بيوتهم بمديرية المصلوب في المحافظة.
وتقول قوات الجيش الوطني والمقاومة: إن حوالي 80% من أراضي محافظة الجوف، باتت محررة من الحوثيين وقوات صالح، في حين ما زالت تدور اشتباكات في بعض المناطق منذ أكثر من عام.
وتكمن أهمية الجوف في كونها حدودية مع السعودية، والسيطرة عليها تعني السيطرة على تلك الحدود، والمنافذ البرية بين البلدين، كما أنها تحدّ محافظة "مأرب" النفطية، ومحافظة "صعدة" معقل الحوثيين.
المسار التفاوضي:

وعلى صعيد المسار التفاوضي، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أنه سيعود غداً الأربعاء إلى الكويت لإدارة الجولة الثانية من مشاورات السلام اليمنية، التي انطلقت في 16 يوليو الجاري وتوقفت قبل يومين بسبب قمة نواكشوط، دون تحقيق أي تقدم في جدار الأزمة المتصاعدة منذ أكثر من عام.
وقال ولد الشيخ، في بيان مقتضب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إنه عقد اجتماعات وصفها بـ"المهمة" مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، على هامش القمة العربية في نواكشوط التي اختتمت أمس الاثنين، بينما تابع فريق عمله الجلسات مع الوفدين في الكويت.
ووفقًا لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، فقد عقد المبعوث الأممي اجتماعاً مع الرئيس، تم فيه مناقشة التطرق إلى آفاق السلام بين الأطراف اليمنية.
وقال هادي خلال الاجتماع: "كنّا ولا زلنا وسنظل ننشد السلام، الذي للأسف لم يلاق حتى اللحظة القبول وحسن النوايا من قبل الانقلابيين الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح نتيجة لممارساتهم العدوانية على الأرض تجاه الشعب اليمني"، بحسب الوكالة نفسها.
ومنذ 21 أبريل الماضي، تستضيف الكويت مشاورات سلام بين الأطراف اليمنية، لكن المشاروات التي ترعاها الأمم المتحدة، لم تتوصل إلى اتفاق سلام حتى الآن؛ بسبب اتساع الهوة بين طرفي الأزمة.
ودخلت تلك المشاورات في مرحلة توقف غير رسمي، منذ أمس الأول الأحد؛ بسبب القمة العربية في موريتانيا.
وكانت الكويت قد أمهلت الأسبوع الماضي، الأطراف اليمنية مدة 15 يوماً لحسم المشاورات، وإلا فإنها ستعتذر عن استضافة المشاورات، في تطور لافت يؤشر على حجم الانسداد المهيمن
فيما علمت «الشرق الأوسط» أن وفد الانقلابيين في الكويت وافق على تطبيق الجوانب الأمنية والعسكرية المتمثلة في الانسحاب من المدن وتسليم السلاح وإطلاق سراح المعتقلين، بشرط أن يكون ذلك ضمن إطار اتفاق شامل يشمل أيضًا الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية.
وزعم محمد عبد السلام رئيس وفد الحوثيين في مشاورات أن الأيام القادمة ستكون حاسمة، ولمح إلى أن وفده سيشرع بالدخول في نقاش شامل لحل القضايا السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، وصولاً إلى وقف الحرب ورفع الحصار وحرية تنقل اليمنيين.
وأضاف أن وفد الحوثيين أبلغ إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي لليمن، بالموافقة على اتفاق شامل لكل القضايا السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والإنسانية، وألا مشكلة لديهم في البدء في الجوانب العسكرية والأمنية من الاتفاق. وتأتي الخطوة الانقلابية هذه المرة، في الوقت الذي تشبثت فيه مواقف وفد الشرعية إلى «الكويت2»، إلى جانب التحذيرات الأممية لوفد الانقلابيين الذي لم يبد تجاوبًا.
الوضع الإنساني:

وعلى صعيد الوضع الإنسانى، قال مدير عام الصحة والسكان بمحافظة عدن رئيس لجنة الإغاثة في محافظات (عدن لحج أبين والضالع)، الدكتور الخضر لصور: "إن معدل الوفيات بين النساء الحوامل في اليمن يعد من المعدلات الأكبر في العالم، وفق تصنيف المنظمات الإنسانية، مثل: «اليونيسيف»، ومنظمة الصحة العالمية".
ولفت إلى أن التقديرات العامة تشير إلى أن 22 في المائة من الولادات فقط تتم تحت إشراف صحي، فضلاً عن أن ضعف أو عدم توفر الخدمات الإسعافية في الحالات المتعسرة نتج عنه أن 33 في المائة من النساء الحوامل عانين من ولادة مطولة.
يأتي ذلك في وقت فاقمت فيه قوى الانقلاب حالة النساء الطبية في البلاد التي تعاني أصلاً من نقص حاد في الخدمات الطبية.
ويؤخر البنك المركزي اليمني رواتب الأطباء والأطقم الطبية، وتجد الكثير من المستشفيات في اليمن نفسها أمام مواجهة نقص في المعدات والأدوية الطبية بشكل كامل.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن 365 وفاة لكل 100 ألف حالة ولادة، مرجعًا ارتفاع نسبة الوفيات بين الحوامل إلى أسباب عدة، منها ما يتعلق بتوافر التنمية الاجتماعية والاقتصادية ونمط الحياة المعيشية، إلى جانب ثقافة ووعي المجتمع، ومكانة المرأة ودورها في محيطها الاجتماعي، علاوة على نوعية الرعاية والخدمات الصحية والاجتماعية المتوافرة والمتاحة لأفراد المجتمع.
وكشف لصور عن أن الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة اليمنية تشير إلى أن الخدمات الصحية في أبسط صورها لا تغطي سوى 45 في المائة من السكان، ومن هذه الخدمات 25 في المائة فقط، تشمل نوعًا من أنواع الخدمات الصحية للأمومة والطفولة، مبينًا أن التغطية بخدمة الأمومة والطفولة هي في حدود 15.5 في المائة من السكان.
إلى ذلك، قالت «كيونغ وا كانغ»، الأمين العام المساعد للشئون الإنسانية ونائب منسق الإغاثة الطارئة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية: إن المرأة اليمنية تواجه واقعًا كئيبًا، وإن أكثر من نصف مليون امرأة حامل يفتقرن إلى الحصول على الرعاية الصحية التي تضمن لهن ولادة آمنة.
وأوضحت بالقول: «رغم أنه لا يتم الإبلاغ بشكل كبير عن قضايا مرتبطة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن، فإن عدد الحالات المسجلة في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في زيادة مطردة».
وأشار بيان المسئولة الأممية، إلى أن أكثر من 40 في المائة من الشركات التي تديرها نساء في جميع أنحاء اليمن أغلقت أبوابها في العام الماضي، لافتة إلى أن عدد النازحين الذين أُجبروا على الفرار بعيدًا عن ديارهم ارتفع إلى نحو 2.8 مليون شخص.
وقالت: إن سبل العيش قد ضاقت بالناس. ويوجد نتيجة لعام من النزاع الكثيف نحو 14.1 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات في الوصول إلى الرعاية الصحية الكافية، موضحةً أن نقص المستلزمات الطبية والأدوية، وغياب الكهرباء والوقود للمولدات أدى إلى عجز في توفير الخدمات الصحية في جميع أنحاء البلد.
المشهد اليمني:
فيما يبدو أن ملامح انسداد الحوار اليمني ومفاوضات الكويت انعكست حتى الآن على الوضع العسكري في الأراضي اليمنية؛ حيث شهدت الأيام الماضية تصعيداً عسكرياً مفاجئًا، أعاد أجواء الحرب كما كانت في أيامها الأولى، رغم استمرار قرار وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في العاشر من أبريل الماضي.